بروتين قد يُعيد الذاكرة لمرضى الزهايمر

زوج يتحدث مع زوجته المصابة بمرض الزهايمر في مدينة بارتليت بولاية تينيسي. 19 سبتمبر 2023 - REUTERS
زوج يتحدث مع زوجته المصابة بمرض الزهايمر في مدينة بارتليت بولاية تينيسي. 19 سبتمبر 2023 - REUTERS
القاهرة -محمد منصور

يتسبب مرض الزهايمر في الفقدان التدريجي للذاكرة، وحتى الآن لا يوجد دواء يُمكن أن يُساعد في استعادة الذاكرة المفقودة، فرغم أن الأدوية المعتمدة حديثاً تُبشر ببعض الأمل في إبطاء مسار المرض؛ إلا أنها لا تُعيد الذاكرة المفقودة.

وتسلط دراسة جديدة منشورة في دورية "التحقيقات السريرية" الضوء على بروتين يُمكن استخدامه لإعادة الذاكرة.

وتركز معظم الأبحاث الحالية على ابتكار أدوية من شأنها تقليل البروتينات السامة المرتبطة بالمرض؛ مثل بروتين تاو وأميلويد بيتا، والتي تتراكم في الدماغ مع تقدم المرض.

مسار بديل

في تلك الدراسة الجديدة؛ استكشف الباحثون مساراً آخر، فعوضاً عن محاولة تقليل البروتينات السامة في الدماغ؛ حاولوا عكس الضرر الناجم عن مرض الزهايمر لاستعادة الذاكرة.

ويعتمد العمل على فحص دور بروتين يوجد في الكلى والدماغ، ويُسمى كيبرا KIBRA.

في الدماغ، يتمركز ذلك البروتين بشكل أساسي في المشابك العصبية، وهي الروابط بين الخلايا العصبية التي تسمح بتكوين الذكريات واسترجاعها، وتلعب دوراً حاسماً في نقل الإشارات بين الخلايا العصبية، كما أنها حيوية لعمليات مثل التعلم والذاكرة.

ووجد الفريق أن الأدمغة المصابة بمرض الزهايمر تعاني من نقص في بروتين كيبرا. وهنا؛ تساءل الباحثون عن الكيفية التي تؤثر بها المستويات المنخفضة من كيبرا على الإشارات في المشبك العصبي، وما إذا كان فهم هذه الآلية بشكل أفضل يمكن أن يؤدي إلى ابتكار طريقة ناجحة تُمكنهم من إصلاح المشابك العصبية المتضررة بسبب مرض الزهايمر.

كيف تتكون الذاكرة؟

ويعد تكوين الذاكرة عملية معقدة تتضمن 3 مراحل مختلفة تستلزم تنسيقاً عالي المستوى بين الخلايا العصبية في الدماغ.

في المرحلة الأولى؛ التي تُعرف باسم التشفير، يتم خلالها تحويل المعلومات الواردة من البيئة الخارجية عبر الحواس، مثل الرؤية أو السمع أو اللمس، إلى كود عصبي يستطيع الدماغ معالجته. بعد ذلك؛ يتم نقل الإشارات العصبية إلى مناطق محددة من الدماغ، حيث تُعالج المعلومات، وتُحَوَّل إلى شكل يمكن تخزينه.

وبمجرد تشفير المعلومات، يأتي دور المرحلة الثانية والتي تشمل دمج المعلومات أو تثبيتها للتخزين على المدى الطويل. تتضمن هذه العملية تقوية الروابط التشابكية بين الخلايا العصبية؛ وأثناء عملية الدمج، يتم تقوية الدوائر العصبية المشاركة في الذاكرة من خلال التنشيط المتكرر، ويتم تصنيع بروتينات جديدة لدعم تكوين آثار ذاكرة مستقرة.

أما المرحلة الأخيرة فهي مرحلة الاسترجاع؛ والتي تحدث من خلال إشارات أو محفزات مختلفة، وفي كل مرة تُسترجع الذاكرة، قد تخضع لعملية إعادة الدمج، والتي تتضمن تحديث وتعديل تتبع الذاكرة بناءً على معلومات أو تجارب جديدة.

ولتنفيذ المراحل الثلاثة؛ يحتاج الدماغ إلى "اللدونة العصبية" والتي تُمثل قدرة المشابك العصبية، والوصلات بين الخلايا العصبية، على التعزيز أو الضعف بمرور الوقت.

ويفقد مرضى الزهايمر لدونة الدماغ؛ إذ لا يستطيعون تشفير المعلومات بشكل صحيح؛ كما يفشلون في استرجاعها، جراء عجز الدماغ عن التخلص من البروتينات السامة؛ كبروتينات تاو وجزيئات أميلويد بيتا.

غياب "كيبرا"

وبحسب البحث الجديد؛ فإن غياب بروتين كيبرا يُساعد أيضاً على فشل عملية التذكر.

وقال المؤلف الأول للدراسة "جرانت كاو" وهو باحث في معهد "باك" الأميركي لأبحاث العمر والشيخوخة: "ما حددناه هو آلية يمكن استهدافها لإصلاح وظيفة التشابك العصبي، ونحن نحاول الآن تطوير علاج يعتمد على هذا العمل".

في البداية؛ قاس الباحثون مستويات كيبرا في السائل النخاعي لدى البشر، ووجدوا أن المستويات الأعلى من البروتين تتواجد في السائل النخاعي، لكن المستويات الأقل في الدماغ، تتوافق مع شدة مرض الزهايمر.

كما وجدوا أيضاً علاقة طردية بين بروتين تاو السام وبروتين كيبرا، فكلما زادت مستويات بروتين الأول تزيد مستويات الثاني أيضاً في السائل النخاعي.

تحسين الذاكرة

بدأ العلماء في استكشاف هذه الظاهرة بشكل أكبر، على أمل إمكانية استخدام كيبرا كمؤشر حيوي للخلل العصبي والتدهور المعرفي الذي يمكن أن يكون مفيداً في التشخيص وتخطيط العلاج وتتبع تطور المرض والاستجابة للعلاج.

ولمعرفة كيفية تأثير كيبرا على المشابك العصبية، أنشأ الفريق نسخة وظيفية مختصرة من البروتين. وفي الفئران المختبرية التي لديها حالة تحاكي مرض الزهايمر البشري، وجدوا أن هذا البروتين يمكن أن يعكس ضعف الذاكرة المرتبط بهذا النوع من الخرف. ووجدوا أن "كيبرا" قد ينقذ الآليات التي تعزز مرونة المشابك العصبية.

وبحسب الدراسة؛ فإن الأمر المثير للاهتمام، هو أن كيبرا أعاد وظيفة التشابك العصبي والذاكرة لدى الفئران، على الرغم من عدم حل مشكلة تراكم بروتين تاو السام.

ويمكن استخدام كيبرا كعلاج لتحسين الذاكرة بعد بداية فقدان الذاكرة، على الرغم من بقاء البروتين السام الذي تسبب في الضرر، وفقاً للباحثين.

إلى جانب العلاجات الأخرى الموجودة بالفعل، أو التي ستأتي في المستقبل، يمكن أن يكون العلاج باستخدام ذلك البروتين لإصلاح المشابك العصبية إضافة قيمة "فتقليل البروتينات السامة أمر مهم بالطبع، ولكن إصلاح المشابك العصبية وتحسين وظيفتها هو عامل حاسم آخر يمكن أن يساعد"، على حد قول الباحثين.

تصنيفات

قصص قد تهمك