التهاب الأقنية الصفراوية الأوّلي.. الأعراض والأسباب والعلاج

أخصائي أمراض جهاز هضمي يشرح لمريضة نتائج فحص البطن بالموجات فوق الصوتية. 19 أبريل 2018 - AFP
أخصائي أمراض جهاز هضمي يشرح لمريضة نتائج فحص البطن بالموجات فوق الصوتية. 19 أبريل 2018 - AFP
بالتعاون مع "مايو كلنيك" -الشرق

التهاب القنوات الصفراوية الأولي، هو أحد أمراض المناعة الذاتية الذي يسبب التهاب القنوات الصفراوية وتلفها ببطء. وقد كان يُعرف قبل ذلك بالتشمع الصفراوي الأولي.

والمادة الصفراء عبارة عن سائل يُفرَز في الكبد يدعم عملية الهضم، ويساعد على امتصاص بعض الفيتامينات. كما يساعد الجسم على امتصاص الدهون والتخلص من الكوليسترول والسموم وخلايا الدم الحمراء التالفة. ويمكن أن يؤدي التهاب الكبد المزمن إلى حدوث التهاب وتضرر في القنوات الصفراوية، فيما يُعرف بالتهاب القنوات الصفراوية. وفي بعض الأحيان، يمكن أن يسبب ذلك تندُّباً دائماً في نسيج الكبد، يُطلق عليه التشمع. وقد يؤدي هذا في نهاية المطاف إلى فشل الكبد.

وعلى الرغم من أن التهاب القنوات الصفراوية يُصيب كلا الجنسين، فإنه يصيب السيدات في أغلب الحالات. ويُعد التهاب القنوات الصفراوية أحد أمراض المناعة الذاتية، أي أنه يدفع الجهاز المناعي للجسم إلى مهاجمة الخلايا والأنسجة السليمة عن طريق الخطأ. ويرى الباحثون أن هناك مجموعة من العوامل الوراثية والبيئية التي لها دور في الإصابة بهذا المرض. وتتطوّر مراحل الإصابة بهذا المرض عادةً ببطء. ورغم أنه لا يوجد علاج لالتهاب القنوات الصفراوية الأولي في الوقت الحالي، فإن الأدوية يمكن أن تبطئ تضرر الكبد، وخاصةً عند بدء العلاج مبكراً.

أعراض التهاب القنوات الصفراوية الأول

لا يشعر أكثر من نصف مرضى التهاب الأقنية الصفراوية الأوّلي، بأي أعراض ملحوظة عند التشخيص. وقد يُكتشف المرض عند إجراء اختبارات الدم لأسباب أخرى، مثل الاختبارات الروتينية. وتتطوّر الأعراض بعد ذلك خلال مدة تتراوح بين 5 أعوام إلى 20 عاماً. وبالنسبة للأشخاص الذين تظهر عليهم الأعراض بعد التشخيص، تكون نتائجهم أكثر سوءاً عادةً.

تشمل الأعراض المبكرة الشائعة ما يلي:

  • الإرهاق.
  • حكة في الجلد.
  • قد تشمل الأعراض ومؤشرات المرض المتأخرة ما يلي:
  • اصفرار الجلد والعينَين (اليَرقان).
  • جفاف العينين والفم.
  • ألم في الجزء العلوي الأيمن من البطن.
  • تضخُّم الطحال.
  • ألم العظام أو المفاصل أو العضلات.
  • تورم القدم والكاحلين.
  • تراكم السوائل في البطن نتيجة فشل الكبد (الاستسقاء).
  • ترسّبات دهنية (تُسمى الورم الأصفر) على الجلد وحول العين والجفون، أو في ثنايا راحة اليد أو باطن القدم أو المِرفَقين أو الركبتين.
  • اسمرار الجلد بدون التعرض للشمس، يُسمى فرط التصبغ.
  • ضعف العظام وترققها (هشاشة العظام) بدرجة قد تؤدي إلى الإصابة بكسور.
  • ارتفاع مستوى الكوليسترول.
  • الإسهال الذي قد يتضمن البراز الدهني، يُسمى الإسهال الدهني.
  • نقص نشاط الغدة الدرقية، يُسمى قصور الدرقية.
  • فقدان الوزن.

أسباب التهاب القنوات الصفراوية الأول

لا يوجد سبب واضح للإصابة بالتهاب القنوات الصفراوية الأولي. ويعتبره الكثير من الاختصاصيين مرضاً في المناعة الذاتية، يهاجم فيه الجسم نفسه. كما يعتقد الباحثون أن استجابة المناعة الذاتية هذه قد تتعرض للتحفيز بفعل عوامل بيئية ووراثية.

ويظهر التهاب الكبد الناجم عن التهاب القنوات الصفراوية الأولي عندما تبدأ أنواع معينة من خلايا الدم البيضاء، يُطلق عليها الخلايا التائية (أو اللمفاويات التائية)، في التجمع داخل الكبد. في الأحوال الطبيعية، ترصد هذه الخلايا المناعية الجراثيم والبكتيريا والفيروسات، وتساعد على الوقاية منها. ولكن في حال التهاب القنوات الصفراوية الأولي، فإنها تهاجم عن طريق الخطأ الخلايا السليمة المُبطِّنة للقنوات المرارية الصغيرة في الكبد.

وينتشر الالتهاب في القنوات الأصغر ليؤدي في النهاية إلى إتلاف الخلايا الأخرى في الكبد. وبموت الخلايا، تحل محلها أنسجة ندبية، تُعرف أيضاً بالتليُّفات، والتي قد تؤدي إلى تشمع الكبد. والتشمع هو تندُّب في نسيج الكبد يؤدي إلى الإخلال بقدرة الكبد على تأدية عمله بشكل طبيعي.

تلف القنوات الصفراوية يؤدي إلى تلف خلال الكبد يمكن أن يتسبب في فشل كبدي
تضرر القنوات الصفراوية يؤدي إلى تلف خلال الكبد ويمكن أن يتسبب في فشل كبدي - mayoclinic.org

التشخيص

يمكن إجراء الاختبارات والإجراءات التالية لتشخيص التهاب القنوات الصفراوية الأولي.

اختبارات الدم:

  • اختبارات الكبد. تُحدد اختبارات الدم هذه مستويات بروتينات معينة قد تشير إلى الإصابة بأمراض الكبد واعتلال القنوات الصفراوية.

  • اختبارات الأجسام المضادة للكشف عن علامات الإصابة بأمراض المناعة الذاتية. ويمكن أيضاً إجراء اختبارات الدم للكشف عن وجود الأجسام المضادة للميتوكوندريا. وهذه المواد تكاد تنعدم تماماً لدى غير المصابين بالمرض، حتى وإن كانوا مصابين بمشكلات أخرى في الكبد. لذلك، تعتبر النتائج الإيجابية لاختبارات الأجسام المضادة للميتوكوندريا إحدى العلامات القاطعة التي تشير إلى الإصابة بالمرض. ومع ذلك، لا توجد الأجسام المضادة للميتوكوندريا لدى عدد من مرضى التهاب القنوات الصفراوية الأولي.

  • اختبار الكولسترول. يعاني أكثر من نصف مرضى التهاب القنوات الصفراوية الأولي ارتفاعاً شديداً في مستويات الدهون في الدم، بما في ذلك مستوى الكوليسترول الإجمالي.

سيساعد إجراء الاختبارات التصويرية فريق الرعاية الصحية على التحقق من تشخيص ما أو استبعاد حالات مَرضية أخرى تنطوي على علامات وأعراض مشابهة. ويمكن أن تشمل فحوصات تصوير الكبد والقنوات الصفراوية:

  • التصوير بالموجات فوق الصوتية. تستخدم فحوصات التصوير بالموجات فوق الصوتية موجات صوتية عالية التردد لتصوير الأعضاء بداخل جسمك.

  • فحص فايبروسكان. يمكن من خلال هذا الاختبار اكتشاف تندُّب الكبد باستخدام مسبار يُصدر ترددات تشبه الموجات فوق الصوتية.

  • تصوير الأقنية الصفراوية والبنكرياس بالرنين المغناطيسي. يتلقط هذا الفحص الخاص الذي يُجرى بالتصوير بالرنين المغناطيسي صوراً تفصيلية لأعضاء الجسم والقنوات الصفراوية.

  • تصوير المرونة بالرنين المغناطيسي يجمع هذا الفحص بين التصوير بالرنين المغناطيسي والموجات الصوتية لرسم خريطة مرئية للأعضاء الداخلية يُطلق عليها إيلاستوجرام. ويُستخدم هذا الفحص للكشف عن تصلب الكبد الذي قد يشير إلى إصابته بالتشمع.

قد يلجأ الطبيب إلى إجراء خزعة الكبد في حال عدم توصله إلى تشخيص قاطع بعد إجراء الاختبارات السابقة. وتُؤخذ في هذا الإجراء عينة صغيرة من نسيج الكبد باستخدام إبرة رفيعة عبر شق صغير. ثم تخضع العينة للفحص في المختبر، وذلك لتأكيد التشخيص أو تحديد مدى تفاقم المرض.

علاج التهاب القنوات الصفراوية الأول

علاج المرض

لا يوجد علاج شافٍ لالتهاب الأقنية الصفراوية الأوّلي، ولكن تستطيع الأدوية إبطاء تقدُّم المرض ومنع حدوث مضاعفات. تتضمن الخيارات ما يلي:

  • حمض أورسوديوكسيكوليك

 يُستخدم هذا الدواء، الذي يعرف أيضاً باسم أورسوديول (Actigall و Urso)، في بداية العلاج غالباً. وهو يساعد على نقل العصارة الصفراوية عبر الكبد. غير أن حامض أورسوديوكسيكوليك لا يشفي من التهاب الأقنية الصفراوية الأولي، رغم أثره الواضح في تحسين وظائف الكبد وتقليل تندب الكبد. ومن غير المرجح أن يساعد على تخفيف الحكة والشعور بالإرهاق. وتشمل الآثار الجانبية المحتملة له زيادة الوزن والدوار وتساقط الشعر والإسهال.

  • حمض أوبيتيكوليك (Ocaliva)

 تظهر الدراسات أن تناول حمض أوبيتيكوليك بمفرده أو مع دواء أورسوديول لمدة 12 شهراً يمكن أن يسهم في تحسين وظائف الكبد وإبطاء تليُّف أنسجتها. لكنه يستعمل غالباً في نطاق محدود، إذ ربما يؤدي إلى زيادة الحكة.

  • الفيبرات (Tricor)

 لم يتيقن الباحثون من كيفية عمل هذا الدواء في تخفيف الأعراض المصاحبة لالتهاب الأقنية الصفراوية الأولي. ولكن عند تناوله مع حمض أورسوديوكسيكوليك أورسوديوكسيكوليك، يقلل من التهاب الكبد والحكة لدى بعض المرضى. وهناك حاجة لإجراء المزيد من الدراسات لتحديد الفوائد المرجوة منه على المدى الطويل.

  • بوديزونايد

 ربما يكون لتناول بوديزونايد، وهو أحد أنواع الكورتيكوستيرويدات، مع حمض أورسوديوكسيكوليك منافع محتملة في علاج التهاب الأقنية الصفراوية الأولي. ورغم ذلك، يرتبط تناول هذا الدواء بحدوث آثار جانبية ذات صلة بالستيرويدات لمن وصلوا إلى مراحل متأخرة من المرض. ولهذا من الضروري إجراء مزيد من التجارب طويلة الأمد قبل إمكانية التوصية بدواء بوديزونايد لعلاج هذه الحالة.

  • زراعة الكبد

 في حال عدم جدوى الأدوية في علاج التهاب الأقنية الصفراوية الأولي وبدء حدوث فشل في الكبد، قد تمنح زراعة الكبد المريض الفرصة لإطالة حياته. ففي عملية زراعة الكبد، تُستبدل الكبد المصابة بأخرى سليمة من أحد المتبرّعين. ونتائج عمليات زراعة الكبد في الأشخاص الذين يعانون التهاب الأقنية الصفراوية الأولي جيدة جداً وطويلة الأمد. لكن قد يعود المرض مرة أخرى بعد عدة سنوات من إجراء عملية زراعة الكبد.

علاج الأعراض

قد يُوصي فريق الرعاية الصحية بعلاجات للسيطرة على مؤشرات وأعراض التهاب القنوات الصفراوية الأولي وتوفير راحة أكبر للمريض.

علاج الإرهاق

يسبب التهاب القنوات الصفراوية الأولي الإرهاقَ. لكن يمكن أن يتأثر شعورك بالتعب بعاداتك اليومية ونظامك الغذائي السليم وممارسة التمارين الرياضية والأمراض الأخرى لديك. من المهم أيضاً إجراء اختبار لاستبعاد مرض الغدة الدرقية؛ لأنه أكثر شيوعاً لدى المصابين بالتهاب القنوات الصفراوية الأولي.

علاج الحكة

  • يشيع استخدام مضادات الهيستامين لتقليل الحكة

 ويمكنها أن تُساعد على النوم إذا كانت الحكة تحول دون نومك. وتشمل مضادات الهيستامين ديفينهيدرامين وهيدروكسيزين هيدروكلوريد ولوراتادين.

  • الكوليسترامين

مسحوق يُمكن أن يوقف الحكة، ويتعين مزجه مع الطعام أو السوائل.

  • ريفامبين

مضاد حيوي يمكن أن يوقف الحكة، ولكن طريقة عمله ليست معروفة بالضبط. ويعتقد الباحثون أنه ربما يمنع استجابة الدماغ للمواد الكيميائية المحفزة للحكة في الدم.

  • المضادات أفيونية المفعول

مثل تلك التي تحتوي على النالوكسون والنالتريكسون، يمكن أن تساعد على تخفيف الحكة الناتجة عن أمراض الكبد. وكما هي الحال مع الريفامبين، يبدو أن هذه الأدوية تقلل الإحساس بالحكة من خلال التأثير في الدماغ.

  • سيرترالين

دواء يزيد السيروتونين في الدماغ، وهو من مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRI)، ويمكن أن يساعد على تقليل الشعور بالحكة.

علاج جفاف العينين والفم

يمكن أن تساعد الدموع الاصطناعية أو بدائل اللعاب على تخفيف جفاف العينين والفم. ويمكن الحصول عليها مع وجود وصفة طبية أو بدونها. ويساعد مضغ العلكة أو امتصاص الحلوى الصلبة أيضاً على إفراز مزيد من اللعاب وتخفيف جفاف الفم.

علاج المضاعفات

ترتبط مضاعفات معينة بالتهاب الأقنية الصفراوية الأولي بشكل شائع. قد يُوصي فريق الرعاية الصحية بما يلي:

مكملات المعادن والفيتامينات. إذا لم يكن الجسم يمتص الفيتامينات أو العناصر المغذية الأخرى، فقد يتعين على المريض تناول فيتامينات A وD وE وK. وقد يحتاج إلى تناول الكالسيوم أو حمض الفوليك أو مكملات الحديد أيضاً.

أدوية خفض الكوليسترول. قد يوصي فريق الرعاية الصحية بتناول دواء يُعرف بالستاتين ليساعد على خفض مستوى الكوليسترول إذا كان المريض مصاباً بارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم.

أدوية علاج فقدان كثافة العظام. قد توصف أدوية ومكملات مثل الكالسيوم وفيتامين D للحد من فقدان العظام وتحسين كثافتها إذا كنت المريض مصاباً بضعف العظام، أو ترققها المُسمى هشاشة العظام. وقد تسهم التمارين الرياضية، مثل المشي ورفع الأثقال الخفيفة أغلب أيام الأسبوع، في زيادة كثافة العظام.

علاج زيادة الضغط داخل الوريد البابي، ويسمى فرط ضغط الدم البابي. من المرجح أن يفحص فريق الرعاية الصحية المريض، ويتابع حالته لمعرفة ما إذا كان لديه فرط ضغط الدم البابي أو أوردة متضخمة، وذلك إذا كانت لديه ندوب متأخرة من مرض في الكبد. ويمثل وجود سائل في البطن أحد الأعراض الجانبية الشائعة لفرط ضغط الدم البابي. وفي حالات تراكم السائل الطفيفة، قد يوصي فريق الرعاية الصحية بالحد من تناول الملح في النظام الغذائي فقط. أما في الحالات الأشد، فقد يلزم تناول أدوية تعرف باسم مدرات البول أو تنفيذ إجراء لتصريف السوائل يُسمى البزل.

*هذا المحتوى من "مايو كلينيك"

تصنيفات

قصص قد تهمك