قال مسؤولون أميركيون، الثلاثاء، إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن استفسر خلال اتصال هاتفي مع نظيره البريطاني ديفيد لامي، الشهر الماضي، عما تحتاجه بريطانيا من إسرائيل لإعادة النظر في قرار تعليق 30 رخصة من بين 350 رخصة تصدير أسلحة لتل أبيب، حسبما ذكرت مجلة "بوليتيكو".
وجاء رد، لامي، على سؤال بلينكن، بأن المطلوب هو "وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والسماح للمنظمات الدولية لحقوق الإنسان بالوصول إلى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية"، وفق المجلة.
وأبلغ لامي في المكالمة التي جرت، في 20 أغسطس الماضي، بلينكن أن هناك "تقييماً داخلياً" للحكومة البريطانية بشأن تصرفات إسرائيل في غزة، أدى إلى قرارها بتعليق 30 رخصة تصدير لإسرائيل لمكونات مهمة للطائرات من طراز F-16 والمروحيات والأنظمة البحرية والطائرات المسيرة.
طور التقييم
أحد المسؤولين الأميركيين الذي قرأ جزءاً من نص المكالمة، ووصفها بأنها "كانت ودية"، موضحاً أن بلينكن أشار إلى أن الولايات المتحدة في طور تقييم تصرفات إسرائيل في غزة، لكنه لم يُفصح عن أي تفاصيل بشأن الموقف الداخلي لواشنطن.
وترى "بوليتيكو"، أن سؤال بلينكن يظهر استمرار إدارة الرئيس جو بايدن في دعم الحرب الإسرائيلية على غزة، رغم قلق بعض أقرب حلفائها من سلوك إسرائيل.
وتتعرض إدارة بايدن ونائبة الرئيس كاملا هاريس لضغوط من منتقدي الحرب لتعليق بعض عمليات تسليم الأسلحة إلى إسرائيل، أقرب حليف لواشنطن في الشرق الأوسط، بحسب وكالة "رويترز".
والتقى بلينكن، الثلاثاء، لامي في العاصمة البريطانية لندن، وبحثا الوضع في غزة، والمفاوضات الجارية بشأن وقف إطلاق النار، بحسب المجلة التي أشارت إلى أنه ليس من الواضح ما إذا كانا قد ناقشا بشكل محدد قرار تعليق بعض أنواع الأسلحة لإسرائيل.
ورداً على سؤال بشأن المكالمة، أعربت السفارة البريطانية في واشنطن، في بيان، عن أملها "في رؤية أدلة على التزام إسرائيل بالقانون الإنساني الدولي، بما يسمح لنا برفع هذا التعليق"، فيما امتنعت الخارجية الأميركية عن التعليق.
وكانت بريطانيا أعلنت، في 2 سبتمبر الجاري، تعليق 30 رخصة من بين 350 رخصة تصدير أسلحة لإسرائيل، بسبب مخاطر من احتمال استخدام هذا العتاد في ارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي، في خطوة وصفتها تقارير غربية بأنها "ضربة دبلوماسية كبيرة" لتل أبيب.
وفي المقابل، انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الخطوة البريطانية، ووصفها بأنها "قرار مخزٍ" من شأنه أن "يشجع حركة حماس".
وذكر أحد المسؤولين الأميركيين، أنه "لم يكن استفسار بلينكن بمثابة ضغط، بل ينبع من اهتمام حقيقي بفهم ما إذا كانت بريطانيا ستعيد النظر في سياستها في نهاية المطاف".
ورغم أن بريطانيا مصدر غير رئيسي للأسلحة بالنسبة لإسرائيل مقارنة بالولايات المتحدة وألمانيا، فإن بعض المحللين اعتبروا القرار مؤشراً على العزلة الدبلوماسية المتزايدة التي تواجهها إسرائيل.
ومع ذلك، يُنظر إلى القرار البريطاني بتعليق بعض أنواع الأسلحة على أنه "خطوة رمزية"، لكنه في الوقت نفسه "تحولاً كبيراً" في نهج حكومة حزب العمال الجديدة والتي يرأسها كير ستارمر.
وتوقع مسؤولون أميركيون منذ أشهر هذا القرار من الحكومة البريطانية، حيث كان مسؤولي البلدين يتحدثون علناً عن ضرورة اتخاذ المزيد من الإجراءات لمعالجة تصرفات إسرائيل في غزة.
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية، إن "بريطانيا أبلغت الولايات المتحدة عدة مرات خلال العام الماضي، بأنها تجري مراجعة داخلية، وفي أغسطس قررت تنفيذ التعليق".
الوضوح الأخلاقي
وتختلف القوانين الداخلية في الولايات المتحدة التي تحدد كيفية، ومتى يجب عليها تعليق الأسلحة، عن القوانين في لندن.
وينص القانون البريطاني بشكل عام على أنه إذا كان هناك خطر انتهاك للقانون الإنساني الدولي، فإن الحكومة تكون ملزمة قانونياً باتخاذ إجراء، أما في الولايات المتحدة، فإن الإدارة هي من تتخذ الإجراء في حال تأكدت من أن هذه القوانين قد انتهكت بالفعل.
وقال مسؤول أميركي ثالث مطلع على المناقشات للمجلة، إن "البريطانيين على الأقل مستعدون لقول الأمور كما هي، وهو ما يبدو أن القيادة هنا (في الولايات المتحدة) غير مستعدة لفعله، رغم تقديم كل المعلومات نفسها المتعلقة بانتهاكات إسرائيل للقانون الإنساني الدولي".
وأردف: "تتجاهل القيادة حقيقة أن إظهار الوضوح الأخلاقي والقانوني مثل بريطانيا سيمنحنا مزيداً من النفوذ للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وليس العكس".