ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن شركة استشارية مقرها المجر تُدعى "BAC Consulting"، التي ينسب إليها تصنيع أجهزة البيجر التي انفجرت في لبنان، هي في الواقع واجهة لشركة إسرائيلية وهمية، ترأسها سيدة أعمال وباحثة مجرية تدعى كريستيانا بارسوني أرسيداكونو، وكانت تزود "حزب الله" بالأجهزة القاتلة، لكن الجماعة اللبنانية نفت صحة هذه التقارير.
وذكرت الصحيفة، استناداً إلى ثلاثة ضباط استخبارات مطلعين على العملية، أن شركة "BAC" كانت تصنع أجهزة بيجر عادية لعملاء مختلفين، إلا أن الأجهزة المصممة خصيصاً لحزب الله تضمنت بطاريات تحتوي على مادة متفجرة تعرف باسم "PETN". وقد تم شحن هذه الأجهزة إلى لبنان منذ صيف 2022، مع زيادة الكميات المرسلة لاحقاً.
كما تم إنشاء شركتين وهميتين على الأقل لإخفاء الهويات الحقيقية للأشخاص الذين يصنعون أجهزة الاستدعاء، وجميعهم ضباط في الاستخبارات الإسرائيلية، بحسب التقرير الأميركي.
ونفت كريستيانا بارسوني-أرسيدياكونو، الرئيسة التنفيذية لشركة "BAC Consulting"، أي تورط في تصنيع الأجهزة المتفجرة، مشيرة إلى أنها مجرد وسيط تجاري، بينما نفت الحكومة المجرية دخول هذه الأجهزة إلى البلاد من الأساس.
وتتنوع أنشطة شركة BAC المسجلة، من نشر ألعاب الكمبيوتر إلى استشارات تكنولوجيا المعلومات إلى استخراج النفط الخام.
وتم تسجيل شركة BAC كشركة ذات مسؤولية محدودة في مايو 2021، بحسب سجلاتها التي أظهرت أن رأس مالها يبلغ 7840 يورو، وحققت إيرادات بلغت 725 ألفاً و768 دولاراً عام 2022، أما العام 2023 فحققت 593 ألفاً و972 دولاراً، وفق "أسوشيتد برس".
من تكون كريستيانا بارسوني؟
قالت شركة "جولد أبوللو" التايوانية المتخصصة في تصنيع أجهزة الاتصال اللاسلكي "البيجر" Pagers إن شركة مقرها المجر صنعت أجهزة البيجر تحمل علامتها التجارية، واستخدمها أعضاء جماعة "حزب الله"، وانفجرت في وقت واحد بجميع أنحاء لبنان يومي الثلاثاء والأربعاء.
وذكرت الشركة التايوانية، في بيان، أن "شركة BAC Consultancy هي التي تنتج وتبيع طراز AR-924"، موضحةً أنها منحت الترخيص لشركة BAC لاستخدام علامتها التجارية لبيع المنتجات في مناطق محددة، مشيرة إلى أن تصميم وتصنيع المنتجات يتم بالكامل بواسطة BAC.
وأكدت الرئيسة التنفيذية لشركة BAC Consulting كريستيانا بارسوني أرسيداكونو، الأربعاء، أن شركتها تعمل مع جولد أبوللو، لكن عندما سُئلت عن أجهزة البيجر والانفجارات، قالت: "أنا لا أصنع هذه الأجهزة.. أنا مجرد حلقة في سلسة توريد ووسيط".
لكن البحث عن العنوان المذكور لشركة BAC للاستشارات في بودابست قاد إلى مبنى صغير يقع في شارع معظمه سكني في ضاحية نائية، ووجد اسم الشركة مكتوباً على ورقة A4 على الباب الزجاجي، فيما قال شخص في المبنى، طلب عدم ذكر اسمه، إن "الشركة مسجلة في هذا العنوان، لكن ليس لها وجود فعلي به"، وفق أسوشيتد برس.
وولدت أرسيداكونو في المجر، وتلقت تعليمها في لندن، وتخصصت في ميكانيكا الكم والعلاقات الدولية وإدارة الكوارث. وسعت للحصول على أطروحة الدكتوراه حول إدارة مخاطر المناخ في غينيا بكلية الدراسات الشرقية والإفريقية.
كما درست للحصول على درجة الدكتوراه في الفيزياء بجامعة لندن بين عامي 2002 و2006، وفقاً لصفحتها على موقع لينكد إن. ثم تابعت دراستها في كلية لندن للاقتصاد وجامعة لندن للحصول على مؤهلات الدراسات العليا المختلفة بين عامي 2009 و2017.
وعملت مؤخراً مع المفوضية الأوروبية كـ"خبيرة تقييم" و"مديرة موارد المياه الجوفية" لليونسكو. وساهمت في برامج المفوضية الهيدرولوجية في باريس، ودمجت خبرتها في إدارة الكوارث وميكانيكا الكم مع استراتيجيات التنمية العالمية.
على موقع شركتها على الإنترنت، والذي تم إغلاقه الأربعاء، تم وصف عملها بأنه "جسر بين التكنولوجيا والابتكار من آسيا إلى أوروبا".
ونفت أرسيدياكونو أي تورط لها مع الاستخبارات الإسرائيلية. وفي بيان عام مقتضب، قالت: "ليس لدي أي علاقات بالموساد أو أي وكالة استخبارات. هذه اتهامات لا أساس لها من الصحة تهدف إلى تشويه سمعتي وصرف الانتباه عن الحقيقة"، وفق موقع "aestetica".
ارتباطات خارجية
وذكرت صحيفة Telex أن أركيدياكونو كانت على اتصال بشركة Norta Global. وأضافت أن الشركة البلغارية، وليس BAC Consulting، هي التي استوردت أجهزة االبيجر من تايوان.
وقالت السلطات البلغارية إنه لم تحدث أي عمليات جمركية تتعلق بأجهزة البيجر في البلاد. وأكدت أنها تحقق في أي تورط محتمل لشركة Norta Global في سلسلة التوريد.
وتأسست شركة Norta Global في 14 أبريل 2022، في نفس الوقت تقريباً الذي تم فيه تسجيل BAC لدى السلطات المجرية. تم تسجيل الشركة برأس مال مدفوع أولي قدره 200 ليف بلغاري (114 دولاراً). تزعم شركة Norta Global أنها تقدم خدمات الاستشارات الإدارية، لكنها لا تذكر أي عملية تصنيع.
وقالت وكالة أمن الدولة البلغارية الخميس إنها ستحقق مع الشركة، مضيفاً أنها تعمل مع وزارة الداخلية للتحقيق في دور شركة مسجلة في بلغاريا، دون تسميتها.
