خرج مئات التونسيين في وقفة احتجاجية وسط العاصمة، الأحد، رفضاً للتدخّل في الانتخابات، ورفعوا شعارات ضد الرئيس قيس سعيد، متهمين إياه بتشديد قبضته على الحكم قبل الاستحقاق الرئاسي المقرر في 6 أكتوبر المقبل.
وتتواصل هذه الاحتجاجات للأسبوع الثاني على التوالي، إلا أن شعاراتها شهدت تصعيداً واضحاً في الآونة الأخيرة ضد الحكومة التونسية، حيث هتف المحتجون: "الشعب يريد إسقاط النظام"، و"قوانين عبثية.. انتخابات مسرحية"، و"ارحل".
وتجمع المتظاهرون بدعوة من منظمات المجتمع المدني وأحزاب سياسية في شارع الحبيب بورقيبة، وهو نقطة محورية في احتجاجات عام 2011.
ودعت الشبكة التونسية للحقوق والحريات، التي تضم منظمات وأحزاباً تقدمية وديمقراطية، إلى ضرورة "التصدي لمحاولات اختراق القضاء والتأثير على استقلاليته"، وذلك بعد أن تقدم عدد من النواب بمقترح تعديل يهدف إلى "ضمان وحدة الإطار القضائي الذي يتعهد بالنظر في النزاعات الانتخابية، بما من شأنه أن يؤدي إلى تفادي سلبيات التوزيع الحالي على 3 نظم قضائية مختلفة، تبين من خلال الواقع أنه توزيع يفتقر إلى الجدوى والنجاعة المطلوبتين".
وفي حديث لـ"الشرق"، أكد الناشط الحقوقي حسام الحامي أن "تغيير القانون الانتخابي خلال العملية الانتخابية، على مقاس السلطة لم نشهده، لا في ديمقراطيات ولا في دكتاتوريات، ولا في أي دولة أخرى، لم نرَ مثل هذه الممارسات المشينة التي ينعدم منها الذوق السياسي والقانوني، والتي تمس حتى من مواطنة التونسيات والتونسيين".
وقال البرلماني السابق مصطفى بن أحمد لـ"الشرق"، إن "من المنطقي والمتعارف عليه في جميع أنحاء العالم، أن المسائل الانتخابية هي من صلاحيات القضاء الإداري، وكذلك الحال بالنسبة لتونس منذ سنوات طويلة، ومن الجريمة اليوم أن تطرح هذه المسألة قبل 15 يوماً من العملية الانتخابية".
وكان البرلمان التونسي أحال الجمعة، مقترحاً يتعلق بتعديل بعض أحكام القانون الأساسي للانتخابات والاستفتاء، تقدم به 34 نائباً، إلى لجنة التشريع العام مع طلب استعجال النظر.
وتقول المعارضة إن المقترح سيُسقط مشروعية ومصداقية انتخابات 6 أكتوبر، وتمهد الطريق أمام سعيّد للفوز بفترة رئاسية أخرى.
وينظر إلى المحكمة الإدارية على نطاق واسع على أنها آخر الهيئات المستقلة في البلاد منذ أن حلَّ سعيّد المجلس الأعلى للقضاء، وعزل العشرات منهم في عام 2022.
ويقول منتقدون إن مشروع القانون صادم، ولم يسبق له مثيل، ويهدف إلى وأد آخر مؤسسة مستقلة في البلاد، بسبب ما قالوا إنه "مخاوف سعيّد من أن تلغي المحكمة الإدارية نتائج الانتخابات إذا كانت هناك أي طعون من منافسيه".
ونقلت وكالة "رويترز"، عن نبيل حجي الأمين العام لحزب "التيار الديمقراطي" قوله إن "خطوات سعيد تظهر أنه يعي جيداً أنه لم يعد يتمتع بشعبية، ويخشى خسارة الانتخابات".
وأضاف أثناء الاحتجاج وسط حضور الشرطة: "لم يعد أمام التونسيين الآن سوى خيار واحد وهو الشارع السلمي للدفاع عن ديمقراطيتنا".
وتصاعد التوتر السياسي في تونس قبل الانتخابات منذ أن استبعدت لجنة انتخابية 3 مرشحين بارزين، هم منذر الزنايدي، وعبد اللطيف المكي، وعماد الدايمي، رافضة قرار المحكمة الإدارية بإعادتهم للسباق الرئاسي.
وأبقت هيئة الانتخابات فقط 3 مرشحين في السباق هم قيس سعيد، وزهير المغزاوي، والعياشي زمال.
ويقبع زمال في السجن بعد أن حُكم عليه الأربعاء، بالسجن لمدة 20 شهراً، بتهمة تزوير توقيعات شعبية في ما سماه قضية ذات دوافع سياسية تهدف لإقصائه من السباق.
وترى المعارضة أن سعيد يستخدم اللجنة الانتخابية والقضاء لضمان الفوز من خلال خنق المنافسة، وترهيب المرشحين.
وينفي الرئيس التونسي الاتهامات، ويقول إنه يضمن الحريات، وردد كثيراً أنه "يُحارب خونة ومرتزقة وفاسدين، ويخوض حرب تحرير".
وشدد سعيّد، الذي انتخب ديمقراطياً عام 2019، قبضته على السلطة وبدأ الحكم بمراسيم في عام 2021، في خطوة وصفتها المعارضة بأنها "انقلاب".