وقع وفدا الهيئتين التشريعيتين في شرق وغرب ليبيا الخميس، اتفاقاً لتسوية أزمة قيادة المصرف المركزي ينص على تعيين محافظ مؤقت للبنك ونائب له.
ويمكن أن يساعد الاتفاق في نزع فتيل أزمة حول قيادة مصرف ليبيا المركزي وإيرادات النفط أدت إلى انخفاض حاد في إنتاج الخام الليبي وصادراته.
وبدأت أزمة المصرف المركزي عندما تحرك محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، ومقره طرابلس، لاستبدال محافظه المخضرم الصديق الكبير الشهر الماضي. ودفع ذلك فصائل الشرق لإصدار أمر بوقف الإنتاج في حقول النفط في ليبيا احتجاجاً على هذه الخطوة.
واتفق مجلس النواب ومقره بنغازي والمجلس الأعلى للدولة ومقره طرابلس، على ترشيح ناجي محمد عيسى بلقاسم، مدير إدارة الرقابة على النقد والمصارف في مصرف ليبيا المركزي، محافظاً مؤقتاً للبنك، كما سيواصل مرعي مفتاح رحيل، الذي تولى منصب نائب المحافظ في 2023، القيام بمهامه.
وقالت ستيفاني وليامز، المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، "أود أن أؤكد على الحاجة الملحة لإنهاء إغلاق حقول النفط وتعطيل إنتاجه وتصديره... وتوجيه عوائد ذلك المورد الحيوي عبر الإطار المؤسسي المناسب إلى البنك المركزي الليبي".
وتواجه ليبيا انقساماً منذ 2014 بين سلطتين في الغرب والشرق عقب الفوضى التي أعقبت سقوط معمر القذافي في انتفاضة دعمها حلف شمال الأطلسي (الناتو) في 2011.
"تعميق الانقسامات المؤسسية"
وقالت وليامز "أظهرت هذه الأزمة ضرورة امتناع جميع الأطراف عن اتخاذ قرارات أحادية. تلك القرارات لا تؤدي إلى تصعيد التوترات فحسب، وإنما تعمق أيضاً الانقسامات المؤسسية".
وقالت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا في 28 أغسطس، إن إنتاج الخام انخفض بأكثر من نصف المستوى الطبيعي. ولم تعلن بيانات جديدة منذ ذلك الحين.
وتشير بيانات قطاع الشحن إلى أن متوسط صادرات ليبيا من النفط الخام بلغ نحو 400 ألف برميل يومياً في سبتمبر، انخفاضاً من أكثر من مليون في أغسطس.
أزمة المصرف المركزي
وكان البنك المركزي الليبي، الذي يدير مليارات الدولارات من عائدات الطاقة، محور الأزمة السياسية الأخيرة التي أدت إلى إغلاق معظم إنتاج النفط في البلاد المنقسمة، كما تم تعليق معظم الخدمات المصرفية في ليبيا مع تصاعد الأزمة وتعطل عمليات البنك المركزي.
وسعت الحكومة المُقالة من البرلمان إلى استبدال محافظ المصرف صادق الكبير، الذي رفض التنحي. ودخل وفد حكومي مكاتب المصرف لتولي المسؤولية.
وإثر ذلك، أعلنت الحكومة الليبية المُكلفة من مجلس النواب برئاسة أسامة حماد، في 26 أغسطس، أن جميع حقول النفط ستُغلق، وأن الإنتاج والصادرات توقفت، وذلك، بعد أن كلّف رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، نائب محافظ المصرف المركزي عبد الفتاح عبد الغفار بالقيام بمهام وأعمال المحافظ إلى حين استلام المحافظ المكلّف من مجلس النواب محمد الشكري، أو انتخاب محافظ جديد.
وقال محافظ البنك الصديق الكبير لـ"فاينانشيال تايمز"، حينها، إنه وموظفين كبار آخرين في البنك أجبروا على الفرار من البلاد لـ"حماية أرواحنا"، من الهجمات المحتملة من قبل الميليشيات المسلحة.
والمصرف المركزي هو الجهة الوحيدة المعترف بها دولياً، فيما يتعلق بإيداع إيرادات النفط، وهي دخل اقتصادي حيوي لليبيا.
ويحتدم الصراع على السلطة بين الفصائل الليبية للسيطرة على مصرف ليبيا المركزي، وعوائد النفط في البلاد، ما أدى إلى تعميق الانقسامات السياسية وتهديد اتفاق السلام الذي توسطت فيه الأمم المتحدة.
وغالباً ما أدت الانقسامات السياسية العميقة بين الحكومتين في شرق ليبيا وغربها إلى اشتباكات وحصار استهدف منشآت أكثر موارد البلاد قيمة، وذلك رغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم توقيعه في عام 2020، والذي دعمته الأمم المتحدة بهدف إنهاء الاقتتال.
وتسيطر البلاد على أكبر احتياطيات النفط الخام المعروفة في إفريقيا، لكن الإنتاج يعاني من صراع سياسي يمتد لأكثر من عقد. وأثرت عمليات الإغلاق المتكررة، بما في ذلك أكبر حقل في البلاد، "حقل الشرارة"، الذي توقف الإنتاج فيه منذ أوائل أغسطس، جزئياً على أسواق النفط العالمية.