مطالب بتنحي أولاف شولتز وجاستن ترودو عن خوض انتخابات بلديهما المقررة في 2025

"انسحاب بايدن" يؤجج دعوات لخطوة مماثلة في ألمانيا واليابان وكندا

الرئيس الأميركي جو بايدن يقف بجوار رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو والمستشار الألماني أولاف شولتز بقمة زعماء مجموعة السبع في ألمانيا. 26 يونيو 2022 - reuters
الرئيس الأميركي جو بايدن يقف بجوار رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو والمستشار الألماني أولاف شولتز بقمة زعماء مجموعة السبع في ألمانيا. 26 يونيو 2022 - reuters
دبي-الشرق

حركت الخطوة التي اتخذها الرئيس الأميركي بالانسحاب من انتخابات الرئاسة المقررة في نوفمبر المقبل، لإفساح المجال لنائبته كامالا هاريس، دعوات شعبية راكدة تجاه سياسيين في اليابان وكندا وألمانيا للسير على خطى جو بايدن والتخلي عن فكرة الترشح للمشاركة في الانتخابات الوطنية، وفق ما أوردته مجلة "بوليتيكو".

ويواجه رئيسا الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، والكندي جاستن ترودو، ومستشار ألمانيا أولاف شولتز، دعوات للسير على خطى الرئيس الأميركي، إذ شعر المسؤولون الثلاث بهذا الضغط بأنفسهم منذ انسحاب بايدن قبل شهرين.

والشكوى من زعيم غير محبوب والدعوة إلى بدائل ليست بالأمر الجديد، كما أن الديناميكيات السياسية في كل بلد مختلفة، لكن الإشارات الصريحة إلى جولات بايدن في طوكيو وأوتاوا وبرلين هي دليل على أن قراره المُتخذ في يوليو الماضي، أسس نموذجاً عالمياً لسياسي اختار التخلي عن السلطة طواعية دون هزيمة سياسية أو نتيجة مرض ثم موت.

وكانت مجلة "دير شبيجل" الألمانية، تساءلت في وقت سابق من الشهر الماضي: "لماذا لا يفعل شولتز ما فعله بايدن؟"، كما طرحت هيئة الإذاعة الكندية CBC السؤال التالي: "هل يمكن أن يتولى ترودو المنصب بعد ذلك؟". 

وقال أحد الخبراء ممازحاً إن كيشيدا، كان "يعيش لحظة بايدن" عندما تنحى عن منصبه كزعيم لحزبه.

ولفتت المجلة إلى أن كيشيدا وترودو وشولتز، بعيدون عن بعضهم البعض بمسافات كبيرة، لكنهم وجدوا أنفسهم في منطقة سياسية متشابهة بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة في مواجهة اقتراحات تحثهم على اتباع خطى بايدن بالتنحي.

وتعرض السياسيون الثلاثة، الذين تقدموا في ولايتهم، وأصبحوا أقل شعبية، لسيل من الأسئلة من داخل أحزابهم، الحزب الديمقراطي الليبرالي الياباني، والليبراليون الكنديون، والديمقراطيون الاجتماعيون في ألمانيا، بشأن ما إذا كان هؤلاء سيخوضون الانتخابات الوطنية المقرر إجراؤها العام المقبل.

استقالة كشيدا

وواجه كيشيدا، الذي انتُخب لأول مرة رئيساً لوزراء اليابان، ورئيساً لحزبه الليبرالي الديمقراطي في عام 2021، انخفاضاً في معدلات التأييد، وذلك بعد سلسلة من فضائح الفساد التي هزت حزبه.

وانتخب حزب كيشيدا الليبرالي الديمقراطي رئيسه الجديد، الجمعة، ولم يكن من بين المرشحين المتنافسين على المنصب.

وتكونت نتيجة لذلك، تكهنات بأن كيشيدا قد ينسحب من سباق زعامة حزبه هذا الخريف، ولكن بعد خروج بايدن من السباق الرئاسي الأميركي في يوليو، بدأ الساسة والصحافيون في رسم مقارنات مباشرة بين السياسيين.

وفي هذا السياق، قال أحد مسؤولي الحزب الليبرالي الديمقراطي لصحيفة "أساهي شيمبون"، إحدى أكبر الصحف اليابانية: "لقد خرج بايدن ويجب على كيشيدا التقاعد بسرعة وبشرف أيضاً".

بدوره، قال أحد أعضاء حكومة كيشيدا لصحيفة Japan Times: "نحن بحاجة إلى مراقبة تأثير انسحاب بايدن عن كثب على سباق زعامة الحزب".

وفي منتصف أغسطس، بعد أسابيع فقط من قرار بايدن، أصدر كيشيدا إعلاناً مفاجئاً بأنه سيتخلى أيضاً عن منصبه كمرشح رئيسي لحزبه.

وقال كيشيدا في مؤتمر صحافي الشهر الماضي: "من الضروري تقديم الحزب الليبرالي الديمقراطي الوليد بقوة إلى الشعب. والخطوة الأولى الأكثر وضوحاً لإظهار أن الحزب الليبرالي الديمقراطي سيتغير هي أن أتنحى".

"خيبة أمل"

بدوره، كان شولتز، الذي تولى منصب مستشار ألمانيا خلفاً لأنجيلا ميركل بعد شهرين فقط من تولي كيشيدا منصب رئيس وزراء اليابان، يكافح من أجل البقاء السياسي وسط معدلات تأييد منخفضة قياسية. 

ومثله كمثل بايدن، واجه شولتز دعوات للاستسلام السياسي، في وضع أفضل لقيادة الحزب الديمقراطي الاجتماعي من يسار الوسط في الانتخابات الفيدرالية العام المقبل.

ووفقاً لاستطلاع أجرته هيئة الإذاعة الألمانية ARD، في وقت سابق من الشهر الماضي، فإن نسبة تأييد شولتز بلغت 20% فقط.

في السياق، قال بيتر ماتوشيك، كبير المحللين السياسيين في شركة "فورسا" لاستطلاعات الرأي الألمانية: "هناك خيبة أمل عميقة في الحكومة والائتلاف وشولتز".

وأضاف: "ينبع هذا الإحباط من حكومة شولتز من التأثير المستمر لحرب أوكرانيا على ألمانيا والصراع الداخلي داخل الائتلاف الحاكم المكون من ثلاثة أحزاب بقيادة شولتز".

وعاقب الناخبون شولتز وحزبه الديمقراطي الاجتماعي في صناديق الاقتراع هذا العام، بدءاً من انتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو، إذ انخفض دعم الحزب إلى النصف تقريباً مقارنة بنتيجة الانتخابات الفيدرالية لعام 2021.

وفي وقت سابق من الشهر الماضي، أجريت انتخابات إقليمية في ولايتي تورينجيا وساكسونيا بشرق ألمانيا، حيث حقق حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف مكاسب كبيرة، فيما انخفض دعم "الحزب الاشتراكي الديمقراطي"، ما أدى تكثيف الضغط على شولتز للتنحي، مع الإشارة إلى النهج الذي اتخذه بايدن.

وكتبت مجلة "دير شبيجل" في نشرتها السياسية اليومية في وقت سابق من الشهر الماضي: "يمكن للمستشار أن يحذو حذو الرئيس الأميركي، بدلاً من التشبث بالسلطة والسماح لنفسه بالتفكك في الأشهر المقبلة، فإنه يمهد الطريق لبداية سياسية جديدة".

ووضعت الدوائر السياسية في برلين بالفعل بديل محتمل لشولتز، وهو وزير الدفاع بوريس بيستوريوس، الذي احتل باستمرار المرتبة الأكثر شعبية في البلاد. 

وبعد أشهر من الثرثرة خلف الكواليس، بدأ بعض أعضاء الحزب في التعبير عن هذه الأفكار علناً، إذ قال رئيس بلدية ميونخ، ديتر رايتر، الأسبوع الماضي: "يجب على الحزب الديمقراطي الاجتماعي أن يفكر في بيستوريوس كمرشح لمنصب المستشار".

وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "فورسا" هذا الأسبوع، أن ثلثي الناخبين الألمان، بما في ذلك 63% من أولئك الذين صوتوا لصالح الحزب الديمقراطي الاجتماعي في الانتخابات الفيدرالية الأخيرة، يتفقون على أن شولتز يجب أن يتنحى ويسمح لبيستوريوس بالترشح كمرشح الحزب الديمقراطي الاجتماعي لمنصب المستشار.

ضعف ترودو

بالنسبة لكندا، فإن ترودو يواجه أسئلة خطيرة حول المدة التي يمكن أن تستمر فيها ولايته الثالثة كرئيس للوزراء، إذ ضعف ترودو، الذي تولى منصبه في عام 2015 واعداً "بالتغيير الحقيقي"، بسبب سلسلة من الفضائح طوال فترة ولايته، وشهد تآكل دعم الليبراليين له بشكل أكبر في انتخابات 2019 و2021.

وهذا العام، أشارت الانتخابات الخاصة لمنطقة برلمانية في منطقة تورنتو التي أجريت في يونيو الماضي، إلى مشكلات أكثر حدة لليبراليين بقيادة ترودو، الذين فقدوا مقعداً احتفظ به الحزب لمدة 30 عاماً. 

وأدت الخسارة في الانتخابات الخاصة الثانية التي جرت لليبراليين في وقت سابق من الشهر الماضي، وهذه المرة في منطقة مونتريال، بعد أيام فقط من إعلان شريك حزبه الحاكم في البرلمان انسحابه من التحالف غير الرسمي، إلى مطالب أكثر صراحة بترك المنصب.

وكما حدث في اليابان وألمانيا، كان مثال بايدن بمثابة تشبيه، حيث سأل أحد الكتاب: "هل حان الوقت لكي يكون جاستن ترودو مثل جو بايدن؟".

ومن المقرر أن تُعقد الانتخابات البرلمانية المقبلة في كندا في خريف عام 2025، لكن خصوم ترودو السياسيين الرئيسيين، المحافظين، يأملون في فرض التصويت في وقت أقرب.

وقدم زعيم حزب المحافظين المتعصب، بيير بواليفير، تصويتاً بحجب الثقة عن البرلمان الكندي هذا الأسبوع، في محاولة لإثارة انتخابات مبكرة.

تجنب مصير بايدن

ومن بين السياسيين الثلاثة، الذين يواجهون هذه الدعوات، لم يستسلم سوى كيشيدا حتى الآن، حيث يتمسك كل من ترودو وشولتز بموقفيهما، ويبدو من غير المرجح أن ينسحبا في أي وقت قريب.

وقال ترودو في وقت سابق: "لن أذهب إلى أي مكان. لدي معركة لأقودها ضد الأشخاص الذين يريدون إيذاء هذا البلد، والذين يريدون إيذاء مجتمعاتنا والذين يريدون أخذ البلاد في اتجاهات، بصراحة تامة، هي عكس الاتجاه الذي يحتاج العالم إلى الذهاب إليه تماماً".

ومن المرجح أن تمنح الانتخابات الإقليمية في ألمانيا التي جرت الأحد الماضي في براندنبورج، حيث حقق الحزب الاشتراكي الديمقراطي فوزاً ضئيلاً في ولاية قادها لمدة 34 عاماً، شولتز إعفاءً مؤقتاً على الأقل من الأسئلة حول مستقبله السياسي.

وأصر شولتز، في رد فعله على نتائج الانتخابات الإقليمية من الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك هذا الأسبوع، على أنه وحزبه "سيكررون ما حدث في براندنبورج وما نجحنا في القيام به في الانتخابات الفيدرالية الأخيرة: أي أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي هو الحزب الأقوى في السباق".

لكن الأسئلة بشأن مدى قدرته على البقاء كحامل لواء الحزب في الانتخابات الفيدرالية العام المقبل لا تزال قائمة، نظراً للاعتقاد بأن الحزب الاشتراكي الديمقراطي حقق فوزه الضيق، على الرغم من شولتز، وليس بفضله. 

وقد تؤدي المواجهة الوشيكة بشأن الميزانية بين أعضاء الائتلاف الحاكم، والتي أشار إليها أحد زعماء الأحزاب الائتلافية باسم "خريف القرارات" إلى انهيار حكومة شولتز.

تصنيفات

قصص قد تهمك