شدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأربعاء، على أن الاتحاد الأوروبي "قد يختفي خلال السنوات المقبلة" إذا لم يعزز سريعاً قدرته التنافسية في مواجهة الصين والولايات المتحدة، داعياً إلى "ضرورة إجراء إصلاحات جذرية للنهوض مرة أخرى".
وقال ماكرون خلال مشاركته في منتدى برلين للحوار العالمي، الأربعاء، إن واشنطن وبكين تتفوقان على الاتحاد الأوروبي في كل من الناتج الاقتصادي والاستثمار، ولن تتمكن أوروبا من المنافسة مع الدول الأخرى، ما لم تتحرك بسرعة لإكمال الاتحاد المصرفي، وجعل قواعد التجارة العالمية أكثر عدالة، وفق ما نقلته "بلومبرغ".
وأصدر رئيس البنك المركزي الأوروبي السابق، ماريو دراجي، إنذاراً مماثلاً الشهر الماضي، محذراً من أن الاتحاد الأوروبي يواجه "تحدياً وجودياً" إذا لم يحول اقتصاده جذرياً، بما في ذلك إمكانية إصدار سندات مشتركة، لتعزيز القدرة التنافسية.
وشدد ماكرون في حلقة نقاشية مع الصحافي ستيفاني فلاندرز من "بلومبرغ": "قد يموت الاتحاد الأوروبي، نحن على وشك لحظة مهمة للغاية. لقد انتهى نموذجنا السابق، نحن نفرط في التنظيم، ونستثمر بشكل أقل. في العامين إلى الثلاثة أعوام المقبلة، إذا اتبعنا أجندتنا الكلاسيكية، فسنخرج من السوق المشتركة".
وقال ماكرون إن نموذج أوروبا "عفا عليه الزمن"، وأن "الاقتصاد يحتاج إلى نموذج جديد ليأخذ في الاعتبار واقعاً جديداً أكثر تعقيداً"، معتبراً أن "الكتلة لم تعد قادرة على الاعتماد على الطاقة منخفضة التكلفة من روسيا أو المظلة الدفاعية الأميركية"، مشدداً على أن "كل شيء اهتز الآن".
وتابع ماكرون: "نحن في خطر، لأكون صادقاً. لقد تغير نموذجنا تماماً، ويجب إعادة ضبطه". كما دعا الكتلة إلى الالتفاف بشأن عمليات الاندماج عبر الحدود لإنشاء شركات قادرة على المنافسة مع الشركات الأميركية.
ودعا ماكرون، إلى إحداث "صدمة استثمارية" في القطاعات الاستراتيجية مثل الصحة والذكاء الاصطناعي والدفاع، ودعا إلى توقف تنظيمي في أوروبا.
اقتصاد أقل تنافسية
وتحدث الرئيس الفرنسي عن خطر اختفاء الصناعات الكيميائية أو الصلب الأوروبية، بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة ولوائح بروكسل المرهقة للغاية. وأكد ماكرون: "نحن بحاجة إلى صدمة التبسيط؛ لأننا نشهد عدم تزامن نمونا مع الصين والولايات المتحدة"، وفق صحيفة lesechos.
وبينما تستعد دول الاتحاد الأوروبي للتصويت، الجمعة، على فرض رسوم جمركية إضافية على السيارات الكهربائية الصينية، أكد ماكرون مجدداً دعمه لهذا الإجراء. ومن وجهة نظره، لم يتم احترام قواعد المنافسة لمنظمة التجارة العالمية من قبل الصين أو حتى الولايات المتحدة منذ أن اعتمدت قانون خفض التضخم (IRA) في أغسطس 2022.
وفي تقريره الذي طال انتظاره، قال رئيس الوزراء الإيطالي السابق، والرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، ماريو دراجي، إن أوروبا ستحتاج إلى تعزيز الاستثمار بنحو 5 نقاط مئوية من الناتج المحلي الإجمالي للكتلة، (وهو مستوى لم تشهده أوروبا منذ أكثر من 50 عاماً)، من أجل تحويل اقتصادها، حتى تتمكن من البقاء قادرة على المنافسة.
وأصبحت الكتلة الأوروبية، أقل قدرة على المنافسة بشكل مطرد جزئياً بسبب اعتمادها على الطاقة ونقص المواد الخام وضعف الاقتصادات المحلية. وفق "بلومبرغ".
وبرزت القضية إلى الواجهة، الشهر الماضي، بعد أن انتقد المستشار الألماني أولاف شولتز، الاستحواذ المحتمل على "كوميرزبانك إيه جي" (أكبر بنك في ألمانيا) من قبل المقرض الإيطالي "يونيكريديت إس بي إيه". وقال: "يتعين علينا أن نقبل أن يكون لدينا أبطال أوروبيون، وليس 27 بطلاً أوروبياً".
وقدم دراجي تقريراً لسفراء الاتحاد الأوروبي مكون من 5 فصول تتضمن الإنتاجية والحد من التبعية، وتغير المناخ، والاندماج الاجتماعي ووصفات للقطاعات الفردية استناداً إلى الملفات الاقتصادية العشرة الرئيسية التي تهم الاتحاد الأوروبي.