أطلق وزير الخارجية الفلسطيني الأسبق ناصر القدوة، ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت، مقترحاً مشتركاً يحمل عنوان "منارة أمل إسرائيلية - فلسطينية" لرسم ملامح التعايش بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي في دولتين مستقلتين، في مقال تنشره مجلة "المجلة" باللغة العربية بالتزامن مع نشره بلغات أخرى في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، و"لوموند" الفرنسية، وإل باييس" الإسبانية.
وجاء المقترح حسبما ورد في المقال كالتالي:
في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بدأ فصل جديد مدمر في تاريخ المواجهات العنيفة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مما أطلق شرارة الحرب الأكثر تدميرا في تاريخ هذين الشعبين. والآن، بعد مرور ما يقرب من عام على ذلك اليوم المروع، قُتل آلاف الأشخاص على الجانبين. لقد دُمر قطاع غزة، وأصبح معظم سكانه لاجئين مرة أخرى، وهناك الآن حوالي مليوني غزّي بلا مأوى. كما أصبح أكثر من مئتي ألف من الإسرائيليين بلا مأوى، وأجبروا على مغادرة منازلهم المدمرة والمحترقة.
لم نكن نعرف بعضنا البعض في الماضي في المناصب الرسمية التي شغلناها في خدمة شعبينا. ولم تتقاطع مساراتنا المهنية وتجمعنا للعمل معا، حتى الآن. وفي سعينا المشترك لإيجاد شريك على الجانب الآخر من الصراع للعمل معا باحترام متبادل، بهدف تحقيق اختراق نحو إنهاء الحرب في غزة، والبدء في مفاوضات متجددة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، مع التطلع إلى التوصل لاتفاق يضع حدا نهائيا للصراع العنيف بين شعبينا. ونحن نعلم أن هذا من شأنه أن يؤدي إلى إنشاء جبهة من الدول المعتدلة في المنطقة، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى دول إسلامية، إلى جانب دولة إسرائيل ودولة فلسطين، مما يجعل منطقتنا بأكملها أكثر استقرارا وأكثر أمنا وازدهارا لجميع شعوبها.
في مجتمعينا، الإسرائيلي والفلسطيني، هناك ميل كبير لتدمير أي سياسي يخرج عن الإجماع المريح من خلال أكثر أشكال النقد تطرفا. ففي أثناء الحرب، يكون الإجماع حول العَلَمْ، وأي انحراف عن الدعم المطلق للمجهود الحربي يشبه الخيانة. ويُنظر إلى اقتراح تغيير جذري للمسار على أنه استسلام أو منح النصر للجانب الآخر. ولكن الاختبار الحقيقي للقيادة لا يتلخص في اتباع الرأي العام واختيار كلماتك ارتكازا على استطلاعات الرأي العام، بل في تحديد أفضل مسار استراتيجي لمستقبل أمتك وتقديمه بجرأة ودون خوف. لقد اجتمعنا، نحن الزعيمين السابقين اللذين خدمنا شعبينا بإخلاص لعقود من الزمان، برؤية مشتركة ومقترح يتحدى واقعنا المأساوي ولدينا القدرة على تغيير بلدينا ومنطقتنا والعالم في الواقع.
جوهر صراعنا هو القدس، والتي نقترح بشأنها خطة تبعد البلدة القديمة في القدس، مركز المواقع الدينية، عن السيطرة السيادية الحصرية لإسرائيل وفلسطين
لقد بدأنا بالأساسيات. يجب أن تنتهي الحرب في غزة. ويجب إعادة الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في أسر "حماس" إلى ذويهم. وسيتعين على إسرائيل إطلاق سراح العدد المتفق عليه من السجناء الفلسطينيين. وعلى إسرائيل الانسحاب من غزة. وسيعمل الفلسطينيون على إنشاء كيان جديد مسؤول وشرعي في غزة لا يتألف من سياسيين من أي من الفصائل الفلسطينية، وسوف يكون مرتبطا عضويا بالسلطة الفلسطينية ولكنه مستقل بما يكفي لكسب قبول الشعب الفلسطيني والجيران العرب والمجتمع الدولي.
يصف الجزء التالي من خطتنا المكونات التي من شأنها أن تمكّن من تحقيق سلام إسرائيلي- فلسطيني مستدام طويل الأمد. إن الحل الذي نقترحه هو حل يجب أن يرتكز على وجود دولتين- إسرائيل وفلسطين- تعيشان جنبا إلى جنب على أساس حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967. وقد اتفقنا على ضم 4.4 في المئة من الضفة الغربية، حيث توجد الكتل الاستيطانية الإسرائيلية الرئيسة، بما في ذلك منطقة القدس، إلى إسرائيل. في مقابل مساحة متساوية من الأراضي داخل إسرائيل والتي سيتم ضمها إلى دولة فلسطين لاستيعاب الحقائق على الأرض والتي يصعب عكسها.
إن جوهر صراعنا هو القدس، والتي نقترح بشأنها خطة تبعد البلدة القديمة في القدس، مركز المواقع الدينية، عن السيطرة السيادية الحصرية لإسرائيل وفلسطين. فالبلدة القديمة سوف تدار من قبل مجلس وصاية من خمس دول يكون من ضمنها إسرائيل وفلسطين.
إننا نعالج جميع القضايا الأساسية، لكن هذه ليست خطة كاملة بكل التفاصيل. لقد اتفقنا على الخطوط العريضة لما يجب أن يقوم عليه السلام الإسرائيلي الفلسطيني الحقيقي. وفي المستقبل غير البعيد، سيكون لجيل جديد من القادة الإسرائيليين والفلسطينيين مهمة التفاوض وتحويل هذه الرؤية إلى حقيقة.
اتفق القدوة وأولمرت على ضرورة نشر وجود عربي أمني مؤقت بالتزامن مع انسحاب القوات الإسرائيلية لتوفير الاستقرار بالتعاون مع قوة أمن فلسطينية يتم إنشاؤها من قبل مجلس المفوضين
وكجزء من التزامنا، فإننا نستثمر الآن وقتنا وجهدنا في حشد الدعم لمقترحنا من جانب الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني، وصناع الرأي والزعماء السياسيين في المنطقة وخارجها. إننا نعرض الحقيقة التي لا مفر منها وهي أن هذا الصراع لا بد وأن يُحَل دبلوماسيا حتى يتسنى لنا أن نرسم مسارا لغد مختلف. ونحن نعمل بلا كلل لشرح خططنا وتأمين الدعم الشعبي على أوسع نطاق ممكن. وفي أذهاننا، لا يشكل هذا مجرد وثيقة، بل رؤية حية لمستقبل مختلف لإسرائيل وفلسطين والعالم.
وفي ظل هذه الفترة المظلمة المروعة، اخترنا أن نسلط الضوء على الأمل وأن نشير إلى المسار الذي يتعين على شعبينا أن يسلكاه.
* فيما يلي الاقتراح الذي وضعنا أسماءنا عليه:
مقترح من قبل:
رئيس وزراء إسرائيل الأسبق إيهود أولمرت
ووزير خارجية السلطة الفلسطينية الأسبق ناصر القدوة
رئيس وزراء إسرائيل الأسبق إيهود أولمرت ووزير خارجية السلطة الفلسطينية الأسبق ناصر القدوة اتفقا على العمل معا لدعم تحقيق السلام بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، والسلام في الشرق الأوسط بشكل عام، من خلال اتفاق على دولة فلسطين إلى جانب دولة إسرائيل على أساس حدود 1967 يتعايشان في أمن وسلام على قاعدة الاعتراف المتبادل. واتفقا أيضا على الحل الإقليمي الذي تقدم به السيد أولمرت أثناء وجوده في منصبه، بما في ذلك ضم 4.4 في المئة من مساحة الضفة الغربية لإسرائيل في مواقع يتم الاتفاق عليها، مع الأخذ بعين الاعتبار المتطلبات الأمنية والعملية، مقابل مساحة مساوية من أراضي إسرائيل. ويشمل التبادل ممرا أرضيا يربط قطاع غزة بالضفة الغربية ضمن الـ4.4 في المئة التي سوف يتم ضمها إلى دولة فلسطين.
لقد استذكر القدوة وأولمرت الخطة التي قدمها الرئيس بايدن وقرار مجلس الأمن رقم 2735 (2024) وأقرا بضرورة وضع نهاية بشكل سريع للحرب في قطاع غزة، وهو ما يعني تحقيق وقف إطلاق نار، وإطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين والعدد المتفق عليه من الأسرى في السجون الإسرائيلية، والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية، وإنشاء كيان فلسطيني لإدارة وإعادة بناء قطاع غزة على شكل مجلس مفوضين مكون من تكنوقراط وليس من سياسيين. ويجب أن يرتبط المجلس عضويا بالسلطة الفلسطينية، ويقوم إلى جانب مجلس الوزراء بإعداد قطاع غزة والضفة الغربية لانتخابات عامة في الفترة من 24 إلى 36 شهرا.
واتفقا أيضا على الحاجة لنشر وجود عربي أمني مؤقت بالتزامن مع انسحاب القوات الإسرائيلية لتوفير الاستقرار بالتعاون مع قوة أمن فلسطينية والتي سيتم إنشاؤها من قبل مجلس المفوضين. ويجب أن يكون الوجود العربي الأمني المؤقت مفوضا بكل ما جاء أعلاه وبمنع الهجمات على إسرائيل من غزة. وعبّر القائدان عن أملهما بأن يكون هذا مقبولا من القادة العرب. وأخيرا فقد اتفقا على الحاجة لمؤتمر مانحين لبناء غزة بمشاركة جدية من الدول الغنية.
الدولة الفلسطينية ستكون غير مسلحة عدا عن الاحتياجات الخاصة بالأمن الداخلي وقوى الأمن
القدس، عاصمة دولة إسرائيل، ستشمل كل الأجزاء التي كانت في إسرائيل قبل 5 يونيو 1967، بالإضافة إلى الأحياء اليهودية التي تم بناؤها بعد عام 1967 والتي سوف تكون ضمن الـ4.4 في المئة التي سيتم ضمها لإسرائيل. أما كل الأحياء العربية التي لم تكن جزءا من بلدية القدس الإسرائيلية قبل عام 1967 فسوف تكون جزءا من القدس عاصمة دولة فلسطين. وسوف تدار البلدة القديمة من قبل مجلس وصاية من خمس دول يكون من ضمنها إسرائيل وفلسطين. وستكون لدى مجلس الوصاية سلطة على كل الأماكن وفقا لقواعد يضعها مجلس الأمن. وفي هذا المجال أقر القدوة وأولمرت بالدور التاريخي الخاص لملك الأردن. فلن تكون هناك قيود على الصلاة أو الحركة في الحوض المقدس حيث سيكون هناك حق لليهود والمسلمين والمسيحيين بالوصول إلى الأماكن المقدسة ولن تكون هناك أي سيادة لأي دولة على الحوض المقدس.
الدولة الفلسطينية ستكون غير مسلحة عدا عن الاحتياجات الخاصة بالأمن الداخلي وقوى الأمن.
وقد طالب القدوة وأولمرت الأطراف ذات العلاقة من الجانبين، بمساعدة الدول المعنية، بالتفاوض على عناصر هامة إضافية لاتفاق نهائي، مثل المستعمرات والمستعمرين، واللاجئين، والإجراءات الأمنية الإضافية، بما في ذلك إمكانية وضع قوة دولية عند نهر الأردن. وهذه الأمور يجب الاتفاق عليها من قبل الممثلين الرسميين للأطراف نحو التوصل لاتفاق شامل.