كشف الكاتب الصحافي الأميركي الشهير بوب وودوارد في كتاب يصدر في أكتوبر الجاري، تحت عنوان "War" (حرب) عن كواليس المشهد السياسي في واشنطن خلال السنوات القليلة الماضية، وخصص جزءاً من كتابه عن العام الأخير من رئاسة دونالد ترمب، والسنوات التي تلتها.
وقبل أقل من شهر على الانتخابات الأميركية التي تجري في 5 نوفمبر، قال وودوارد الصحافي الشهير الذي ساهم في كشف فضيحة "ووتر جيت" في كتابه الجديد، أن ترمب تحدث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين 7 مرات على الأقل منذ مغادرته المكتب البيضاوي في 20 يناير 2021.
ونقل وودوارد الصحافي السابق في "واشنطن بوست"، عن مساعد لترمب لم يذكر اسمه أن المرشح الجمهوري للرئاسة أجرى بعض تلك المكالمات، بينما كان يمارس ضغوطاً على الكونجرس لحجب المساعدات العسكرية الأميركية عن أوكرانيا.
وقال الكتاب إن ترمب، حين كان في المكتب البيضاوي في 2020، أرسل اختبارات فيروس كورونا-19، والتي كانت نادرة حينها إلى بوتين في الأيام الأولى للوباء، لاستخدام بوتين الشخصي.
وحصلت صحيفة "واشنطن بوست" التي عمل فيها وودوارد، و"نيويورك تايمز"، وشبكة CNN التي يظهر فيها وودوارد كمعلق سياسي على الأحداث، على نسخ مسبقة من الكتاب، قبل طرحه للبيع الأسبوع المقبل.
بوتين لترمب: "لا تخبر أحداً"
وعرف عن بوتين خلال فترة وباء كورونا، أنه كان قلقاً ومتوتراً إزاء احتمال الإصابة بالفيروس، وقال الكتاب إن بوتين حض ترمب على ألا يعلن عن البادرة علناً، وقال له: "لا أريدك أن تخبر أحداً، لأن الناس سيغضبون منك، وليس مني"، وفق ما نقلت "نيويورك تايمز".
وبنى وودوارد روايته على مساعد واحد لترمب لا يذكر اسمه.
ونقل وودوارد عن مساعد ترمب قوله إن الرئيس السابق، أمره بالخروج من مكتبه في منتجع مارالاجو بولاية فلوريدا في حادثة وقعت في مطلع 2024، لكي يجري مكالمة مع بوتين.
وقال المساعد إن ترمب تحدث مع بوتين عدة مرات منذ مغادرته منصبه، وربما يصل عدد المكالمات إلى 7. ولم يذكر المساعد أي تفاصيل إضافية، وأقر وودوارد أنه لم يستطع التحقق من تلك التقارير بشكل مستقل.
وعادة ما يتحدث رؤساء أميركيين سابقين مع قادة دول بعد مغادرتهم لمناصبهم، ولكن تحدثهم مع خصوم للولايات المتحدة دون التنسيق أولاً مع وزارة الخارجية أو البيت الأبيض، ليس أمراً معتاداً.
"علاقة جيدة مع بوتين"
ولطالما تفاخر ترمب بعلاقته الجيدة مع بوتين، ووصفه في إحدى المرات بأنه "نابغة"، بعد الغزو الروسي، كما رفض ترمب أن يقول ما إذا كان يريد لأوكرانيا أن تنتصر في حربها مع روسيا، وعارض إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا، وقال إنه سيشجع روسيا على فعل ما تريده لحلفاء حلف شمال الأطلسي، الذين لا ينفقون كفاية على جيوشهم.
وتفاخر ترمب قبل أسابيع مجدداً بعلاقته مع بوتين، وقال إن لديه "علاقة جيدة للغاية" معه، وقال إن تلك العلاقة، سوف تمكنه من التفاوض على اتفاق للسلام مع أوكرانيا خلال 24 ساعة، وقبل حتى أن يتم تنصيبه.
وقال 20 مسؤولي استخباراتي حالي وسابق بإدارتي جو بايدن وترمب إنه لا علم لديهم بأي تواصل بين ترمب وبوتين منذ مغادرة الأول لسلطة، وقال بعضهم إن الأمر "ليس غير معقول".
حملة ترمب: عمل شخص مختل
وردت حملة ترمب على كتاب وودوارد بإهانات شخصية للكاتب، ووصفته بأنه شخص "وضيع تماماً"، وشخص "بطيء الفهم، وكسول، وغير كفء وبشكل عام، شخص ممل بدون شخصية".
ولم ترد الحملة مباشرة على ادعاءات محددة من تلك الواردة في الكتاب.
وقال المتحدث باسم حملة ترمب ستيفن تشيونج في بيان: "ولا واحدة من تلك القصص التي اختلقها بوب وودوارد، حقيقي. هي نتاج عمل شخص خرف مختل، يعاني من متلازمة الهوس بترمب".
وقال تشيونج إن ترمب لم يلتق وودوارد، ولم يمنحه وصولاً إلى أي معلومات، وأشار إلى أن ترمب يقاضي الكاتب بسبب كتاب سابق له، لكن البيان، الذي أصدره تشيونج، لم يذكر إذا ما كان ترمب قد تحدث إلى بوتين منذ مغادرته البيت الأبيض.
كما لم ترد الحملة على سؤال بشأن هذا الموضوع.
ونفى الكرملين الادعاءات بوجود مكالمات بين بوتين وترمب، وقال المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف في رسالة نصية لـ"نيويورك تايمز"، إن هذه الادعاءات ليست صحيحة، مضيفاً: "قصة زائفة معتادة، في سياق حملة سياسية تسبق الانتخابات".
بوب وودوارد وفضيحة "ووترجيت"
وبرز نجم وودوارد خلال عمله على فضية "ووترجيت" في سبعينات القرن الماضي، وساهمت تقاريره في الإطاحة بالرئيس الجمهوري حينها ريتشارد نيكسون من منصبه، بعد اكتشاف فضيحة علمه بمخطط لاقتحام مكاتب الحزب الديمقراطي في مبنى ووترجيت، وزرع أجهزة تنصت.
ويصدر وودوارد كتباً بشكل منتظم تحمل غالباً قنابل سياسية، مستفيداً من وصوله إلى مسؤولين كبار في الحكومة الأميركية والحزبين الديمقراطي والجمهوري، وفق "نيويورك تايمز".
وبنى وودوارد بعضاً من أشهر قصصه وأكثرها تأثيراً على مصادر غير معروفة، وهو ما جلب انتقادات عليه وعلى وسائله، وكذلك، نفياً من الأطراف المعنية في القصص التي ينشرها.
وفي الوقت نفسه، ومع الزمن، تبين أن بعض تلك القصص الحصرية التي نشر عنها، كانت حقيقية، إذا وردت بعد ذلك في مذكرات أشخاص معنيين بتلك القصص، أو في تقارير لاحقة.