في ما يمكن وصفها بـ"مقابلة الأسئلة الصعبة" مع قناة FOX NEWS ذات الميل الجمهوري، ميزت المرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة الأميركية كامالا هاريس نفسها، عن الرئيس جو بايدن، الذي خدمت كنائبة له على مدار 4 سنوات بـ"إخلاص"، وقالت إن رئاستها لن تكون استمراراً لإدارة جو بايدن، في أول تصريح تعلن به أنها ستقطع مع سياسات بايدن، والتي يشد بعضها هاريس إلى الأسفل، منذ صعودها على رأس التذكرة الديمقراطية في يوليو الماضي.
وأبدت هاريس في المقابلة مع بريت باير مذيع Fox News الأكثر اعتدالاً، ثقة كبيرة في إجاباتها، رغم تجنبها الإجابة عن بعض الأسئلة، إذ تجنبت أسئلة محرجة بشأن الهجرة، وصحة بايدن العقلية.
ورغم اللعب على نفس النقاط في ردودها، إلا أن إجابات هاريس في المقابلة كانت أكثر عفوية، وبعيدة عن الطريقة المنمقة التي أجرت بها بعض مقابلاتها التليفزيونية التي كانت تجري في "بيئة ودودة" بعض الشيء أو محايدة، والتي بدت في بعضها وكأنها تلقي إجابات محفوظة، بعكس مقابلة FOX NEWS والتي توقعت هاريس وفريقها، أن يكون المحاور فيها هجومياً.
وبعد أيام من إجابة محرجة في مقابلة مع برنامج صباحي، على سؤال عن الشيء الذي كانت ستقوم به بشكل مختلف عن إدارة بايدن، والذي ردت عليه بالقول: "لا شيء يحضر إلى ذهني"، يبدو أن هاريس قررت قطع الحبل مع إدارة بايدن، في الأسابيع الأخيرة الحاسمة.
لست استمراراً لبايدن
وقالت هاريس إن رئاستها لن تكون استمراراً لإدارة جو بايدن، وأضافت: "دعني أكن واضحة، رئاستي لن تكون مواصلة لرئاسة جو بايدن، وككل رئيس يأتي إلى البيت الأبيض، سوف أجلب خبرتي الحياتية، وخبراتي المهنية، وأفكار جديدة. أنا أمثل جيلاً جديداً من القيادة في أميركا".
وتابعت: "على سبيل المثال، كشخص لم يقض مسيرته المهنية في العاصمة واشنطن، أدعو أفكاراً سواءً كانت من الجمهوريين، أو قطاع الأعمال، أو آخرين، يمكنهم المساهمة في أفكار، لخفض كلفة الإسكان، والتعامل مع قضايا أصحاب المشروعات الصغيرة، وإمكانية وصولهم لرأس المال الذي يحتاجونه".
وأثارت إجابة هاريس في مقابلة The View قبل أيام، استياء العديدين ممن رأوا أنها إجابة سيئة، كما أن معارضيها الجمهوريين استغلوا المقطع، للتدليل على أنها ستواصل سياسات بايدن.
لكن بايدن، فيما يبدو الآن، أنه كان بمثابة تمهيد لقطع الحبل، قال الثلاثاء، في تجمع انتخابي في بنسلفانيا، إن هاريس ستشق طريقها بنفسها إذا انتخبت في نوفمبر.
"ترمب غير متزن وخطر على الرئاسة"
ووصفت كامالا هاريس منافسها الجمهوري دونالد ترمب بأنه "غير متزن عقلياً"، وخطر على منصب الرئاسة.
ورداً على سؤال بشأن صحة الرئيس جو بايدن العقلية، والمخاوف بشأن قدراته، والتي أطاحت به من سباق إعادة انتخابه، وعما إذا كانت قد لاحظت تضاؤل قدراته، قالت هاريس: "شاهدت بايدن وهو يعمل من المكتب البيضاوي إلى غرفة عمليات البيت الأبيض، جو بايدن لديه الحكم السليم، والخبرة لفعل ما يقوم به، واتخاذ قرارات نيابة عن الشعب الأميركي".
وأضافت: "بايدن ليس على ورقة الاقتراع، ولكن دونالد ترمب كذلك، وهو غير متزن".
ورداً على ما إذا كانت قلقة بشأن صحة بايدن، قالت: "أظن أن الشعب الأميركي قلق بشأن ترمب، ولهذا فإن الناس الذين يعرفونه بشكل جيد، بمن في ذلك قادة مجتمع الأمن القومي تحدثوا عن ذلك، وحتى الناس الذين عملوا معه، في غرفة العمليات، قالوا إنه غير لائق وخطر، ولا يجب أن يكون رئيساً للولايات المتحدة مرة أخرى، بما في ذلك نائبه السابق، والذي أدت معارضته له، لوجود وظيفة شاغرة في مكانه، لنائب جديد، وهذه هي الحقيقة".
وقالت إن حملتها الانتخابية، ورئاستها إذا انتخبت في يناير، "تقلب الصفحة على العقد الأخير الذي عانت في الولايات المتحدة، من نوعية الخطاب التي جاءت من دونالد ترمب، والتي كانت مصممة ومطبقة لتقسيم بلادنا، وجعل الأميركيين يوجهون أصابع الاتهام إلى بعضهم البعض. خطاب ونهج في القيادة يوحي بأن قوة القائد تُقاس بمن يهزمه، بدلًا من قياسها بمن ترفعه. الرئيس الأميركي، هو من يفهم أن الغالبية العظمى منا لديهم قواسم مشتركة أكثر مما يفرقهم.
لحظة توتر في المقابلة
وفي لحظة توتر للمقابلة، ولكنها لاقت استحساناً بين أنصار هاريس، انتقدت المرشحة الديمقراطية تصريحات ترمب عن "العدو بالداخل"، واقتراحه استخدام الجيش لملاحقة خصومه خلال مقابلتها على قناة FOXNEWS.
وحين عرض المذيع بريت باير مقطعاً لترمب من مقابلة أجريت الثلاثاء، وهو يقلل من تصريحاته، ويقول فيه إنه لا يهدد أحداً، ولكن الديمقراطيين هم من يقومون بالتهديدات، أعربت هاريس عن استيائها من عرض مقطع يقلل من تصريحات الرئيس، ويبدو مجتزءاً، إذ لا يظهر المقطع ترمب وهو يتحدث عن "العدو من الداخل".
وقالت هاريس بلهجة حازمة: "مع احترامي بريت، ليس هذا هو ما قاله وكرره في أكثر من محفل. ترمب كرر تصريحاته عن العدو بالداخل أكثر من مرة، واقترح استخدام الجيش ضد الشعب الأميركي، وملاحقة المتظاهرين السلميين، وسجن الناس الذين يختلفون معه".
وأضافت بلهجة بدت أكثر حزماً: "هذه دولة ديمقراطية، وفي ديمقراطية كهذه، الرئيس الأميركي في الولايات المتحدة، يجب أن يكون قادراً على تحمل الانتقاد، دون أن يقول إنه سيسجن الناس لانتقادهم إياه، وهذا هو ما هو على المحك، ولذلك، ترى رئيساً سابقاً لهيئة أركان الجيش (مارك ميلي) يصف ترمب بأنه خطر على الولايات المتحدة".
هل أنصار ترمب أغبياء؟
وخلال المقابلة، تجنبت هاريس الوقوع في فخ هيلاري كلينتون خلال حملة عام 2016، حين وصفت أنصار ترمب بأنهم يبعثون على الأسف، وهو ما تسبب في خسارتها لأصوات.
وعندما سأل المذيع بريت باير هاريس عن أنصار ترمب، وقال: "هل الـ50% الذين يؤيدونه أغبياء أو مضللون؟"، بعد عرض نتيجة استطلاع تظهر أن 79% يرون أن البلد على المسار الخطأ.
رفضت هاريس وصف مؤيدي ترمب بأنهم مضللون أو أغبياء، وردت بالقول: "لا أقول هذا مطلقاً، لا أجرؤ أن أقول هذا على الشعب الأميركي، في الواقع، إذا استمعت إلى دونالد ترمب، ستجد أنه هو الشخص الذي يهين ويقلل من شأن الشعب الأميركي، ويتحدث عن العدو بالداخل، يتحدث عن الشعب الأميركي، ويقترح أن يستعمل الجيش الأميركي ضد شعبه".
وعما إذا ما كانت ستسمح باستخدام أموال دافعي الضرائب لتحمل تكاليف عمليات تحويل الجنس للمساجين والمهاجرين غير الشرعيين المحتجزين بالسجون، قالت هاريس: "سأمتثل للقانون والذي يسمح بذلك، وللمفارقة هذا هو القانون نفسه الذي امتثل له دونالد ترمب".
"ترمب يزرع الخوف في نفوس الناس"
ولما عرض باير إعلاناً لحملة ترمب بهذا الشأن يهاجم فيه هاريس قالت كامالا: "هذه العمليات كانت متاحة لمن يحتاجون لها طبياً في نظام السجون الفيدرالي خلال عهد ترمب. دونالد ترمب أنفق 20 مليون دولار على هذا الإعلان في محاولة زرع الخوف في نفوس الناخبين، لأنه لا توجد لديه نية للتركيز على احتياجات الشعب الأميركي. أنفق 20 مليون دولار على قضية أبعد ما تكون عن القضايا التي تهم الناخبين".
وقالت: "لدي خطط لتوفير الإسكان ميسور التكلفة، وتقوية المشروعات الصغيرة، وخطة لمساعدة الآباء الشباب، وخطتي للاقتصاد أثنى عليها 16 حائزاً على جائزة نوبل للاقتصاد، وبنك جولدمان ساكس، وجميعهم اتفقوا على أن خطة ترمب ستجلب الركود والكساد".
وزادت: "الشعب الأميركي مستعد لقلب الصفحة على الانقسام، ونوع الخطابات التي يلقيها دونالد ترمب وبدء مسار جديد، هم يريدون رئيساً لديه خطة للمستقبل، تقوي الاقتصاد".
أزمة الهجرة
وواجهت هاريس في بداية المقابلة، 10 دقائق من الأسئلة الصعبة بشأن الهجرة، الملف الذي يتفوق فيه دونالد ترمب عليها لدى الناخبين.
وسأل باير الذي قاطع المرشحة الديمقراطية عدة مرات خلال الإجابة عن هذا السؤال، هاريس عن عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين سمحت إدارة بايدن بدخولهم إلى البلاد، وهو الرقم الذي لم ترد هاريس ذكره، وقالت بدلاً من ذلك، "لدينا نظام هجرة معطوب يجب إصلاحه".
وأشارت إلى أن أول مشروع عرضته هي وبايدن على الكونجرس بعد ساعات من تولي المنصب في 20 يناير 2021، كان مشروع قانون لإصلاح نظام الهجرة.
وقالت: "قدمناه قبل قانون البنية التحتية أو مكافحة التضخم، أو الرقائق والعلوم، أول قانون خلال ساعات كان مشروع قانون لإصلاح الهجرة".
وأضافت: "ملف الهجرة أولوية لنا كأمة. تركيزنا كان على حل المشكلة، وفعلنا عدة أمور منها إصلاح نظام اللجوء وتوفير المزيد من الموارد والضباط والقضاة، وزيادة وتشديد العقوبات على العبور غير القانوني، والتعامل مع نقاط العبور وعملنا على مكافحة المخدرات والإتجار بالبشر، وقدمنا مشروع قانون إلى الكونجرس لأمن الحدود، ولكن دونالد ترمب علم بأمره، وطلب من حلفاءه إفشال المشروع والتصويت ضده".
وتابعت: "دونالد ترمب يريد يخوض حملة انتخابية عمادها الأزمات بدلاً من حل الأزمات، وفي هذه الانتخابات، هذه مناقشة يريد الأميركيون خوضها، وهم يريدون حلاً، ولا يريدون رئيساً يقوم بحيل سياسية، ولكن رئيساً يركز على حل المشكلات".
وواجهها بريت باير، بصور لـ3 فتيات كانوا ضحايا لمهاجرين غير شرعيين، سمحت إدارة بايدن بدخولهم إلى البلاد، وأشار باير إلى أن هذه الحالات وقعت قبل مشروع القانون، وقبل تدخل ترمب.
وردت هاريس بالقول: "هذه حالات مأساوية ولا شك في ذلك، ولا يمكنني أن أتخيل الألم الذي عانته عائلات هؤلاء الضحايا، والخسارة التي لم يجب أن تحدث. ولكن من الحقيقي أيضاً، أنه إذا تم تمرير مشروع القانون قبل 9 أشهر كان ليكون لدينا منذ 9 أشهر المزيد من الموارد لحماية الحدود، وضمان ألا يحدث المزيد من الأذى؛ لأنه كان هناك حل".
وواجه باير هاريس بشأن تصريحاتها عن الهجرة في حملتها للرئاسة عام 2019، والتي قالت فيها إنها ستسمح للمهاجرين غير الشرعيين بالحصول على رخصة قيادة، والتأهل لتعليم مجاني في الجامعات ورعاية صحية مجانية، وسألها باير عما إذا كانت لا تزال تؤمن بهذه الأشياء.
وردت هاريس قائلة: "هذه أمور قلتها قبل خمس سنوات، وأنا واضحة في أنني سألتزم بالقانون، وكنائبة للرئيس هذا هو ما فعلته".
ولما سألها بريت باير عن اختيارها لنائبها تيم والز، والذي وقع قوانين مماثلة في ولايته، قالت هاريس: "أنا وتيم والز، ملتزمون بتطبيق القانون الفيدرالي، وهذا هو ما سنفعله".