قادة التكتل يبحثون تشريعات جديدة وسط مخاوف بشأن الحدود بين دول منطقة "شينجن"

"ضبط الهجرة".. تحدي يهدد تماسك الاتحاد الأوروبي وينعش صعود اليمين

حرس حدود بولنديون قرب مهاجرين حاولوا عبور الحدود بين بيلاروسيا وبولندا. 18 أغسطس 2021 - REUTERS
حرس حدود بولنديون قرب مهاجرين حاولوا عبور الحدود بين بيلاروسيا وبولندا. 18 أغسطس 2021 - REUTERS
دبي -الشرق

بعد خمسة أشهر فقط من اعتماد اتفاق بشأن الهجرة، وفي سياق صعود اليمين المتطرف في أوروبا، اقترحت المفوضية الأوروبية، قانوناً جديداً لتسهيل طرد المهاجرين غير الشرعيين، في وقت يكافح زعماء الاتحاد الأوروبي للحفاظ على نهج منسق بشأن سياسة الهجرة، بعد أن أعلنت الدول الأعضاء بما في ذلك ألمانيا وبولندا، عن ضوابط "حدودية صارمة جديدة".

وقال دبلوماسيون أوروبيون، إن الهجرة تهيمن على جدول أعمال قمة الاتحاد الأوروبي الخميس، مع دعوة بولندا إلى اتخاذ موقف أوروبي ضد روسيا وبيلاروس اللتين تستخدمان المهاجرين كسلاح ضد الاتحاد الأوروبي وآخرين، وحثها على تشديد القوانين المتعلقة بإعادة الوافدين غير الشرعيين.

وتعقد هذه القمة أيضاً خلال مرحلة انتقالية في بروكسل، حيث من المقرر أن يتولى الفريق الجديد للمفوضية الأوروبية مهامه اعتباراً من بداية ديسمبر المقبل.

وقال رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، لدى وصوله بروكسل، الخميس، إن طرد المهاجرين غير الشرعيين "هو الحلقة المفقودة" في سياسة الهجرة الأوروبية، مضيفاً: "علينا أن نفكر خارج الصندوق".

وكان الاتحاد الأوروبي قد توصل إلى اتفاق بشأن الهجرة في الربيع الماضي، بعد 4 سنوات من المفاوضات الشاقة، وتمت الموافقة على "ميثاق الهجرة واللجوء" من قبل برلمان ستراسبورج ومجلس الاتحاد الأوروبي، على الرغم من معارضة المجر وبولندا.

وستدخل هذه الحزمة التشريعية حيز التنفيذ في منتصف عام 2026. ويجب على الدول الأعضاء تقديم خطتها الوطنية بحلول ديسمبر المقبل للتحضير لتنفيذها.

وذكرت  صحيفة "لوموند" الفرنسية، أن الفشل في التوصل إلى سياسة مشتركة، يعني أن البلدان ستفرض عمليات تفتيش حدودية أكثر صرامة مع جيرانها داخل منطقة شينجن الخالية من التأشيرات، مما "يهدد حرية الحركة في الكتلة وكفاءة السوق الموحدة".

وقال رئيس الوزراء التشيكي، بيتر فيالا، للصحافيين قبل الاجتماع: "الهجرة غير الشرعية اليوم هي قضية أمن داخلي للاتحاد الأوروبي فضلاً عن تماسكه. الحل القائم على الضوابط على الحدود الداخلية لمنطقة شينجن، كما تفعل بعض الدول، يتعارض بشكل مباشر مع روح الاتحاد الأوروبي".

ويشدد أعضاء التكتل على أن القانون الحالي لا يستجيب لتطلعاتهم لمعالجة تدفقات الهجرة غير الشرعية، ما يدفعها إلى اتخاذ خطوات أحادية لتشديد الخناق على الحدود الوطنية، وهو ما يؤثر على حرية الحركة في الكتلة.

كما يزعم المدافعون عن سياسة الهجرة الأكثر صرامة، أن البلدان تحتاج إلى إرشادات جديدة من بروكسل بشأن كيفية ترحيل المهاجرين بشكل قانوني إلى بلدانهم الأصلية، فضلاً عن أدوات جديدة للضغط على البلدان لإعادة مواطنيها، بما في ذلك ربط العودة بالوصول إلى تأشيرات الاتحاد الأوروبي أو الوصول التجاري التفضيلي إلى السوق الشاسعة للاتحاد.

التشريع الأوروبي الحالي

في الوقت الحالي، تخضع عمليات طرد المهاجرين لقانون يعود لعام 2008، الذي تم التفاوض عليه "بشراسة" في ذلك الوقت، ووصفه المدافعون عن حقوق الإنسان بأنه "قانون مخز"، وفق صحيفة lexpress الفرنسية.

وينسق هذا النص القواعد داخل الاتحاد الأوروبي لطرد المهاجرين غير الشرعيين من البلدان الأوروبية إلى بلدان ثالثة (خارج التكتل) خلال فترة معالجة طلباتهم في الحصول على اللجوء.

ويمنح قرار الترحيل إلى الحدود، الشخص المعني "فترة زمنية مناسبة" للسماح له بالمغادرة "طوعاً"، وهي مدة تتراوح من 7 إلى 30 يوماً، إلا في حالات خطر الهروب أو الخطر على النظام العام.

اقرأ أيضاً

من أوربان إلى شولتز.. قادة الاتحاد الأوروبي يضغطون لصد تدفقات الهجرة

من الرجل القوي في المجر فيكتور أوربان إلى رئيسة الوزراء الاشتراكية الدنمركية مته فريدريكسن، يشترك زعماء أوروبا في شيء واحد، وهو الرغبة في الحد من الهجرة.

وينظم هذا التشريع أيضاً "التدابير القسرية"، مثل الإيداع في مركز احتجاز قبل الطرد، إذ تسمح التشريعات داخل الاتحاد الأوروبي باحتجاز المهاجرين غير الشرعيين لمدة أقصاها 18 شهراً، ولا يمكن أن يتم ذلك إلا "كملجأ أخير". بعد الطرد، يسمح القانون بالحظر لمدة 5 سنوات من أراضي السبعة والعشرين.

وبالإضافة إلى قواعد عام 2008، من المقرر أن تدخل القواعد الأوروبية الجديدة بشأن الهجرة حيز التنفيذ في منتصف عام 2026، بعد اعتماد ميثاق اللجوء والهجرة في شهر مايو الماضي. وكان هذا النص قد شدد بالفعل الضوابط، وأنشأ آلية تضامن بين الدول الأعضاء الـ 27 في رعاية طالبي اللجوء.

مراجعة التشريع

تدعم 15 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي خطة أورسولا فون دير لاين، بما في ذلك فرنسا وألمانيا والنمسا وهولندا لتشديد قواعد الهجرة في الاتحاد الأوروبي.

في فرنسا، يتهم وزير الداخلية الجديد، برونو ريتيللو، القوانين الأوروبية الحالية المتعلقة بالهجرة بجعل "عودة الأجانب شبه مستحيلة" إلى بلدهم الأصلي، معتبراً أن السوابق القضائية لمحكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي متساهلة للغاية. ويريد اليميني المحافظ تعديل الحدود الزمنية الممنوحة للعودة الطوعية، قبل الطرد القسري، وفق lexpress.

وأكد دبلوماسي أوروبي لوكالة "فرانس برس" أن "فرنسا وألمانيا هما الأكثر تشدداً في الهجرة، ويدعمان بشكل مطلق الخطوة التي اقترحتها المفوضية".

ورحب وزير الداخلية الفرنسي بقرار برلين الشهر الماضي بشأن إعادة فرض سيطرة الشرطة على حدودها لمدة 6 أشهر، وهو ما يعكس توجه المفوضية الأوروبية إلى اعتماد قوانين متشددة، لكن في نفس الوقت تبسط عملية الترحيل بشكل فعال.

ما أبرز التعديلات؟

في مايو الماضي، اعتمد الاتحاد الأوروبي اتفاق الهجرة واللجوء، الذي من المفترض أن يدخل حيز التنفيذ في منتصف عام 2026، فيما تطالب دول مثل ألمانيا وفرنسا بتسريع تنفيذه، لمعالجة مشكلات طالبي اللجوء.

ويمارس اليمين المتطرف ضغوطاً كبيرة لتعديل أجندات القمة الأوروبية وفرض الهجرة كموضوع "ذو أولوية قصوى داخل التكتل"، حيث قالت زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبان، القوة الثالثة في البرلمان الأوروبي، بعد وصولها إلى بروكسل "لقد سمعوا ما كنا نقوله منذ سنوات".

ودعت عدة حكومات أوروبية إلى تبسيط القواعد المتعلقة بطرد المهاجرين غير الشرعيين.

وتحدد الخطة الجديدة، قواعد للدول الأعضاء السبع والعشرين للتعامل مع الأشخاص الذين يحاولون الدخول دون تصريح، من كيفية فحصهم لتحديد ما إذا كانوا مؤهلين للحماية إلى ترحيلهم إذا لم يُسمح لهم بالبقاء. كما تحدد آلية لتقاسم الأعباء، والتي رفضتها المجر وبولندا.

وفي حين انخفضت عمليات الدخول غير النظامية بنسبة 42% خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، مع تسجيل وكالة "فرونتكس"، 166 ألف حالة عبور، فإن رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، تدعو إلى مزيد من الصرامة والتشدد في قضايا اللجوء والهجرة. 

وكتبت فون دير لاين على منصة "إكس": "ينبغي لنا أيضاً أن نستمر في استكشاف السبل الممكنة للمضي قدماً فيما يتعلق بفكرة تطوير مراكز العودة خارج الاتحاد الأوروبي، وخاصة في ضوء الاقتراح التشريعي الجديد بشأن الترحيل".

دول ثالثة آمنة

وتدفع فون دير لاين أيضاً، إلى تحديد "دول ثالثة آمنة" على مستوى الاتحاد الأوروبي لتجنب الخلافات بين الدول الأعضاء وتسريع معدل الترحيل، الذي لا يزال يتراوح بين 20% و30% دون تغيير كبير.

وأعاد هذا المعدل البطيء، الهجرة إلى الطاولة السياسية الأوروبية بقوة، على الرغم من أن الكتلة أكملت مؤخراً إصلاحاً صعباً. وفي الأسبوع الماضي، أرسلت مجموعة من 17 دولة أوروبية وثيقة إلى المفوضية تطالب بـ"تحول نموذجي" بشأن عمليات الترحيل.

وتقترح الخطة الأوروبية أيضاً، الاستعانة بدول ثالثة (خارج التكتل الأوروبي) لتنفيذ إجراءات اللجوء، كما تفعل إيطاليا في ألبانيا، أو تسهيل عمليات الطرد إلى دول ثالثة أو إنشاء "مراكز عودة" خارج أوروبا لمعالجة طلبات طالبي اللجوء. وبعد اتفاقيات الهجرة الأوروبية مع تونس ومصر ولبنان، تقترح أيضا إطلاق مفاوضات مع السنغال، أو حتى مالي.

وقال المستشار الألماني أولاف شولتز، الأربعاء، إن مقترح إنشاء "مراكز العودة" ليس سوى "قطرة في بحر" ولا يمثل حلا لـ "الدول الكبرى" مثل ألمانيا. وتعارض إسبانيا ذلك، بينما تدعو فرنسا، بحذر، إلى "تشجيع الترحيل عندما تسمح الظروف بذلك، بدلاً من تنظيم رحلات إلى مراكز في بلدان ثالثة، بحسب قصر الإليزيه.

وقال دبلوماسي أوروبي الفرنسي، إن النقاش "غامض وأولي للغاية، ولا توجد خطة بشأن هذه المشكلات، وفق موقع La croix.

تصنيفات

قصص قد تهمك