دعا مسؤولون تنفيذيون في شركات النفط الأميركية ومستثمرون في السندات، الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، إلى التخلي عن "سياسة الضغط الأقصى" التي انتهجها خلال فترته الأولى ضد الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، مطالبين بالتوصل إلى اتفاق على زيادة إمدادات النفط مقابل تقليل تدفق المهاجرين، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.
وتأتي جهود الضغط في وقت يعزز فيه مادورو قبضته الاستبدادية على البلاد، ويهدد باعتقال المزيد من النشطاء المعارضين الذين لا يزالون يشككون في نتائج الانتخابات التي أُجريت في يوليو الماضي.
ويحاول بعض رجال الأعمال، مثل هاري سارجنت الثالث الملياردير والمانح البارز للحزب الجمهوري، إقناع إدارة ترمب بالفوائد المحتملة للتفاوض مع مادورو بدلاً من محاولة الإطاحة به.
والأسبوع الماضي، وصلت شحنة من الأسفلت الفنزويلي نقلته شركة GLOBAL OIL TERMINALS التابعة لمجموعة شركات مقرها فلوريدا أسسها هاري سارجنت، إلى ميناء بالم بيتش الذي يقع على بُعد أميال قليلة من مقر إقامة ترمب في فلوريدا.
نهج براجماتي
وكانت هذه أول شحنة أسفلت تصل من فنزويلا إلى الميناء منذ أن فرضت إدارة ترمب الأولى عقوبات على النفط الفنزويلي في أوائل عام 2019، حسب "وول ستريت جورنال" التي أشارت إلى أن هذه الشحنة تسلط الضوء على الحجة التي يروج لها مؤيدو تغيير السياسة، إذ يقولون إن إبرام اتفاق مع مادورو سيقلل من أعداد المهاجرين غير الشرعيين، ويساهم في خفض أسعار الطاقة في الولايات المتحدة.
ومنحت وزارة الخزانة في إدارة الرئيس جو بايدن بعض شركات النفط ترخيصاً لاستئناف عملياتها في فنزويلا الغنية بالنفط.
وسيسهم هذا الاتفاق في كبح خصوم مثل الصين وروسيا، اللتين تمكنتا من تعزيز نفوذهما في فنزويلا بعد فرض العقوبات الاقتصادية الأميركية التي منعت الشركات الأميركية من ضخ ونقل النفط الفنزويلي.
ويرى مروجو فكرة "النهج الأكثر براجماتية"، أن هدف استعادة الديمقراطية في فنزويلا، الذي كان من أبرز أهداف استراتيجية "العصا والجزرة" التي اتبعتها واشنطن خلال السنوات الأخيرة، لن يكون أولوية في الوقت الحالي.
وقال هاري سارجنت الرابع، رئيس شركة GLOBAL OIL TERMINALS ونجل مؤسسها، إنه "لا شك أن عودة تدفق الأسفلت الفنزويلي عالي الجودة ومنخفض التكلفة إلى الولايات المتحدة قد عاد بالفائدة على دافعي الضرائب الأميركيين"، مشيراً إلى شحنة الأسفلت السائل التي بلغ حجمها 43 ألف برميل، وهي كمية كافية لتعبيد 55 ميلاً من الطرق.
وتابع: "كانت هذه ضربة لمنافسينا الاستراتيجيين، لأن هذه البراميل، تحت وطأة العقوبات، تحولت إلى وقود نفطي منخفض السعر بشكل كبير، مما دعم ببساطة الاقتصاد الصيني".
بداية جديدة
وسبق أن طرح مادورو فكرة إعادة العلاقات مع واشنطن، وقال في خطاب متلفز مؤخراً: "في حكومته الأولى، لم تسر الأمور لصالحنا مع ترمب"، لكنه أضاف: "هذه بداية جديدة، لنراهن على فوز الجميع".
وقال العديد من رجال الأعمال الأميركيين الذين سافروا إلى كاراكاس في وقت سابق من هذا العام، والتقوا بمادورو ودائرته المقربة، إن الفنزويليين كانوا مقتنعين بأن ترمب سيفوز في الانتخابات الأميركية، وأنه سيتعامل مع مادورو كما تعامل مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفقاً للصحيفة.
وذكرت مصادر مطلعه على آراء النظام، أن الفنزويليين يعتقدون أن مادورو يُمكن أن يساعد في تحقيق الأهداف الرئيسية لسياسة ترمب المتمثلة في ترحيل المهاجرين الفنزويليين، وذلك من خلال تسهيل إمدادات النفط إلى الولايات المتحدة، وقبول رحلات الترحيل الأميركية التي تم تعليقها بعد فشل المفاوضات مع إدارة بايدن.
ولفتت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم فريق ترمب الانتقالي، إلى أن "الشعب الأميركي أعاد انتخاب الرئيس ترمب لأنه يثق في قدرته على قيادة بلادنا، واستعادة السلام من خلال القوة في جميع أنحاء العالم. وعندما يعود إلى البيت الأبيض، سيتخذ الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك".
وتمثل فنزويلا أحد أبرز التحديات السياسية الإقليمية للحكومة الأميركية المقبلة، إذ أدى "سوء الإدارة الاقتصادية"، و"الفساد"، و"انتهاكات حقوق الإنسان" في ظل حكم مادورو، إلى هجرة نحو 8 ملايين شخص، يعيش نحو 700 ألف منهم في الولايات المتحدة الآن.
وأشار بعض الاقتصاديين والدبلوماسيين السابقين، إلى أن العقوبات الاقتصادية التي كانت تهدف إلى خنق النظام الفنزويلي مالياً لم تفشل فقط في الإطاحة بمادورو، بل ساهمت أيضاً في تفاقم تدفق المهاجرين بتدمير الاقتصاد بشكل أكبر، وهو اقتصاد يعتمد بشكل رئيسي على صادرات النفط.
وتُظهر استطلاعات الرأي، أن عدداً أكبر من الفنزويليين سيغادرون البلاد إذا بقي مادورو في السلطة.
ومن المقرر أن يُعيد مادورو تنصيب نفسه لولاية ثالثة مدتها 6 سنوات، وذلك قبل 10 أيام فقط من عودة ترمب إلى البيت الأبيض المقررة في 20 يناير المقبل.