وسط مخاوف من "نموذج اليونان".. خلافات الموازنة تهدد حكومة فرنسا

وزير الاقتصاد والمالية والصناعة الفرنسي أنطوان أرماند خلال جلسة الجمعية الوطنية في باريس. 26 نوفمبر 2024 - Reuters
وزير الاقتصاد والمالية والصناعة الفرنسي أنطوان أرماند خلال جلسة الجمعية الوطنية في باريس. 26 نوفمبر 2024 - Reuters
دبي/ باريس -الشرقرويترز

قال وزير المالية الفرنسي أنطوان أرماند، الأحد، إن فرنسا لن تقبل "مواعيد نهائية مصطنعة" بشأن قانون الميزانية من مارين لوبان، وذلك بعدما هدد زعيمة التجمع الوطني، بدعم مقترح إجراء تصويت حجب الثقة ما لم يعدل رئيس الوزراء ميشيل بارنييه ميزانيته لعام 2025. 

وقال أرماند في مقابلة مع "بلومبرغ"، الأحد: "الحكومة الفرنسية لا تقبل الإنذارات النهائية. لن نتعرض للابتزاز".

ويطالب التجمع الوطني بزيادة المعاشات بما يتماشى مع التضخم، في حين كان بارنييه يخطط لرفعها بنسبة أقل من التضخم من أجل تقليص النفقات.

ويعترض التجمع الوطني أيضاً على نية الحكومة زيادة ضريبة الغاز، ويطالب بتقليص مساهمة فرنسا في ميزانية الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى مطالب أخرى.

وحققت لوبان، التي ترأس أكبر حزب في الجمعية الوطنية، انتصاراً جديداً بعدما أعلنت الحكومة، الاثنين، الإبقاء على نظام تغطية تكاليف العلاج في عام 2025 دون تغيير، لتلغي بذلك خططاً سابقة لتشديد النظام.

والأسبوع الماضي، وافق بارنييه على التخلي عن زيادة الضرائب على الكهرباء، وهو أحد المطالب الرئيسية للتجمع الوطني. وقد شجع هذا الحزب اليميني المتطرف على رفع سقف مطالبه.

وانخفض اليورو في التعاملات الآسيوية المبكرة، الاثنين، حيث تفاعل المستثمرون مع تعليقات أرماند. وانخفضت العملة الموحدة بنحو 0.4% إلى حوالي 1.054 دولار.

خلافات سياسية

وقالت "بلومبرغ" إن مشروع قانون الميزانية الذي اقترحه بارنييه، والذي يتضمن تعديلات بقيمة 60 مليار يورو، هو محاولة لضبط الوضع المالي في فرنسا، حيث من المتوقع أن يصل عجز البلاد إلى 6.1% من الناتج الاقتصادي هذا العام.

وأبلغ وزير الميزانية لوران سان مارتن صحيفة "لو باريزيان" خلال نهاية الأسبوع أن طلبات تعديل الميزانية ستكلف ما يقرب من 10 مليار يورو وأن الحكومة لن تقدم أي تنازلات أخرى.

واعتبرت لوبان في حديث لوكالة "فرانس برس"، أن إدارة بارنييه "وضعت حداً للمناقشات". وأوضحت أنه إذا لم يتم الوفاء بخطوطها الحمراء، فإن حزبها سينضم إلى اليسار للإطاحة بالحكومة. واتهم رئيس التجمع الوطني جوردان بارديلا الحكومة بتعريض وجودها للخطر "بسبب العناد والطائفية".

وشجع موقف "التجمع الوطني" المتزايد العدوانية، المستثمرين على الرهان على أن لوبان تستعد لإسقاط الحكومة.

ولامست علاوة العائد بين سندات الحكومة لمدة 10 سنوات ونظيراتها الألمانية الأكثر أماناً، وهي مقياس للمخاطر يتم مراقبته عن كثب، مؤخراً 90 نقطة أساس - وهو الأوسع منذ عام 2012 - قبل أن تتقلص مرة أخرى إلى حوالي 80 نقطة أساس يوم الجمعة. ويتجه مؤشر الأسهم القياسي في فرنسا إلى تسجيل أسوأ أدء سنوي له مقارنة بالأسهم الأوروبية منذ عام 2010.

والأسبوع الماضي، ولفترة وجيزة، تطابق عائد سندات فرنسا لمدة 10 سنوات الأسبوع الماضي مع عائد سندات اليونان، وهي دولة كانت ذات يوم في قلب أزمة الديون السيادية الأوروبية. ورفض أرماند المقارنة، قائلاً إن اقتصاد فرنسا قوي.

وأضاف: "لقد قامت اليونان بعمل لا يصدق بعد الأزمة لخفض الإنفاق العام. لكن فرنسا ليست اليونان. اقتصاد فرنسا ليس اقتصاد اليونان".

وظهرت المشكلات السياسية وحالة عدم اليقين في أسواق المال الفرنسية في يونيو الماضي، عندما دعا الرئيس إيمانويل ماكرون إلى انتخابات مبكرة في الجمعية الوطنية حيث كان حزبه يفتقر بالفعل إلى الأغلبية المطلقة.

"مغامرة ماكرون"

واعتبرت "بلومبرغ" أن مغامرة ماكرون بإجراء انتخابات مبكرة، أدت إلى انقسام مجلس النواب إلى ثلاث كتل متعارضة بشدة: كتلة مركزية متضائلة تدعم الرئيس، وتحالف يساري، وكتلة يمينية متطرفة قوية بقيادة لوبان. وفي ظل عدم إمكانية تشكيل ائتلاف، عيَّن ماكرون بارنييه رئيساً للوزراء في سبتمبر بمهمة أساسية تتمثل في ترتيب الأوضاع الاقتصادية "الفوضوية" في فرنسا.

ومع انخفاض الإيرادات الضريبية إلى ما دون التقديرات بكثير، تتوقع الحكومة الآن أن يصل عجز الميزانية إلى 6.1% من الناتج الاقتصادي هذا العام بدلاً من الانخفاض إلى 4.4% كما كان مخططاً في البداية.

وتهدف ميزانية بارنييه لعام 2025 إلى تضييق الفجوة إلى 5% من خلال زيادات ضريبية وخفض الإنفاق بقيمة 60 مليار يورو.

وفي المقابلة مع "بلومبرغ"، أصر أرماند على أن التراجع عن الالتزام بخفض العجز في الميزانية نحو 5% في عام 2025 ونحو 3% في عام 2029 "ليس خياراً".

وشدد على أن مسؤوليته كوزير للمالية هي "الالتزام بهدف 5% الذي قررنا تحقيقه في بداية ولايتنا، ليس فقط لفرنسا أو للحكومة لأنه مطلوب الآن من أجل أن تظل أوروبا قارة مزدهرة".

وإذا تم طرد بارنييه من منصبه، فسيتعين على ماكرون إعادة تعيينه أو اختيار رئيس وزراء جديد. ولكن الرئيس سيواجه نفس المهمة الصعبة في ظل عدم وجود إمكانية لإجراء انتخابات تشريعية جديدة حتى يوليو المقبل.

وأضاف أرماند، أنه لا يزال يتعين على أي حكومة جديدة أن تقترح بشكل عاجل ميزانية لعام 2025. كما سعى إلى طمأنة المستثمرين، قائلاً إنه واثق من أن فرنسا ستواصل إصلاح اقتصادها وجذب المستثمرين.

تصنيفات

قصص قد تهمك