دعت الرئاسة التايوانية، الأربعاء، الصين إلى وقف جميع "الأعمال الاستفزازية"، بعد رصد عشرات المقاتلات والسفن الصينية حول الجزيرة، معتبرة أن النشاط العسكري الصيني بالقرب منها، يمثل "اختلالاً صارخاً" للوضع الراهن للأمن، والاستقرار، فيما قالت الصين إنها تدافع عن سيادتها، وإنها لن تتسامح مع أي "أنشطة انفصالية".
وقالت وزارة الدفاع التايوانية، الأربعاء، إنها رصدت 53 طائرة عسكرية تعمل حول الجزيرة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، بالإضافة إلى 11 سفينة بحرية وثماني سفن "رسمية"، وهو ما يشير إلى سفن من وكالات مدنية ظاهرياً مثل خفر السواحل.
واعتبر مسؤول تايواني كبير، أن زيادة النشاط كانت تهدف إلى إرسال "رسالة سياسية" إلى الإدارة المقبلة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، ورسم خط أحمر، بشأن تايوان.
وقال مكتب الرئاسة التايواني إنه "من المعتاد أن يقوم الرئيس (لاي تشينج-تي) برحلات خارجية، وعمليات التواصل التايوانية العادية، ليست عذراً للاستفزازات الصينية".
ولم يصدر تعليق بعد من الجيش الصيني على النشاط العسكري، ولم يؤكد أنه يجري تدريبات.
"لن نتسامح مع الأنشطة الانفصالية"
بدورها، أعلنت الحكومة الصينية، أنها تتخذ "الإجراءات اللازمة" للدفاع عن سيادة البلاد، ولن تتسامح مع ما وصفته بـ"أنشطة انفصالية" لقوات تايوان.
وخلال مؤتمر صحافي دوري في بكين، قالت المتحدثة باسم مكتب شؤون تايوان في الصين تشو فنج ليان، رداً على سؤال بشأن الأنشطة العسكرية المتزايدة، إن السلطات الصينية "متيقظة للغاية تجاه ميول القوات التايوانية الانفصالية للتواطؤ مع قوى خارجية".
وأضافت المتحدثة: "لن ندع الأمور تمر دون رادع على الإطلاق. نتخذ التدابير اللازمة للدفاع بحزم عن سيادة البلاد وسلامة أراضيها، وحماية السلام والاستقرار في مضيق تايوان، وحماية المصالح الأساسية للمواطنين على الجانبين"، دون أن تؤكد بشكل مباشر وجود تدريبات جارية.
مناورات صينية "متوقعة"
وكان من المتوقع أن تبدأ الصين مناورات للتعبير عن غضبها إزاء جولة رئيس تايوان لاي تشينج-تي في منطقة المحيط الهادئ، التي انتهت، الجمعة، وشملت التوقف في ولاية هاواي، وإقليم جوام الأميركيين.
وتطالب الصين بالسيادة على تايوان التي تتمتع بالحكم الديمقراطي. ويرفض الرئيس لاي وحكومته مطالبات بكين بالسيادة، قائلين إن شعب تايوان وحده هو القادر على تقرير مستقبله.
والثلاثاء، أعلنت وزارة الدفاع التايوانية، أن الصين تنشر أكبر أسطول بحري لها في المياه الإقليمية منذ ما يقرب من 3 عقود، "ما يشكل تهديداً لتايوان أكثر وضوحاً من المناورات الحربية الصينية السابقة".
مسؤول أميركي: "انتشار روتيني"
مع ذلك، قال مسؤول عسكري أميركي، إن الانتشار البحري الصيني في بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي كان "متزايد في المنطقة، لكنه يتماشى مع المستويات التي شهدناها خلال مناورات كبيرة أخرى".
ويتناقض هذا التقييم مع ما ذكرته تايوان التي وصفت الانتشار بأنه "الأكبر" منذ ما يقرب من ثلاثة عقود.
ولم يربط المسؤول العسكري الأميركي، الذي اشترط عدم نشر اسمه، بين انتشار القوات و"توقف الرئيس الرئيس لاي (في الولايات المتحدة)".
وأضاف: "يعتبر النشاط جزءاً من توسع أكبر للوضع العسكري لجيش التحرير الشعبي الصيني والمناورات العسكرية التي يجريها على مدار السنوات القليلة الماضية. وهذه الأنشطة تؤدي إلى زعزعة الاستقرار وتهدد بالتصعيد".
جيش تايوان يعلن التأهب
وكان الجيش التايواني أعلن حالة التأهب، الاثنين، بعد أن قال إن الصين أنشأت سبع "مناطق محجوزة مؤقتاً" للمجال الجوي، ونشرت سفناً بحرية وخفر سواحل.
وقال مسؤول أمني تايواني كبير، في إفادة صحافية في تايبيه، إن الجيش الصيني استغرق ما يقرب من 70 يوماً للتخطيط ونشر العمليات البحرية الحالية، وأنها كانت مخصصة لحكومة ترمب الجديدة، وحلفاء الولايات المتحدة، وليس لزيارة لاي إلى المحيط الهادئ على وجه التحديد.
واعتبر المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، "أنهم يحاولون رسم خط أحمر، وممارسة السلطة على السيد الجديد للبيت الأبيض".
ولفت المسؤول التايواني إلى أنه "من النادر للغاية" أن تنشر الصين عمليات بحرية بهذا الحجم في هذا الوقت من العام، عندما تكون الظروف البحرية عادة قاسية.
وأضاف المسؤول أن الصين لم تعلن عن أي تدريبات حتى الآن، وتعتقد حكومة تايوان أن ذلك ربما يكون لأن بكين تحاول تقليل التأثير على حدثين رئيسيين مع رجال الأعمال والسياسيين التايوانيين، أحدهما يحدث هذا الأسبوع والآخر الأسبوع المقبل.
وتابع المسؤول: "إنها سياسة العصا والجزرة"، في إشارة إلى برامج بكين السنوية لجذب الانتباه إلى تايوان، بما في ذلك زيارة أحد نواب عمدة شنغهاي إلى تايبيه الأسبوع المقبل.
مسؤول دبلوماسي: عمليات "غير مسبوقة"
من جانبه، قال مسؤول دبلوماسي أمني في المنطقة مطلع على الأمر لوكالة "رويترز"، إن نطاق وحجم العمليات الصينية الجارية، بما في ذلك القوة البشرية التي يجري نشرها، "غير مسبوق" في السنوات الأخيرة.
وأضاف المسؤول الذي رفض الكشف عن هويته: "كانت الكثافة مماثلة لعمليات سابقة، ولكن المناطق المعنية كانت هائلة. لم نشهد شيئاً كهذا على الأقل خلال السنوات القليلة الماضية"، استناداً إلى تقييم أجرته بلاده.
وتقول الصين إن قضية تايوان هي "جوهر مصالحها الأساسية" وخط أحمر لا ينبغي للولايات المتحدة تجاوزه.
وأجرت الصين جولتين من المناورات الحربية الكبرى حول تايوان حتى الآن هذا العام.