اتهمت بكين واشنطن، الأربعاء، بالمبالغة في ما تسميه "التهديد الصيني"، وحضتها على التوقف عن إصدار قوانين تستهدف تعزيز قدرتها على التنافس مع التكنولوجيا الصينية، والامتناع عن تصوير الصين بوصفها تهديداً، وذلك بعد تبني مجلس الشيوخ الأميركي "نصاً تاريخياً" بميزانية 250 مليار دولار، لمواجهة "التهديد التكنلوجي الصيني".
وقالت لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الصيني، إن هذا "القانون يكشف جنون العظمة" لدى الولايات المتحدة، حسبما نقلت وكالة أنباء الصين الجديدة.
من جهته، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية، وانغ وينبينغ، إن على الولايات المتحدة ألا تعامل الصين بوصفها عدواً وهمياً، معتبراً أن الولايات المتحدة هي أبرز عدو لنفسها.
وتابع أن الصين تحضّ الولايات المتحدة على تبنّي الموقف الصحيح، وتجنّب الإضرار بعلاقاتهما الشاملة، والتعاون في المجالات المهمة، كما أفادت وكالة "رويترز".
في السياق ذاته، ندّدت الخارجية الصينية بسعي اليابان وأستراليا إلى تضخيم "التهديد الصيني" وتشويه بكين بشكل خبيث. وقال الناطق باسم الوزارة إن بكين تدعو جميع الأطراف إلى التوقف عن التدخل في شؤونها الداخلية، والكفّ عن تخريب السلام والاستقرار الإقليميّين.
جاء ذلك بعدما أعربت اليابان وأستراليا عن "قلق بالغ" إزاء معلومات عن انتهاكات لحقوق الإنسان في إقليم شينغيانغ الصيني، وممارسات تقوّض المؤسسات الديمقراطية في هونغ كونغ، وفق "رويترز".
"الصين تثير مشكلات لنفسها"
كورت كامبل، منسّق شؤون المحيطين، الهندي والهادئ، في مجلس الأمن القومي الأميركي، طالب بكين بممارسة نقد ذاتي لسياساتها. وقال أمام "مركز الأمن الأميركي الجديد": "خلال السنة أو السنتين الماضيتين، لم تكن الولايات المتحدة هي الدولة التي بذلت جهوداً أكثر من غيرها، لإثارة مشكلات للصين، بل الصين".
واعتبر أن مؤسسة السياسة الخارجية الصينية تتفهّم أن سياسات الدولة، التي تشمل عسكرة جزر اصطناعية في بحر الصين الجنوبي، واتباع نهج أكثر حزماً في الدبلوماسية العالمية، ساهمت في إحداث ردّ فعل عالمي عنيف ضد بكين. واستدرك: "هل يبلغ ذلك الدائرة المقرّبة في القيادة الصينية؟ أعتقد بأن هذا سؤال لا يمكننا الإجابة عليه"، كما أفادت وكالة "بلومبرغ".
ورأى كامبل أن الرئيس الصيني شي جينبينغ بات بشكل متزايد القائد الوحيد لبلاده، بدلاً من أن يكون جزءاً من "فريق متماسك من القادة"، كما كان الرؤساء الصينيون السابقون. واعتبر أن هناك "مجموعة ضئيلة" من الأشخاص، الذين يساهمون في رعاية عملية صنع القرار لدى الرئيس الصيني.
وتطرّق كامبل إلى زيارة أجراها أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي لتايبه أخيراً، معتبراً أنها ساعدت في إثبات أن الولايات المتحدة "تقف إلى جانب تايوان".
خطة بـ250 مليار دولار
مجلس الشيوخ الأميركي، أقرّ الثلاثاء، بأغلبية 68 صوتاً مقابل 32، حزمة تشريعات بميزانية 250 مليار دولار، تهدف إلى تعزيز قدرة البلاد على التصدي للتهديد التكنولوجي الصيني، إذ تسعى واشنطن بشكل متزايد إلى اتخاذ موقف متشدد ضد بكين.
وبحسب ما أفاد موقع "أكسيوس"، يوفر التشريع المشترك من الحزبين الديمقراطي والجمهوري نحو 190 مليار دولار لمخصصات تعزيز التكنولوجيا والبحوث الأميركية، على أن يتضمن بشكل منفصل إنفاق نحو 50 مليار دولار لزيادة الإنتاج والبحث في مجال أشباه الموصلات ومعدات الاتصالات.
ويحتاج إقرار المشروع حتى يصبح قانوناً إلى تمريره لمجلس النواب ثم إرساله إلى البيت الأبيض ليوقع عليه الرئيس الأميركي جو بايدن.
وتأتي موافقة مجلس الشيوخ بأغلبية 68%، متفوقة على اعتراضات الجمهوريين الذين هددوا بعرقلة الحزمة التي تزيد على 200 مليار دولار.
إجماع على مواجهة الصين
"أكسيوس" أفاد بأن تمرير المشروع يُعد مؤشراً على الإجماع الواسع الذي ظهر في الولايات المتحدة بشأن الحاجة إلى التفوق على الصين عالمياً، بما في ذلك تنشيط التصنيع والبحث في الولايات المتحدة، ومواجهة الانتهاكات الاقتصادية في بكين.
وكان زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، اضطر إلى تأجيل التصويت على المشروع عدة أسابيع نتيجة الانقسام داخل المجلس، قبل أن يعود ويشيد بتمريره باعتباره وفق قوله "أحد أهم الإنجازات التي حققها الحزبان منذ سنوات"، واصفاً ذلك بأنه "لحظة في التاريخ تنظر إليها الأجيال القادمة على أنها نقطة تحوّل للقيادة الأميركية في القرن الحادي والعشرين".
ويحظى مشروع القانون بدعم الرئيس بايدن الذي جعلت إدارته كبح نفوذ الصين، من خلال تحالف بين الحلفاء، أولوية قصوى.
ويشمل التشريع تمويلاً طارئاً بقيمة 50 مليار دولار لوزارة التجارة الأميركية، بغية تعزيز إنتاج أشباه الموصلات المحلية، في ضوء النقص العالمي في الرقائق.
ومن المفترض في حال إقرار التشريع بشكل نهائي، أن يقدم مليارات الدولارات من التمويل الإضافي للبحث والتطوير في وزارة الطاقة والدفاع ووكالة "ناسا"، بما في ذلك مجالات الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية، والروبوتات وشبكة "5 جي".
ويوفر مشروع القانون أيضاً 10 مليارات دولار على مدى 5 سنوات لوزارة التجارة، لإنشاء برامج مركز تكنولوجي إقليمي، وتتطلب مشاريع البنية التحتية الممولة اتحادياً استخدام مواد معينة مصنعة في الولايات المتحدة.