كشف مصدر قضائي لبناني لـ"الشرق" أن السلطات السويسرية والفرنسية والبريطانية والبلجيكية، أبلغت النيابة العامة التمييزية في لبنان، بتنفيذ طلب تجميد حسابات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وشقيقه رجا، ومساعدته ماريان حويك، مؤقتاً لحين انتهاء تحقيقات بشأن ثروة "الأول" في أوروبا.
وأوضحت المصادر أن "قرار الدول الأوروبية الأربع، جاء إلى حين انتهاء التحقيقات القضائية التي تجريها هذه الدول، والتيقن مما إذا كانت هذه الأموال عائدة للدولة اللبنانية أم لا".
وكانت السلطات اللبنانية أرسلت في وقت سابق، خطاباً إلى السلطات القضائية الفرنسية والبريطانية والسويسرية، تقول فيه إنه "إذا كانت الأموال العائدة لرياض سلامة مجمدة، فيجب أن تجمَّد لمصلحة الخزينة اللبنانية، حتى التحقق مما إذا كانت أموالاً عامة أم لا".
تحقيق لبناني مستقل
فُتح تحقيق في سويسرا بحق حاكم مصرف لبنان وشقيقه ومساعدته، في يناير الماضي، بشأن تحويلات مالية بقرابة 350 مليون دولار، أجراها رياض سلامة وشقيقه من لبنان إلى سويسرا، رغم قرار المصرف المركزي، منع المواطنين من إجراء تحويلات مصرفية إلى الخارج، في خضم أزمة مالية تعصف بلبنان.
وأكدت مصادر لـ"لشرق"، أن القضاء اللبناني فتح تحقيقاً مستقلاً، منبثقاً عن التحقيق السويسري، للتدقيق في مصادر الأموال التي حوّلها رياض سلامة من حساباته في مصرف لبنان إلى الخارج.
وجرى تحويل هذه الأموال منذ عام 2002 حتى نهاية العام الماضي، وفقاً لمصادر "الشرق"، التي أشارت إلى أن التحقيقات السويسرية، تفيد بأن الجزء الأكبر من هذه الأموال حصل عليه سلامة كعمولة لاكتتاب مصرف لبنان في سندات اليوروبوند، عبر شركة وساطة مالية تدعى "فوري"، يملكها شقيقه رجا في سويسرا.
وكشفت التحقيقات السويسرية، التي بدأت في يناير الماضي، أن رياض سلامة أدخل هذه الشركة خلافاً للقانون، باعتبار أن القانون لا يجيز تلقّي عمولات من خلال الاكتتاب في سندات الخزينة التي هي عبارة عن ديون تترتّب على الخزينة اللبنانية وتزيد من أعبائها.
وأشارت المصادر إلى أن المعلومات المستقاة من الاستنابة القضائية الفرنسية التي نفذها لبنان، تتقاطع مع تحقيقات أجراها القضاء اللبناني وشملت أعضاء مجلس إدارة مصرف لبنان الحاليين وأعضاء سابقين ممن وقّعوا على قرارات شراء سندات "اليوروبوند"، بينهم نوّاب سابقون للحاكم.
ويدافع سلامة بأن أمواله كلها مصرح بها وقانونية، وأنه جمع ثروته مما ورثه ومن مسيرته المهنية في القطاع المالي وقبل توليه منصب حاكم المصرف المركزي.
"مصدر الثروة"
ونقلت وكالة "فرانس برس"، عن مصدر قضائي فرنسي، الأحد الماضي، أن تحقيقاً أولياً فُتح بشأن ثروة سلامة (70 عاماً) في أوروبا، مؤكداً معلومات ذكرها مصدر مقرّب من الملف.
ووفق الوكالة الفرنسية، فُتح هذا التحقيق في أواخر مايو الماضي، في قضية "تآمر جنائي وتبييض أموال في عصابة منظمة".
وفي أبريل الماضي، قُدّمت شكايتان تستهدفان رياض سلامة وثروته الكبيرة في أوروبا أمام نيابة مكافحة الفساد في باريس.
ويُفترض أن تسمح التحقيقات بتوضيح مصدر الثروة التي يملكها سلامة والمقدّرة بملايين الدولارات؛ وهو يملك فيلا فارهة على سواحل الأنتيب في جنوب شرقي فرنسا.
ويشهد لبنان منذ خريف عام 2019، أسوأ أزمة اقتصادية منذ الحرب الأهلية (1975-1990)، وصنفها البنك الدولي من بين أسوأ 10 أزمات منذ منتصف القرن التاسع عشر.
ويحمّل مسؤولون لبنانيون سلامة، الذي يقود المصرف المركزي منذ عام 1993، مسؤولية تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار، نتيجة السياسات النقدية التي اعتمدها طوال السنوات الماضية.