الرئيس الأميركي: نحن بحاجة لتعديل الدستور لتوضيح أن لا رئيس محصن من الجرائم التي يرتكبها

بايدن في خطاب الوداع: احذروا حكم الأقلية فاحشة الثراء

الرئيس الأميركي جو بايدن في "خطاب الوداع" من المكتب البيضاوي. واشنطن. 15 يناير 2025 - Bloomberg
الرئيس الأميركي جو بايدن في "خطاب الوداع" من المكتب البيضاوي. واشنطن. 15 يناير 2025 - Bloomberg
دبي -الشرق الأوسط

استخدم الرئيس الأميركي جو بايدن خطاب الوداع، الأربعاء، لتحذير الأميركيين من "حكم الأقلية شديدة الثراء"، الذين اعتبر أنهم "يتجذرون" في الولايات المتحدة، فيما دعا إلى "إنهاء الحصانة التي يتمتع بها الرؤساء".

وخلال كلمته من المكتب البيضاوي، بينما يستعد لتسليم السلطة للرئيس المنتخب دونالد ترمب، دق بايدن ناقوس الخطر بشأن "تراكم السلطة والثروة لدى القِلة القليلة".

وقال بايدن: "اليوم، تتشكل في أميركا أوليجارشية من الثروة المفرطة والسلطة والنفوذ التي تهدد ديمقراطيتنا بأكملها وحقوقنا وحرياتنا الأساسية، والفرص العادلة للجميع من أجل التقدم"، ولفت إلى ما وصفه بـ"التركيز الخطير للسلطة في أيدي قِلة فاحشة الثراء، ما سيترتب عنه عواقب وخيمة، إذا تُرِكَ إساءة استخدام السلطة دون رادع".

واستذكر تحذيرات الرئيس السابق دوايت أيزنهاور بشأن المجمع العسكري الصناعي عندما ترك منصبه، قائلاً: "أنا قلق بنفس القدر بشأن الصعود المحتمل للمجمع التكنولوجي الصناعي، الذي قد يشكل مخاطر حقيقية على بلدنا أيضاً".

واستغل بايدن خطابه، الذي استغرق 15 دقيقة لتقديم نموذج لانتقال سلمي للسلطة، ودون ذكر اسم ترمب، لإثارة مخاوف بشأن خليفته.

ووفقاً لوكالة "أسوشيتد برس"، كان هذا تحذيراً لافتاً من جانب بايدن، الذي يغادر الساحة الوطنية بعد أكثر من 50 عاماً قضاها في الحياة السياسية، حيث واجه صعوبات في تحديد إرثه، وتحصين البلاد ضد عودة ترمب إلى المكتب البيضاوي. 

هذه المرة، ذهب الرئيس، الذي وصف ترمب مراراً بأنه يشكل "تهديداً" لنظام الحكم في البلاد، إلى أبعد من ذلك، مطالباً الأميركيين بأن يكونوا مستعدين لحماية حرياتهم ومؤسساتهم خلال حقبة مضطربة من التغيير التكنولوجي والاقتصادي السريع.

وقال بايدن: "بعد 50 عاماً من الخدمة العامة، أتعهد لكم بأنني ما زلت أؤمن بالفكرة التي تقف من أجلها هذه الأمة، وهي أمة تكون فيها نقاط القوة في مؤسساتنا وشخصية شعبنا مهمة ويجب أن تستمر". وأضاف مخاطباً الشعب الأميركي: "الآن جاء دوركم لتولي الحماية".

تحذير من "حكم الأقلية"

وتأتي تحذيرات بايدن من من "حكم الأقلية"، بعد أن توافد بعض كبار الأغنياء وعمالقة صناعة التكنولوجيا على الرئيس المنتخب دونالد ترمب في الأشهر الأخيرة، وخاصة بعد فوزه في انتخابات نوفمبر، وفق وكالة "أسوشيتد برس".

وأنفق الملياردير إيلون ماسك أكثر من 100 مليون دولار على مساعدة ترمب في الفوز بالانتخابات، وتبرع مسؤولون تنفيذيون مثل مارك زوكربيرج من شركة "ميتا" وجيف بيزوس من "أمازون"، للجنة تنصيب ترمب.

وفي تلميح آخر لإدارة ترمب المقبلة، قال بايدن: "اليوم، تتشكل أقلية حاكمة في أميركا من الثروة والسلطة والنفوذ الهائلين، الذين يهددون فعلاً ديمقراطيتنا بالكامل، وحقوقنا وحرياتنا الأساسية".

وخطاب بايدن في المكتب البيضاوي هو الأخير في سلسلة من الملاحظات بشأن السياسة الداخلية والعلاقات الخارجية التي ألقاها، والتي تهدف إلى ترسيخ إرثه، وإعادة تشكيل وجهات نظر الأميركيين القاتمة بشأن ولايته.

ومضى بايدن قائلاً: "سيستغرق الأمر بعض الوقت للشعور بالتأثير الكامل لما فعلناه معاً، لكن البذور زُرعت وستنمو وستزدهر لعقود مقبلة"، فيما يشكل اعترافاً ضمنياً بأن العديد من الأميركيين يقولون إنهم لم يشعروا بعد بتأثير تريليونات الدولارات التي أنفقت على مبادرات محلية.

وعرض بايدن مجموعة من حلوله الخاصة للمشكلات التي طرحها، قائلاً: تغيير قانون الضرائب لضمان "دفع المليارديرات حصتهم العادلة"، والقضاء على تدفق المصادر الخفية للمال إلى الحملات السياسية، وتحديد فترة الولاية إلى 18 عاماً لقضاة المحكمة العليا، ومنع أعضاء الكونجرس من تداول الأسهم.

وأشار إلى أنه يجب إصلاح قانون الضرائب "ليس من خلال منح أكبر تخفيضات ضريبية للمليارديرات، ولكن بجعلهم يبدأون في دفع حصتهم العادلة".

مع ذلك، تمنى بايدن "النجاح" للإدارة المقبلة، وقال إنه يريد أن تنجح الولايات المتحدة، وتعهد "بضمان انتقال سلمي ومنظم للسلطة"، مضيفاً: "حافظت على التزامي بأن أكون رئيساً لجميع الأميركيين خلال واحدة من أصعب الفترات في تاريخ أمتنا".

وتأتي وصفات بايدن السياسية في الوقت الذي بلغ فيه رصيده السياسي أدنى مستوياته مع استعداده للخروج من الساحة الوطنية، وبعد أن لم يحقق الكثير لتعزيز هذه القضايا خلال السنوات الأربع التي قضاها في السلطة في البيت الأبيض.

وتُظهِر بيانات بنك الاحتياطي الفيدرالي أن أغنى 0.1٪ من سكان البلاد مجتمعين يمتلكون أكثر من خمسة أضعاف ثروات 50٪ من الفئات الأفقر من السكان مجتمعين.

تعديل دستوري

وفي حين شدد على التزامه بضمان انتقال سلمي للسلطة، بما في ذلك عقد اجتماعات مع فريق ترمب الانتقالي، والتنسيق مع الإدارة المقبلة بشأن مفاوضات الشرق الأوسط، دعا بايدن أيضاً إلى تعديل دستوري لإنهاء الحصانة التي يتمتع بها الرؤساء الحاليون.

وقال بايدن: "نحن بحاجة إلى تعديل الدستور لتوضيح أنه لا يوجد رئيس محصن من الجرائم التي يرتكبها أثناء وجوده في منصبه".

وتأتي تلك الدعوة كرد فعل على حكم المحكمة العليا العام الماضي، الذي منح ترامب حماية شاملة من المسؤولية الجنائية عن دوره في محاولة إلغاء هزيمته في عام 2020 أمام بايدن.

وأثناء خطاب بايدن، كانت تظهر صور عائلته خلفه في المكتب البيضاوي، بينما جلس لمتابعته كل من السيدة الأولى جيل بايدن ونجله هانتر وبعض أحفاده، ونائبة الرئيس هاريس وزوجها دوج إيمهوف.

ووصف نائبته هاريس بأنها شريكة عظيمة في هذا الجهد، وقال إنها وزوجها دوج إيمهوف أصبحا بمثابة أفراد من الأسرة، وفي تلك اللحظة مدت السيدة الأولى يدها، وأمسكت بيد هاريس.

ولن يترك بايدن البيت الأبيض بالطريقة التي كان يأملها، حيث حاول الترشح لإعادة انتخابه، متجاهلاً مخاوف الناخبين من أنه سيبلغ 86 عاماً في نهاية فترة ولايته الثانية. وبعد تعثره خلال مناظرة مع ترمب، انسحب بايدن من السباق تحت ضغط من حزبه، وأصبحت نائبة الرئيس كامالا هاريس المرشحة الديمقراطية.

وخطاب، ليل الأربعاء، لا يتوّج رئاسة بايدن فحسب، بل وعقوده الخمسة في العمل السياسي أيضاً. فقد كان ذات يوم أصغر عضو في مجلس الشيوخ في البلاد عندما كان يبلغ من العمر 30 عاماً بعد انتخابه لتمثيل ولاية ديلاوير مسقط رأسه في عام 1972.

وترشح بايدن إلى الرئاسة في عامي 1988، و2008 قبل أن يصبح نائب الرئيس السابق باراك أوباما. وبعد أن خدم ولايتين، اعتُبر بايدن متقاعداً من الحياة السياسية. لكنه عاد إلى الصدارة كمرشح ديمقراطي غير متوقع في عام 2020، إذ نجح في إزاحة ترامب من البيت الأبيض.

تصنيفات

قصص قد تهمك