مرشح للرئاسة الإيرانية يدعو لـ"إدارة عقلانية" والانفتاح على الغرب

المرشح الرئاسي عبد الناصر همتي خلال مؤتمر صحافي في طهران - 15 يونيو 2021 - REUTERS
المرشح الرئاسي عبد الناصر همتي خلال مؤتمر صحافي في طهران - 15 يونيو 2021 - REUTERS
طهران-وكالات

دعا الحاكم السابق للمصرف المركزي الإيراني، عبد الناصر همتي، وهو مرشح معتدل لانتخابات الرئاسة، المرتقبة الجمعة، إلى "إدارة البلاد بطريقة عقلانية"، وإقامة علاقات اقتصادية وسياسية أفضل مع الغرب، متحدثاً عن إمكان إجراء محادثات مع واشنطن، إذا التزمت بـ "تعايش إيجابي" مع طهران.

وأقرّ مجلس صيانة الدستور أهلية 7 مرشحين لخوض السباق الرئاسي، بينهم 5 متشددين، هم: رئيس القضاء إبراهيم رئيسي، وأمين مجلس تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي، والأمين السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي سعيد جليلي، والنائبان علي رضا زاكاني وأمير حسين قاضي زاده هاشمي، إضافة إلى همتي، وهو معتدل، والإصلاحي محسن مهر علي زاده.

وأقصى المجلس الدستوري مرشحين بارزين، بينهم الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، والرئيس السابق لمجلس الشورى (البرلمان) علي لاريجاني، والنائب الأول للرئيس حسن روحاني، إسحق جهانكيري، علماً أن 592 شخصاً ترشّحوا للمنصب.

لافتة للمرشح الرئاسي محسن مهر علي زاده في طهران - 15 يونيو 2021 - REUTERS
لافتة للمرشح الرئاسي محسن مهر علي زاده في طهران - 15 يونيو 2021 - REUTERS

وعقد همتي مؤتمراً صحافياً الثلاثاء، في جامعة طهران أمام مئات من المؤيّدين والإعلاميين، قال خلاله: "يجب أن نرى ما الذي ستفعله أميركا بشأن الاتفاق النووي... بعد ذلك نتابع إذا كانت تريد مواصلة تدخلها في المنطقة، من خلال إسرائيل وعناصرها".

وأضاف: "هناك سلسلة من الملفات التي تحتاج إلى بناء ثقة... إذا شعرنا حقاً بأن واشنطن تمضي في اتجاه تعايش إيجابي، لدعم السلام العالمي والإقليمي، عندئذ لن تكون هناك مشكلة في إجراء محادثات"، وفق "رويترز".

وأشارت الوكالة إلى أن المرشد الإيراني علي خامنئي رفض عدة مرات، التفاوض مع الولايات المتحدة.

واستدركت أن طهران تجري محادثات غير مباشرة مع واشنطن، في إطار مفاوضات فيينا، من أجل العودة إلى الاتفاق النووي، المُبرم في 2015، والذي انسحبت منه الولايات المتحدة في عام 2018.

وسعى همتي إلى الترويج لنجاحاته، بوصفه مصرفياً بارزاً، رغم أن فترة حاكميته للبنك المركزي شهدت انهيار الريال الإيراني، في ظلّ ضغوط اقتصادية أميركية.

وقال: "أعتقد بأن على خبير اقتصادي أن يتولّى المسؤولية التنفيذية للبلاد. آمل بأن تصل حكومة إلى السلطة، لإدارة البلاد بطريقة عقلانية ومنع السياسة من إدارة الاقتصاد، بمساعدة من الشعب".

وسأل: "لماذا يجب أن يكون هناك عائق أمام التعايش السلمي" مع العالم؟

كروبي يدعم همتي

وذكرت "رويترز" أن نجل الزعيم المعارض مهدي كروبي، الخاضع لإقامة جبرية منذ عام 2011، بعد الاحتجاجات التي تلت إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد في عام 2009، أعلن أن والده سيصوّت لهمتي، مرجّحاً أن "يدافع عن الجمهورية والنظام الرئاسي".

الرئيس السابق للبرلمان الإيراني مهدي كروبي أثناء تسجيله ترشيحه لانتخابات الرئاسة في وزارة الداخلية بطهران - 9 مايو 2009 - REUTERS
الرئيس السابق للبرلمان الإيراني مهدي كروبي - 9 مايو 2009 - REUTERS

لكن الزعيم المعارض الآخر، مير حسين موسوي، الخاضع أيضاً لإقامة جبرية منذ عام 2011، انضم إلى المقاطعة التي دعا إليها معارضون، في داخل البلاد وخارجها.

وقال موسوي في بيان نشره موقع "كلمة": "سأقف إلى جانب مَن سئموا الانتخابات المهينة، والمعلّبة سلفاً، ومَن لن يستسلموا لقرارات سرية خلف الكواليس".

والمرشح الأبرز في السباق الانتخابي، هو إبراهيم رئيسي، الذي عيّنه خامنئي رئيساً للقضاء، في عام 2019، ويُعتبر مقرباً منه، كما أن ثمة تكهنات باحتمال أن يخلفه مرشداً للجمهورية.

وفي هذا الصدد، قال المرشح الإصلاحي محسن مهر علي زاده، خلال مناظرة انتخابية بثها التلفزيون: "جمعوا الشمس والقمر والسماوات، ليجعلوا شخصاً واحداً معيّناً، رئيساً".

مفاجأة جليلي

لكن المحلل الإيراني سعيد ليلاز، المقيم في طهران، نبّه إلى "وجوب عدم التقليل من احتمال أن يفاجئنا (سعيد) جليلي"، علماً أن انتخابات 2005 شهدت مفاجأة، بعدما هزم أحمدي نجاد، الذي كان رئيساً مغموراً لبلدية طهران، الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني، أحد أعمدة النظام في إيران.

ملصقان للمرشح الرئاسي سعيد جليلي في طهران - 15 يونيو 2021 - REUTERS
ملصقان للمرشح الرئاسي سعيد جليلي في طهران - 15 يونيو 2021 - REUTERS

واعتبر هادي قائمي، المدير التنفيذي لـ "مركز حقوق الإنسان في إيران" (مقرّه نيويورك)، أن "رئيسي هو أحد أعمدة النظام، الذي يسجن الناس، ويعذّبهم، ويقتلهم، لأنهم تجرأوا على انتقاد سياسات الدولة"، وفق "رويترز".

وأشارت الوكالة إلى أن جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان تفيد بأن رئيسي كان أحد 4 قضاة، شكّلوا ما عُرف بـ "لجنة الموت"، وأشرفوا على إعدام آلاف من السجناء السياسيين، في عام 1988.

وقدّرت "منظمة العفو الدولية" عدد الذين أُعدموا، بحوالى 5 آلاف، مضيفة في تقرير أعدّته في 2018، أن "العدد الحقيقي قد يكون أعلى".

وفي عام 2020، دعا خبراء في حقوق الإنسان، تابعون للأمم المتحدة، إلى محاسبة المتورّطين بإعدامات 1988، معتبرين أن "الوضع قد يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية"، إذا واصلت الحكومة الإيرانية رفضها معاقبتهم.

"حماية إرث المرشد"

وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على رئيسي، في عام 2019، لاتهامه بانتهاك حقوق الإنسان، بما في ذلك إعدامات 1988، ودوره في التعامل مع الاضطرابات التي شهدتها إيران في عام 2009، وأسفرت عن مقتل 1500 شخص، وفق "رويترز".

وفي الذكرى الأولى لمقتل الجنرال قاسم سليماني، قائد "فيلق القدس" التابع لـ "الحرس الثوري" الإيراني، بغارة أميركية في بغداد، مطلع عام 2020، هدد رئيسي باغتيال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، قائلاً: "لن يكون أحد آمناً في أي مكان بالعالم. المقاومة مصمّمة على الانتقام".

تحمل ملصقاً للمرشح الرئاسي إبراهيم رئيسي في طهران - 14 يونيو 2021 - REUTERS
تحمل ملصقاً للمرشح الرئاسي إبراهيم رئيسي في طهران - 14 يونيو 2021 - REUTERS

ونقلت "رويترز" عن كسرى إعرابي، وهو باحث في الشؤون الإيرانية بـ "معهد توني بلير للتغيير العالمي"، قوله: "لم يكن (رئيسي) ليترشّح، لو لم تكن فرصه (في الفوز) أكيدة، وقراره مُوجّه من خامنئي بشكل شبه مؤكد".

أما صنم وكيل، نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في معهد "تشاتام هاوس"، فذكرت أن "رئيسي شخص يثق به خامنئي... ويمكنه حماية إرث المرشد".

لكن علي واعظ، وهو باحث في "مجموعة الأزمات الدولية"، نبّه إلى أن "الدولة العميقة مستعدة لتقويض إحدى ركائز شرعيتها، لضمان بقاء رؤية خامنئي لمستقبل الثورة، عندما يتولّى رئيسي عباءة المرشد".

وتابع: "من خلال الارتقاء باستراتيجياته الإقصائية إلى مستوى جديد، لم يترك مجلس صيانة الدستور أي مساحة للمفاجأة".

أرقام انتخابية

وأفادت وكالة "رويترز" بأن الإيرانيين الذين يتجاوزون 18 عاماً، قادرون على التصويت، ما يعني أن أكثر من 59.3 مليون فرد مؤهلون للإدلاء بأصواتهم، من أصل 85 مليوناً.

وأضافت أن فرز بطاقات الاقتراع سيتم يدوياً، مشيرة إلى أن إعلان النتيجة النهائية قد لا يتم قبل 3 أيام، رغم أن النتائج الجزئية قد تظهر في وقت أقرب.

وإذا لم يفز أي مرشّح بما لا يقلّ عن 50% من الأصوات، زائد واحد، بما في ذلك الأوراق البيضاء، تُنظم دورة ثانية بين المرشحين اللذين تصدرا الدورة الأولى، في أول جمعة بعد إعلان نتيجة الانتخابات.

ونقلت وكالة "مهر" للأنباء عن الناطق باسم لجنة الانتخابات، إسماعيل موسوي، قوله إن اللجنة تحاول إعلان النتائج في أسرع وقت، من خلال استخدام تقنيات حديثة، في جمع الأصوات وفرزها.

وأضاف: "ستُرسل المعلومات في الوقت ذاته إلى مجلس صيانة الدستور، وسيتم التنسيق بين المجلس ووزارة الداخلية، وتُعلن النتيجة للشعب الإيراني".

اقرأ أيضاً: