وبّخ جيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي دونالد ترمب علناً زعماء أوروبيين خلال مؤتمر ميونيخ للأمن، الجمعة، بشأن مجموعة من القضايا مثل حرية التعبير، والأمن، والهجرة غير الشرعية، في ظل التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة وحلفائها المقربين، وفق تقرير لشبكة NBC News.
وركّز فانس خلال اجتماع أمني رفيع المستوى على الغزو الروسي لأوكرانيا، وما وصفه بـ"التهديد الذي تشكله موسكو على أوروبا وبقية العالم"، وقال إن "التهديد الذي يقلقني أكثر من أي شيء آخر يتعلق بأوروبا، وليس روسيا أو الصين أو أي طرف خارجي.. ما يقلقني هو التهديد من الداخلي المتمثل في تراجع أوروبا عن بعض قيمها الأساسية، والقيم المشتركة مع الولايات المتحدة".
وأضاف موجهاً حديثه إلى الزعماء الأوروبيين المشاركين في المؤتمر: "لقد سمعت الكثير عن ما تحتاجون للدفاع عن أنفسكم منه، وبالطبع، هذا مهم. لكن ما بدا أقل وضوحاً بالنسبة لي هو ما الذي تدافعون عنه بالضبط؟".
وخلال الحدث، بدا أن الزعماء الأوروبيين يكثفون انتقاداتهم لتعامل إدارة ترمب مع جهود السلام، وفي تصريح سبق تعليقات فانس، قال الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير خلال المؤتمر "إن الإدارة الأميركية الجديدة لديها وجهة نظر عالمية مختلفة تماماً عن وجهة نظرنا، وهي لا تحترم القواعد الراسخة والشراكة والثقة المتنامية".
وتابع شتاينماير: "علينا أن نقبل ذلك، ويمكننا التعامل معه، لكنني مقتنع بأن هذا الرأي العالمي لا يصب في مصلحة المجتمع الدولي".
قالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس، إن خطاب نائب الرئيس الأميركي في مؤتمر ميونيخ للأمن بدا وكأن الولايات المتحدة "تحاول افتعال قتال" مع أوروبا.
وأضافت كالاس في المؤتمر: "عند الاستماع إلى هذا الخطاب، (تشعر وكأن الولايات المتحدة) تحاول افتعال قتال معنا ونحن لا نريد أي قتال مع أصدقائنا"، مشيرة إلى أن "الحلفاء يجب أن يركزوا على التهديدات الأكبر مثل عدوان روسيا على أوكرانيا".
وبدورها، اعتبرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن العالم وصل إلى "لحظة في التاريخ" حيث تلوح "تحديات كبيرة"، داعيةً المجتمع الدولي إلى محاسبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإثبات "تخليه" عن محاولة "تدمير أوكرانيا".
ويتصاعد القلق في جميع أنحاء أوروبا بعد إعلان ترمب أنه أجرى محادثة "طويلة ومثمرة للغاية" مع نظيره الروسي حول إنهاء الحرب في أوكرانيا.
وطالت دونالد ترمب انتقادات بحجة أنه استبعد كييف وأوروبا من محادثات السلام، في حين أثارت التعليقات التي أدلى بها حول مستقبل أوكرانيا الخوف والغضب في هذا البلد، وجميع أنحاء أوروبا.
وفي حديثه خلال مؤتمر الأمن، الجمعة، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه حذّر الرئيس الأميركي من تصديق بوتين عندما قال الأخير إنه يريد أن يكون جزءاً من عملية السلام.
ويأتي "مؤتمر ميونيخ للأمن" وسط مخاوف متزايدة بشأن الإجراءات التي قد تتخذها موسكو إذا حصلت على مكاسب كبيرة في أوكرانيا، وخاصة في ظل تلميحات لترمب بأن الولايات المتحدة لن تدافع عن حلفائها في حلف شمال الأطلسي "الناتو" إذا تعرضوا للهجوم.
وقال زيلينسكي، في وقت سابق، إن بلاده لن تقبل أي اتفاق سلام يتم التفاوض عليه بين الولايات المتحدة وروسيا.
وفي منشور على منصة "إكس"، شدد على ضرورة أن "تفاوض أوكرانيا من موقف قوة، مع ضمانات أمنية قوية وموثوقة"، لافتاً إلى أن "عضوية الناتو ستكون الأكثر فاعلية من حيث التكلفة للشركاء".
وفي العام الماضي، أشار أعضاء "الناتو" إلى أن أوكرانيا كانت على "مسار لا رجعة فيه" نحو العضوية النهائية في التحالف، لكن ترمب ووزير الدفاع بيت هيجسيث أشارا إلى أن عضوية الحلف واستعادة أوكرانيا للأراضي المفقودة غير واردة فعلياً.
وكان فانس أرسل بعض الطمأنينة للحلفاء الأوروبيين خلال مقابلة مع صحيفة "وول ستريت جورنال"، محذراً من أن روسيا قد تواجه المزيد من العقوبات وحتى العمل العسكري إذا رفضت الموافقة على صفقة تضمن استقلال أوكرانيا على المدى الطويل.
وقال فانس حول الضغوط المحتملة التي قد تمارسها الولايات المتحدة: "هناك أدوات اقتصادية للضغط، وهناك بالطبع أدوات عسكرية. هناك عدد لا حصر له من الأساليب، لكننا نهتم باستقلال أوكرانيا السيادي".
وعاد فانس، وانتقد صحيفة "وول ستريت جورنال" معتبراً أنها تعمدت التضليل في تصريحاته بشأن معاقبة روسيا عسكرياً.
وقال في تدوينة عبر حسابه بمنصة "إكس" إن الرئيس ترمب "هو صانع الصفقات الأمثل، وسيحقق السلام في المنطقة من خلال إنهاء الحرب في أوكرانيا. كما قلنا دائماً، يجب ألا يتم تعريض القوات الأميركية للخطر في أماكن لا تخدم مصالح وأمن الولايات المتحدة. هذه الحرب هي بين روسيا وأوكرانيا".
من جانبها، أدانت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك أي خطة لمحادثات السلام لا تشمل الأوكرانيين والأوروبيين.
وبحسب ما أفادت وكالة "رويترز"، قالت بيربوك خلال بيان مع بدء مؤتمر الأمن إن "السلام الزائف فوق رؤوس الأوكرانيين والأوروبيين لن يكسب شيئاً".
وأضافت: "السلام الزائف لن يجلب الأمن الدائم، لا للشعب في أوكرانيا ولا لنا في أوروبا أو الولايات المتحدة".