قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت الدخول بقوة في مفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن الاتفاق النووي الإيراني، من خلال استغلال الأسابيع المتبقية قبل إعلان اتفاق بين إيران والقوى الدولية، خلال المحادثات التي تجرى في العاصمة النمساوية فيينا.
وأفادت "القناة 13" الإخبارية الإسرائيلية بأن بينيت يأمل بأن يستغل الأسابيع المقبلة، قبل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، لإجراء محادثات مع واشنطن من أجل التأثير في العودة الأميركية المتوقعة إلى الاتفاق النووي مع إيران، وتجنب اتفاق "أسوأ من اتفاق 2015".
وذكر التقرير، الذي نقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" تفاصيله، أن بينيت رفع الحظر الذي فرضه سلفه بنيامين نتنياهو على مناقشة المسؤولين الإسرائيليين تفاصيل الاتفاق الجديد، بين الولايات المتحدة وإيران.
وكان نتنياهو أصدر تعليمات للمسؤولين الأمنيين بعدم إجراء محادثات مع المسؤولين الأميركيين بشأن تفاصيل الاتفاق، في محاولة واضحة لتنحية إسرائيل عنه، بحسب الصحيفة.
قلق إسرائيلي من اتفاق مخفف
في غضون ذلك، ذكر تقرير في صحيفة "هآرتس"، الجمعة، أن بينيت تلقى تحذيراً من 3 مسؤولين دفاعيين سابقين رفيعي المستوى بأن الاتفاق الجديد قد يكون أسوأ من النسخة الأصلية الموقعة في عام 2015.
وأفاد التقرير بأن المسؤولين قالوا، في رسالة عُمّمت في الحكومة الإسرائيلية، إنهم تلقوا "معلومات موثوقة ومثيرة للقلق" تفيد بأن الولايات المتحدة "مستعدة لقبول اتفاق مخفف" سيشهد رفع معظم العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب على إيران منذ عام 2018 و"في المقابل، ستتراجع إيران عن بعض الخطوات التي اتخذتها منذ عام 2019 لتعزيز برنامجها النووي".
وزعمت الرسالة، التي بعث بها رئيس الاستخبارات العسكرية السابق أهارون زئيفي فركاش، ومسؤولان سابقان رفيعا المستوى في لجنة الطاقة الذرية في إسرائيل، أن واشنطن مستعدة لقبول "قيود جزئية" على قدرة إيران التخصيبية المتزايدة لليورانيوم، و"عمليات تفتيش مخففة من قبل الأمم المتحدة".
وقال المسؤولون إن الولايات المتحدة سترفض على الأرجح أي انتقادات، من خلال التأكيد أنها ستتعامل مع هذا النوع من القضايا كجزء من اتفاق محسّن وأوسع نطاقاً يتم التفاوض بشأنه في المستقبل، لكنهم أعربوا عن تشككهم في جدوى هكذا اتفاق، مؤكدين أن إيران "ستتمكن من المضيّ قدماً في السر" في برنامجها النووي، و"ستقلص بدرجة كبيرة الوقت المطلوب لبناء ترسانتها النووية".
"ضربة عسكرية"
بينيت أعرب في خطاب ألقاه قبل أداء اليمين الدستورية كرئيس للوزراء، الأحد الماضي، عن معارضته الشديدة للعودة الأميركية إلى الاتفاق النووي لعام 2015، وتمسك بموقف نتنياهو "المتشدد" تجاه طهران، رغم أن الأحزاب التي تحدثت عن إبقاء الخلافات مع الولايات المتحدة خلف الأبواب المغلقة ستمثل "غالبية ساحقة" على طاولة مجلس الوزراء.
وقال بينيت إن البرنامج النووي الإيراني "يقترب من نقطة حرجة"، وإن "إسرائيل لن تسمح لإيران بامتلاك أسلحة نووية"، لافتاً إلى أن "إسرائيل ليست طرفاً في الاتفاق (النووي الدولي)، وستحتفظ بحرّيتها الكاملة في التصرف". كما قال بينيت في رسالة إلى واشنطن، إن "تجديد الاتفاق النووي يشكل خطأ كبيراً".
والخميس، قال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس إن بلاده والولايات المتحدة تعملان من أجل "تكثيف المراقبة على برنامج طهران النووي"، فيما حذر من أن "كافة الخيارات مطروحة" في ما يتعلق باستعداد إسرائيل لتوجيه ضربة عسكرية لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي.
زيارة ضغط
ومن المقرر أن يسافر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي إلى العاصمة الأميركية واشنطن، مساء السبت، حيث سيلتقي كبار مسؤولي الدفاع الأميركيين، في محاولة للتأثير على العودة الأميركية المزمعة إلى الاتفاق النووي.
وكان مقرراً أن تكون الرحلة مجدولة الشهر الماضي، لكنها تأجلت بسبب التصعيد بين إسرائيل وحركة "حماس" في قطاع غزة، الذي استمر 11 يوماً .
ومن المتوقع أن يُطلع كوخافي المسؤولين الأميركيين على التقييمات الإسرائيلية للتهديدات التي ستفرضها إيران على المنطقة حال رفع العقوبات المفروضة حالياً، كما سيناقش خطط إعادة إعمار قطاع غزة.
"تقدم" مفاوضات فيينا
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب انسحب من الاتفاق النووي في عام 2018، وفرض عقوبات جديدة على إيران ومسؤولين إيرانيين، ما ردّت عليه طهران بالتحلل من التزاماتها بموجب الاتفاق وزيادة تخصيب اليورانيوم.
وأعلنت إيران، هذا الأسبوع، أنها تمكنت خلال 5 أشهر من جمع 6,5 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب لدرجة نقاء 60%، و108 كيلوغرامات من اليورانيوم المخصب لدرجة نقاء 20%، لتقترب إلى الدرجة المطلوبة لصناعة سلاح نووي، وهي درجة نقاء 90%.
وخلال الأشهر الأخيرة، التقت فرق تفاوض إيرانية وأوروبية في العاصمة النمساوية فيينا، لمناقشة عودة الولايات المتحدة وإيران إلى الاتفاق النووي، في خطوة عارضها بشدة كبار المسؤولين الإسرائيليين. وأشارت كافة أطراف التفاوض إلى تحقيق تقدم نحو التوصل إلى اتفاق.
والأحد، نقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤول في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قوله إن الولايات المتحدة وإيران أحرزتا تقدماً في مفاوضات فيينا، وإن الفجوات المتبقية يمكن سدّها "خلال أسابيع" لكن ليس بالكامل، فيما تعهدت إيران "بمواصلة المحادثات مهما تطلبت من وقت".
وقال المسؤول الذي تحدّث شرط حجب هويته، لـ"الصحيفة": "إن المفاوضات غير المباشرة الهادفة للعودة إلى الاتفاق النووي أحرزت تقدماً في كل قضية، كل مرة نلتقي فيها منذ انطلاقها قبل شهرين، وإن الفجوات المتبقية يمكن سدّها خلال أسابيع، لكن بنسبة 70 أو 80%".
فيما قال مسؤول أوروبي مشارك في المفاوضات للصحيفة: "رغم أن هناك مسائل عالقة مرتبطة بالعقوبات الأميركية، فإننا متفائلون بأن الاتفاق ممكن، لكن ليس بشكل كامل، والأمور المتبقية تتعلق بالسياسة".