قالت مصادر أميركية وروسية إن المبعوث الأميركي لأوكرانيا وروسيا كيث كيلوج اُستبعد من المحادثات بين واشنطن وموسكو بشأن إنهاء الحرب بعدما أبلغ الكرملين واشنطن بعدم رغبته في تواجده، وفق ما ذكرت شبكة NBC NEWS، بينما أكد المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف، الجمعة، أن غياب كيلوج، "شأن داخلي يخص الولايات المتحدة".
وذكر مسؤول أميركي وآخر روسي للشبكة، أن الجنرال المتقاعد كيث كيلوج كان غائباً بشكل "مريب" عن المحادثات التي جرت في العاصمة السعودية الرياض، بين واشنطن وموسكو في 18 فبراير، والمحادثات في جدة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا في مارس الجاري، رغم أن المحادثات تقع تحت اختصاصه.
وقال مسؤول روسي رفيع وصفته NBC NEWS بأنه "على اطلاع بما يدور في أروقة الكرملين" أن كيلوج لم يحضر المحادثات الروسية الأميركية في الرياض، لأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رأى أنه "منحاز لأوكرانيا".
وذكر أندري فيدوروف النائب السابق لوزير الخارجية الروسي والذي لا يزال يتمتع بصلات وثيقة مع الكرملين، أن كيلوج "ليس الشخص الذي ستتفاوض معه روسيا، لأن موقفه من المحادثات، هو تجميد خط المواجهة في أوكرانيا".
وأكد مسؤول بالإدارة الأميركية، أن روسيا لم ترغب في وجود كيلوج، ولكنه قال إنه لا يعلم متى أبلغ الكرملين البيت الأبيض بهذه الرغبة.
ولم يرد مكتب كيلوج على طلبات للتعليق بشأن سبب عدم انخراطه في المفاوضات وما إذا كانت روسيا قد طلبت عدم حضوره.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، جيمس هيويت، إن ترمب "يستخدم خبرات مسؤولين كبار رفيعي المستوى للمساعدة في الوصول إلى حل سلمي للحرب"، وأضاف أن كيلوج يبقى "جزءاً مهماً من الفريق، وخاصة فيما يتعلق بالمحادثات من الحلفاء الأوروبيين".
وكيلوج البالغ من 80 عاماً، هو مؤيد كبير لترمب، خدم في عدة مواقع بالإدارة الأميركية خلال ولاية ترمب الأولى (2017 - 2021)، بما في ذلك كمستشار للأمن القومي بمكتب نائب الرئيس حينها مايك بنس.
وقبل التصديق على تعيينه كمبعوث لروسيا وأوكرانيا في يناير الماضي، كتب كيلوج بشأن ما وصفه بـ"السياسات الخارجية منعدمة الكفاءة" للرئيس جو بايدن.
وفي ورقة قدمها إلى "معهد أميركا أولاً للسياسة"، والذي أسسه لدعم سياسات ترمب، اقترح كيلوج أنه لكي تنجح الولايات المتحدة في إنهاء الحرب، يجب أن تسلح أوكرانيا وتقوي ودفاعاتها، وبالتالي ضمان أن روسيا "لن تحرز أي تقدم آخر ولن تهاجم كييف مجدداً بعد التوصل إلى اتفاق سلام".
وأضاف كيلوج: "على الرغم من ذلك، فإن مستقبل المساعدات الأميركية، سيتطلب من أوكرانيا أن تشارك في محادثات سلام مع روسيا".
وخلال الحملة الانتخابية، قال ترمب إن أحد أهم أولوياته هو إنهاء الحرب، وإنه سينهي الأعمال العدائية خلال "24 ساعة" من توليه المنصب.
وفي الأيام الأخيرة، أحرزت روسيا تقدماً في ميدان المعارك بأوكرانيا وباتت تضغط على القوات الأوكرانية التي تسيطر على كورسك داخل الأراضي الروسية.
ويتكوف يلتقي بوتين في موسكو
وفي 11 فبراير، زار مبعوث ترمب للشرق الأوسط سيتف ويتكوف موسكو، والتقى بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اجتماع استمر لمدة 3 ساعات ونصف.
ولا يوجد أي تصريح رسمي بشأن ما دار في الاجتماع. وزار ويتكوف روسيا حينها لتأمين إطلاق سراح الأميركي مارك فوجل المدرس الأميركي الذي كانت تحتجزه روسيا لـ 3 سنوات ونصف.
وفي مقابلة مع شبكة CBS الأميركية، وصف ويتكوف وهو صديق لترمب، اجتماعه مع بوتين بأنه كان اجتماعاً لـ"بناء الثقة".
وقال إنه كان المسؤول الأميركي الوحيد في الاجتماع وإنه حمل رسالة من بوتين إلى ترمب. وقال أيضاً إن بوتين "كان لديه شيء لأحمله إلى الرئيس"، ولكنه لم يذكر تفاصيل.
وفي اليوم التالي، كتب ترمب على "تروث سوشيال"، أنه تحدث مع بوتين وأنهما اتفقا على أن تبدأ فرقهما التفاوض فوراً.
وأضاف: "اتفقنا على العمل سوياً، عن كثب، بما في ذلك زياة متبادلة لدولتينا".
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف حينها إن المكالمة استمرت 90 دقيقة، وأن بوتين أعرب فيها عن تعبيره عن "استعداده لاستقبال مسؤولين أميركيين في سوريا، فيما يخص المصالح المشتركة، بما في ذلك بالطبع، قضية التسوية الأوكرانية".
ووصل ويتكوف إلى موسكو، الخميس، في ثاني زيارة له لبحث مقترح الهدنة الأميركي مع بوتين.
وفي 13 فبراير، أعلن ترمب عن قائمة من الدبلوماسيين الذي سيحضرون المحادثات مع روسيا، وهم ويتكوف ومدير الاستخبارات المركزية جون راتكليف، ومستشار الأمن القومي مايك والتز ضمن فريق يقوده وزير الخارجية ماركو روبيو. ولم يكن كيلوج على هذه القائمة.
وقال مسؤول أميركي ثان إن القرار صدمه حينها.
ولم يعلق ممثل عن ويتكوف إذا ما كان المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ناقش قضية استبعاد كيلوج مع بوتين.
ورداً على سؤال بشأن ما إذ كان المسؤولين الروس قد طلبوا استبعاد كيلوج، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية ماريا زاخاروفا إن "القرار يعود للأميركيين في اختيار وفودهم"، مضيفة أن الدبلوماسيين الروس "لديهم خبرة كبيرة في التعامل مع الوفود المختلفة".
مطالب موسكو
وترغب كييف في انسحاب القوات الأوكرانية من الأقاليم الأوكرانية التي لا تزال تشهد قتالاً بما في ذلك جنوب خيرسون وزابوروجيا.
وأعلنت روسيا انضمام أربعة أقاليم إلى أراضيها وهي خيرسون وزابوروجيا ودونيتسك ولوغانسك في سبتمبر 2022.
وعقب الاجتماع بين روسيا والولايات المتحدة في الرياض في 18 فبراير، لم تخرج الكثير من التصريحات بشأن الحرب في أوكرانيا، وشهد البيت الأبيض في 28 فبراير اجتماعاً عاصفاً بين ترمب وزيلينسكي، أعلنت الولايات المتحدة بعده قطع المساعدات العسكرية والتبادل الاستخباراتي.
ورفعت الولايات المتحدة تعليق المساعدات بعد محادثات في مدينة جدة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، أعلنت كييف بعدها قبول هدنة 30 يوماً مع روسيا، رهن موافق روسيا على الخطة.
بوتين يرد على مقترح الهدنة
والخميس، قال بوتين إن مقترح وقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً في الحرب مع أوكرانيا "فكرة جيدة"، ولكنه تساءل عن طريقة تنفيذ هذه الهدنة، خصوصاً وأنه يشترط أن يؤدي ذلك إلى سلام دائم ومعالجة للأسباب الجذرية لهذا الصراع.
وخلال مؤتمر صحافي مع الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو في موسكو، توجّه بوتين بالشكر إلى ترمب على جهوده من أجل السلام، مضيفاً أن روسيا "تتفق مع المقترحات الرامية إلى إنهاء الأعمال القتالية، ولكن فقط تلك التي تؤدي إلى السلام الدائم وتزيل أسباب الأزمة".
وطرح بوتين، تساؤلات كثيرة عن طريقة تنفيذ هدنة الـ30 يوماً المقترحة، وهل ستستغلها أوكرانيا من أجل إعادة تعبئة جيشها وجلب مزيد من الأسلحة والتدرب عليها، على حد قوله.
كما تحدث عن كيفية التعامل مع المسائل المتعلقة بخطوط التماس على طول 2000 كيلومتر. وأضاف: "من سيضمن لنا عدم حدوث أي خرق؟ كيف سيكون التحقق ومراقبة وقف النار؟ كيف يمكن التأكد من ذلك؟ من سيعطي الأوامر لوقف إطلاق النار؟ من سيعرف من خرق الهدنة على طول 2000 كيلومتر؟ هذه كلها أسئلة تحتاج إلى دراسة معمقة من الجانبين، فالفكرة جيدة ولكن هناك أسئلة يجب مناقشتها بشأن التنفيذ".