تدرس إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب احتمال الاعتراف بشبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا من أوكرانيا، كأراض روسية، في إطار أي اتفاق مستقبلي لإنهاء الحرب التي تشنها موسكو على كييف، وفقاً لما نقله موقع "سيمافور" الإخباري الأميركي عن مصدرين مطلعين.
كما ناقش مسؤولون في الإدارة احتمال حثّ واشنطن للأمم المتحدة على اتخاذ خطوة مماثلة، وفقاً للمسؤولين اللذين نقل عنهما الموقع، وهو ما قد ينسجم مع موقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يعتبر القرم أرضاً روسية منذ فترة طويلة.
ويأتي هذا التوجه غير المعلن سابقاً في الوقت الذي بحث فيه بوتين خلال اتصال هاتفي مع ترمب الحرب في أوكرانيا، حيث أعلن الكرملين أن بوتين "وافق على وقف هجمات البنية التحتية للطاقة بأوكرانيا لمدة 30 يوماً"، فيما قال البيت الأبيض، إن "الرئيسين اتفقا على بدء المفاوضات بشأن السلام في أوكرانيا فوراً".
وقال ترمب للصحافيين على متن الطائرة الرئاسية مساء الأحد، إن "المفاوضين ناقشوا بالفعل تقسيم بعض الأصول".
ورغم أن ترمب لم يتخذ أي قرارات رسمية بعد، إلا أن مسألة القرم تُعدّ واحدة من عدة خيارات مطروحة ضمن جهود إدارته لإنهاء الحرب.
"لا تعهدات من هذا النوع"
ورفض البيت الأبيض التعليق على الأمر، لكن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، برايان هيوز، قال في بيان لـ"سمافور" بعد نشر الخبر، إن "الإدارة الأميركية لم تقدم أي تعهدات من هذا النوع، ولن نجري مفاوضات حول هذه الصفقة عبر وسائل الإعلام".
وأضاف هيوز: "قبل أسبوعين فقط، كانت المسافة بين أوكرانيا وروسيا كبيرة بشأن اتفاق وقف إطلاق النار، لكننا اليوم أقرب إلى التوصل إلى اتفاق بفضل قيادة الرئيس ترمب. الهدف لا يزال هو نفسه: وقف القتل والتوصل إلى حل سلمي لهذا الصراع".
وكان مسؤولو إدارة ترمب قد تحدثوا علناً عن ضرورة تقديم أوكرانيا لتنازلات إقليمية لروسيا من أجل إنهاء الحرب المستمرة منذ 3 سنوات، كما سبق للرئيس نفسه أن أبدى "استعداده للنظر في الاعتراف بالقرم كأرض روسية". لكن منذ توليه المنصب، لم يكشف مستشاروه علناً عن تفاصيل محددة بشأن ما قد يُعرض على بوتين.
وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو للصحافيين الأسبوع الماضي: "عانى الأوكرانيون كثيراً، وتألم الشعب بشدة، ومن الصعب في ظل ذلك الحديث عن تقديم تنازلات، لكن هذا هو السبيل الوحيد لإنهاء هذه الحرب ومنع المزيد من المعاناة".
معارضة أوكرانية
وقد يواجه أي تحرك أميركي للاعتراف رسمياً بالقرم كجزء من روسيا معارضة شديدة من أوروبا وكييف، إذ يرفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تقديم أي تنازلات تتعلق بأراضي بلاده. وكانت الولايات المتحدة وأوكرانيا ومعظم المجتمع الدولي قد أكدوا أن "القرم جزء من الأراضي الأوكرانية، رغم الضم الروسي لشبه الجزيرة".
وفي الوقت ذاته، يشكك الخبراء الأمنيون في قدرة القوات الأوكرانية على استعادة القرم عسكرياً، حتى أن زيلينسكي نفسه أقرّ العام الماضي بأن استعادة المنطقة "لن تكون ممكنة إلا عبر المسار الدبلوماسي، وهو أمر يبدو أن روسيا لن توافق عليه بسهولة".
وكان ترمب قد أثار فكرة الاعتراف بالقرم كأرض روسية قبل سنوات من الحرب الروسية في أوكرانيا. وخلال حملته الانتخابية عام 2016، وكذلك خلال ولايته الأولى، قال مراراً إنه "مستعد للنظر في هذه المسألة".
وفي مقابلة أجراها عام 2018 مع شبكة ABC News، قال ترمب: "من خلال ما سمعته، فإن سكان القرم يفضلون أن يكونوا مع روسيا على أن يكونوا حيث كانوا"، مضيفاً: "يجب النظر في ذلك أيضاً".