غضب وقلق بين طياري الجيش الأميركي بعد "تسريبات سيجنال"

مقاتلة أميركية تستعد للإقلاع من حاملة الطائرات "يو إس إس هاري ترومان" في البحر الأحمر. 26 مارس 2025 - @CENTCOM
مقاتلة أميركية تستعد للإقلاع من حاملة الطائرات "يو إس إس هاري ترومان" في البحر الأحمر. 26 مارس 2025 - @CENTCOM
دبي-الشرق

أثار الكشف عن "محادثات سيجنال" بين كبار المسؤولين الأميركيين بشأن الضربات الجوية على اليمن، ردود فعل غاضبة بين طياري الجيش الأميركي، بعدما تم الكشف عن تفاصيل خطة الهجوم ضد الحوثيين، حسبما أفادت به صحيفة "نيويورك تايمز". 

وكشفت الرسائل عن مناقشات بين كبار مسؤولي الأمن القومي بشأن ضربات عسكرية مزمعة تستهدف الحوثيين، إذ شارك وزير الدفاع بيت هيجسيث معلومات تتعلق بتوقيت الهجمات في 15 مارس، قبل ساعات من بدء الهجوم.

واعتبر طيارون حاليون وسابقون في الجيش الأميركي أن الاختراق كان صادماً، لكن ما فاقم الأزمة، كان رفض هيجسيث الاعتراف بأنه كان يجب عليه عدم الكشف عن معلومات حساسة بشأن توقيت الهجوم الأميركي. 

وذكرت الصحيفة أن شعوراً بالذعر ساد بين الطيارين في القواعد الجوية الأميركية، وفي "غرف الاستعداد" على حاملات الطائرات، وفي التجمعات السكنية القريبة من القواعد العسكرية هذا الأسبوع، بعد مناقشة كبار المسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب خطط الهجوم عبر "سيجنال". 

عقيدة الأمن العملياتي

ونقلت الصحيفة عن 10 طيارين من سلاح الجو والبحرية الأميركيين قولهم، إن إضافة رئيس تحرير مجلة "ذي أتلانتيك" إلى المحادثة الجماعية عن طريق الخطأ، وإصرار هيجسيث على أنه لم يرتكب أي خطأ بكشفه عن الخطط السرية، يُشكل تهديداً لسلامتهم، ويُقلب عقوداً من عقيدة الجيش الخاصة بالأمن العملياتي.

وأضاف الطيارون أن الأسوأ هو أنهم أصبحوا غير متأكدين من تركيز وزارة الدفاع "البنتاجون" على سلامتهم خلال العمليات المستقبلية.

بدوره، قال الملازم المتقاعد من البحرية الأميركية، جون جادزينسكي: "الجميع يخطئ، لكن في النهاية، إذا لم تستطع الاعتراف بخطئك، فقد تتسبب في موت شخص بسبب غرورك"، مضيفاً: "منذ نشر ذي أتلانتيك تقاريرها حول تسريبات المحادثة، ظهرت يومياً تفاصيل جديدة مدهشة".

وقال أحد الطيارين: "نحن لا نشارك الخطط مع الأشخاص الذين لا يحتاجون إلى معرفتها، ولا نكشف عن توقيت الهجمات، لأن ذلك يُعرّض طاقمنا للخطر".

وقال الكابتن البحري السابق جوزيف كابالبو، إنه "من المهم أن تفهم مدى تأثير الإجراءات الأمنية المتعلقة بتأمين العمليات على حياتك على متن حاملة طائرات"، وأضاف: "العمليات في البحر الأحمر تتم في صمت تام، فلا أحد يتحدث عبر اللاسلكي، لأن كل شيء يمكن سماعه بسهولة".

بدوره، قال الطيار السابق في سلاح الجو الأميركي، أنتوني بورك: "عندما تكشف عن الأمن العملياتي، فإن الناس قد يُقتلون، وهذه الأمور لا تُؤخذ باستخفاف.. لم أقابل قط أي شخص في الجيش لا يعرف هذا".

ووصف باركر كولداو، وهو طيار سابق في البحرية الأميركية، التسريبات ورد فعل وزير الدفاع اللاحق عليها بأنها "مستفزة"، قائلاً: "هذا يتجاوز ما أتوقعه من أي شخص في الجيش، وفكرة أن وزير الدفاع، الذي يُفترض أن يكون على دراية أكبر، قد فعل هذا، هو أمر مُربك للغاية".

استهداف طيارين أميركيين

وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن التفاصيل المتعلقة بالعمليات العسكرية عادةً ما تُحفظ بسرية تامة، حتى عن الأفراد المشاركين فيها، ولا يُسمح لهم بالتحدث مع غير المعنيين، أو إخبارهم بالخطط، كما يتم تدمير التعليمات من قبل الطواقم من خلال حرقها داخل "غرف الاستعداد" على حاملات الطائرات، حيث يقضي الطيارون وقتهم عندما لا يكونون في الجو.

في المقابل، نقلت الصحيفة عن مسؤول سابق رفيع المستوى في وزارة الدفاع، قوله إن "النَص الذي كتبه هيجسيث في المحادثة حول أوقات الإطلاق ونوع الطائرات الهجومية كان يمثل معلومات سرية كانت من الممكن أن تُعرّض حياة الطيارين للخطر لو تم نشرها أو الحصول عليها". 

ويرى كبار مسؤولي وزارة الدفاع والمحللين العسكريين، أن الحوثيين يمتلكون دفاعات جوية، قدمتها إيران، "قادرة على استهداف الطائرات الحربية الأميركية". 

ووفقاً لما نقلته الصحيفة عن مسؤول عسكري أميركي كبير، فقد أطلق الحوثيون لأول مرة صواريخ أرض-جو على طائرة مقاتلة من طرزا F-16 في 19 فبراير الماضي، لكن الصواريخ لم تصب المقاتلة، إلا أنهم أسقطوا عدة طائرات مُسيّرة تابعة لسلاح الجو الأميركي التي تطير بسرعة أبطأ. 

وفي رد على الصحيفة، قال شون بارنيل، الناطق باسم البنتاجون، إن "محادثة (سيجنال) التي تمت الإشارة إليها من قبل صحيفة ذي أتلانتيك، لم تكن منتدى للتخطيط الرسمي أو تنفيذ العمليات العسكرية، والتي عادةً ما تشمل قيادة هيئة الأركان المشتركة والقوات المشتركة"، مضيفاً أن "القيادات العسكرية غالباً ما لا تكون مدعوة في الاجتماعات السياسية".

يشار إلى أن المحادثة شملت نائب الرئيس جي دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ومستشار ترمب للأمن القومي مايك والتز، ومسؤولين آخرين، لكنها لم تشمل القائم بأعمال رئيس هيئة الأركان المشتركة، الأدميرال كريستوفر جرادي، وهو المسؤول العسكري الأعلى. 

تصنيفات

قصص قد تهمك