ميرتس في "مأزق سياسي" قبل بدء مهامه كمستشار لألمانيا

المستشار الألماني المرتقب وزعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرتس خلال مؤتمر صحافي في العاصمة الألمانية برلين. 28 مارس 2025 - Reuters
المستشار الألماني المرتقب وزعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرتس خلال مؤتمر صحافي في العاصمة الألمانية برلين. 28 مارس 2025 - Reuters
دبي-الشرق

يواجه المستشار الألماني المقبل فريدريش ميرتس "مأزقاً سياسياً كبيراً"، على الرغم من أنه لم يبدأ بعد مهامه رسمياً، حسبما أوردت مجلة "بوليتيكو" في نسختها الأوروبية.

وذكرت "بوليتيكو" أن ميرتس يواجه تراجعاً في معدلات التأييد، وسيلاً من الانتقادات من جانب أطياف في قاعدته المحافظة، التي ترى أنه يرضخ لإرادة الحزب الديمقراطي الاجتماعي اليساري الوسطي خلال مفاوضات تشكيل الائتلاف الحكومي.

ويرى منتقدو ميرتس أنه أخفق في الوفاء بتعهداته التي أطلقها قبل الانتخابات بتحريك حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي نحو اليمين بشكل واضح في ملفات سياسية أساسية.

خلافات داخلية

وخرجت هذه الخلافات الداخلية إلى العلن في الأيام الأخيرة، بعدما أرسل أعضاء من منظمة شباب الكتلة المحافظة في مدينة كولونيا رسالة إلى ميرتس أعربوا فيها عن استيائهم، وفق "بوليتيكو".

وجاء في الرسالة: "سيد ميرتس، لقد آمنا بقيادتك السياسية. وثقنا بك. ودافعنا عنك. لكننا اليوم نطرح هذا السؤال: من أجل ماذا؟ من أجل حزب ديمقراطي مسيحي يخضع للتيار اليساري السائد؟".

وبعد سنوات من الحكم الضعيف والمنقسم في عهد المستشار أولاف شولتز، كان العديد من القادة الأوروبيين يأملون أن يقدم ميرتس قيادة ألمانية أقوى داخل الاتحاد الأوروبي.

وتعهد ميرتس بالفعل بتقديم هذه القيادة، في ضوء التحديات التي يفرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إذ وعد بعد فوزه في الانتخابات المبكرة في 23 فبراير الماضي بـ"تعزيز أوروبا بأسرع ما يمكن، حتى تتمكن -خطوة بخطوة- من تحقيق استقلال حقيقي عن الولايات المتحدة".

وأشارت "بوليتيكو" إلى أن التحديات السياسية الأخيرة أضرَّت بميرتس، وجعلته "زعيماً ضعيفاً" قد يضطر إلى تكريس المزيد من الوقت في محاولة ترميم صورته المتضررة في الداخل.

تراجع في الشعبية

وفي غضون ذلك، بدأت كتلة المحافظين في ألمانيا تفقد شعبيتها في استطلاعات الرأي، بينما يستفيد حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، الذي سيصبح أكبر قوى المعارضة في البلاد مع انعقاد البوندستاج (البرلمان) الجديد، من هذا التراجع.

ووفقاً لأحدث استطلاع لـ"دويتشلاند تريند"، تراجعت شعبية الكتلة المحافظة بقيادة ميرتس بمقدار 3 نقاط مئوية لتصل إلى 26%، في المقابل كسب حزب "البديل" 3 نقاط مئوية ليصل إلى 24%، وهو أعلى مستوى له على الإطلاق.

وربما يكون الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لميرتس، هو أن نسبة تأييده بين الألمان تراجعت إلى 25% فقط، بانخفاض 10 نقاط مئوية منذ فبراير الماضي، الشهر الذي فاز فيه المحافظون بالانتخابات الوطنية.

وتعود بدايات مشكلات ميرتس السياسية إلى الاتفاق التاريخي الذي توصَّل إليه مع الحزب الديمقراطي الاجتماعي وحزب الخضر، والذي يقضي بضخ نحو تريليون يورو في الإنفاق على الدفاع والبنية التحتية خلال العقد المقبل، بما في ذلك 100 مليار يورو لتمويل التحول البيئي في ألمانيا.

وعلى الرغم من أن هذه الخطوة، التي أنهت أكثر من 15 عاماً من التقشف الذاتي، حظيت بترحيب في الخارج، فإن الكثير من المحافظين في الداخل عبروا عن استيائهم بصمت.

واعتبر هؤلاء أن ميرتس -الذي روَّج لخطاب محافظ يقوم على الانضباط المالي قبل الانتخابات- منح خصومه من اليسار الوسط ما كانوا يطالبون به منذ فترة طويلة، وهو الإنفاق الممول عبر الديون.

وفتحت هذه الخطوة الباب أمام هجمات شرسة من حزب "البديل"، الذي اتهم قادته ميرتس بخيانة ناخبيه. وقال تينو كروبالا، أحد زعماء الحزب: "ما الذي تُمثّله حقاً يا سيد ميرتس؟".

"ضرر جسيم"

وتأتي معظم هذه الانتقادات من منظمة شباب الكتلة المحافظة، المعروفة باسم "اتحاد الشباب". وهدد يوهانس فينكل، رئيس المنظمة وعضو مجلس إدارة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، بالتصويت ضد اتفاق تشكيل ائتلاف مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي ما لم يتضمن سياسات محافظة أساسية.

وطالب فينكل بفرض قيود صارمة على الهجرة، واستعادة القدرة التنافسية للاقتصاد من خلال تقليص القيود البيروقراطية والتنظيمية.

وفي مقابلة مع صحيفة "زود دويتشه تسايتونج"، قال فينكل: "إذا دخلنا في ائتلاف دون التغيير السياسي الذي طال انتظاره ووُعدنا به، فإن البلاد ستتعرض لضرر جسيم".

أما منظمة الشباب في كولونيا، فقد طالبت ميرتس بالوفاء بتعهداته التي أطلقها قبل الانتخابات برفض استقبال طالبي اللجوء على الحدود، ورفض زيادات الضرائب، وإجراء "خفض جذري" في البيروقراطية، وهي سياسات قاومها الحزب الديمقراطي الاجتماعي بدرجات متفاوتة. 

وأوضحت "بوليتيكو" أن المشكلة التي يواجهها ميرتس تكمن في أن أوراق الضغط المتاحة له محدودة، إذ أن خطته الكبرى للإنفاق منحت الحزب الديمقراطي الاجتماعي معظم ما كان يطمح إليه، وبعد استبعاده لأي تحالف مع حزب "البديل"، لم يتبق له شريك ائتلافي آخر ممكن.

وفي الأيام الأخيرة، حاول ميرتس تهدئة قاعدته المستاءة، من خلال التركيز على القضايا الجوهرية، في وقت تتسبب فيه الرسوم الجمركية التي يفرضها ترمب في اضطرابات واسعة في أوروبا وغيرها.

تصنيفات

قصص قد تهمك