قال خافيير كولومينا ممثل السكرتير العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو" بالجوار الجنوبي في مقابلة خاصة مع "الشرق"، إن التحالف يسعى لرفع نسبة الإنفاق الدفاعي لمواجهة التحديات، مشيراً إلى عقد قمة على مستوى رؤساء الدول في لاهاي يونيو المقبل، فيما أوضح أن نسبة الوفاء بالتعهدات لدعم أوكرانيا ارتفعت عن المعلن، كما شدد على أهمية فتح مكتب ارتباط في الأردن قريباً، يعد الأول له في المنطقة.
وأضاف كولومينا على هامش اجتماعات وزراء خارجية الحلف الأخيرة التي عقدت نهاية الأسبوع الماضي في بروكسل، أن الاجتماع الذي يعد الأول الذي يشارك فيه وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، "كان ناجحاً، لأن روبيو أكد تمسك الإدارة الأميركية بالبند الخامس من ميثاق الحلف الذي ينص على أن أي اعتداء على أية دولة في الحلف يشكل اعتداءً على جميع الدول الأعضاء".
وتابع كولومينا وهو نائب مساعد السكرتير العام للشؤون السياسية والسياسة الأمنية للحلف: "لقد كان هذا الاجتماع مهماً جداً، إذ كان الأول لوزراء خارجية الحلف مع وزير جديد هو ماركو روبيو، وكان لدينا الكثير من الأمور لنتحدث معه فيها، لكنه كان في النهاية اجتماعاً ناجحاً للغاية. سمعنا بوضوح شديد من وزير الخارجية الأميركي الجديد التزامهم بالمادة 5، هذا الالتزام مع الحلف يلخص النتيجة الرئيسية لهذا الاجتماع".
وكانت العديد من الدول الأعضاء في حلف الناتو، وعددها 32 دولة، أعربت عن شكوكها إزاء التزام إدارة الرئيس دونالد ترمب بهذا البند من الميثاق، بعد إطلاقه تصريحات كشف فيها أن بلاده تدرس الاستيلاء على جزيرة "جرينلاند" الدنماركية لأهميتها للأمن القومي الأميركي، وكذلك عقب اتخاذه موقفاً سلبياً من دعم أوكرانيا في مواجهة روسيا.
وظهرت في الأشهر الأخيرة تساؤلات بين العديد من دول الحلف، حول ما إذا كانت أميركا ستتحرك للدفاع عن دولة عضو مثل ليتوانيا أو غيرها، حال تعرضت لهجوم عسكري من قبل روسيا، كما حدث في أوكرانيا.
وفي رده على سؤال بشأن مدى قلق دول الحلف من المقاربة الأميركية بشأن الحرب بين روسيا وأوكرانيا، قال كولومينا: "دعني أقول لك إن المقاربة الأميركية تجاه الحرب في أوكرانيا، والمقاربة تجاه روسيا تختلف قليلاً عن المقاربة الأوروبية كما قلت، نحن نعتقد أننا جميعاً نريد وضع حد للحرب في أوكرانيا، ولهذا السبب رحبنا ونشيد بجهود الرئيس ترمب لإنهائها بوقف إطلاق النار أولاً، ثم مفاوضات السلام. وقد كنا واضحين للغاية في أن ما نهدف إليه هو سلام دائم وعادل للأوكرانيين. ولكي يحدث ذلك، نعتقد أنه ستكون هناك حاجة إلى ضمانات أمنية يجب أن يضعها الأوروبيون".
ومضى قائلاً: "لقد رحبنا كثيراً بجهود العديد من الحلفاء بقيادة الفرنسيين والبريطانيين. أعتقد أننا في المكان الذي يجب أن نكون فيه. ثم بالطبع نحتاج أن نرى المفاوضات تتقدم وتتقدم بشكل جيد. وقد رأينا، مؤخراً، كيف أن الروس ليسوا على استعداد للتقدم بنفس القدر الذي يحرزه الأوكرانيون. نأمل أن يكون الضغط الأميركي وضغط الحلفاء كافياً لجعل المفاوضات بأكملها تتقدم".
الإنفاق الدفاعي ودعم أوكرانيا
وفي رده على سؤال بشأن مطالبة وزير خارجية أميركا الدول الأعضاء في الحلف خلال هذا الاجتماع، برفع نسبة إنفاقهم على الدفاع إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة، قال كولومينا: "لقد كنا واضحين بالفعل. لقد كان الأمين العام الماضي واضحاً، وكان مارك روته (الأمين العام الحالي) واضحاً. نحن نعتقد أن الأوروبيين بحاجة إلى زيادة إنفاقهم الدفاعي بشكل واضح".
وأضاف: "من الصعب استخدام رقم هنا. لقد سمعنا هذه الـ5% من الجانب الآخر من الأطلسي، ولقد تحدثنا عن 3% في العديد من المناسبات، ربما يكون أكثر من ذلك، ربما ما نريده هو قرار يتعين على الحلفاء اتخاذه في القمة القادمة التي سيعقدها الحلف على مستوى الرؤساء في لاهاي خلال يونيو المقبل، لكن ما يمكنني قوله هو أن الأوروبيين قد زادوا بالفعل في الاستثمار الدفاعي".
وأوضح أنه في عام 2014، لم يكن هناك سوى 3 دول فقط تنفق بنسبة أعلى من 2%، أما اليوم، فإن ثلثي دول التحالف تجاوزت هذه النسبة، والبلدان التسعة التي لم تفعل ذلك تتحرك نحو هذا الهدف بسرعة كبيرة.
وتابع: "العديد من حلفائنا أعلنوا بالفعل عن 3 و4 وحتى 5%، لذلك أعتقد أننا على الطريق الصحيح، وهذا ما نحتاج القيام به، أي المزيد من الاستثمارات الدفاعية من أجل حلف ناتو أقوى".
وفي السياق، كشف كولومينا عن أن المساعدات التي قدمتها دول الناتو لأوكرانيا في العام الأخير، زادت عما التزمت به هذه الدول.
وقال: "في الواقع في عام 2024، تعهدنا بمبلغ 40 مليار دولار لدعم أوكرانيا، وحققنا أكثر من 50 مليار دولار في هذا العام يضاف إليها الأشهر الثلاثة الأولى فقط من عام 2025".
وأضاف: "تعهد الحلفاء بالفعل بأكثر من 20 مليار دولار في 3 أشهر قادمة، هذه في الواقع أموال كثيرة. لذلك نحن مستمرون في دعم أوكرانيا عسكرياً وسياسياً. نواصل الحديث مع أصدقائنا الأوكرانيين من خلال مجلس الناتو في أوكرانيا وسنواصل القيام بذلك، لأننا نعتقد أنه من أجل تحقيق سلام دائم وعادل، كما كنا نقول، نحتاج إلى مضاعفة الجهد في دعم الأوكرانيين، ليحصلوا على أفضل فرصة في عملية التفاوض التي بدأها الأميركيون والتي رحبنا بها كثيراً".
وأضاف: "عقدنا بالأمس مجلس الناتو- أوكرانيا، بمشاركة وزير خارجية أوكرانيا، وكذلك مع الممثل السامي للاتحاد الأوروبي كايا كاس، إذ تحدثنا عن العناصر المختلفة لدعمنا لأوكرانيا، والقرارات المختلفة التي اتخذناها في واشنطن لدعم الناتو ومساعدته ومهمة التدريب التي مقرها في مدينة فيسبادن الألمانية".
قمة "الناتو"ومكتب الارتباط في عمّان
وحول أهمية القمة المقبلة للحلف في لاهاي في هولندا، قال كولومينا: "أعتقد أنها ستكون قمة مهمة للغاية، فهي الأولى مع الإدارة الأميركية الجديدة، وأول قمة مع الرئيس ترمب في ولايته الثانية".
وتابع كولومينا: "من المهم أن نستعد لذلك بشكل جيد مع أصدقائنا الأميركيين ومع بقية الحلفاء، كان هذا الاجتماع الوزاري ناجحاً في جميع المواضيع المختلفة التي كانت لدينا في جدول الأعمال، لذلك نعتقد أن القمة القادمة ستواصل هذا الاتجاه الإيجابي".
وأضاف: "متأكد من أن القمة ستكون حول الاستثمار في الدفاع، لكننا سنستمر في اتخاذ القرارات حول كيفية تنفيذ خططنا الدفاعية، وخططنا الإقليمية، وبالتالي سنستمر في أن نكون أقوياء من أجل حلفائنا الـ 32".
وحول المغزى من وراء قرار الناتو فتح مكتب اتصال وارتباط في الأردن، قال كولومينا: "المكتب بحد ذاته أساسي لسببين. أولاً، بسبب العلاقة الثنائية مع الأردن، فهي علاقة قوية وعميقة جداً، وكنا بحاجة إلى أن يكون لنا وجود هناك".
وأضاف: "كان لدينا بالفعل فريق أساسي لبناء القدرات الدفاعية، يعمل مع أصدقائنا الأردنيين، مع القوات المسلحة الأردنية في بناء المشاريع المختلفة للقدرات الدفاعية لهذه القوات، لكن في الوقت نفسه أردنا أن نقوم بالمزيد من التعاون العملي والحوار السياسي على حد سواء، أما الجانب الثاني، فهو أنه سيكون المكتب السياسي الوحيد الذي لدينا في الجنوب. وهذا سيعطينا فهماً أفضل حول كيفية تطور التهديدات والتحديات في المنطقة، لذا بالطبع نعتقد أنه إنجاز مهم ونتطلع بشدة إلى افتتاحه قريباً".