ساندرز يدعم من أجل العمال.. وحاكم كولورادو: مطرقة تنتهي بضرب يدك بدلاً من المسمار

أميركا.. جمارك ترمب تكشف انقسامات عميقة داخل الحزب الديمقراطي

السناتور الأمريكي بيرني ساندرز والنائبة ألكساندريا أوكاسيو كورتيز يحضران مسيرة "محاربة الأوليغارشية" في دنفر كولورادو بالولايات المتحدة. 21 مارس 2025 - REUTERS
السناتور الأمريكي بيرني ساندرز والنائبة ألكساندريا أوكاسيو كورتيز يحضران مسيرة "محاربة الأوليغارشية" في دنفر كولورادو بالولايات المتحدة. 21 مارس 2025 - REUTERS
دبي-الشرق

أثارت السياسة التجارية للرئيس الأميركي دونالد ترمب، المتمثلة في فرض رسوم جمركية جديدة، حالة من الانقسام الحاد داخل الحزب الديمقراطي المنافس لحزب الرئيس الجمهوري، حيث يجد قادته أنفسهم في موقف صعب بين انتقاد هذه السياسة بشدة أو التحفظ تفادياً للصدام مع قواعدهم العمالية التي تبدي دعماً نسبياً لها.

وهاجم العديد من الديمقراطيين الرسوم الأخيرة، واصفين إياها بأنها لا تُحقق سوى ارتفاع الأسعار للمستهلكين وتُحدث اضطراباً في التجارة العالمية، لكن جزءاً كبيراً من الحركة العمالية، التي تُعد أحد الأعمدة الأساسية لتحالف الحزب، يدعم فرض رسوم جمركية محددة لحماية الصناعات الوطنية من المنافسة الأجنبية، بحسب تقرير نشرته صحيفة "The Hill".

وعكست حاكمة ولاية ميشيجان، جريتشن ويتمر، هذا التوازن الحرج في خطاب لها بواشنطن، أوضحت خلاله أنها "تفهم دوافع فرض الرسوم، ولا تعارض الرسوم بالمطلق"، لكنها حذّرت من أن نهج ترمب يفتقر إلى وضوح الهدف.

وقالت: "لا يمكنك استخدام مطرقة الرسوم الجمركية لحل كل مشكلة من دون وجود هدف واضح ومحدد".

وفي مقابلة لاحقة، عبّرت ويتمر عن قلقها تجاه تأثير هذه الرسوم على قطاع السيارات في ولايتها، معتبرةً أن "كل هذا الغموض سيكلفنا جميعاً، لكنه سيكلف عمّال السيارات بشكل خاص. نحن نرى بالفعل تأثيرات فورية، وعلى المدى البعيد قد تكون أسوأ بكثير".

ورداً على تصريحاتها، كتب حاكم كولورادو جاريد بوليس منشوراً عبر منصة "إكس"، قال فيه: "مطرقة الرسوم تنتهي بك بضرب يدك بدلاً من المسمار".

وأضاف بوليس: "الرسوم الجمركية سيئة بطبيعتها لأنها تؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتدمير الصناعة الأميركية".

مواقف متباينة داخل الحزب

ولم تقتصر الانقسامات بشأن جمارك ترمب على حكام الولايات فحسب، بل امتدت إلى أعضاء مجلس النواب الأميركي أيضاً.

وأثار النائب كريس ديلوزيو، الديمقراطي من ولاية بنسلفانيا الذي يمثل منطقة صناعية ضمن ما يُسمى "حزام الصدأ"، جدلاً الشهر الماضي، حين قال إن على الديمقراطيين "إعادة النظر في موقفهم المطلق الرافض للرسوم الجمركية".

ورأى ديلوزيو، في مقابلة مع صحيفة "واشنطن بوست"، أن "الاتفاقيات التجارية الرديئة مثل اتفاقية (نافتا) بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا دمّرت قطاعات كاملة من الاقتصاد الأميركي".

لكن النائب الديمقراطي اعتبر في الوقت ذاته أن نهج ترمب "فوضوي وخاطئ ويفتقر إلى أي استراتيجية واضحة"، مشيراً إلى أن "فرض الرسوم على الحلفاء والخصوم على حد سواء لن يُجدي نفعاً".

بدوره، أعد النائب ديريك تران (ديمقراطي من كاليفورنيا) التأكيد على هذه النقطة خلال لقاء جماهيري على قناة "CNN"، وقال إن "الرسوم الجمركية قد تكون أداة مفيدة لموازنة التجارة، لكن عندما تُستخدم بشكل عشوائي ومتهور وتتسبب في انهيار السوق، فإن ذلك يمثل مشكلة حقيقية بالنسبة لي".

التيار التقدمي يدعو لاستهداف دقيق

حتى التيار التقدمي لم يكن موحداً بالكامل في معارضته للرسوم، إذ صرح السيناتور بيرني ساندرز، وهو من أشد منتقدي اتفاقيات التجارة الحرة، بأن الرسوم الجمركية المستهدفة يمكن أن تكون فعالة في حماية العمال الأميركيين.

وقال ساندرز: "يمكن للرسوم الجمركية أن تخلق بيئة أكثر عدالة لعُمّال السيارات والصلب في مواجهة الشركات التي تنقل إنتاجها إلى دول تُقدّم أجوراً مجحفة، لكن الرسوم الشاملة والعشوائية التي يفرضها ترمب ليست الطريقة الصحيحة".

قلق من تكرار سيناريو التسعينيات

ويحذّر العديد من الديمقراطيين من أن يتحول النقاش حول رسوم ترمب إلى تكرار للجدل التاريخي بين "التجارة الحرة والتجارة العادلة الذي شهده الحزب في تسعينيات القرن الماضي.

وقال تي جي  روني، الرئيس السابق للحزب الديمقراطي في بنسلفانيا: "نتساءل لماذا فقدنا الطبقة الوسطى؟ لأننا نقدم لهم دروساً في التاريخ، بينما هم بحاجة إلى دروس في الواقع".

وأضاف: "علينا أن نتحدث عن الحقيقة: ترمب يقود اقتصادنا وديمقراطيتنا إلى الهاوية، ومعه الجمهوريون في الكونجرس.. هذا ما يجب أن نناقشه، وليس ما إذا كانت الرسوم مناسبة في ظروف معينة".

ومنذ ولايته الأولى وحتى حملته في 2024، لطالما اعتُبر ترمب قوياً على صعيد الاقتصاد، وكان يحصل على تقييمات عالية من الناخبين في هذا المجال، إلى جانب ملف الهجرة، لكن شعبيته بدأت تتراجع مؤخراً، خصوصاً، وفقاً لصحيفة "ذا هيل"، بعد فرضه سلسلة جديدة من الرسوم الجمركية.

ورغم إعلانه عن تأجيل تطبيق معظم الرسوم الكبيرة لمدة 90 يوماً، إلا أن رسماً بنسبة 10% لا يزال سارياً على معظم الواردات، فيما تُفرض رسوم بنسبة 145% على الواردات من الصين، أحد أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة.

ويعتقد المستشار السياسي في ولاية ميشيجانK أدريان هيموند، أن على الديمقراطيين أن يستمعوا إلى ناخبيهم، لا إلى الرسائل المتضاربة من القيادة.

وقال: "ما يجب متابعته ليس ما يقوله القادة، لأن رسائلهم مضطربة، بل ما يفكر به الناخبون التقليديون للحزب. والواقع أن آرائهم سلبية للغاية".

واستشهد هيموند باستطلاع داخلي أجرته "لجنة التغيير التقدمي" بالتعاون مع "Data For Progress"، أظهر أن "83% من الديمقراطيين يعتقدون أن الرسوم ستُضر بالأميركيين، بينما رأى  8% فقط أنها ستفيدهم،  في حين قال 9% إنهم لا يعرفون".

تصنيفات

قصص قد تهمك