قال الرئيس الأميركي جو بايدن، بعد أدائه اليمين وتنصيبه الرئيس الـ46 للولايات المتحدة، الأربعاء، إن إرادة الشعب انتصرت، معتبراً أن مراسم التنصيب احتفال بالديمقراطية الأميركية.
ودعا بايدن إلى بداية جديدة بعد فترة من المرارة والانقسام الحاد، مؤكداً على ضرورة "إنهاء هذه الحرب غير المتحضرة"، وأنه "سيسخّر روحه لتجميع شتات أمريكا وتوحيد هذا البلد".
وأدى بايدن اليمين، في حفل حضره عدد من رؤساء الولايات المتحدة السابقين، فيما غاب الرئيس السابق دونالد ترمب عن المراسم.
كما أدت كمالا هاريس اليمين، لتكون أول امرأة في منصب نائب الرئيس، وسط تأهب أمني غير مسبوق في أعقاب اقتحام أنصار ترمب المبنى في 6 يناير الجاري.
وقال بايدن خلال كلمته بعد أداء اليمين: "إرادة الشعب تحققت ومجدداً تعلمنا أن الديمقراطية هشة لكنها مقدسة وفي هذه اللحظة فإن الديمقراطية هي التي انتصرت".
وتقدم بايدن بالشكر لجميع أسلافه من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وقال إن الدستور الأميركي قادر على الصمود في مواجهة الأزمات.
وأكد بايدن أن الولايات المتحدة أمامها عمل كثير لتقوم به، وهناك حاجة لجبر أضرار كثيرة، والتعافي، والمضي قدماً، مشيراً إلى جائحة كورونا التي أودت بحياة الكثيرين وعطلت الاقتصاد.
وقال بايدن إن "العمل من أجل العدالة للجميع سيبدأ فوراً"، مشيراً إلى أن إدارته ستبدأ في مواجهة التطرف والإرهاب المحلي، وأنها ستتغلب عليهما بالديمقراطية.
وشدد بايدن على أنه من أجل تخطي التحديات وتأمين مستقبل أميركا، فإنه علينا الاسترشاد بالديمقراطية والاتحاد، لافتاً إلى ضرورة مواجهة الفكر المتطرف الذي يعتقد بتفوق العرق الأبيض.
كما دعا إلى وقف الحرب الشعواء بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، لافتاً إلى أنه سيكون رئيساً لجميع الأميركيين، سواء أولئك الذين دعموه، أو الذين لم يدعموه.
وطالب بايدن الأميركيين بالدفاع عن الحقيقة، وهزيمة الأكاذيب، متعهداً بالعمل للدفاع عن الدستور والديمقراطية.
ودعا إلى الوقوف دقيقة صمت حداداً على أرواح ضحايا كورونا، وقال إن أميركا يجب أن تقود العالم لتخطي التحديات والتهديدات.
رؤساء سابقون وغياب ترمب
وشارك في حفل التنصيب الرؤساء السابقون جورج دبليو بوش، وباراك أوباما، وبيل كلينتون، ونائب ترمب، مايك بنس، فيما تغيّب ترمب، إذ غادر قبل ساعات البيت الأبيض متجهاً إلى ولاية فلوريدا حيث يقيم هو وزوجته ميلانيا.
وأدت الفنانة ليدي غاغا النشيد الوطني الأميركي، كما غنت الفنانة جينيفر لوبيز أغنية "أميركا.. أمة واحدة"، قبل صعود بايدن لأداء اليمين.
وتوجه بايدن وهاريس إلى الكابيتول، بعد حضور قداس مع زوجيهما، شارك فيه زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، وزعيم الأقلية تشاك شومر، ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، وزعيم الأقلية في مجلس النواب كيفين مكارثي.
وكان بايدن، قال بعد حضور القداس على تويتر: "نعيش يوماً جديداً في أميركا"، فيما غردت هاريس: "نبدأ اليوم فصلاً جديداً، بتنصيب بايدن رئيساً للولايات المتحدة. وأقسم أن أضع أمتنا على طريق جديد، دائماً نحو الأمام".
وبعد أداء اليمين، غيّر الحساب الرسمي لرئيس الولايات المتحدة (@POTUS) محتواه إلى جو بايدن وإدارته. وقال في أول تغريدة له عبر حسابه:
"لا يوجد وقت نضيعه عندما يتعلق الأمر بمعالجة الأزمات التي نواجهها. لهذا السبب، أتوجه اليوم إلى المكتب البيضاوي للعمل بشكل صحيح لتقديم إجراءات جريئة وإغاثة فورية للعائلات الأميركية".
أما هاريس، ففي أول تغريدة لها من حساب نائب الرئيس، قالت: "جاهزة لأخدم".
تأمين استثنائي
ويجرى حفل تنصيب بايدن في أجواء خاصة تحت تأثير انتشار فيروس كورونا، والصدمة التي خلفها اقتحام الكونغرس الذي أودى بحياة 5 ضحايا، وذلك وسط إجراءات أمن استثنائية، ونشر 25 ألف عنصر من الحرس الوطني وآلاف رجال الشرطة من كل أنحاء البلاد.
كما نصبت حواجز وأسلاك شائكة لحماية المنطقة الواقعة بين تلة الكابيتول والبيت الأبيض.
وتطوي الولايات المتحدة صفحة في تاريخها مع مغادرة ترمب واشنطن إلى فلوريدا قبل ساعات على أداء جو بايدن اليمين ودخوله البيت الأبيض، مقدماً نفسه كجامع لبلاد منقسمة وقلقة، وتسجل وفيات بأعداد كبرى بفعل الوباء.
وعلى الرغم من أنه تمنى أخيراً حظاً موفقاً لبايدن في رسالة فيديو، فإن ترمب لم يهنئ الرئيس المنتخب، وهو أمر غير مسبوق منذ 150 عاماً، ولن يحضر حفل تنصيبه في واشنطن.
وبأداء هاريس (56 عاماً) للقسم في الكابيتول، ستكون أول امرأة تشغل منصب نائب الرئيس في تاريخ أكبر قوة في العالم.
17 أمراً رئاسياً
ويعتزم جو بايدن الذي يتولى الرئاسة وهو في سن 78 عاماً بعد نصف قرن من الحياة السياسية، أن يبرز اعتباراً من اليوم الأول الفارق الكبير، في الجوهر كما في الشكل، مع رجل الأعمال النيويوركي السباق.
وقال بايدن مساء الثلاثاء: "ليست لدينا أي ثانية نضيعها أمام الأزمات التي نواجهها كأمة".
فاعتباراً من الأربعاء سيصدر 17 أمراً رئاسياً للعودة عن إجراءات اعتمدتها إدارة ترمب، وسيعمد خصوصاً إلى إعادة الولايات المتحدة إلى اتفاقية باريس للمناخ وإلى منظمة الصحة العالمية.
وقال جيف زاينتس، الذي ينسق تحرك الإدارة الجديدة في مواجهة كورونا في تصريح صحافي إن كبير خبراء الأمراض المعدية أنتوني فاوتشي سيتحدث باسم الولايات المتحدة أمام اجتماع للمجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية اعتباراً من الخميس.
ومن أجل الحد من انتشار الوباء في الولايات المتحدة، سيوقع الرئيس مرسوماً أيضاً يجعل وضع الكمامة إلزامياً في المباني الفدرالية أو من قبل الموظفين الفدراليين.
وكان بايدن، وجه تحية لضحايا كورونا، مع إحياء ذكرى 400 ألف أميركي حصد الوباء أرواحهم، مساء الثلاثاء، خلافاً لترمب، الذي عمد منذ أشهر إلى التقليل من أهمية أثر الوباء.
وقال الرئيس الجديد في كلمة مقتضبة إنّه "من أجل أن نُشفى، يجب أن نتذكّر. من الصعب أحياناً أن نتذكّر، لكن هذه هي الطريقة التي نُشفى بها". وأضاف: "لهذا السبب نحن هنا اليوم"، في حين أضيئت خلفه حول بركة الماء الضخمة الواقعة أسفل النصب في ساحة "ناشونال مول" 400 شمعة، إحياءً لذكرى الأميركيين الـ400 ألف الذين راحوا ضحايا الفيروس الفتّاك.
وهذه هي المرة الأولى التي يضيء فيها الأميركيون بهذه الطريقة هذه البركة الشهيرة التي تجمّع حولها في عام 1963 آلاف الأشخاص للاستماع إلى مارتن لوثر كينغ وهو يلقي، من على درجات نُصب أبراهام لنكولن التذكاري، خطابه التاريخي "لديّ حلم".
وقبل ساعات، عند مغادرته معقله ديلاوير، كان بايدن شديد التأثر واغرورقت عيناه بالدموع. وقال "اعذروني لتأثري، عندما أموت ستكون ديلاوير محفورة في قلبي"، مستعيداً أقوال الكاتب الإيرلندي جيمس جويس.