مسؤول فرنسي: رؤية باريس تتضمن اعتراف عدة دول بفلسطين مع اعتراف دول إسلامية بإسرائيل

مقترح فرنسي لإنهاء حرب غزة والتطبيع بين السعودية وإسرائيل.. ما التفاصيل؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصافح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في القدس. 24 أكتوبر 2023 - REUTERS
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصافح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في القدس. 24 أكتوبر 2023 - REUTERS
دبي -الشرق

قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن فرنسا قدمت مقترحاً لإنهاء الحرب على قطاع غزة، والدفع نحو التطبيع بين السعودية وإسرائيل، واعتراف عدة دول بالدولة الفلسطينية مع إعفاء تل أبيب من ذلك. 

وذكرت صحيفة "هآرتس"، أن باريس تسعى إلى الترويج لـ"اتفاق شامل" يتضمن "تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية مقابل إنهاء الحرب، وانسحاب الجيش الإسرائيلي بشكل كامل من غزة". وفقاً للخطة الفرنسية.

وأشارت إلى أنه "لن يكون مطلوباً من إسرائيل أن تدعم صراحة قيام دولة فلسطينية، بل يكفي الإشارة إليها بعبارات مبهمة"، متوقعةً أن "يتضمن الاتفاق إنشاء آلية تسمح لتل أبيب بمواصلة الضربات في غزة في حال لزم الأمر، وذلك على غرار آلية مراقبة وقف إطلاق النار في لبنان، والتي تقودها الولايات المتحدة وتدعمها فرنسا".

وفي حين قالت "هآرتس" إن الخطة تسمح لإسرائيل بتجنب الاعتراف صراحة بالدولة الفلسطينية قال مستشار الرئيس الفرنسي للسلام في الشرق الأوسط، عوفر برونشتين، لـ"جيروزاليم بوست"، الأربعاء، إن "الرأي العام العربي والغربي صارم للغاية مع إسرائيل. لن تعترف أي دولة عربية بإسرائيل دون أن تعترف إسرائيل بدولة فلسطينية".

واعتبر برونشتين أن إعلان الدولة الفلسطينية يتماشى مع مصالح إسرائيل العليا ويهدف إلى إيجاد حل دائم لإنهاء الصراع.

وولد برونشتين في بئر السبع وتربى بين فرنسا وإسرائيل ويعمل حالياً كمستشار وثيق للرئيس الفرنسي بشأن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.

وكان برونشتين قال لـ"هآرتس"، إن الاتصال الذي جرى الثلاثاء، بين الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "جرى بروح إيجابية"، على الرغم من دعم الرئيس الفرنسي "الواضح" لقيام دولة فلسطينية، ومعارضة نتنياهو الشديدة لها.

المبادرة الفرنسية

تشمل:

- إنهاء الحرب على غزة.

- انسحاب الجيش الإسرائيلي بشكل كامل من القطاع.

- إنشاء آلية جديدة تتيح لإسرائيل معاودة استهداف غزة متى شاءت (مثل الآلية المعتمدة جنوبي لبنان).

لا تشمل:

- موافقة إسرائيل على إقامة دولة فلسطينية، وإنما تصريحات فضفاضة في هذا السياق. 

وقال ماكرون، عقب الاتصال مع نتنياهو، إنه يأمل بأن "تفضي الساعات المقبلة" إلى قرار بإيصال المساعدات إلى المدنيين في قطاع غزة "في أسرع وقتٍ ممكن" وإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين.

والأربعاء، قالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان إن الوزير ماركو روبيو ومبعوث البيت الأبيض ستيف ويتكوف سيزوران أوروبا الخميس، لإجراء محادثات بشأن سبل إنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا ووضع أساس لاتفاق نووي مع إيران.

وقال مصدر دبلوماسي فرنسي لـ"رويترز"، إن روبيو سيجري محادثات مع نظيره جان نويل بارو، الخميس، بشأن الوضع في الشرق الأوسط والاتفاق النووي الإيراني، والحرب في أوكرانيا.

اعتراف دول عربية وإسلامية بإسرائيل

وأضاف برونشتين لـ"هآرتس"، أن "رؤية فرنسا تتضمن اعتراف عدة دول بفلسطين، مع اعتراف السعودية ودول إسلامية أخرى بإسرائيل"، رافضاً تحديد الدول التي لا تزال باريس تجري محادثات معها.

وتابع: "سبق أن اقتربنا في الماضي من هذا الهدف، ويمكن أن نكون قريبين منه مستقبلاً"، زاعماً أن من بين تلك الدول "موريتانيا، وقطر، وإندونيسيا، وماليزيا".

وذكر أن فرنسا وجهات دولية أخرى "فاعلة"، "تتفاوض مع مصر بشأن إمكانية موافقتها على استضافة مئات الآلاف من سكان غزة لفترة محدودة خلال عملية إعادة إعمار غزة، مقابل إعادة هيكلة ديونها الخارجية، ومشاركتها في جهود إعادة الإعمار"، وفق تعبيره.

وأعرب عن أمل فرنسا "في إيجاد صيغة تُرضي كلاً من السعوديين والحكومة الإسرائيلية الحالية فيما يتعلق بالتطبيع المحتمل بين البلدين".

وفقًا لبرونشتين، أجرى الرئيس الفرنسي ماكرون في الأسابيع الأخيرة، محادثات شبه يومية مع قادة المنطقة، بما في ذلك ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ورئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد.

وذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أن تصريحات ماكرون الأخيرة جاءت في ظل "الجهود الحثيثة" للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار شامل في أسرع وقت ممكن، لافتةً إلى أن هذه الجهود تشمل ضغوطاً فرنسية لتسريع العملية، و"الدفع باتجاه التطبيع بين إسرائيل والسعودية".

كما تأتي في ظل استعداد السعودية وفرنسا لرئاسة المؤتمر الدولي رفيع المستوى حول التسوية السلمية لقضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين، وذلك في إطار التحضيرات لعقد المؤتمر المرتقب في يونيو 2025.

"يجب الاعتراف بالدولة الفلسطينية"

ولدى سؤاله عن الفوائد التي يمكن أن تجنيها إسرائيل من مقترح ماكرون قال برونشتين لـ" جيروزاليم بوست": "هذا مؤتمر برعاية فرنسا والسعودية يناقش حل الدولتين.. من الواضح أنه يجب الاعتراف بالدولة الفلسطينية"، مشيراً إلى أن باريس تركز على الوصول لاتفاق على أنه لا يمكن لـ"حماس" البقاء في غزة خاصة كحركة مسلحة، مع تحديد من يجب أن يكون في القطاع بعد الحرب مع المطالبة بالإفراج عن الرهائن.

وذكر أن فرنسا تريد أن تكون جزءاً من مجموعة ولا تنوي الانفراد بالمبادرة، وأن ماكرون يريد أن تكون هذه المبادرة واسعة، تشمل الدول العربية والإسلامية التي ستعترف بإسرائيل، والدول الأوروبية الأخرى، مشيراً إلى أن نقل مكان انعقاد المؤتمر من باريس إلى نيويورك "لم يكن مصادفة".

وتابع: "نأمل أن تشارك الولايات المتحدة أيضاً.. أنا شخصياً أود أن أرى الإسرائيليين والفلسطينيين في المحادثات".

واعتبر برونشتين أن إسرائيل ستكسب اعترافاً بسيادتها عبر المقترح الفرنسي، لافتاً إلى أن بلاده نجحت في تسهيل السلام بين تل أبيب وبيروت، مسلطاً الضوء على الكيفية التي ساعدت بها في تحقيق وقف إطلاق النار وانتخاب رئيس جديد في لبنان بعد سنوات من الصراع.

وقال: "تمكننا من إعادة السيادة إلى الشعب اللبناني. لقد نجح نهج فرنسا في لبنان، ويمكن أن نقوم بالأمر نفسه مع الفلسطينيين".

كما أعرب برونشتين عن دعمه لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، معترفاً بالهدوء النسبي في الضفة الغربية على الرغم من الاستفزازات اليومية من المستوطنين. وأشار إلى أن "هناك تعاوناً أمنياً بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية حتى الآن".

كما أكد أن بلاده مستعدة لإرسال قوات إلى قطاع غزة لإدارة توزيع المساعدات الإنسانية، مشيراً إلى أنه "إذا لم تدخل المساعدات الإنسانية بسبب مخاوف إسرائيل من تولي حماس زمام الأمور، فإن فرنسا مستعدة لنشر جيشها ومنظماتها، وربما دول أوروبية أخرى، للمساعدة في حل المشكلة وتوزيع المساعدات بأنفسنا".

السعودية والدولة الفلسطينية

وكانت وزارة الخارجية السعودية أكدت في فبراير الماضي، أن موقف المملكة من قيام الدولة الفلسطينية "راسخ وثابت ولا يتزعزع، وليس محل تفاوض أو مزايدات"، و"سبق إيضاحه للإدارة الأميركية السابقة والإدارة الحالية".

جاء ذلك عقب تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب، خلال استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، والتي زعم فيها أن "السعودية لا تطالب بقيام بدولة فلسطينية".

وقالت الوزارة، في بيان، إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان "أكد هذا الموقف بشكل واضح وصريح لا يحتمل التأويل بأي حال من الأحوال خلال الخطاب الذي ألقاه في افتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة التاسعة لمجلس الشورى في 18 سبتمبر الماضي، حيث شدد على أن المملكة لن تتوقف عن عملها الدؤوب في سبيل قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وأن المملكة لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون ذلك".

وتابعت: "شدد ولي العهد على أن المملكة العربية السعودية لن تتوقف عن عملها الدؤوب في سبيل قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وأن المملكة لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون ذلك".

وواصلت: "كما أبدى هذا الموقف الراسخ خلال القمة العربية الإسلامية غير العادية المنعقدة في الرياض بتاريخ 11 نوفمبر 2024، إذ أكد على مواصلة الجهود لإقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية والمطالبة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وحث المزيد من الدول المحبة للسلام للاعتراف بدولة فلسطين وأهمية حشد المجتمع الدولي لدعم حقوق الشعب الفلسطيني الذي عبرت عنه قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتبار فلسطين مؤهلة للعضوية الكاملة للأمم المتحدة".

خطوة فرنسية مرتقبة

والخميس الماضي، قال ماكرون، إن باريس قد تعترف بدولة فلسطينية في يونيو، مضيفاً أن بعض دول الشرق الأوسط قد تعترف بدورها بإسرائيل، التي ندد وزير خارجيتها جدعون ساعر بهذه التصريحات، فيما رحبت فلسطين بالموقف الفرنسي.

وخلال مقابلة على قناة "فرانس 5"، قال الرئيس الفرنسي: "علينا أن نتحرك نحو الاعتراف (بالدولة الفلسطينية). وسنفعل ذلك خلال الأشهر القليلة المقبلة. لا أفعل ذلك لإرضاء أحد. سأفعله لأنه سيكون مناسباً في وقت ما".

وأضاف: "ولأنني أيضاً أرغب في المشاركة في جهود جماعية تمكن المدافعين عن فلسطين من الاعتراف بإسرائيل بدورهم، وهو أمر لا يفعله الكثيرون منهم".

وأشار الرئيس الفرنسي إلى أن هذه الخطوة قد تتم خلال مؤتمر للأمم المتحدة بشأن إنشاء دولة فلسطينية، تُشارك فرنسا والسعودية في استضافته.

وقال ماكرون خلال المقابلة: "أريد التحرك نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ولن أفعل ذلك لإرضاء هذا الشخص أو ذاك، بل لأنه سيكون عادلاً، ولأنني أريد المشاركة في ديناميكية".

نتنياهو وابنه يهاجمان ماكرون 

ورداً على الإعلان الفرنسي اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن ماكرون "يرتكب خطاً جسيماً" بعد إعلان عزمه الاعتراف بالدولة الفلسطينية في يونيو المقبل، وتحدث عن استقلال مقاطعات فرنسية، وهي التصريحات نفسها التي أطلقها نجله يائير نتنياهو، وأثارت جدلاً واسعاً.

وسارع نتنياهو لدعم ابنه يائير، معتبراً أن له الحق في "التعبير عن رأيه"، رغم تحفظه على "الأسلوب المستخدم".

وكتب نتنياهو على منصة "إكس": "أنا أحب ابني يائير، إنه صهيوني حقيقي يهتم بمستقبل إسرائيل، وكما هو حال أي مواطن، يحق له أن يعبر عن رأيه الشخصي، حتى وإن لم يكن أسلوب رده على تغريدة الرئيس ماكرون، الذي دعا إلى إقامة دولة فلسطينية، مقبولاً بالنسبة لي".

وتابع: "الرئيس ماكرون مخطئ تماماً عندما يواصل الترويج لفكرة الدولة الفلسطينية في قلب وطننا، وهي لا تسعى إلا لتدمير دولة إسرائيل".

وأضاف نتنياهو: "لن نعرّض وجودنا للخطر بسبب أوهام منفصلة عن الواقع، ولن نقبل دروساً أخلاقية بشأن إقامة دولة فلسطينية، ممن يعارض منح الاستقلال لكورسيكا، وكاليدونيا الجديدة، وجويانا الفرنسية، وغيرها من الأقاليم التي لا يشكل استقلالها أي خطر على فرنسا"، في إشارة إلى هذه المناطق الفرنسية.

وإقليم كورسيكا هو جزيرة تقع في البحر المتوسط، وكاليدونيا الجديدة هو أرخبيل جزر يقع في جنوب غرب المحيط الهادئ، أما جويانا الفرنسية فتقع في شمال أميركا الجنوبية (شمال البرازيل)، وتعتبر جميعها أقاليم فرنسية.

وهاجم نجل نتنياهو، يائير، الرئيس الفرنسي بكلمات وصفت بـ"الحادة"، وكتب على "إكس": " تباً لك، نعم لاستقلال كاليدونيا الجديدة، نعم لاستقلال بولينيزيا الفرنسية، نعم لاستقلال كورسيكا، نعم لاستقلال بلاد الباسك، نعم لاستقلال جويانا الفرنسية، أوقفوا الإمبريالية الجديدة لفرنسا في غرب إفريقيا".

تصنيفات

قصص قد تهمك