نقلت صحيفة "فاينانشيال تايمز" عن مسؤولين أميركيين أن شركة أقمار اصطناعية صينية مرتبطة بجيش البلاد تقدم صوراً استخباراتية لجماعة الحوثي المدعومة من إيران في اليمن، تُستخدم في استهداف السفن الحربية الأميركية والسفن الدولية في البحر الأحمر.
وقالت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنها حذرت بكين مراراً من أن شركة "تشانج جوانج لتكنولوجيا الأقمار الاصطناعية المحدودة"، وهي مجموعة تجارية لها صلات بالجيش الصيني، تزود الحوثيين بمعلومات استخباراتية، بحسب ما نقلته الصحيفة.
وذكر مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأميركية: "لقد أعربنا عن مخاوفنا مراراً وبشكل سري للحكومة الصينية بشأن دور شركة تشانج جوانج في دعم الحوثيين، بهدف دفع بكين إلى اتخاذ إجراء".
وأضاف المسؤول أن الصين "تجاهلت" تلك المخاوف، مشيراً في حديثه لصحيفة "فاينانشيال تايمز" إلى أن أفعال الشركة الصينية و"الدعم الضمني من بكين" رغم تحذيرات واشنطن تُعد "مثالاً جديداً على المزاعم الفارغة للصين بشأن دعمها للسلام".
وتابع المسؤول الأميركي: "نحث شركاءنا على الحكم على الحزب الشيوعي الصيني والشركات الصينية بناء على أفعالهم، وليس أقوالهم الفارغة".
وتأتي المخاوف المتعلقة بشركة "تشانج جوانج" في ظل تصاعد الحرب التجارية بين واشنطن وبكين، بعد أن فرض ترمب رسوماً جمركية ضخمة على الواردات من الصين، والتي أصبحت تخضع الآن لرسوم تبلغ 145%.
وبدأ الحوثيون مهاجمة السفن في البحر الأحمر الذي يعد ممراً مائياً حيوياً للتجارة العالمية والبحرية الأميركية، بعد أن شنت إسرائيل حرباً ضد حركة حماس عام 2023، رداً على هجوم الحركة في 7 أكتوبر.
وفي الأسابيع الأخيرة، كثفت الولايات المتحدة هجماتها على مواقع الحوثيين في اليمن، بما في ذلك ضربة عسكرية كبيرة كانت محور تسريبات ما يسمى بـ"سيجنال جيت"، والتي أشارت إلى تصعيد في الحملة الأميركية.
ورغم أن الصين أعربت عن قلقها من هجمات الحوثيين، إلا أن إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن دعت بكين لاستخدام نفوذها على إيران للحد من تصرفات الحوثيين، لكن المسؤولين الأميركيين لم يروا أي دليل على أن بكين قد فعلت ذلك.
وجعل ترمب من استقرار البحر الأحمر أولوية قصوى، وسط مخاوف من استمرار تهديد الحوثيين للاقتصاد العالمي بحسب "فاينانشيال تايمز".
وقال المسؤول الأميركي للصحيفة: "ينبغي على بكين أن تأخذ هذه الأولوية على محمل الجد عند النظر في أي دعم مستقبلي للشركة".
وعندما طُلب من السفارة الصينية في واشنطن التعليق على الادعاءات الأميركية بشأن شركة الأقمار الاصطناعية، ردت بأنها "ليست على علم بالوضع المعني".
وكانت الشركة قد خضعت سابقاً للتدقيق الأميركي، وفرضت عليها عقوبات في عام 2023 بزعم تقديم صور أقمار اصطناعية عالية الدقة لمجموعة المرتزقة الروسية "فاجنر".
وتأسست الشركة الصينية عام 2014 كمشروع مشترك بين حكومة إقليم جيلين وفرع تابع للأكاديمية الصينية للعلوم في مدينة تشانجتشون، عاصمة الإقليم.
وقال جيمس مولفينون، الخبير في الشؤون العسكرية والاستخباراتية الصينية لدى شركة "بامير للاستشارات"، إن "تشانج جوانج" تُعد واحدة من عدد قليل من الشركات الصينية "المدنية ظاهرياً" والتي هي في الواقع جزء لا يتجزأ من منظومة الدمج العسكري-المدني، وتوفر قدرات مراقبة عالمية للعملاء المدنيين والعسكريين على حد سواء.
وفي إطار برنامج الدمج العسكري-المدني في الصين، يتعين على الشركات مشاركة التكنولوجيا مع الجيش الصيني عند الطلب من الحكومة.
وقال ماثيو بروزيسي، خبير الدفاع الصيني في شركة BluePath Labs، وهي شركة استشارية تعمل مع الحكومة الأميركية، إن شركة تشانج جوانج تملك 100 قمر اصطناعي في المدار عام 2023، وتخطط للوصول إلى 300 قمر بحلول نهاية 2025، ما سيمكنها من التقاط صور متكررة لأي موقع في العالم كل 10 دقائق.
وأضاف بروزيسي أن للشركة "علاقات وثيقة" مع الحكومة والحزب الشيوعي والجيش في الصين، لكن منذ عام 2020 أصبح هناك عدد أقل من الإشارات العلنية إلى علاقتها بالجيش، ما يشير إلى أنها أصبحت أكثر حذراً في الإفصاح عن هذه الروابط.
وفي السنوات الأخيرة، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على عشرات الشركات الصينية التجارية بسبب صلات مزعومة بالجيش.
كما أشار بروزيسي إلى أن تشانج جوانج قدمت عروضاً توضيحية لتقنياتها لكبار المسؤولين الصينيين، بما في ذلك استخداماتها في "الاستخبارات العسكرية"، وقد عرضت تقنيتها أمام عدد من كبار قادة الجيش الصيني، بمن فيهم الجنرال تشانج يوشيا، الرجل الثاني في القيادة بعد الرئيس شي جين بينج.
وتأتي المخاوف الأميركية بشأن "تشانج جوانج" في وقت يزداد فيه تركيز البنتاجون على الأنشطة العسكرية الصينية في الفضاء.
وقال البنتاجون إن الصين أطلقت 200 قمر اصطناعي في المدار خلال عام 2023، لتحتل المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة. كما أشار إلى أن بكين تصدر تقنياتها الخاصة بالأقمار الاصطناعية، بما في ذلك أقمار الاستشعار عن بعد، وهي النوع ذاته من التكنولوجيا التي تستخدمها شركة "تشانج جوانج".