تقرير: بؤر استيطانية إسرائيلية تسيطر على 14% من المساحة

المستوطنون يكثفون الضغوط لطرد الرعاة الفلسطينيين من الضفة الغربية

مستوطنون إسرائيليون في مناطق الرعي بمنطقة العوجة في الضفة الغربية. 18 أبريل 2025 - REUTERS
مستوطنون إسرائيليون في مناطق الرعي بمنطقة العوجة في الضفة الغربية. 18 أبريل 2025 - REUTERS
المغير (الضفة الغربية)-رويترز

تعيش فاطمة أبو نعيم، وهي أم لخمسة، في كهف على تل في الضفة الغربية المحتلة، في وقت يتزايد فيه الضغط من مستوطنين يهود، تقول إنهم يحاولون سرقة قطيع الأغنام ويأتون بشكل متكرر ليطالبوها هي وزوجها بالرحيل عن الأرض.

وتقول فاطمة إن المستوطن اليهودي يأتيهم ويطالبهم بالرحيل لأنه يريد أن يسكن مكانهم، لكنهم يرفضون الرحيل من أرضهم، وتقول: "إذا خرجنا من هنا، فلن نعود أبداً"، متهمة المستوطنين والسلطات الإسرائيلية بمضايقتهم بكل الطرق.

تتردد الرسالة ذاتها من فلسطينيين في أنحاء الضفة الغربية بتواتر أسرع منذ بدء الحرب في قطاع غزة قبل 18 شهراً تقريباً، وبالأخص في مناطق تلال قليلة السكان حيث يرعى البدو قطعانهم.

وذكر تقرير صادر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، قبل أيام، أن ما يقرب من نصف هجمات المستوطنين الموثقة في نهاية شهر مارس ومطلع أبريل الجاري، وعددها أكثر من 40، استهدفت البدو والرعاة "بما شمل وقائع شهدت إشعال الحرائق والاقتحام وتدمير موارد العيش المهمة".

ولم تستجب الشرطة الإسرائيلية بعد لطلبات للحصول على تعليق.

مستوطنون إسرائيليون يغيرون على مناطق الرعي بمنطقة المغير في الضفة الغربية، 18 أبريل 2025
مستوطنون إسرائيليون يغيرون على مناطق الرعي بمنطقة المغير في الضفة الغربية، 18 أبريل 2025 - REUTERS

وتمتد مساحة الضفة الغربية لنحو 5600 كيلومتر مربع، وتقع بين الأردن وإسرائيل في قلب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الممتد لعقود منذ استيلاء إسرائيل عليها في حرب عام 1967.

والضفة الغربية محتلة عسكرياً منذ ذلك الحين، بينما يعتبرها الفلسطينيون جزءا أساسياً لدولتهم المستقبلية، رغم التوسع السريع للمستوطنات الإسرائيلية المنتشرة في أنحاء الضفة.

الاستيلاء على الأراضي

وتعتبر أغلب دول العالم تلك المستوطنات "غير قانونية" بموجب القانون الدولي، لكن إسرائيل تعترض على ذلك، ويتحدث وزراء في حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليمينية صراحة وعلناً عن ضمها بالكامل.

وتتعرض مناطق التلال المرتفعة قليلة السكان لضغوط متزايدة من مستوطنين؛ بدأوا هم أيضاً في رعي قطعان ضخمة في التلال التي يرعى فيها البدو ورعاة آخرون أغنامهم.

وصدر قبل أيام تقرير مشترك عن جماعتين إسرائيليتين هما "السلام الآن" المعنية بالدفاع عن الحقوق، و"كرم نابوت" المعنية بمراقبة وبحث سياسات الأراضي التي تنتهجها السلطات الإسرائيلية في الضفة الغربية.

وذكر التقرير أن المستوطنين استغلوا مواقع الرعي تلك للاستيلاء على ما يقدر بنحو 194 ألف فدان، ما يعادل تقريباً 14% من المساحة الإجمالية للضفة الغربية، وأنهم يلجأون لأساليب المضايقات والترهيب ضد سكان المناطق القريبة لطردهم.

وقال درور إيتكيس أحد المشاركين في التقرير: "كان غور الأردن أو المناطق الجنوبية منه مروجاً واسعة للفلسطينيين، ولهذا السبب جرى استهداف هذه المناطق، لكن إذا نظرت إلى الخريطة، ستجد البؤر الاستيطانية في كل مكان.. إنهم يواصلون بناء المزيد والمزيد".

وأضاف التقرير، استناداً إلى وثائق من مكتب الادعاء العام، أن ما يقرب من 20 ألف فدان من أراضي الضفة الغربية خصصها مستوطنون إسرائيليون للرعي، بعد أن تلقوا تمويلاً كبيرا ودعماً مادياً بأشكال أخرى شمل تقديم مركبات ومعدات من الحكومة.

وقال يجال برنر، وهو ناشط في مجلس إدارة كرم نابوت: "المجتمعات البدوية هي الأكثر ضعفاً للعديد من الأسباب.. إذا لم يستجيبوا يأتي المستوطنون لمنازلهم ويضربون الناس ويسرقون أغنامهم".

وتابع قائلاً إن الحرمان من القدرة على رعي الأغنام يعني أنه ليس بوسع الكثير من البدو الحفاظ على القطعان، مما يجعلهم دون سبيل لكسب العيش.

وقال: "الناس تعاني حقاً ويجدون صعوبة بالغة في الوفاء باحتياجاتهم الأساسية".

"هذه أرضنا"

وتعيش عائلة فاطمة في مخيم مقام بين كهفين عند سفح تل خارج قرية المغير، والذي يعد نموذجاً للتضاريس الوعرة في الضفة الغربية.

وأجبرت العائلة بالفعل على الانتقال من غور الأردن، حيث تتعرض المجتمعات البدوية لهجمات متكررة من مجموعات عنيفة من المستوطنين الذين يرعون قطعانهم الخاصة.

وقالت فاطمة، التي تعيش الآن في ثالث منزل لها هذا العام، إنهم تعرضوا مرة أخرى لهجوم من متسللين قالت إنهم قتلوا 6 من أغنام عائلتها في الآونة الأخيرة، وأجبروا زوجها على حبس الأغنام داخل الحظيرة.

واستطردت تقول: "نعيش هنا منذ 10 سنوات، وبدأت المشاكل مع المستوطنين منذ سنة ونصف، حتى أصبحت المضايقات يومية منذ شهرين بهدف طردنا من هنا".

وأضافت: "بات من الممنوع علينا أن نعيش هنا، فقد جعل الجيش الإسرائيلي كل هذه الأرض منطقة عسكرية، فتظل الأغنام داخل الحظيرة".

البدوي الفلسطيني، عودة خليل (70 عاماً) يقف في أرضه بمنطقة العوجة بالضفة الغربية المحتلة، وسط تواصل هجمات المستوطنين، 18 أبريل 2025
البدوي الفلسطيني، عودة خليل (70 عاماً) يقف في أرضه بمنطقة العوجة بالضفة الغربية المحتلة، وسط تواصل هجمات المستوطنين، 18 أبريل 2025 - REUTERS

وأُلقي القبض على زوجها، الذي واجه المستوطنين، هذا الأسبوع، لسبب لا تعلمه. وتقول منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية والإسرائيلية إنه لا سبيل من الناحية القانونية لإنصاف مجتمعات الرعاة وإن حرب غزة زادت من تشدد هذه المواقف.

وقال آشر ميث (65 عاماً)، وهو مستوطن من الضفة الغربية: "هذه أرضنا"، بينما كان يستمتع بنزهة في نبع عين العوجا بغور الأردن، والتي يُمنع المجتمع البدوي القريب من الوصول إليه.

وأضاف: "إذا استيقظت دولة إسرائيل وقالت خذوا الأرض فعلياً وقالوا إن هذه الأرض أصبحت الآن جزءاً من إسرائيل فسيفهم العرب ذلك بشكل أفضل ويتراجعون عن محاولة قتلنا".

وسمع عودة خليل (70 عاماً) الرسالة، وهو في مخيم بدوي كبير على بعد مئات الأمتار من النبع.

ويضع عودة ما تبقى من أغنامه داخل الحظيرة، بعدما فقد 300 رأس منها في هجوم للمستوطنين في أغسطس، لكنه يقول إنه مصمم على الصمود في الوقت الحالي.

وأضاف: "المستوطنون يضايقوننا هنا في النهار والليل، يضايقوننا على جميع النواحي. يريدون أن يطردونا من هذه البلاد.. يريدوننا أن نرحل".

تصنيفات

قصص قد تهمك