مؤيدون لـ"SAVE Act": كل ما نطلبه إثبات الجنسية قبل التصويت.. ومعارضون: مُصمم لتقليل إقبال الناخبين

قانون "أهلية الناخب".. لماذا يثير الجدل في أميركا بعد تمريره بمجلس النواب؟

سيدة تدلي بصوتها في انتخابات المحكمة العليا بولاية ويسكونسن في الولايات المتحدة. 1 أبريل 2025 - REUTERS
سيدة تدلي بصوتها في انتخابات المحكمة العليا بولاية ويسكونسن في الولايات المتحدة. 1 أبريل 2025 - REUTERS
واشنطن-رشا جدة

في خضمّ المعارك الدائرة داخل واشنطن حول الميزانية والضرائب والملفات الخارجية، مرّر مجلس النواب الأميركي بهدوء قانوناً من شأنه إعادة تعريف الناخب المؤهل للتصويت.

قانون حماية أهلية الناخب الأميركي "SAVE Act"، الذي ينتظر تصويت مجلس الشيوخ بعد إقراره في مجلس النواب، في 10 أبريل الحالي، يُلزم كل من يريد التسجيل للتصويت أو تحديث السجل الانتخابي تقديم إثبات رسمي على الجنسية الأميركية، مثل جواز سفر أو شهادة ميلاد، وذلك بشكل شخصي.

وحظي مشروع القانون بدعم جمهوري كبير، وذلك لما يحققه، وفق رأيهم، من ضمانات لنزاهة الانتخابات، في حين واجه انتقادات حادة رأى أصحابها أن القانون سيضع عوائق جديدة أمام تصويت عشرات الملايين من الأميركيين، خاصة من الفقراء والمسنين والأقليات الذين قد لا يمتلكون الوثائق المطلوبة أو يواجهون صعوبة في استخراجها.

قانون "SAVE" بين المؤيدين والمعارضين

في يوليو 2024، صوّت مجلس النواب الأميركي على مشروع قانون مشابه لـ"SAVE"، وكان التصويت في معظمه على أساس حزبي، حيث دعم الجمهوريون القانون بقوة، بينما عارضه الديمقراطيون. ورغم تمريره في مجلس النواب، لم يُصبح قانوناً في ذلك الوقت لأن مجلس الشيوخ، الذي كان يسيطر عليه الديمقراطيون، رفض المشروع.

لكن بعد انتخابات 2024، ومع سيطرة الجمهوريين على مجلسي الكونجرس، يُرجح  قانونيون تمرير هذا القانون في "الشيوخ"، بحيث يصبح نافذاً قبل نهاية 2025، ما قد يؤدي إلى تغييرات جوهرية في نظام تسجيل الناخبين بالانتخابات الفيدرالية.

وفي حديث لـ"الشرق"، أوضح أستاذ القانون في جامعة فرجينيا جون مارتن أن قانون حماية أهلية الناخب الأميركي يُلزم أي شخص يُسجل للتصويت في الانتخابات الفيدرالية (أي انتخابات الكونجرس والرئاسة) بتقديم وثيقة تُثبت جنسيته الأميركية عند التسجيل.

وأضاف مارتن أن القانون "سيضع خطوةً إضافيةً من خلال اشتراط إحضار جواز سفر أو شهادة ميلاد عند التسجيل للتصويت".

ويُجادل مُؤيدو قانون حماية أهلية الناخب الأمريكي "SAVE Act" بأنه سيُساعد في مكافحة تصويت غير المواطنين في الولايات المتحدة. ورأى المحلل السياسي الجمهوري سكوت أولينجر أن القانون الجديد يُعدّ خطوة جيدة تهدف إلى مكافحة فرص التزوير الانتخابي.

وقال أولينجر لـ "الشرق" إن تزوير الانتخابات يُعد مصدر قلق كبير في الولايات المتحدة، وهناك العديد من الحالات التي تشير إلى وجود تزوير انتخابي أو إمكانية التلاعب في أنظمة التصويت الإلكترونية الأميركية، من خلال اختراقها، وتغيير نتائج الانتخابات وتصويت غير المواطنين، مستنداً إلى مزاعم الرئيس دونالد ترمب بشأن "سرقة انتخابات 2020".

وأضاف: "أعتقد أنها بالفعل سُرِقت منه.. عندما يكون رئيس الولايات المتحدة نفسه يقول إن الانتخابات سُرقت، فهذا أمر جاد".

في المقابل، يجادل منتقدو قانون "SAVE" بأنه مصمم أساساً لتقليل إقبال الناخبين، فيقول أستاذ القانون في كلية الحقوق بجامعة نيويورك بيتر شين إن القانون "يُنشئ عوائق إضافية أمام التصويت في الانتخابات الفيدرالية، بما في ذلك متطلبات مُرهقة لإثبات الجنسية، وقد يُصعّب استيعاب هذه المتطلبات على الولايات السماح بالتصويت عبر البريد والتسجيل في نفس اليوم".

ولفهم حجم العقبات التي يضيفها القانون، قال شين لـ"الشرق" إن "من الشائع أن تقبل الولايات إقرار الناخب المشفوع بالقسم أنه مواطن من دون طلب وثائق إضافية"، مضيفاً أن الدافع من إقرار القانون هو "توقُع الجمهوريين أن تُقلل المتطلبات المُرهقة من عدد المُصوتين، خاصة من الفئات التي تميل إلى الديمقراطيين، مثل كبار السن ومجتمعات محدودي الدخل والأقليات".

ويفتقر سكان هذه المجتمعات إلى وثائق هوية صالحة عند التصويت، والتي يتطلبها قانون "SAVE"، لأسباب عديدة، منها التكلفة المالية، وصعوبة الوصول إلى مكتب إصدار الهوية، والسكن غير المستقر، والتنقل بين الولايات، والحاجة إلى السفر لمسافات طويلة للحصول على الأوراق والوثائق، أو الإهمال وضياع الوثائق، أو نقص في المعرفة بالإجراءات القانونية اللازمة للحصول على هوية، أو الخوف من التعقيدات البيروقراطية.

كيف يصوت الناخب حالياً؟

أظهرت بيانات ملف الناخبين في ولاية تكساس لعام 2022 أن الناخبين الذين صوتوا دون هوية في انتخابات 2016 كانوا من الأميركيين من أصل إفريقي واللاتينيين، وقدّموا نماذج تُعرف بـ"إقرارات المانع المعقول" (RIDs) قبل التصويت، وهي نماذج قانونية يستخدمها بعض الناخبين في الولايات التي تشترط إبراز هوية تحمل صورة عند التصويت، لكنهم غير قادرين على توفير هذه الهوية بسبب عائق أو سبب معقول.

وعن الإجراءات الاعتيادية المتبعة للتثبت من أهلية المواطن للتصويت، قال أستاذ القانون في جامعة فيرجينيا جون مارتن إنه بسبب النظام الفيدرالي للولايات المتحدة تختلف متطلبات إثبات أهلية التصويت بين الولايات، فيما ينص قانون تسجيل الناخبين الوطني لعام 1993 (NVRA) على وجود نموذج تسجيل موحد للناخبين على المستوى الفيدرالي. وهذا النموذج يُستخدم في جميع الولايات "ويكفي أن يقرّ المتقدم بأنه مواطن أميركي، دون الحاجة إلى تقديم إثباتات موثقة".

ورسخت المحكمة العليا الأميركية لذلك عام 2013، حين قضت في قضية "أريزونا ضد مجلس القبائل الهندية"، بأنه لا يجوز للولايات أن تطلب وثائق تثبت المواطنة الأميركية عند التسجيل للتصويت في الانتخابات الفيدرالية.

وأوضح مارتن أنه بالنسبة للانتخابات المحلية فلكل ولاية متطلباتها الخاصة. قائلاً: "على سبيل المثال، تطلب ولاية أريزونا تقديم وثائق تُثبت المواطنة الأميركية للتسجيل في الانتخابات المحلية، وتطلب العديد من الولايات من الناخبين إظهار بطاقة هوية حكومية صالحة عند التصويت في مراكز الاقتراع، بينما تكتفي ولايات أخرى بمطابقة التوقيع أو بطلب معلومات شخصية تُستخدم لتأكيد تسجيل الشخص للتصويت".

وأضاف أن "قوانين الهوية الصارمة ستمنع فئة من الناخبين المسجّلين، معظمهم من الأقليات ومستعدون للتصويت، من ممارسة حقهم الانتخابي".

وفي السياق ذاته، أشار تقرير لمركز التقدم الأميركي إلى أن القانون الفيدرالي ينص على أن تصويت أو تسجيل غير المواطنين في الانتخابات الفيدرالية "جريمة يعاقب عليها بالسجن حتى 5 سنوات"، وأن مسئولي الانتخابات يستخدمون حالياً بيانات حكومية وفيدرالية، بما فيها بيانات وزارة الأمن الداخلي والضمان الاجتماعي، للتحقق من أهلية الناخبين.

وانتقد التقرير قانون "SAVE"، بدعوى أنه سينقل المسؤولية إلى المواطنين، ويُغير النظام الحالي الذي يعتمد على التحقق الحكومي، "ويُلزم كل مواطن أميركي ببذل مزيد من الجهد والوقت والموارد اللازمة لممارسة حقه الدستوري في التصويت وإقناع الحكومة بأهليته".

اتهامات تصويت غير المواطنيين

منذ 2016، يُحذر الحزب الجمهوري من أن نزاهة الانتخابات الأميركية مُهددة بتصويت غير المواطنين، وذلك بعد مزاعم الرئيس المنتخب، حينها، ترمب، بوقوع انتهاكات جسيمة في عملية التصويت.

ورغم فوزه بأصوات المجمع الانتخابي على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون آنذاك، أكد ترمب فوزه بالتصويت الشعبي أيضاً، "إذا استثنينا ملايين الأشخاص الذين صوتوا بشكل غير قانوني"، بحسب قوله، لكن مركز "برينان" القانوني توصل في دراسة نشرها خلال مايو 2017 إلى أن تصويت غير المواطنين، أمر نادر الحدوث للغاية.

وكان السماح لغير المواطنين بالتصويت شائعاً في الولايات المتحدة خلال المراحل الأولى من تأسيسها، حيث منحت ما لا يقل عن 19 ولاية حق التصويت للذكور الأحرار غير المواطنين خلال القرن الـ19، وفقاً لمارتن الذي تركز أبحاثه على قانون تمويل الحملات الانتخابية وإدارة الانتخابات.

وأشار إلى أن القوانين تغيرت بحلول فترة الحرب العالمية الأولى: "اليوم، لا توجد أي ولاية تسمح لغير المواطنين بالتصويت في الانتخابات على مستوى الولاية أو الانتخابات الفيدرالية".

ومع ذلك، لفت أستاذ القانون في جامعة فرجينيا إلى وجود أكثر من 20 بلدية، إلى جانب مقاطعة كولومبيا، تسمح للمقيمين الدائمين غير المواطنين بالمشاركة في الانتخابات المحلية وليست الفيدرالية.

بدوره، أوضح أستاذ الشؤون الحكومية في جامعة كورنيل ريتشارد بنسل أن تصويت غير المواطنين في الانتخابات الفيدرالية "محظور أصلاً، ونظراً لغياب أي دليل يُذكر على تصويتهم الفعلي في الانتخابات الأميركية، فإن قانون SAVE لن يُقلل من وتيرة تصويت غير المواطنين".

وقال: "قد يُثني القانون الجديد بعض المواطنين المُجنسين عن التصويت، وسيُصعّب عملية التصويت بشكل عام".

ولفت بنسل إلى أنه نظراً لأن معظم انتخابات مناصب الولايات تُجرى بالتزامن مع الانتخابات الفيدرالية، فإنه سيُغير طريقة إجراء معظم انتخابات الولايات، مشيراً إلى أن الدافع الرئيسي وراء هذا التشريع هو رغبة الجمهوريين في إظهار عدائهم للمهاجرين مجدداً، بالإضافة إلى أملهم في الاستفادة من جعل التصويت أكثر صعوبة.

وكان نائب رئيس موظفي البيت الأبيض ستيفن ميلر انتقد رفض الديمقراطيين لقانون "SAVE"، وذلك بعد انضمام 4 نواب ديمقراطيين فقط إلى نواب الحزب الجمهوري في مجلس النواب لإقراره.

وقال ميلر، في برنامج "هانيتي" على قناة فوكس نيوز، إن السبب الوحيد لمعارضة القانون هو أن "الديمقراطيين يريدون أن يُصوّت المهاجرون غير القانونيين بأعداد كبيرة.. ولهذا السبب، جو بايدن وإدارته منحوا الملايين، ونحن نؤكد ذلك الآن، ملايين من أرقام الضمان الاجتماعي للمهاجرين غير الشرعيين".

وأضاف أنه "بمجرد أن يحصل الشخص على رقم ضمان اجتماعي، يصبح من السهل للغاية عليه التصويت، وجمع المساعدات، والحصول على المزايا الحكومية المجانية، والمشاركة في كل جوانب الحياة الأميركية.. هذا ليس سرّاً.. إنهم يريدون من أولئك الذين ليسوا مواطنين أميركيين، وفق القانون، أن يسرقوا الانتخابات".

وأيد المحلل السياسي الجمهوري سكوت أولينجر رأي ميلر، ودافع عن مشروع قانون "SAVE"، معتبراً إياه تحذيراً للولايات "بأننا نراقب عن كثب تزوير الانتخابات في الولايات، على المستوى الفيدرالي وعلى جميع المستويات، وأن عليهم توخي الحذر".

وأشار أولنيجر إلى واقعة تزوير انتخابي، قائلاً إن دعوى قضائية رُفعت مؤخراً ضد ولاية أريزونا، حيث هناك 50 ألف مواطن غير أميركي مسجلون في قوائم الناخبين في الولاية "مما أجبرها على النظر في الأمر والتخلص من أسماء هؤلاء الـ 50 ألفاً".

لكن، بحسب منظمة "Votebeat" المختصة بالانتخابات والتصويت، نشرت قناة "فوكس نيوز" في 13 أبريل تقريراً بعنوان "أريزونا تبدأ بحذف ما يصل إلى 50 ألف غير مواطن من قوائم الناخبين عقب دعوى قضائية"، إلا أن مسؤولين محليين نفوا أن يكون ذلك صحيحاً، مؤكدين أن ما يجري فعلياً هو طلب وسيلة إضافية من وزارة الأمن الداخلي للتحقق من جنسية الناخبين، وليس حذفهم، ولاحقاً، عدّلت القناة التقرير لتوضيح أن المعنيين لم يُثبتوا جنسيتهم عند التسجيل، من دون أن تؤكد أنهم غير مواطنين، ونُشر بعنوان "أريزونا ستتحقق من هوية ما يصل إلى 50 ألف شخص في قوائم الناخبين ممن فشلوا في إثبات الجنسية".

في الوقت نفسه، شكك أولينجر في حديث الأكاديميين المنتقدين للقانون، معتبراً أن "الأوساط الأكاديمية الأميركية يسارية للغاية"، وأضاف أنه في الولايات المتحدة، تحتاج إلى بطاقة هوية لفعل أي شيء سواء استخراج بطاقة ائتمان، أو التسوق من أمازون "لكن فجأة، يأتي اليساريون ليقولوا إنه لا يجب أن يُطلب من الناخبين إظهار هوية عند التصويت.. وهذا يتعارض مع المنطق البسيط".

واعتبر أولينجر أن الشخص الذي يُعارض التحقق من الهوية "يعني شيئاً واحداً بالنسبة لي أنك تريد تزويراً في الانتخابات".

في المقابل، أكد مارتن أن الخلاف ليس حول إظهار بطاقة هوية، إذ أنها لا تكفي وحدها لإثبات أن مقدم الطلب حاصل على جنسية الولايات المتحدة.

معضلة "المتزوجات"

كما يُثير قانون "SAVE"، بشكل خاص، مخاوف بشأن تأثيره على تصويت ملايين النساء المتزوجات، خصوصاً اللواتي غيّرن أسماء عائلاتهن بعد الزواج، إذ لم تعد أسماؤهن الحالية مطابقة لما ورد في شهادات ميلادهن.

وفي حديث لـ"الشرق"، قال أستاذ القانون الدستوري والسياسة في جامعة ميريلاند مارك جرابر إن مشروع القانون يشترط إثبات الجنسية الأميركية، ويجب أن يكون الاسم هو الحالي، "أي أنه إذا غيّرت المرأة اسمها بعد الزواج لاسم عائلة الزوج، فلن تُقبل شهادة ميلادها". 

وجادل جرابر بأن الحصول على الوثائق القانونية المطلوبة للتصويت قد يكون صعباً لبعض النساء المتزوجات منذ فترة طويلة، لأن وثائق مثل شهادة الزواج أو قرار قانوني بتغيير الاسم قد لا تكون متوفرة بسهولة، خاصة في المدن الكبرى، إضافة إلى أن هذه الوثائق قد تُشكل عبئاً مالياً وإدارياً، ويضيف خطوات مرهقة "تؤدي في النهاية إلى تثبيط همم النساء عن المشاركة في التصويت".

وكانت النائبة الديمقراطية إلهان عمر من مينيسوتا قالت عبر منصة "إكس" إن مشروع قانون قمع الناخبين "سيحرم ملايين الناخبين، وخاصةً النساء المتزوجات، من حقهم في التصويت".

وذكرت بيانات "مركز التقدم الأميركي" أن 69 مليون امرأة أميركية حملن أسماء أزواجهن، ولم تعد شهادات ميلادهن مطابقة للأسماء التي يستخدمنها اليوم.

لكن السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض كارولين ليفيت أشارت في مؤتمر صحافي يوم 11 أبريل إلى أن الديمقراطيين أثاروا مخاوف بشأن هذا القانون، "قائلين إنه إذا غيّرت النساء المتزوجات أسماءهن، فلن يتمكنّ من التصويت.. هذا مغالطةٌ مُطلقة".

وتطابق رأي أولينجر مع ليفيت، واصفاً المخاوف من تأثير القانون على النساء المتزوجات بأنها "حجة زائفة"، قائلاً: "والدتي، تصوّت منذ عام 1960، ولم تواجه أي مشكلة في التصويت، سواء قبل الزواج أو بعده رغم تغيير الاسم.. لأن سجلات الناخبين غالباً ما تُدار على مستوى المجتمع المحلي.. ربما في المدن الكبرى قد لا يكون هذا شائعاً، لكن من السهل جداً التحقق".

ورأى أن المنتقدين للقانون يُثيرون مزاعم بأنه ضد الأقليات وذوي الأصول الإفريقية، وقال: "إذا قلت إن السود يواجهون صعوبة في الحصول على هوية، فأنت بهذا الموقف تُظهر عنصرية ضمنية، وكأنك تقول إنهم أقل قدرة أو أقل ذكاءً من البيض، وهذا بحد ذاته موقف عنصري".

شكوك دستورية ومعارك قانونية

ويثير قانون "SAVE" إشكالية دستورية لأنه يُلزم الأفراد بتقديم وثيقة تثبت جنسيتهم الأميركية عند التسجيل للتصويت في الانتخابات الفيدرالية، وهو ما يعتبره بعض الخبراء تجاوزاً من الكونجرس لصلاحيات الولايات التي يترك لها الدستور تحديد شروط الأهلية للتصويت.

ويمنح الدستور الكونجرس سلطة وضع لوائح تُنظّم "أوقات وأماكن وكيفية إجراء انتخابات أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب"، بينما لا يضمن الدستور الأميركي فعلياً حق التصويت، طالما أن الولايات لا تُمارس تمييزاً محظوراً دستورياً، بحسب أستاذ القانون في كلية الحقوق بجامعة نيويورك بيتر شين.

وأضاف شين أنه لا يجوز للولايات استبعاد الناخبين من الانتخابات الفيدرالية إذا استوفوا شروط التصويت في المجالس التشريعية للولايات، موضحاً أن الولايات هي من تمنح الحق في التصويت من خلال قوانينها الخاصة، والدستور يتدخل فقط ليمنع الولايات من التمييز بطرق مخالفة للدستور.

من جانبه، اعتبر أستاذ القانون الدستوري جرابر أن سلطة الكونجرس في إصدار مثل هذا القانون"غير واضحة"، قائلاً إنه يمكن للكونجرس تنظيم وقت ومكان وطريقة إجراء الانتخابات، "لكن ما إذا كانت مؤهلات التصويت تندرج ضمن هذا الإطار لا يزال أمراً غير واضح".

إلا أن أستاذ الشؤون الحكومية بنسل، الذي تُركز أبحاثه على الكونجرس والانتخابات، رجح أن يكون قانون "SAVE" دستورياً، رغم أن بعض أجزائه تُثير "بعض الشبهات"، خاصة البنود التي تسمح للمواطنين العاديين بمقاضاة مسؤولي الانتخابات، والعقوبات الجنائية المفروضة على مسؤولي التسجيل الذين يسمحون لغير المواطنين بالتسجيل، موضحاً أنه "سيتفاوت تطبيق هذا القانون بشكل كبير بين الولايات، إذ ستُرحب به بعض الولايات، في حين ستعارضه بشدة ولايات أخرى".

من جانبه، رأى أستاذ القانون مارتن بشكل قاطع أن قانون "SAVE " غير دستوري. وقال إن الدستور يمنح الكونجرس تنظيم المسائل الإجرائية فقط، إذ "لا يملك الكونجرس أي سلطة دستورية لتحديد شروط أهلية الناخبين أو لينص على أن المواطنين الأميركيين هم فقط من يحق لهم التصويت في الانتخابات الفيدرالية".

وأضاف أنه "بدلاً من ذلك، تنص المادة الأولى، الفقرة الثانية من الدستور، والتعديل الـ17 للدستور، على أن الولايات هي من تُحدد من يحق له التصويت في انتخابات الكونجرس، "وعلاوة على ذلك، يمنح بند الناخبين في الدستور الولايات سلطة عليا في تنظيم الانتخابات الرئاسية. وبالنظر إلى هذه الأمور مجتمعة، فإن من مسؤولية الولايات تحديد ما إذا كان ينبغي السماح لغير المواطنين بالتصويت في الانتخابات الفيدرالية".

وتوقع مارتن أن يقر مجلس الشيوخ، الذي يتمتع بأغلبية جمهورية، قانون "SAVE"، قائلاً إن الرئيس ترمب بعد تمريره في الشيوخ سيوقعه على الأرجح ليصبح قانوناً، إذ إنه وقّع في 25 مارس الفائت أمراً تنفيذياً يحاول فرض المتطلبات نفسها التي يتضمنها قانون "SAVE"، ما يؤكد دعمه الصريح لهذا المشروع"، مرجحاً أنه بمجرد توقيعه، ستبدأ المعارك القضائية.

وأوضح مارتن أنه ببساطة، إذا جعل قانون ما عملية التصويت صعبة للغاية على شخص ما، فيمكن لهذا الشخص أن يُقاضي الحكومة بدعوى انتهاك حقه الأساسي في التصويت. وفي هذه الحالة، غالباً ما تلغي الحكومة القانون إذا كان مرهقاً بشكل مفرط، أو تبقي عليه إذا لم يكن كذلك.

وأضاف أنه نظراً لأن قانون "SAVE" يفرض عائقاً على عملية تسجيل الناخبين، يمكن القول إنه ينتهك هذا الحق الأساسي، متوقعاً العديد من الدعاوى القضائية بهذا الشأن في حال أُقرّ القانون، وسيكون من مسؤولية المحاكم حينها أن تحدد ما إذا كانت أعباء القانون على الناخبين كبيرة جداً.

وأكد مارتن أنه بحسب التقديرات، هناك عشرات الملايين من المواطنين الأميركيين لا يمتلكون الوثائق المطلوبة للتسجيل للتصويت وفق قانون "SAVE"، ما يعني أن الأعباء قد تكون كبيرة بما يكفي لكي تقرر المحكمة إلغاء القانون، لكن مع ذلك، سبق أن أيدت المحكمة العليا الأميركية قوانين فرضت متطلبات لإبراز الهوية للتصويت على مستوى الولايات، كما حدث في قضية "كروفورد ضد مقاطعة ماريون"، مشيراً إلى أن من الممكن أن تؤيد المحكمة قانون "SAVE" أيضاً.

وأردف: "الأمر ضبابي ولا أحد يعلم على وجه اليقين".

تصنيفات

قصص قد تهمك