وصل نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس إلى الهند، الاثنين، في مستهل زيارة تستغرق 4 أيام يجري خلالها محادثات مع رئيس الوزراء ناريندرا مودي، في الوقت الذي تسعى فيه نيودلهي جاهدة لتجنب الرسوم الجمركية الأميركية الباهظة من خلال اتفاقية تجارية مبكرة وتعزيز العلاقات مع إدارة الرئيس دونالد ترمب.
وأفادت مصادر مطلعة بأن المناقشات ستغطي اليوم الأول من زيارة فانس الشخصية إلى حد كبير رفقة عائلته، والتي تشمل جولة في تاج محل، وحضور حفل زفاف في مدينة جايبور المعروفة باسم المدينة الوردية، وهي عاصمة ولاية راجستان.
ووصل فانس الاثنين إلى مطار "بالام" في نيودلهي بعد زيارة إلى روما، اجتمع خلالها مع البابا فرنسيس في عيد الفصح، قبل يوم من وفاته.
ومن المتوقع أن يستعرض مودي وفانس مدى التقدم المُحرز في جدول الأعمال الثنائي الذي جرى الاتفاق عليه في فبراير، عندما التقى مودي ترمب في واشنطن، ويشمل هذا الجدول "الإنصاف" في التجارة الثنائية وتعزيز شراكتهما الدفاعية.
"رحلة عائلية"
ووفقا لأسوشتد برس"، تضفي زيارة نائب الرئيس الأميركي إلى الهند مزيداً من الأهميةً على العائلة الثانية؛ لا سيما وأن زوجته أوشا فانس، وهي هندوسية ملتزمة، ابنة مهاجرين من جنوب الهند.
وفي مذكراته "مرثية ريفية"، وصف فانس زوجته بأنها "ابنة فائقة الذكاء لمهاجرين هنديين" التقى بها في كلية الحقوق بجامعة ييل. وكان والداها انتقلا إلى الولايات المتحدة في أواخر السبعينيات.
ويرافق فانس زوجته أوشا وأطفالهما وأعضاء بارزون آخرون في الإدارة الأميركية، وسيزور الزوجان مدينتي جايبور وأجرا الهنديتين، وسيشاركان في فعاليات ثقافية، وفقاً لبيان صادر عن البيت الأبيض.
مودي يسعى لاتفاق تجاري
كان رئيس الوزراء الهندي من أوائل قادة العالم الذين زاروا الولايات المتحدة، وأجروا محادثات مع ترمب بعد عودته إلى البيت الأبيض. وأفادت وكالة "رويترز" بأن حكومته منفتحة على خفض الرسوم الجمركية على أكثر من نصف وارداتها من الولايات المتحدة، التي بلغت قيمتها الإجمالية 41.8 مليار دولار في عام 2024، في إطار اتفاقية تجارية.
ومع ذلك، استمر الرئيس الأميركي في وصف الهند بأنها "مُستغلة للرسوم الجمركية" و"ملك الرسوم الجمركية".
وتعليقاً على زيارة فانس، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الهندية راندهير جايسوال للصحافيين، الخميس: "نحن متفائلون للغاية بأن الزيارة ستعزز علاقاتنا الثنائية".
"مهمة دبلوماسية"
وقالت وكالة "أسوشيتد برس" في تقرير، الاثنين، إن زيارة فانس تعد "مهمة دبلوماسية" بالغة الأهمية لإدارة ترمب، وتتزامن مع تصاعد سريع في الحرب التجارية بين واشنطن وبكين، المنافس الرئيسي لنيودلهي في المنطقة.
وأشارت إلى أن التوصل إلى اتفاق تجاري بين الهند والولايات المتحدة يمكن أن يُعزز العلاقات الاقتصادية بين البلدين بشكل كبير، وربما يُعزز العلاقات الدبلوماسية.
وقالت وزارة الخارجية الهندية، إن الزيارة "ستتيح للجانبين فرصة لمراجعة التقدم المُحرز في العلاقات الثنائية"، وأن الجانبين "سيتبادلان وجهات النظر بشأن التطورات الإقليمية والعالمية ذات الاهتمام المشترك".
ويأتي وصول فانس إلى الهند بعد أسابيع من زيارة مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية تولسي جابارد إلى الهند لحضور مؤتمر جيوسياسي، وبعد شهرين من لقاء مودي بترمب في واشنطن.
كما يُنظر إلى جولة فانس في الهند على أنها تمهد الطريق لزيارة ترمب إلى البلاد في وقت لاحق من العام، لحضور قمة قادة المجموعة الرباعية (كواد)، التي تضم الهند وأستراليا واليابان والولايات المتحدة.
يرافق فانس مسؤولون من الإدارة الأميركية، لكن مصادر مطلعة قالت إن من غير المرجح أن يوقع الجانبان أي صفقات خلال الزيارة.
ولفتت "أسوشيتد برس" إلى "الطابع الملح" لإجراء المفاوضات بالنسبة لنيودلهي، إذ قد تتضرر بشدة من الرسوم الجمركية المتبادلة التي فرضها ترمب، لا سيما في قطاعات الزراعة، والأغذية المُصنّعة، ومكونات السيارات، والماكينات المتطورة، والمعدات الطبية، والمجوهرات. وهذا يُشكّل تحدياً كبيراً لحكومة مودي التي تأمل في تحسين اقتصاد البلاد وخلق فرص عمل من خلال انتعاش اقتصادي قائم على التصدير.
أكبر شريك تجاري
والولايات المتحدة هي أكبر شريك تجاري للهند، وبلغ حجم التبادل التجاري الثنائي بينهما 129 مليار دولار في عام 2024، بفائض قدره 45.7 مليار دولار لصالح الهند، وفقاً لبيانات التجارة الحكومية الأميركية.
ويتوقع المسؤولون في نيودلهي إبرام اتفاقية تجارية مع الولايات المتحدة خلال فترة الثلاثة أشهر، التي أعلنها ترمب في التاسع من أبريل، لتعليق زيادات الرسوم الجمركية على شركاء تجاريين رئيسيين، بما في ذلك الهند.
كما تعد الهند شريكاً وثيقاً للولايات المتحدة في التجارة الثنائية والاستثمارات الأجنبية المباشرة والتعاون الدفاعي، وحليفاً استراتيجياً مهماً في التصدي للنفوذ المتزايد للصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وهي أيضاً جزء من التحالف الرباعي، الذي يضم الولايات المتحدة والهند واليابان وأستراليا، ويُنظر إليه على أنه "توازن مضاد" لتوسع الصين في المنطقة، حيث يهدف الرئيس الصيني شي جين بينج إلى ترسيخ مكانة بكين كشريك تجاري موثوق في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وسط تصاعد التوترات مع واشنطن.
ومؤخراً، وسّعت شركات أميركية رائدة، مثل أبل وجوجل، عملياتها في الهند خلال السنوات الأخيرة. والشهر الماضي، أبرمت شركة "ستارلينك" المملوكة لإيلون ماسك، اتفاقيات مع اثنتين من أكبر شركات الاتصالات الهندية لتوفير خدمات الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية.
ولتعزيز العلاقات التجارية، وضعت البلدان هدفاً طموحاً يتمثل في مضاعفة حجم تجارتهما الثنائية إلى أكثر من 500 مليار دولار، بحلول عام 2030 بموجب اتفاقية التجارة المتوقعة.