أعرب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الاثنين، عن تفاؤله الحذر من اقتراب عهد "التفسيرات الخاطئة" لبرنامج بلاده النووي من نهايته، مشيراً إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب "يبدو واعياً بالأخطاء الكارثية لأسلافه التي كلّفت واشنطن المليارات دون جدوى"، فيما وصف ترمب اجتماعات واشنطن مع طهران بـ"الجيدة جداً"، وسط تلويح إيراني بـ"فرصة اقتصادية" أمام الشركات الأميركية تصل قيمتها إلى تريليون دولار.
وكانت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة في نيويورك أعلنت إلغاء الكلمة التي كان من المقرر أن يُلقيها عراقجي، الاثنين، عبر الاتصال المرئي في مؤتمر السياسة النووية الدولي الذي ينظمه معهد "كارنيجي للسلام"، مشيرة إلى أن هذا القرار "جاء عقب قرار الجهة المنظمة بتحويل صيغة الخطاب من كلمة فردية إلى مناظرة".
ونشر عراقجي على منصة "إكس" الكلمة التي كان سيلقيها أمام المعهد، والتي تضمنت تأكيدات على أن "إيران أثبتت مراراً استعدادها للانخراط مع الولايات المتحدة على أساس الاحترام المتبادل والمساواة".
وذكر عراقجي في كلمته، أن ذلك "يشمل ذلك الاعتراف بحقوقنا كدولة موقعة على معاهدة عدم الانتشار النووي، بما في ذلك القدرة على إنتاج الوقود لمحطات الطاقة النووية لدينا".
وتطرق إلى الاتفاق النووي المبرم عام 2015، وانسحاب الولايات المتحدة منه عام 2018، وقال: "رغم العقبات، لا تزال إيران متمسكة بالتزامها بالمسار الدبلوماسي، ولكي نمضي قدماً، لا بد أن يكون الأساس قوياً".
واتهم وزير الخارجية الإيراني أطرافاً لم يسمها بـ"محاولة التلاعب بالمسار الدبلوماسي الجاري، عبر الادعاء بأن الاتفاق المحتمل هو إعادة إحياء لاتفاق عام 2015"، مشيراً إلى أن "العديد من الإيرانيين يرون أن الاتفاق النووي لم يعد كافياً بالنسبة لنا. إنهم يطالبون باتفاق جديد يضمن مصالح إيران ويأخذ في الحسبان مخاوف جميع الأطراف".
وتابع: "لا يمكنني التحدث نيابة عن الرئيس ترمب؛ ولكن بالنظر إلى أفعاله السابقة، يمكن القول باطمئنان إنه لا يريد العودة إلى الاتفاق النووي القديم أيضاً".
ولفت إلى أنه "على عكس ما تدّعيه بعض جماعات المصالح (في واشنطن)، فإن إيران احترمت التزاماتها بشكل ثابت"، ومضى قائلاً: "تمسكنا في الاتفاق النووي بالتزامنا بعدم السعي لامتلاك أسلحة نووية، وقد تم تأكيد هذه الحقيقة مؤخراً من قبل مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية".
وزاد: "يمكن الاعتماد على إيران دائماً في احترام ما توقّعه. وأولئك الذين يزعمون خلاف ذلك، إما أنهم مُضللون أو مضللون عمداً".
واعتبر أن "سعي إيران نحو الطاقة النووية السلمية مدفوع أيضاً بأهداف طويلة المدى تتماشى مع أهدافنا التنموية والاقتصادية الوطنية"، مشيراً إلى أن بلاده بدأت هذا المسار في خمسينيات القرن الماضي بمساعدة من الرئيس الأميركي أيزنهاور.
وشدد على أن إيران "أثبتت مراراً استعدادها للانخراط مع الولايات المتحدة على أساس الاحترام المتبادل والمساواة، ويشمل ذلك الاعتراف بحقوقنا كدولة موقعة على معاهدة عدم الانتشار، بما في ذلك القدرة على إنتاج الوقود لمحطات الطاقة النووية لدينا".
"فرصة اقتصادية"
وذكر وزير الخارجية الإيراني في كلمته أن الفرص الاقتصادية التي تتيحها بلاده للولايات المتحدة قد تصل قيمتها إلى تريليون دولار، ويمكن أن تكون مفتوحة أمام الشركات الأميركية.
وأشار إلى أن الشركات التي لديها فرص في إيران تشمل تلك التي يمكن أن تساعد طهران في إنتاج الكهرباء النظيفة من مصادر غير هيدروكربونية.
وتحدث عن خطة إيران طويلة المدى والتي تتمثل في بناء "ما لا يقل عن 19 مفاعلاً نووياً إضافياً، مما يعني أن هناك عقوداً محتملة وقيمتها عشرات المليارات من الدولارات متاحة للتوقيع".
واعتبر أن "السوق الإيرانية وحدها كبيرة بما يكفي لإنعاش الصناعة النووية المُتعثرة في الولايات المتحدة"، مشدداً على ضرورة أن "يُبنى أي اتفاق على ضمان الفوائد الاقتصادية لإيران، إلى جانب برنامج قوي للرصد والتحقق، بما يضمن الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني".
وأضاف: "هذا النهج وحده يمكن أن يحقق الاستقرار والثقة على المدى الطويل. كما يجب أن يكون نطاق المفاوضات واضحاً؛ ويجب أن تركز المحادثات فقط على رفع العقوبات والقضية النووية. ففي منطقة مضطربة ومتقلبة مثل منطقتنا، لن تضع إيران أمنها على طاولة التفاوض".
محادثات "جيدة جداً"
وكان الرئيس الأميركي قال في وقت سابق الاثنين، إن الولايات المتحدة أجرت محادثات "جيدة جداً" مع إيران، فيما أعرب نظيره الإيراني مسعود بيزشكيان عن استعداد بلاده للتوصل لـ"اتفاق في الإطار المحدد مع الحفاظ على المصالح الوطنية"، وذلك بعد يومين من انتهاء الجولة الثانية من المفاوضات بين البلدين بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وأجرت إيران والولايات المتحدة في 12 و19 أبريل الجاري، جولتي تفاوض في عمان وروما بشأن البرنامج النووي، بوساطة عمانية، وأعلن عراقجي، السبت الماضي، الاتفاق مع واشنطن على البدء في وضع إطار عمل لاتفاق نووي محتمل.
ووصفت إيران وسلطنة عمان المحادثات بـ"البناءة"، وأفاد عراقجي الذي يستعد لزيارة الصين، الثلاثاء، بإجراء محادثات فنية على مستوى الخبراء بدءاً من الأربعاء، قبيل الاجتماع الثالث المرتقب السبت المقبل.
وسبق أن هدد ترمب، الذي انسحب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين طهران والقوى العالمية خلال ولايته الأولى في عام 2018، بمهاجمة إيران ما لم تتوصل إلى اتفاق جديد على وجه السرعة يمنعها من تطوير سلاح نووي.
وفي اجتماعهما غير المباشر الثاني في غضون أسبوع، أجرى عراقجي مفاوضات لمدة 4 ساعات تقريباً في روما مع مبعوث ترمب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، من خلال مسؤول عماني نقل الرسائل بينهما.
ودأبت طهران على التأكيد على سلمية برنامجها النووي، وتقول إنها مستعدة لمناقشة فرض قيود محدودة على أنشطتها النووية مقابل رفع العقوبات الدولية.
وأكد مسؤول في إدارة ترمب لوكالة "رويترز"، أن "الجانبين اتفقا على الاجتماع مجدداً الأسبوع المقبل".
وتابع: "اليوم، في روما، وعلى مدار 4 ساعات في جولتنا الثانية من المحادثات، أحرزنا تقدماً جيداً للغاية في مناقشاتنا المباشرة وغير المباشرة".