تنطلق اليوم، الثلاثاء، أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السنوية التي يتناوب فيها قادة العالم على إلقاء خطاباتهم، في قاعة هادئة استضافت القمة الافتراضية التي تتناول بشكل رئيس أزمة وباء كورونا.
وسُمح بحضور مسؤول دبلوماسي واحد نيابة عن كل وفد، مع إلزامه بوضع كمامة. ولن يحضر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي تستضيف بلاده القمة - شخصياً - إلى الجمعية العامة لإلقاء كلمة أمام دبلوماسيين من الصف الثاني.
وتجتذب القمة في السنوات العادية قرابة 10 آلاف شخص من أنحاء العالم، لكن الأمر مختلف هذا العام مع فرض الدول قيوداً صارمة على دخول أراضيها للحد من انتشار فيروس كورونا.
وفي ظل انعدام فرصة عقد لقاءات مباشرة، تمضي المنظمة قدماً في تنظيم اجتماعات افتراضية على هامش القمة، تتناول قضايا رئيسية مثل الوباء والتغير المناخي والتنوع البيئي والاضطرابات السياسية في كل من ليبيا ولبنان.
وحرصاً على تجنّب أي أخطاء فنية، طلبت الأمم المتحدة من قادة الدول إرسال خطاباتهم مسجلة بالفيديو قبل 4 أيام، ما يعني غياب أي عفوية أو تفاعل مع تطورات ممكنة في اللحظة الأخيرة.
مفاجأة أميركية
وكانت الأمم المتحدة افتتحت أسبوعها الدبلوماسي أمس الاثنين، بالاحتفال بمرور 75 عاماً على تأسيسها، في قمة افتراضية أيضاً، في وقت يشكل وباء كورونا والتوتر بين الدول الأعضاء تحدياً لتماسك المنظمة وفاعليتها.
وخلال الحدث، قال الأمين العام للمنظمة أنطونيو غوتيريش: إن الوباء كشف هشاشة العالم، وأوضح: "اليوم، لدينا فائض من التحديات متعددة الأطراف وعجز في الحلول"، داعياً إلى مزيد من التعددية الدولية.
ولم يوجه ترمب كلمة، بل جاءت الكلمة الأميركية على لسان نائبة المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة شيريث نورمان شاليه، التي قالت: إن "الوقت حان لطرح أسئلة بخصوص مكامن قوة الهيئة وضعفها". وأضافت أن المنظمة برهنت بسبل كثيرة أنها "تجربة ناجحة"، لكن "هناك أسباب تدعو إلى القلق".
وغابت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة كذلك، وتوجهت بدلاً من ذلك إلى واشنطن، حيث كانت الأضواء مسلّطة على إعلان إعادة العقوبات الأممية ضد إيران، طالب ترمب الدول كافة بتطبيقها.
وقبل أيام، نقلت وكالة "فرانس برس" عن ريتشارد غوان من مجموعة الأزمات الدولية للوقاية من النزاعات، أن ترمب قد "يثير مفاجأة" أثناء خطابه أمام الجمعية العامة اليوم، عبر إعلانه عقوبة مالية على المنظمة الدولية للتعبير عن "استيائه" من عدم وقوف الدول في صف بلاده في قضية إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران.
"علينا التحرك"
وألقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كلمة مسجلة بتقنية الفيديو أمس، دعا فيها إلى دور أكبر للهيئة الدولية في إيجاد حلول لمشكلات عالمية.
وقال: "في وقت يغذّي الوباء الخوف من الانحدار والرواية بشأن العجز الجماعي، أريد أن أقول أمراً بوضوح تام: في مواجهة حال الطوارئ الصحية والتحدي المناخي وتراجع الحقوق، يتوجب علينا، الآن وهنا، التحرك".
بدورها، رأت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أن المصالح الفردية للدول الأعضاء أجبرت الأمم المتحدة "في كثير من الأحيان" على التخلف عن مُثلها العليا.
وقالت أمام الجمعية العامة: "أولئك الذين يعتقدون أنهم يستطيعون أن يكونوا أفضل بمفردهم مخطئون. إن رفاهيتنا شيء نتشاركه.. ومعاناتنا كذلك، فنحن عالم واحد".
رفض هيمنة أميركا
واعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن "خطوط التقسيم أنهكت العالم، تقسيم الدول إلى هم ونحن. العالم يتطلب زيادة التعاون متعدد الأطراف".
واعتبر الرئيس الصيني شي جينبينغ أن "لا دولة تملك الحق في الهيمنة على الشؤون العالمية، أو السيطرة على مصير الآخرين، أو الاحتفاظ بمزايا التطوير لنفسها"، في انتقاد واضح للولايات المتحدة وسط التوترات بين البلدين على ملفات تجارية وتكنولوجية وسياسية.
ولم تندرج هذه التصريحات ضمن فيديو الاجتماع الذي صوّره الرئيس الصيني، بل جاءت في بيان طويل سلمته البعثة الصينية لدى الأمم المتحدة إلى المنظمة الدولية.
إصلاح مجلس الأمن
وطالب زعماء كثيرون بإصلاح الأمم المتحدة، وخصوصاً مجلس الأمن، معتبرين أن حصول الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا على "حق النقض" هو أمر غير منصف.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن "هيكل المجلس الذي يترك مصير أكثر من 7 مليارات إنسان تحت رحمة 5 دول، ليس عادلاً ولا مستداماً".