إعلان بيروت مدينة منكوبة: مئات الضحايا والمصابين في انفجار المرفأ

دمار واسع وطائرة هليكوبتر تشارك في إخماد النيران بعد الانفجار الضخم الذي هز مرفأ بيروت. 4 أغسطس 2020. - AFP
دمار واسع وطائرة هليكوبتر تشارك في إخماد النيران بعد الانفجار الضخم الذي هز مرفأ بيروت. 4 أغسطس 2020. - AFP
بيروت-الشرق

هز انفجار ضخم مرفأ بيروت وسط العاصمة اللبنانية، الثلاثاء، وأوقع 78 قتيلاً وأكثر من 4000 جريح بحسب حصيلة أولية أعلنتها وزارة الصحة، كما خلف الحادث أضراراً واسعة في الشوارع والمباني المحيطة.

وقال وزير الصحة، حمد حسن، لرويترز إنه لا يزال هناك العديد من المفقودين وإن الناس يسألون إدارة الطوارئ عن أحبائهم لكن عمليات البحث أثناء الليل صعبة نظراً لانقطاع الكهرباء.

وأعلن مجلس الدفاع اللبناني الأعلى، العاصمة بيروت، مدينة منكوبة ورفع توصية إلى الحكومة لإعلان حال الطوارئ.
وقال الرئيس اللبناني ميشال عون خلال ترؤسه اجتماعاً طارئاً للمجلس إن "كارثة كبرى حلت بلبنان، مشدداً على "اتخاذ الإجراءات القضائية والأمنية الضرورية، ومساعدة المواطنين ومعالجة الجرحى والمحافظة على الممتلكات".

وأكد مسؤولون أن الانفجار وقع في مستودع يضم مادة نترات الأمونيوم.

وصرح وزير الداخلية اللبناني، محمد فهمي، بأن المواد شديدة الانفجار التي كانت في العنبر رقم 12 بالمرفأ هي "نترات الأمونيوم".

وأضاف فهمي في حديث تلفزيوني: "عليكم بسؤال الجمارك عن سبب وجودها هناك"، مشيراً إلى أنه تمت السيطرة على 80% من الحريق في مرفأ بيروت.

وأصدر قاضي الأمور المستعجلة في بيروت أمراً بمنع الدخول إلى العنبر 12 الذي يُعتقد أن الانفجار وقع فيه.

لن يمر من دون حساب

وشدد رئيس الوزراء اللبناني، حسان دياب، في كلمة مقتضبة، على أن ما حدث في مرفأ بيروت لن يمر من دون حساب، مشيراً إلى أن المسؤولين عن الكارثة سيدفعون الثمن.

وأشار إلى أن حكومته ستكشف الحقائق بخصوص "المستودع الخطير" الذي حدث فيه الانفجار والموجود منذ العام 2014.

وقال دياب إن "كارثة كبرى أصابت البلاد"، داعياً "الدول الصديقة والشقيقة، لمساعدة لبنان".

وذكر دياب أثناء الاجتماع الطارئ للمجلس الأعلى للدفاع، أنه "لن يرتاح حتى يجد المسؤول عن حادث المرفأ، لمحاسبته وإنزال أشد العقوبات به".

ولفت رئيس وزراء لبنان إلى أنه من غير المقبول أن تكون شحنة من "نترات الأمونيوم" تقدر بـ 2750 طناً موجودة منذ 6 أعوام في مستودع، دون اتخاذ إجراءات وقائية معرضة سلامة المواطنين للخطر. 

ونقل حساب الرئاسة اللبنانية على "تويتر" عن دياب أنه أكد على ضرورة إعلان حالة الطوارئ في بيروت لمدة أسبوعين.

وكانت الوكالة الوطنية للإعلام (الرسمية)، أفادت في وقت مبكر عقب الحادث بأن الانفجار نتج عن حريق في مستودع للمفرقعات داخل العنبر 12 في مرفأ بيروت، قرب إهراءات القمح.

واعتبر اللواء عباس إبراهيم، المدير العام للأمن العام اللبناني، أن الكلام عن أن المفرقعات هي السبب في الانفجار الذي هز وسط بيروت "مثير للسخرية"، مرجحاً أن السبب "مواد شديدة الانفجار في المكان"، وفقاً لما نقلته وسائل إعلام محلية عنه.

وأشار إبراهيم خلال زيارته مرفأ بيروت إلى أن الانفجار "يبدو أنه وقع في مخزن لمواد شديدة الانفجار مُصادرة منذ سنوات"، مؤكداً أنه "لا يريد استباق التحقيقات".

وفاة الأمين العام لـ"حزب الكتائب"

وأفادت مصادر "الشرق" بأن الإصابات والأضرار الكبيرة تركزت بشكل كبير في محيط منطقتي الكرنتينا ومار مخايل والصيفي حيث يوجد "بيت الكتائب"، إضافة إلى وسط بيروت التجاري.

وذكرت مراسلة "الشرق" في بيروت، مها حطيط، أن الأمين العام لـ"حزب الكتائب اللبنانية"، نزار نجاريان، لقي حتفه متأثراً بإصابات تعرض لها جراء الانفجار.

وكانت المراسلة تستعد للتصوير وسط بيروت عندما وقع الانفجار في لقطات وثقتها كاميرا "الشرق".

الصليب الأحمر يعلن الاستنفار

ونظراً لضخامة الأضرار وعدد الجرحى، أعلن الصليب الأحمر اللبناني الاستنفار العام، طالباً من كل المسعفين التوجه فوراً إلى مكان عملهم، لافتاً إلى أن هناك أكثر من 30 فرقة تستجيب الآن للحادثة، وتم طلب تعزيزات من المواقع القريبة. 

وقال الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني جورج كتانة، إنه تم نقل مئات الأشخاص الذين أصيبوا في الانفجار إلى المستشفيات للعلاج لكن كثيرين ما زالوا محاصرين في المنازل التي تضررت.

وأضاف كتانة لوسائل الإعلام المحلية أنه "لا توجد أرقام محددة لعدد المصابين، حيث لا يزال كثيرون محاصرين في المنازل وداخل منطقة الانفجار. وجرى إنقاذ آخرين بالقوارب".

ونقلت محطة "إل.بي.سي.آي" اللبنانية عن "مستشفى أوتيل ديو" أن طاقمه الطبي يتولى علاج أكثر من 500 مصاب ولا يمكنه استقبال المزيد.

وقال المستشفى إن عشرات المصابين في حاجة لعمليات جراحية وناشد المواطنين التبرع بالدم.

إصابات وسط "يونيفيل"

وأعلنت قوة الأمم المتحدة المؤقتة بلبنان الـ"يونيفيل" في بيان، أن سفينة تابعة لها كانت راسية في مرفأ بيروت، أصيبت بأضرار، وكشفت عن إصابة بعض أفرادها، مشيرة إلى أن عدداً منهم في حالة خطيرة.

وقال البيان إن القوة نقلت أفراد حفظ السلام المصابين إلى أقرب مستشفيات لتلقي العلاج، مشيراً إلى أنها تعكف حالياً على تقييم الوضع بما في ذلك حجم الأضرار التي لحقت بأفرادها، معربة عن استعدادها لتقديم المساعدة والدعم للحكومة اللبنانية.

باخرة تحترق قبالة المرفأ 

وأفادت وكالة "فرانس برس" بأن النيران اشتعلت في باخرة قبالة مرفأ بيروت، بعد الانفجار الضخم، ولم يعرف ما إذا كان عليها ركاب أو عمال.

وطلب ضابط في المكان من صحافيين مغادرة كل منطقة المرفأ، خوفاً من انفجار الباخرة التي تحوي وقوداً.

ولم يتضح على الفور ما إذا كانت الباخرة المعنية هي نفسها السفينة التي أعلنت قوة "يونيفل" إصابتها بأضرار.

وتزامن الانفجار مع اليوم الأول من الاستثناء الذي منحه وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي للإغلاق المفروض لمكافحة فيروس كورونا.

رجل إطفاء يفحص مصاباً بالقرب من مكان انفجار بيروت. 4 اغسطس 2020.  - AFP
رجل إطفاء يفحص مصاباً بالقرب من مكان انفجار بيروت. 4 أغسطس 2020. - AFP

وكان من المفترض أن يتم فتح المؤسسات والشركات بصورة طبيعية الثلاثاء والأربعاء، على أن تعود لتقفل حتى الـ11 من الشهر الجاري، ما يعني أن المرفأ كان يعمل بطاقته القصوى.

 

الدخان يتصاعد من موقع الانفجار في بيروت - REUTERS
الدخان يتصاعد من موقع الانفجار في بيروت - REUTERS

"قمح غير صالح" وبنوك مغلقة

ونقلت "رويترز" عن وسائل إعلام محلية أن وزير الاقتصاد اللبناني، راؤول نعمة، أشار إلى أنه لا يمكن استخدام القمح في الصوامع بميناء بيروت، وأن هناك "7 موظفين مفقودون في الإهراءات".

وقال الوزير إن لبنان سيستورد قمحاً، مشيراً إلى أن البلاد لديها حالياً ما يكفي من القمح لحين بدء استيراده.

كما أعلنت جمعية مصارف لبنان، إن البنوك ستكون مغلقة الأربعاء، بسبب الانفجار في ميناء بيروت.

الحريري: بيروت تستغيث

وقال رئيس الوزراء اللبناني السابق، سعد الحريري، إن بيروت تستغيث و"الإعصار الذي أصابها يدمي القلوب".

وأضاف في تغريدة على حسابه بـ"تويتر": "الكلّ مدعو إلى نجدتها والتضامن مع أهلنا في كل الأحياء التي تضررت. حجم الخسائر أكبر من أن يوصف، والخسارة الأكبر سقوط عشرات القتلى والجرحى. نسأل الله أن يحمي عاصمتنا وشعبنا من كل مكروه".

مجموعة صور تظهر لحظات وقوع انفجار مرفأ بيروت. 4 أغسطس 2020  - AFP
مجموعة صور تظهر لحظات وقوع انفجار مرفأ بيروت. 4 أغسطس 2020 - AFP

إسرائيل تنفي علاقتها

وقال وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي، إن "الانفجار في بيروت، على ما يبدو، هو حادثة. لا أرى أي سبب لعدم تصديق التقارير الواردة من بيروت والتي تتحدث عن حادثة".

ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية، عن مصدر كبير، تأكيده أنه "لا علاقة لنا بالانفجار في بيروت". 

ترامب: "هجوم بقنبلة من نوع ما"

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إن انفجار بيروت يبدو كأنه "اعتداء رهيب"، مشيراً إلى أن بلاده ستقدم يد المساعدة للبنان في أعقاب الحادث.

وأضاف ترامب أن مسؤولين عسكريين أميركيين، يعتقدون أن "انفجار بيروت هجوم بقنبلة من نوع ما".

تضامن دولي وغربي

وفي المواقف الدولية قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كايلي مكناني، في إفادة صحافية، إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تتابع عن كثب الانفجار الذي وقع في بيروت.

وأكدت وزارة الخارجية الأميركية، أنها تتابع عن كثب، التقارير عن الانفجار، معربة عن استعدادها، لتقديم كل المساعدة الممكنة.

وأعرب وزير الداخلية الفرنسي، كريستوفر كاستانير، عن تعازيه للبنان في الوقت الصعب الذي يمر به، مشيراً إلى أن الروابط بين فرنسا ولبنان تبقى صلبة وطويلة الأمد.

كما قال وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، عبر "تويتر": "مستعدون للمساعدة بأي طريقة تعتبرها السلطات اللبنانية ضرورية بعد انفجار بيروت".

وأعلن رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال على حسابه في "تويتر"، أن الاتحاد الأوروبي على استعداد لتقديم الدعم والمساعدة للبنان.

وذكر وزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب على "تويتر"، أن بلاده تقف متضامنة مع شعب لبنان، ومستعدة لتقديم المساعدة والدعم اللازمين، بما في ذلك للرعايا البريطانيين المتأثرين بالانفجار.

مبانٍ متضررة في شارع قريب من انفجار مرفأ بيروت. 4 أغسطس 2020. - AFP
مبانٍ متضررة في شارع قريب من انفجار مرفأ بيروت. 4 أغسطس 2020. - AFP

وقدّم الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، تعازيه للشعب اللبناني، فيما عبرت وزارة الخارجية المصرية عن قلقها العميق في شأن الانفجار، مشيرة إلى أن القاهرة تتابع هذا التطور بكل اهتمام، وتجري الاتصالات اللازمة، للوقوف على تفاصيل الأمر والبحث في كيفية مساعدة لبنان في هذا الظرف الدقيق. 

 وأعلنت وزارة الخارجية السعودية أن المملكة تتابع ببالغ القلق والاهتمام تداعيات الانفجار، مؤكدة وقوفها التام وتضامنها مع الشعب اللبناني الشقيق.

وأعرب نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد، عن تعازيه لضحايا انفجار لبنان، كما أكد الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي وقوف الإمارات مع الشعب اللبناني في هذه الظروف الصعبة.

وقال أيمن الصفدي وزير الخارجية الأردني على تويتر، إنه هاتف وزير الخارجية اللبناني لإبلاغه بوقوف الأردن إلى جانب لبنان واستعداده لتقديم أي مساعدة يحتاجها. 

وفي الكويت، صدرت توجيهات أميرية بإرسال مساعدات إلى لبنان، بينما صرح رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي قائلاً "نتضامن مع لبنان في محنته الحالية".