كل ما تحتاجون لمعرفته عن "محاكمة البشير"

صورة أرشيفية من 31 أغسطس 2019،  يمثل فيها الرئيس السوداني السابق عمر البشير أمام المحكمة في العاصمة السودانية الخرطوم - AFP
صورة أرشيفية من 31 أغسطس 2019، يمثل فيها الرئيس السوداني السابق عمر البشير أمام المحكمة في العاصمة السودانية الخرطوم - AFP
الشرق - الخرطومد. زحل محمد الأمين - أستاذ قانون دستوري ودولي في جامعة النيلين

بدأت، أمس الثلاثاء، في العاصمة السودانية الخرطوم أولى جلسات محاكمة الرئيس السوداني السابق عمر حسن أحمد البشير ضمن قائمة متهمين مكونة من 28 متهماً ما بين عسكريين ومدنيين ممن تقلدوا مواقع مختلفة في أعقاب الانقلاب العسكري عام 1989 بقيادة البشير.

المتهمون

تم تصوير المتهمين الـ 27 المتهمين بالرئيس السوداني المخلوع عمر البشير خلف القضبان خلال المحاكمة في محكمة في العاصمة الخرطوم ، في 21 يوليو 2020. تواجه انتفاضة الديمقراطية العام الماضي محاكمة بسبب الانقلاب العسكري الذي أوصله إلى السلطة قبل أكثر من ثلاثة عقود. والبشير ، 76 سنة ، الذي يقف وراء القضبان بسبب الفساد ، قد يواجه عقوبة الإعدام إذا أدين بتهمة انقلابه عام 1989 ضد حكومة رئيس الوزراء المنتخب ديمقراطيا صادق المهدي. كما كان في الرصيف نواب الرئيس البشير السابق طه وبكري حسن صالح والعديد من الوزراء السابقين والمحافظين. (تصوير أشرف شاذلي / وكالة الصحافة الفرنسية) - AFP
مجموعة من المتهمين في محاكمة البشير داخل قفص الاتهام في جلسة المحكمة التي عقدت في 21 يوليو 2020. AFP

أبرز المتهمين علي عثمان محمد طه النائب الأسبق للرئيس السوداني، وبكري حسن صالح الذي شغل منصب النائب الأول للرئيس، وعبد الرحيم محمد حسين الذي شغل مناصب مختلفة من بينها منصبَي وزيري الدفاع والداخلية، وعوض أحمد الجاز الذي شغل منصب وزير الطاقة سابقاً، ونافع علي نافع الذي أشرف على جهاز الأمن خلال السنوات الأولى عقب انقلاب البشير.

كما يمثُل أمام المحكمة أعضاء في حزب المؤتمر الشعبي الذي كان يقوده الترابي وأنشق عن البشير، منهم الدكتور علي الحاج وإبراهيم السنوسي.

لائحة الاتهام

القاضي عصام الدين محمد إبراهيم (وسط) ، الذي يرأس محاكمة الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير مع 27 متهماً آخر ، يتحدث خلال جلسة في محكمة بالعاصمة السودانية الخرطوم ، في 21 يوليو 2020. (تصوير أشرف شاذلي / وكالة الصحافة الفرنسية) - AFP
القاضي عصام الدين محمد إبراهيم (وسط)، الذي يرأس محاكمة البشير، خلال جلسة المحكمة في 21 يوليو 2020. AFP

وتتكون المحكمة الخاصة من 3 قضاة وتتلخص الاتهامات الموجهة للبشير وبقية المجموعة في تقويض النظام الديمقراطي واستخدام القوة العسكرية للإطاحة بالحكومة المدنية المنتخبة التي كان يرأسها السيد الصادق المهدي زعيم حزب الأمة في الـ30 من يونيو 1989.

وجاءت المحاكمة استجابة لدعوى حركها عدد من المحامين السودانيين في مايو 2019، وشكل النائب العام تاج السر الحبر في مارس من العام الجاري لجنة للتحقيق في تفاصيل انقلاب 1989، وتم بموجب ذلك إنشاء هيئة اتهام مشتركة تمكنت من العثور على كم كبير من الأدلة والاتهامات القوية في مواجهة البشير ومن معه تكفي لتقديمهم للمحاكمة.

سابقة في القضاء السوداني

وتعتبر هذه الدعوى الأولى من نوعها في التاريخ السياسي السوداني التي يمثل فيها قائد انقلاب عسكري أدى إلى تقويض نظام ديمقراطي قائم إلى المحاكمة، حيث لم تتم محاكمة الرئيس إبراهيم عبود الذي انقلب على النظام الديمقراطي الأول في السودان الذي حكم خلال الفترة من عام 1956 إلى 1958.

إبراهيم عبود - رئيس السودان ما بين عامي 1958 و 1964 - Getty Images
إبراهيم عبود - رئيس السودان ما بين عامي 1958 و1964 - Getty Images

كما لم تتم محاكمة الرئيس جعفر النميري الذي انقلب على النظام الديمقراطي في عام 1969 وظل يحكم البلاد حتى عام 1985، واستقر به المقام لاجئاً في مصر التي هبطت فيها طائرته في طريق عودته من الولايات المتحدة الأميركية إلى الخرطوم في إبريل من عام 1985.

جعفر محمد النميري - رئيس السودان ما بين عام 1969 و 1985 - Getty Images
جعفر محمد النميري - رئيس السودان ما بين عامي 1969 و1985 - Getty Images

الاستناد القانوني

يُقدم المتهمون للمحاكمة استناداً للمادة 69 من القانون الجنائي السوداني لعام 1983 الخاصة بتقويض النظام الدستوري، والمادة 78 من القانون ذاته التي تنص على الاشتراك في الفعل الجنائي، علماً بأن المادة 69 قد تصل عقوبتها إلى الإعدام، إلا أنه قد يستفيد بعض المتهمين من الإصلاحات القانونية الجديدة للقانون الجنائي السوداني لعام 1991 التي اعتمدتها الحكومة الانتقالية مؤخراً، والتي تلغي عقوبة الإعدام لمن تجاوز عمره 70 عاماً.

وعلى الرغم من أن البشير وبكري حسن صالح (نائبه الأول السابق) رفضا التحدث إلى لجنة التحقيق إلا أنهما سوف يمثلان أمام المحكمة.

كورونا يرفع الجلسة الأولى

نظرة عامة تظهر محاكمة الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير مع 27 متهماً مشتركًا في محكمة الخرطوم بالعاصمة السودانية ، في 21 يوليو 2020. - الرئيس السوداني السابق عمر البشير ، المخلوع وسط مؤيد شعبي -انتفاضة الديمقراطية العام الماضي ، تواجه محاكمة بسبب الانقلاب العسكري الذي أوصله إلى السلطة قبل أكثر من ثلاثة عقود. والبشير ، 76 سنة ، الذي يقف وراء القضبان بسبب الفساد ، قد يواجه عقوبة الإعدام إذا أدين بتهمة انقلابه عام 1989 ضد حكومة رئيس الوزراء المنتخب ديمقراطيا صادق المهدي. (تصوير أشرف شاذلي / وكالة الصحافة الفرنسية) - AFP
لقطة عامة لمحاكمة البشير مع 27 متهماً آخرين في 21 يوليو 2020 - AFP

وفيما يتعلق بسير المحاكمة فقد رفع القاضي الجلسة الأولى بناء على طلب من هيئة الدفاع وتم تأجيل المحاكمة إلى الـ11 من أغسطس المقبل، لعدم توفر الاشتراطات الصحية في قاعة المحكمة من ناحية التباعد الاجتماعي لكثرة عدد المحامين المدافعين عن البشير، وذكرت المحكمة أنها سوف تسمح لهيئة الدفاع وأسر المتهمين بمقابلة المتهمين، وسوف تراجع الإجراءات الصحية والوقائية الخاصة بمقر المحكمة من ناحية توفر الاشتراطات الصحية وتوفر شروط التباعد الاجتماعي فيما يتعلق بالإجراءات الاحترازية لمواجهة جائحة كرونا. كما ذكرت المحكمة أيضاً أنها سوف تتيح لكل شخص الفرصة لعرض قضيته وتقديم دفوعاته، وأنها سوف تقف على مسافة واحدة من الجميع. 

شكوك فريق الدفاع

مدنيون سودانيون يتجمعون خارج المحكمة خلال المحاكمة الجديدة ضد الرئيس المخلوع عمر البشير وبعض حلفائه السابقين بتهمة قيادة انقلاب عسكري أدى إلى استبداد السلطة في عام 1989 في الخرطوم - REUTERS
تظاهرة لمجموعة من السودانيين خارج مبنى المحكمة خلال محاكمة البشير - REUTERS

وعلى الجانب الآخر، تشكك هيئة الدفاع عن الرئيس السابق عمر البشير في حيادية المحكمة، فقد وصف رئيس فريق الدفاع عن البشير المحامي هاشم الجعلي المحاكمة بالسياسية وقال إنها تستهدف الحركة الإسلامية وتوصمها بالإرهاب وإنها تجري في جو عدائي ضد المتهمين من قبل أجهزة تنفيذ القانون.

وعلى صعيد الشارع السوداني فقد حظيت المحاكمة بصدى إيجابي واسع، برغم الاحتجاج المحدود الذي قاده أتباع نظام البشير أمام المحكمة، إذ يرى كثيرون أنها تؤسس لاستدامة النظام الديمقراطي وتشكل نوعاً من الردع لمنفذي الانقلابات العسكرية.

التاريخ القريب

وكان البشير قد أدين في ديسمبر 2019 الماضي عقب توجيه اتهامات بحقه بالفساد وأصدرت المحكمة حكماً بالتحفظ عليه في دار للإصلاح والتأهيل الاجتماعي لمدة عامين. وبالإضافة إلى ذلك فإن الرئيس السابق مطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية منذ عام 2007 عقب اتهامه من قبل المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في ذلك الحين "لويس أوكامبو" بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية في عام 2004 في إقليم دارفور غربي البلاد.

صورة للبشير على بطاقة
صورة للبشير على بطاقة "ورق لعب" مكتوب عليها "مطلوب" خلال تظاهرة ضده في نيويورك عام 2009 لاتهامه بارتكاب جرائم في إقليم دارفور - AFP

وتأتي محاكمة البشير بعد عام وأربعة أشهر من الإطاحة به في أعقاب ثورة شعبية حاشدة، وتولى مقاليد الحكم بعدها مجلس عسكري، ومن ثم حكومة انتقالية تم تكوينها استناداً إلى وثيقة دستورية تم توقيعها في الـ17 من يوليو من عام 2019، تم بموجبها تقاسم السلطة بين المجلس العسكري والقوى المدنية على أن تستمر 39 شهراً يتم بعدها إجراء انتخابات عامة.