السودان.. حضور "باهت" للقادة الانتقاليين في أزمة الفيضانات

طفل سوداني أمام منطقة مغمورة بالمياه في الخرطوم ـ 26 أغسطس 2020 - AFP
طفل سوداني أمام منطقة مغمورة بالمياه في الخرطوم ـ 26 أغسطس 2020 - AFP
الخرطوم-مها التلب

رغم إعلان مجلس الأمن والدفاع السوداني فرض حالة الطوارئ لمدة 3 أشهر واعتبار البلاد منطقة كوارث، لدرء آثار السيول والفيضانات مع استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية والاقتصادية والأمنية في البلاد، إلا أن تحركات القيادات السياسية الرسمية لم تأتِ على مستوى المأساة التى يعيشها السودانيون، وفقاً لرأي عدد من المحللين والمتابعين عن قرب للشأن السوداني.

أحدث تطورات الأزمة تشير إلى أن 80% من الولايات تضررت من الفيضانات، وبلغ عدد الضحايا أكثر من 100 قتيل، وانهار أكثر من 100 ألف منزل، وأصبح عشرات الآلاف بلا مأوى، ولكن أغلب رموز مكوني الحكم في السودان "المدني والعسكري" انشغلوا بزيارات خارجية وملفات سياسية ووجهوا اهتماماً محدوداً إلى الفيضانات.

 سوداني يقف خلف حاجز وسط مياه الفيضانات في جزيرة توتي بالعاصمة الخرطوم - AFP
سوداني يقف خلف حاجز وسط مياه الفيضانات في جزيرة توتي بالعاصمة الخرطوم - AFP

تحركات محدودة

الأوضاع المتدهورة قابلها رئيس المجلس السيادي الانتقالي، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، بزيارة وحيدة إلى منطقة الكلاكلة جنوبي الخرطوم ثم أتبعها بزيارة خارجية استغرقت ساعات إلى إريتريا وكانت ذات طابع أمني. 

أما رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك فغادر الخرطوم إلى أديس أبابا للقاء رئيس الحركة الشعبية شمال عبد العزيز آدم الحلو. وفي الداخل السوداني قام بزيارة مدينة سنجة بولاية سنار، والتي تضررت بشكل كبير من الفيضانات.

انتقادات حادة للحكومة

المحلل السياسي علي الدالي علّق على تقييم تحركات القيادة السودانية خلال الأزمة قائلاً: "ما يفعله المسؤولون هذه الأيام من مغادرة البلاد لمهام غير ضرورية يمكن تأجيلها في ظل الظروف التي يمر بها السودان، يغضب الشارع ويستفز المواطن العادي الذي يعيش ظروفاً بالغة الصعوبة والتعقيد".

وأضاف فى تصريحات لـ"الشرق": "المدهش في الأمر أن الحكومة أعلنت حالة الطوارئ، وأكدت أن السودان منطقة كوارث طبيعية، وبالرغم من ذلك تغادر الطائرات الرئاسية مدرجات مطار الخرطوم وتهبط في مطارات عدة دول بشكل يومي".

ووجّه الخبير السياسي، د.عبد الرحمن أبو خريس انتقادات حادة للحكومة الانتقالية بسبب تأخرها في إعلان الإنذار المبكر، وأضاف في تصريحات لـ"الشرق" أن كل المعلومات متوفرة من خلال القمر الصناعي.

وأضاف:"كان عليها أن تتخذ الاحتياطات اللازمة وتقيم مصدّات المياه في المناطق المتوقع تضررها"، مؤكداً أن الحكومة بشقيها المدني والعسكري تتعامل ببطء مع الأزمات.

وحول الزيارات الخارجية للحكومة الانتقالية، قال أبو خريس: "رغم أن الزيارات الخارجية مهمة وتصب في مصلحة الأمن القومي السوداني، إلا أن الأموال التي تُصرف على تلك الرحلات ستؤثر على ميزانية الدولة".

رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك  - وكالة الأنباء السودانية
رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك - وكالة الأنباء السودانية

"لا عيب في السفر بحثاً عن السلام"

من جانبه، يرى القيادي في قوى الحرية والتغيير، خالد عمر يوسف، أن الدولة منذ اجتياح الفيضانات البلاد تصدّت لهذه المأساة بصورة مسؤولة، مبرراً ذلك بانعقاد اجتماع لمجلس الأمن والدفاع وإعلان حالة الطوارئ وتشكّل آلية للتعامل مع الفيضانات وتسخير كل إمكانات الدولة لمواجهة هذه الكارثة.

وأضاف يوسف فى حديثه لـ"الشرق": "المسؤولون الكبار بالدولة وقفوا من خلال الزيارات الداخلية على معاناة الشعب السوداني في مناطق عديدة آخرها زيارة رئيس الوزراء إلى منطقة سنجة بولاية سنار".

وتابع: "حمدوك زار جوبا وأديس أبابا بحثاً عن السلام، فكما يموت الناس بالفيضانات يموتون بالحروب وآثارها السياسية والاقتصادية، والسفر من أجل إيجاد حلول من صميم الواجب الوطني وليس به ما يعيب".