بعد اقتراب حذف السودان منها.. ما قائمة الدول الراعية للإرهاب؟

سفير السودان لدى الولايات المتحدة نور الدين ساتي برفقة الرئيس دونالد ترمب - وكالة الأنباء السودانية "سونا"
سفير السودان لدى الولايات المتحدة نور الدين ساتي برفقة الرئيس دونالد ترمب - وكالة الأنباء السودانية "سونا"
القاهرة -رحمة ضياء

يتطلع السودان إلى مرحلة جديد، بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب اعتزامه إزالة اسمه من قائمة الولايات المتحدة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، والتي أدرجت فيها الخرطوم منذ نحو 3 عقود، عانت خلالها عقوبات صارمة تركت آثارها في اقتصادها وشكل علاقاتها في المحيطين الإقليمي والعالمي. 

والاثنين الماضي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أنه سيحذف اسم السودان من قائمة الإرهاب، بعد دفع تعويضات تبلغ قيمتها 335 مليون دولار لعائلات ضحايا تفجيري سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا في تسعينيات القرن الماضي، على يد تنظيم القاعدة.

فما قصة تدشين القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب؟ وما الدول التي تتضمنها؟ وما العقوبات التي يفرضها وجودها داخل "القائمة السوداء"؟ وهل توجد أكثر من قائمة إرهاب أميركية؟

رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في زيارة للأخير إلى الخرطوم 25 أغسطس 2020 - AFP
رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في زيارة للأخير إلى الخرطوم 25 أغسطس 2020 - AFP

البداية منذ 4 عقود

ترفع واشنطن "قائمتها الإرهابية"، ضد الدول التي يقرر وزير الخارجية أنها قدمت دعماً متكرراً لأعمال الإرهاب، ويحتكم في قراره لعدد من نصوص القوانين الأميركية، أبرزها قانون إدارة الصادرات، وقانون مراقبة تصدير الأسلحة، وقانون المساعدة الخارجية.

ويترتب على الوجود في تلك القائمة عقوبات مختلفة، وهي قيود مفروضة على المساعدات الخارجية الأميركية، إلى جانب فرض الحظر على الصادرات والمبيعات الدفاعية، وفرض ضوابط على صادرات المواد ذات الاستخدام المزدوج، إضافة إلى القيود المالية المتنوعة. 

كما توجد عقوبات أخرى لمعاقبة الأشخاص والبلدان التي تشارك في تجارة مع الدول التي تضمها القائمة الأميركية.

وانطلقت تلك القائمة في الـ29 من ديسمبر من عام 1979، وضمت حينها ليبيا والعراق واليمن الجنوبي وسوريا، وأضيفت كوبا إلى القائمة في الأول من مارس من عام 1982، وإيران في الـ19 من يناير عام 1984، وكوريا الشمالية في عام 1988، والسودان في الـ12 من أغسطس من عام 1993.

وخرجت عدّة دول من القائمة بعد تسويات مماثلة لما حدث مؤخراً مع السودان، أو نتيجة لتغيير خريطة العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية، ومن بين تلك الدول اليمن الجنوبي الذي خرج عام 1990، والعراق في عام 2004، وليبيا عام 2006 وكوبا عام 2015.

بينما خرجت دول من القائمة، وأُعيدت إليها مرة أخرى مثل كوريا الشمالية التي خرجت عام 2008، ودخلتها من جديد في الـ20 من نوفمبر عام 2017.

وتوجد حالياً 4 دول في القائمة هي: جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية (كوريا الشمالية) ، وإيران، وسوريا، والسودان الذي ينتظر حذفه خلال الأيام القادمة، بعد إعلان رئيس وزرائه عبد الله حمدوك، الثلاثاء، دفع التعويضات المطلوبة. 

كيم جونغ أون زعيم كوريا الشمالية في كلمة له خلال عرض عسكري في بيونغيانغ - AFP
كيم جونغ أون زعيم كوريا الشمالية في كلمة له خلال عرض عسكري في بيونغيانغ - AFP

تأثير كبير 

أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية بالقاهرة، طارق فهمي، قال لـ"الشرق"، إن الدول التي توجد بالقائمة تُعاني بشدّة جراء فرض العقوبات الأميركية عليها، سواء بحرمانها من المساعدات المالية، أوفرض قيود صارمة على التعامل التجاري معها، ومعاقبة الدول التي تخالف ذلك، وهو ما يترك تأثيره في اقتصاد تلك الدول.

ويتفق حديث أستاذ العلوم السياسية مع ورقة بحثية نُشِرت في عام 2015، حول تأثير العقوبات الاقتصادية للأمم المتحدة والولايات المتحدة في نمو الناتج المحلي الإجمالي، تناولت عينة مكونة من 68 دولة تغطي الفترة من (1976-2012)، وجدت أن العقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة لها تأثير إحصائي واقتصادي كبير في النمو الاقتصادي. 

وكشفت أنه في المتوسط، يؤدي فرض عقوبات الأمم المتحدة إلى خفض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للفرد في الدولة المستهدفة بمقدار (2.3 - 3.5) نقطة مئوية، تستمر هذه الآثار الضارة لمدة 10 سنوات. 

وتؤدي العقوبات الاقتصادية الشاملة التي تفرضها الأمم المتحدة، أي الحظر الذي يؤثر في كل النشاط الاقتصادي تقريباً، إلى انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 5 نقاط.

أما العقوبات الأميركية فهي أقل تأثيراً مقارنة بعقوبات الأمم المتحدة، إلا أنها بدورها تقلل من نمو الناتج المحلي الإجمالي في الدولة المستهدفة على مدى 7 سنوات، وفي المتوسط من (0.5 إلى 0.9) نقطة مئوية، وفق الورقة البحثية.

موقف السودان

وأشار أستاذ العلوم السياسية طارق فهمي إلى أن السودان دفع مبلغ التعويضات الأميركية رغم "ظروفه الاقتصادية الصعبة"، لأنه ينتظر أن يحصل على أضعاف هذا المبلغ بعد حذفه من القائمة.

وأضاف فهمي: "من المنتظر أن تقدم أميركا مساعدات مالية للسودان في أعقاب هذا القرار، وتسهل الاستثمارات في الخرطوم، فضلاً عن إعفائها من الديون، كما وعدت إسرائيل بدورها بتقديم مساعدات، ولكنّه لا يزال حديثاً غير واضح المعالم بعد".

وأشار إلى أنه في المقابل ستفرض أميركا على السودان وقف الاستثمارات مع الصين، كما يتوقع أن يكون هناك حضور أميركي كبير في البحر الأحمر عن طريق السودان.

قوائم إرهاب أخرى

يتولى مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بوزارة الخزانة الأميركية، نشر وتحديث قوائم الإرهاب التي تتضمن أسماء الأفراد والجماعات والكيانات الإرهابية، والمتورطين في الأنشطة المتعلقة بانتشار أسلحة الدمار الشامل، والتهديدات الأخرى للأمن القومي أو السياسة الخارجية أو اقتصاد الولايات المتحدة.

ويُطلق على هؤلاء الأفراد أو الشركات "الأشخاص المحددون بشكل خاص"، وتفرض عليهم عقوبات سياسية واقتصادية، ويحظر على الأميركيين التعامل معهم أو تقديم أي خدمات لهم.

ويستند في ذلك لقانون الهجرة والجنسية وفق معايير محددة، منها أن تكون منظمة أجنبية وأن تشارك في نشاط إرهابي أو حتى توفر النية لفعل نشاط إرهابي وتهديد أمن المواطنين الأميركيين أو الأمن القومي، بما في ذلك العلاقات الخارجية أو المصالح الاقتصادية للولايات المتحدة.

وتضم القائمة الأميركية عدداً كبيراً من المنظمات من بينها حزب المجاهدين، وانضم للقائمة في عام 2017، وتنظيم داعش (2018)، وجماعة النصرة (2018)، والحرس الثوري الإيراني (2019)، وعصائب أهل الحق (1 أكتوبر 2020).

وأدرجت واشنطن في يناير من عام 2018، أشخاصاً في لائحة "الإرهابيين العالميين المحددين بشكل خاص"، أبرزهم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، إضافة إلى محمد الغزالي، قيادي فى تنظيم القاعدة بشبه الجزيرة العربية، وأبوبكر على أدن، قيادى بحركة الشباب الصومالية المرتبطة بالقاعدة منذ عام 2010، ووناس الفقيه، ويعمل ضمن تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب.

توزيع للأدوار

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير جمال بيومي، قال لـ"الشرق"، إن وجود أكثر من قائمة إرهاب أميركية يأتي على سبيل توزيع الأدوار.

وأضاف بيومي: "قائمة الإرهاب التي تضعها وزارة الخارجية تضم دولاً بينما القائمة التي تضعها وزارة الخزانة تضم كيانات وأفراداً وجماعات، وكلتاهما تفرض قيوداً تجارية واقتصادية على الدول التي ليست محل رضا الولايات المتحدة".

وأشار إلى أن هناك انتقادات للقوائم الأميركية للإرهاب، قائلاً: "هناك ازدواجية في المعايير، فهذه القوائم تضم المغضوب عليهم من أميركا، في حين أن هناك دولاً أخرى ترعى الإرهاب غير موجودة بالقائمة، لأنها على وفاق مع أميركا".