خطة التحفيز الاقتصادي.. خلاف سياسي بنكهة اقتصادية

رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي توقّع في مقرّ الكونغرس خطة لدعم الاقتصاد خلال تفشي فيروس "كورونا" - 23 أبريل 2020  - REUTERS
رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي توقّع في مقرّ الكونغرس خطة لدعم الاقتصاد خلال تفشي فيروس "كورونا" - 23 أبريل 2020 - REUTERS
واشنطن -وكالات

600 مليار دولار حالت دون إبرام الجمهوريين والديمقراطيين اتفاقاً بشأن خطة جديدة لتحفيز الاقتصاد الأميركي، ودفعت الرئيس دونالد ترمب إلى تجميد المحادثات في هذا الصدد إلى ما بعد انتخابات الرئاسة المرتقبة في 3 نوفمبر المقبل.

خطة التحفيز تستهدف دعم الاقتصاد الأميركي، إذ يعاني من تداعيات فيروس "كورونا" المستجد، الذي أسفر عن وفاة أكثر من 210 آلاف شخص في الولايات المتحدة، وهذه أعلى حصيلة للوفيات في العالم نتيجة الجائحة.

وكان مجلس النواب، الذي يسيطر عليه الديمقراطيون، أقرّ الأسبوع الماضي حزمة دعم بقيمة 2.2 تريليون دولار، لم تنل موافقة الجمهوريين في المجلس، علماً أنها أدنى بأكثر من تريليون دولار عن الاقتراح السابق للديمقراطيين، فيما بلغت قيمة آخر خطة تحفيز اقتصادي أُقرت أواخر أبريل الماضي، 500 مليار دولار.

ويصرّ البيت الأبيض على ألا تتجاوز الحزمة 1.6 تريليون دولار، وكتب ترمب على "تويتر" الثلاثاء أن رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي تريد "مساعدة ولايات ديمقراطية تُدار بشكل سيء وترتفع فيها معدلات الجريمة، وهذه أموال لا علاقة لها بأي شكل بكوفيد-19". وتحدث عن "عرض سخيّ جداً بلغ 1.6 تريليون دولار"، متهماً بيلوسي بأنها "لا تفاوض بحسن نية". وأضاف: "سنصوّت بعد فوزي مباشرة (في الانتخابات) على مشروع قانون تحفيز ضخم، يركّز على الأميركيين الكادحين والشركات الصغيرة".

وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشين خلال مثوله أمام لجنة المصارف والإسكان والشؤون الحضرية في مجلس الشيوخ - 24 سبتمبر 2020 - REUTERS
وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشين خلال مثوله أمام لجنة المصارف والإسكان والشؤون الحضرية في مجلس الشيوخ - 24 سبتمبر 2020 - REUTERS

"بطة عرجاء"

بيلوسي رجّحت أن يخسر ترمب الانتخابات ويصوّت الكونغرس على خطة تحفيز، خلال تحوّل الرئيس إلى "بطة عرجاء" ينتظر تسلّم خصمه الديمقراطي جو بايدن الحكم، في 20 يناير 2021.

وبعد ساعات على إعلانه المفاجئ تجميد المحادثات مع الديمقراطيين، دعا ترمب عبر "تويتر" الكونغرس إلى أن يرسل إليه مشروع قانون أقرّه، يتضمّن حزمة ثانية من المساعدات، تشمل تقديم شيكات بقيمة 1200 دولار للعاطلين من العمل، إضافة إلى تخصيص 135 مليار دولار للأعمال التجارية الصغيرة.

وهذه تدابير كانت مشمولة أساساً في المفاوضات بين الحزبين، كما أفادت وكالة "فرانس برس". وكتب الرئيس: "أنا مستعد للتوقيع الآن (على الحزمة). نانسي هل تسمعين"؟

كذلك حضّ الكونغرس على تمرير 25 مليار دولار لدعم قطاع الطيران، بعدما عانى تسريح أكثر من 30 ألف موظف مطلع الشهر الجاري، إثر انتهاء العمل بقانون الدعم الإضافي للاقتصاد والأفراد الذين فقدوا وظائفهم، المعروف بـ "قانون كيرز"، الذي يحصل بموجبه العمال الذين فقدوا وظائفهم على 600 دولار بشكل إعانات بطالة إضافية.

"دعم ضئيل تعافٍ ضئيل"

قرار ترمب جاء بعد ساعات على تشديد رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول على أن تعافي الولايات المتحدة من تداعيات "كورونا" سيكون "أقوى وأسرع"، إذا أُقرّت مساعدات حكومية إضافية. وأضاف: "الدعم الضئيل سيؤدي إلى تعافٍ ضئيل، ويسبّب صعوبات غير ضرورية للعائلات والأعمال التجارية"، وفق "فرانس برس".

رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول خلال مثوله أمام لجنة المصارف والإسكان والشؤون الحضرية في مجلس الشيوخ - 24 سبتمبر 2020 - REUTERS
رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول خلال مثوله أمام لجنة المصارف والإسكان والشؤون الحضرية في مجلس الشيوخ - 24 سبتمبر 2020 - REUTERS

وأفادت وكالة "أسوشييتد برس" بأن خطوة ترمب جاءت بعدما تحدث مع قادة الحزب الجمهوري في الكونغرس، مضيفة أنهم "كانوا يراقبون بحذر المحادثات بين وزير الخزانة ستيفن منوشين وبيلوسي". وأشارت إلى أن أعضاء جمهوريين كثيرين في مجلس الشيوخ أعلنوا أنهم لن يوافقوا على أي خطة تحفيز تتجاوز تريليون دولار.

وذكّرت الوكالة بأن الرئيس كتب على "تويتر" السبت، من مستشفى "والتر ريد" العسكري، حيث عولج من "كورونا": "الولايات المتحدة الأميركية العظيمة تريد (خطة) تحفيز وتحتاج إليها. العمل معاً وإنجاز الأمر".

وأفادت "أسوشييتد برس" بأن البيت الأبيض أعلن الأسبوع الماضي دعمه تخصيص إعانة بطالة قيمتها 400 دولار أسبوعياً، وإقرار حزمة دعم بقيمة 1.6 تريليون دولار. وأضافت أن بيلوسي "رفضت العرض، وواصلت اتخاذ موقف متشدد في المحادثات، بما في ذلك إصرارها على إلغاء إعفاء ضريبي على الأعمال التجارية، بقيمة 254 مليار دولار، اقترحه الحزب الجمهوري وأُقرّ في حزمة التحفيز التي صادق عليها الكونغرس في مارس الماضي، وقيمتها 2.2 تريليون دولار. علماً أن بنوداً فيها انتهت صلاحيتها، وتشمل المساعدات الإضافية للعاطلين من العمل والقروض المخصّصة للشركات المتوسطة والصغيرة.

دعم الولايات والحكومات المحلية

وتطرّقت الوكالة إلى خلاف الجمهوريين والديمقراطيين بشأن دعم الولايات والحكومات المحلية، مشيرة إلى أن ترمب عرض 250 مليار دولار في هذا الصدد، فيما أصرّت بيلوسي على أكثر من 400 مليار. وأضافت أن رئيسة مجلس النواب طالبت بمزايا أسبوعية أعلى للعاطلين من العمل، وبائتمانات ضريبية قابلة للاسترداد للعمال الفقراء.

وكالة "بلومبرغ" أفادت بأن بيلوسي أصرّت على تمرير خطة تحفيز بقيمة تريليونَي دولار أو أكثر. وأشارت إلى أن الجمهوريين عارضوا بنوداً في مشروع القانون الذي أقرّه ديمقراطيو مجلس النواب الأسبوع الماضي، تشمل التغطية الصحية التي تموّلها الحكومة لعمليات الإجهاض، وفحوصات التحفيز للمهاجرين غير الشرعيين.

زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأميركي ميتش ماكونيل يتحدث إلى وسائل إعلام في واشنطن - 30 سبتمبر 2020 - REUTERS
زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأميركي ميتش ماكونيل يتحدث إلى وسائل إعلام في واشنطن - 30 سبتمبر 2020 - REUTERS

وأضافت الوكالة أن زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل كان واضحاً في أن الجمهوريين في المجلس ليسوا مهتمين بخطة 2.2 تريليون دولار، فيما حضّت بيلوسي الإدارة على زيادة عرضها.

وتابعت "بلومبرغ" أن منوشين وأبرز موظفي البيت الأبيض مارك ميدوز كانا يعدّان عرضاً مضاداً قيمته 1.6 تريليون دولار، مشيرة إلى أن ماكونيل اكتفى بالقول إن الحزب الجمهوري سيدرس عرض البيت الأبيض.

وعارض ماكونيل وأعضاء جمهوريون في مجلس الشيوخ خطة إنقاذ للولايات والحكومات المحلية، معتبرين أن الكثير من المبالغ الواردة فيها سيُخصّص للولايات التي يسيطر عليها الديمقراطيون.

كذلك رأى الجمهوريون في خطة بيلوسي مجرد "لائحة برغبات حزبية"، مفضّلين نهجاً "أكثر تفصيلاً وأرخص تكلفة، يركّز على مساعدة المدارس والشركات، والرعاية الصحية المرتبطة" بالجائحة، وفق "بلومبرغ".