تقرير أميركي: "وي تشات" أخطر التطبيقات الصينية

تطبيق "وي تشات" على متجر بلاي ستور - AFP
تطبيق "وي تشات" على متجر بلاي ستور - AFP
بلومبرغالشرق

ما زال الجدل بشأن التطبيقات الصينية، وتهديدها للأمن القومي الأميركي محل نقاش في الولايات المتحدة، خصوصاً بعد صدور تقرير حديث عن وكالة "بلومبرغ" أشارت فيه إلى وجود صلة بين تلك التطبيقات والسلطات الصينية، خصوصاً "وي تشات" الذي اعتبرته "الأخطر".

وفي 6 أغسطس الماضي، أصدرت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب أوامر تنفيذية بحظر التطبيقين الصينيين "وي شات" و"تيك توك" في الولايات المتحدة، بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي، وسرعان ما نفت الشركتان والمسؤولون الصينيون المزاعم الأميركية المتعلقة بالتجسس.

وقال تقرير بلومبرغ إنّ "وي تشات" كان أقل سرعة في الاستجابة للقرارات الأميركية، لأن الشركة المالكة  "تينسنت هولدينغ"، لطالما حرصت منذ إطلاق التطبيق في عام 2011 على مراعاة مبادئ الحزب الشيوعي الحاكم في الصين.

وفي اليوم التالي لإعلان الحظر، أعلنت الشركة التي تبلغ قيمتها السوقية أكثر من 660 مليار دولار، أنها "تراجع العواقب المحتملة" للأمر التنفيذي. وفي محاولة لتجنب الأضرار، سعت إلى التمييز بين إصدارات التطبيق الصينية والأجنبية.

يحظى تطبيق
يحظى تطبيق "وي تشات" بانتشار عالمي ويبلغ مستخدموه في الولايات المتحدة 19 مليوناً - REUTERS

وهاجمت الحكومة الصينية الخطوة الأميركية، واعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية وانغ وينبين في 7 أغسطس الماضي، أي بعد يوم واحد من فرض الحظر، أنّ الولايات المتحدة تضع المصالح الأنانية فوق مبادئ السوق والقواعد الدولية، وذلك على حساب المستخدمين والشركات الأميركية.

وتقول "بلومبرغ" إن وي تشات بات بمرور الوقت جزءاً لا يتجزأ من المجتمع الصيني، لدرجة أنه من الصعب الوصول على سيارة أجرة أو طلب طعام من دون استخدام التطبيق، ولا يقتصر الانتشار الواسع للتطبيق على الداخل الصيني، ما أثار قلق المديرين التنفيذيين في شركة "تينسنت" من تداعيات قرار ترمب على 19 مليون مستخدم في الولايات المتحدة وحدها.

ويوفر التطبيق إمكانية البحث واستخدام الوسائط الاجتماعية، فضلاً عن ميزات الدفع الإلكتروني، لكن الخطورة تكمن، وفقاً لمسؤولين أميركيين، في إخضاعه لرقابة شديدة من السلطات الصينية.

سيطرة الحزب الشيوعي

يشكّل "وي تشات" مصدراً رئيسياً للمعلومات بالنسبة إلى الصينيين أينما كانوا. ولهذا، تستخدمه السلطات كأداة دعائية موجهة لملايين المواطنين في الداخل والخارج. ليس هذا فحسب، فخلال الانتخابات الفيدرالية التي جرت العام الماضي في أستراليا، استخدم قادة الأحزاب السياسية الرئيسية المنصة ذاتها "وي تشات" لإجراء جلسات حوارية مع الناخبين الأستراليين من أصل صيني.

ويقول فيرغوس رايان، الباحث في "معهد السياسة الاستراتيجية" الأسترالي إن "من المهم أن نلاحظ أنّ أجهزة الرقابة والدعاية الصينية هي مسؤولية تقع على عاتق شركات مثل (تينسنت)، و(بايتدانس) المالكة لتطبيق تيك توك".

ويضيف أنّ بكين تُلزم جميع المنصات بخط الحزب الشيوعي، وضمان ألا يتجاوز المحتوى أياً من خطوطه الحمراء.

مقر شركة
مقر شركة "tencent" المالكة لتطبيق "وي تشات" في مقاطعة غوانغدونغ الصينية - REUTERS

ولكن هل تحتاج بكين إلى مدخل قانوني حتى تتمكن من الولوج إلى التطبيقات الذكية؟

قد لا يبدو ذلك أمراً ضرورياً في ظل الحكم الصارم للحزب الشيوعي، لكن هناك بالفعل ما يشرّع ذلك، إذ تنص المادة 28 من قانون الأمن السيبراني الصيني لعام 2017، على إلزام مشغلي الشبكات الاجتماعية تقديم الدعم الفني والمساعدة لأجهزة الأمن العام والقومي التي تحقق في الأنشطة الإجرامية.

وهكذا، ترفض الصين المزاعم الأميركية بانتهاكها لبيانات مستخدمي التطبيقات الاجتماعية، بل ذهبت أبعد من ذلك قبل أيام قليلة، عندما اتهمت المتحدثة باسم وزارة الخارجية هوا تشون يينغ الولايات المتحدة بأنها هي التي حولت التطبيقات إلى أنظمة مراقبة للتجسس على الجمهور، وليس الصين.

ثغرات في التطبيق

يكشف تقرير "بلومبرغ" أنّ الكثير من الصينيين يواجهون منذ سنوات ثغرات غريبة خلال محادثاتهم عبر "وي تشات"، منها على سبيل المثال، حذف الصور المرسلة قبل وصولها إلى الطرف المُستقبل، وكذلك حظر سلسة واسعة من الكلمات، المتعلقة بانتقادات تمس الحزب الشيوعي الصيني، ما يؤدي في بعض الأحيان، وفق مستخدمين للتطبيق، إلى فقدان الرسائل بشكل كامل.

ويعتقد لوتس روان، الباحث في كلية الشؤون العالمية والسياسة العامة في "جامعة تورنتو"، أن ليس هناك أي دليل على صلة الحكومة الصينية بمراقبة المستخدمين في الخارج، لكنه لا يستبعد الأمر في ضوء الثغرات التي يتحدث عنها نشطاء صينيون. 

 قبل أن يغادر إلى الولايات المتحدة ويحصل على الجنسية الأميركية، شارك تشو فينغسو، كقائد طلابي في احتجاجات ميدان تيان إن مين في عام 1989، ويقول فينغسو إنّ حسابه الخاص في "وي تشات" تعرض لتعليق مؤقت أكثر من مرة خلال السنوات الماضية. 

و يضيف: "على الرغم من كوني خارج الصين، لكن يتم التعامل مع حسابي بطريقة التعامل مع الحسابات الصينية ذاتها، والتي تخضع للمراقبة طوال الوقت، وقد أصبح الأمر واضحاً لدرجة أنّ الناس لم يعودوا يكترثون للأمر".

في عام 2017 توفي الناشط الصيني ليو شياوبو، الحائز "جائزة نوبل للسلام" وأراد تشو إحياء ذكرى الراحل، من خلال مشاركة بعض الصور مع أصدقائه عبر التطبيق، لكن رسائله لم تصل، كما يؤكد.

كشك للصحف في بكين ويظهر كتاب عن الرئيس الحالي وبجواره رمز الدفع عبر
كشك للصحف في بكين ويظهر كتاب عن الرئيس الحالي وبجواره رمز الدفع عبر "وي تشات" - AFP

شهية صينية للبيانات

بالنسبة لإدارة ترمب، فإن مخاوف الأمن القومي المرتبطة بتطبيق "وي تشات"، تتجاوز الرقابة التي يمارسها الحزب الشيوعي أو التضييق على النشطاء.

وفي السياق، قال جون ديمرز، مساعد وزير العدل الأميركي لشؤون الأمن القومي، خلال مناقشة حول مكافحة التجسس الصيني إنّ "هناك شهية صينية لجمع كم هائل من البيانات الشخصية الحساسة".

وكأمثلة على ذلك، استشهد ديمرز باختراق مكتب إدارة شؤون الموظفين التابع للحكومة الأميركية في عام 2015، ومن ثم تكرار الأمر مع وكالة إعداد التقارير الائتمانية "إيكويفاكس إنك" في عام 2017، وهما، بحسب ديمرز "انتهاكان يُزعم أنّ قراصنة صينيين يقفون وراءهما، بغية الحصول على معلومات شخصية لمئات الملايين من الناس."

ويرى ديمرز أنّ السلطات الصينية تستخدم "وي تشات" أيضاً كأداة مراسلة، لضمان كسب ولاء الصينيين الذين يدرسون في الخارج، ويتابع بأسلوب لا يخلو من التهكم: "هذا هو هدف الحكومة الصينية، إرسال الطلاب إلى هنا لجني كل فوائد التعليم التقني الأميركي، ولكن من دون أن تسمح لهم بأن يتلوثوا بأفكار مثل الديمقراطية الليبرالية أو الحرية الدينية".