تسببت الحرائق الغامضة التي تشهدها الجزائر في إتلاف أكثر من 8800 هكتار من الغابات خلال الشهرين الأخيرين، وفق ما أعلنت المديرية العامة للغابات، فيما اتهم رئيس الوزراء الجزائري عبد العزيز جراد أطرافاً بالوقوف وراء هذه الحرائق، بهدف "إثارة الفتنة".
وكشفت المديرية العامة للغابات عن اندلاع 66 حريقاً في 20 ولاية في 27 يوليو الماضي، ما استلزم تدخل مروحيات الدفاع المدني للمساهمة في إخمادها.
وقالت المديرية إن "ارتفاع درجات الحرارة خلال الأيام الماضية تسبب في العديد من الحرائق في الغابات والأحراش بمناطق متفرقة، مشيرة إلى أن "بعضها شكّل تهديداً حقيقياً لسكان هذه المناطق"، فيما اعتبرت ولايات تيزي وزو وبجاية وسطيف (شرق العاصمة الجزائر) وتيبازة (غرب العاصمة) هي الولايات الأكثر تضرراً من هذه الحرائق.
حرائق "متعمدة"
وسجلت المديرية العامة للغابات 1216 بؤرة حريق بين الأول من يونيو والأول من أغسطس، التهمت أكثر من 8778 هكتاراً في 37 منطقة، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية.
من جانبه، اعتبر رئيس الوزراء عبد العزيز جراد أن بعض الحرائق "مدبّرة ومتعمدة"، مشيراً إلى أن السلطات المحلية في ولاية باتنة "ألقت القبض على أشخاص يحرقون الغابات عمداً".
ووعد جراد بنشر اعترافات هؤلاء الأشخاص قريباً، لافتاً إلى أنه "جرى تسجيل 4 إلى 5 حرائق في الوقت نفسه وفي المكان نفسه"، وأن "التحقيقات لا تزال جارية في هذا الشأن".
ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية تأكيد رئيس الوزراء أن مدبّري الحرائق "يهدفون إلى خلق الفتنة وعدم الاستقرار".
وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أمر بفتح تحقيق فوري في الأحداث التي وقعت خلال الأيام الأخيرة وكان لها أثر سلبي على حياة المواطنين والاقتصاد، وتشمل التحقيقات الكشف عن أسباب الحرائق التي التهمت مساحات شاسعة من الغابات.
أضرار جسيمة
وتعتبر بلدية بني شبانة، الواقعة بين ولايتي سطيف وبجاية شرقاً، إحدى المناطق الأكثر تضرراً من موجة الحرائق التي تشهدها الغابات، إذ تسبب اشتعال النيران في إتلاف المحاصيل الزراعية ونفوق عدد كبير من الحيوانات، إلى جانب تضرر منازل القرى المجاورة للغابات.
وفي حديثه لـ "الشرق" قال بشير، وهو أحد أبناء المنطقة الذين أتلفت محاصيلهم الزراعية المتمثلة في أشجار الزيتون، إنه يعتمد على كسب قوته من تلك المحاصيل، معبراً عن استيائه مما حدث لمحاصيله الزراعية التي "أنفق عليها وتعب من أجلها طوال عام كامل، وانتهى بها المطاف حرقاً، ليتكبد خسائر كبيرة جراء ذلك".
وأشار بشير إلى أن "هذه الحرائق تسببت في حرارة كبيرة وأدت إلى نفوق حيواناته التي كان يربيها في منزله"، لافتاً إلى أنه "ينتظر من السلطات أن تلتفت إليه وإلى أبناء قريته الذين يعيشون حالة مشابهة".
من يعوّض الخسائر؟
وقال رئيس بلدية بني شبانة، توفيق آيت بعزيز، لـ"الشرق"، إن "مصالح البلدية لا يمكنها تعويض مزراعي المنطقة المتضررين من الحرائق، بسبب عدم توافر الإمكانيات المالية اللازمة لذلك"، مشيراً إلى أن "من المقرر أن يتم إرسال لجنة خاصة تابعة لوزارة الداخلية والجماعات المحلية لإحصاء عدد الفلاحين والمناطق المتضررة، بقصد تقديم تعويضات الخسائر الناجمة عن هذه الحرائق".
و أضاف أن "هناك اجتماعات يومية بين مجلس البلدية والجمعيات الخيرية بهدف تجميع المؤن لتقديمها إلى السكان المتضررين، وبدأت عملية توزيعها اليوم الاثنين من خلال تقديم 1000 حصة مساعدة".
عصابات الفحم
ويتهم سكان منطقة بني شبانة من يسمونهم بـ"عصابات الفحم" بالوقوف وراء الحرائق، "ولا سيما أن بعض الجماعات تستغل مناسبة عيد الأضحى لبيع الفحم الذي يستعمل في الشواء".
ولكن مدير الوقاية على مستوى المديرية العامة للغابات رشيد بن عبد الله نفى في تصريحات إعلامية هذه الاتهامات، مرجعاً سبب ذلك إلى "التصرفات العشوائية لبعض المواطنين، مثل ترك بعض النفايات سريعة الاشتعال لساعات تحت أشعة الشمس، أو الرمي العشوائي للسجائر، في ظل الحرارة المرتفعة في فصل الصيف، ما يؤدي إلى اندلاع النيران"، بحسب وصفه.