وقع الرئيس الأميركي جو بايدن الأربعاء أمراً تنفيذياً يقضي بإلغاء حظر السفر الذي فرضه سلفه الرئيس السابق دونالد ترمب على عدد من الدول ذات الغالبية المسلمة، وذلك ضمن مساعي الرئيس الجديد لإصلاح نظام الهجرة.
وبتوقيع الأمر التنفيذي، أوفى الرئيس الأميركي بعهد قطعه خلال حملته الرئاسية بأنه سيعمل من اليوم الأول على إبطال هذا الحظر الذي فرضه ترمب في عام 2017.
وكانت حملة الرئيس بايدن وصفت هذا الحظر، بأنه "إساءة استخدام للسلطة من قبل ترمب"، معتبرة أنه "يضرّ بالقيم الأميركية ويعطي المتطرفين ذرائع يحتجون بها".
وقالت الحملة إن بايدن سيوقع أمرًا تنفيذيًا بإلغاء الإعلانين 9645 و 9983، اللذين يقيّدان دخول مواطني دول إسلامية وأفريقية للولايات المتحدة، ما سيترتب عليه بدء وزارة الخارجية النظر في إصدار تأشيرات الدخول للدول المتضررة من القرار، الذي وصفته الحملة بأنه "يمثل سياسة متجذّرة من العداء الديني وكراهية الأجانب" على حد تعبيرها.
قرارات ترمب
الرئيس السابق دونالد ترمب، فرض حظراً على دخول مواطني عدد من الدول ذات الغالبية المسلمة، في قرار شهد أحكاماً قضائية عدة، عطّلت بعض بنوده نظرًا لعدم اتساقها مع الدستور الأميركي.
"حماية الأمة من دخول الإرهابيين الأجانب إلى الولايات المتحدة" هو الاسم المفصل للأمر التنفيذي 13769، الذي يعد الإرهاص الرسمي الأول لما عُرف سياسيًا بـ"قرار حظر المسلمين"، وأصدرته إدارة ترمب في 27 يناير 2017.
الأمر التنفيذي الأول، قضى بتعليق زيارة مواطني 7 دول ذات غالبية مسلمة إلى الولايات المتحدة لمدة 90 يومًا، فيما علّق زيارة اللاجئين السوريين لأجل غير مسمى، ومنع دخول أي لاجئين للولايات المتحدة لمدة 120 يومًا.
وفي مارس 2017، صدر ما يعرف بحظر السفر 2.0 (الأمر التنفيذي 13780)، ليلغي ويستبدل الأمر 13769، ولاحقًا، في سبتمبر 2017، صدر الإعلان الرئاسي 9645 الذي ضمن استمرار قرارات حظر السفر، وتم تمديده في فبراير 2020 ليشمل دولاً أخرى بواسطة الإعلان الرئاسي 9983.
وتسري قرارات تقييد السفر المفعلة في عهد ترمب، والتي أبطلها الأمر التنفيذي لبايدن على 13 دولة، هي: إيران وليبيا وكوريا الشمالية وسوريا وفنزويلا واليمن والصومال وإريتريا وقيرغيزستان وميانمار، ونيجريا والسودان وتنزانيا.
جذور الحظر
على الرغم من أن القرارات الرسمية بتقييد دخول مواطني دول عدة ذات غالبية مسلمة صدرت فعليًا في أواخر يناير 2017، إلا أنه يمكن تقفّي أثر طلائع تلك السياسة في تصريحات أدلى بها ترمب إبان حملته الانتخابية.
متذرعًا بالمخاوف الأمنية، برر ترمب في كل مرة خططه لإصدار قرارات تنفيذية تقضي بحظر دخول المسلمين إلى البلاد.
إحدى المناسبات التي لوّح فيها الرئيس السابق بقرارات الحظر، ودعا فيها إليه، كانت في أعقاب حوادث إطلاق نار شهدتها في كاليفورنيا، خلال مؤتمراته الانتخابية في بعض الولايات. تلك الدعوة جوبهت بشجب عام حينها من البيت الأبيض، ومن قادة دول حول العالم، فضلاً عن عدد من الوجوه الجمهورية.
تظاهرات وسجالات قضائية
ومنذ صدور أولى نسخ قرار حظر المسلمين في 2017، شهدت الأيام والأشهر التالية سجالات قضائية عدة بشأنه، فضلاً عن تحفظات من قطاعات عريضة عبّرت عن مواقفها بالتظاهر والاعتصام أو حتى سلوك المسارات القانونية لتعطيل القرار ولو جزئياً.
وشهد عدد من المطارات الأميركية احتجاجات واسعة على احتجاز مسافرين وترحيل آخرين على خلفية تلك القرارات، من بينها مطار "جون كينيدي" في نيويورك، الذي شهد احتجاحاً على الأمر التنفيذي نفذته حشود من المواطنين الغاضبين المتأثرين بالقرارات، وفقًا لما أفادت به صحيفة "نيويورك تايمز"، لتتواصل موجة الغضب تلك حتى فبراير 2018.
في 29 يناير 2018، صدر أول أمر قضائي مؤقت من قاضية فيدرالية بنيويورك بمنع ترحيل الأشخاص الذين تقطّعت بهم السُبل في مطارات الولايات المتحدة، وفقًا للموقع الرسمي للاتحاد الأميركي للحريات المدنية، تلته قرارات قضائية مماثلة من قضاة آخرين.
أخيرًاً، وفي يونيو 2018، أيدت المحكمة العليا الأميركية قرارات ترمب المتعلقة بحظر دخول مواطني الدول ذات الأغلبية المسلمة، لدواعٍ أمنية، وفقًا لـ"نيويورك تايمز".
أسر ممزقة
بعد 4 سنوات من تفعيل قرارات حظر الدخول للولايات المتحدة، وضع بايدن الأربعاء نهاية سعيدة لكثير من القصص الإنسانية الزاخرة بالمعاناة التي واجهتها أسر ممزقة، وأزواج تشتتوا بين الولايات المتحدة وعدد من دول العالم، إثر قرار الحظر.
في تقرير بعنوان "التعايش مع حظر المسلمين"، وثّق الاتحاد الأميركي للحريات المدنية عشرات القصص لمواطنين أميركيين، وذويهم العالقين في بلاد ارتأى ترمب أنها "غير آمنة" لاستقبال زوار منها، ومن ثم اتخذ قرارات حظر السفر، لتتعطل خطط هؤلاء لزواج والتعليم وتوديع أحبابهم الموتى، إلى أجل غير مسمى.
في سياق آخر، عزفت الولايات المتحدة خلال عهد ترمب عن استقبال اللاجئين إلا في أضيق الحدود. ونقلت مجلة "نيوزويك" عن تقرير للخارجية الأميركية أن أعداد التأشيرات المقبولة للاجئين مسلمين تراجعت بشكل درامي خلال عام 2017 بالتزامن مع تفعيل قرارات الحظر، بنسبة 94%.