تواجه شركة تكنولوجيا الأقمار الاصطناعية الصينية "تشانج جوانج"، المرتبطة بالجيش الصيني والممولة من قبل الحكومة، اتهامات أميركية بتقديم دعم مباشر للحوثيين في اليمن، في وقت تستهدف فيه الجماعة المسلحة السفن في البحر الأحمر، حسبما أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال".
وأفاد التقرير بأن "تشانج جوانج"، التي كانت قد وفّرت صوراً عالية الدقة للقوات الروسية في أوكرانيا، عادت لتثير القلق في واشنطن، وسط شكوك بتورطها مجدداً في تقديم معلومات حساسة لأطراف معادية للولايات المتحدة، ضمن شبكة أقمار اصطناعية آخذة في التوسع وتضم مئات الوحدات.
وأشارت الصحيفة، إلى أن بعض المستخدمين في الصين تفاخروا بالقدرة على استخدام أقمار الشركة لرصد قاذفة شبحية أميركية حديثة، بينما كانت متوقفة في قاعدة جوية بصحراء موهافي في كاليفورنيا.
بدورها، اعتبرت الناطقة باسم الخارجية الأميركية، تامي بروس، أن استمرار بكين في دعم الشركة "رغم محادثاتنا المباشرة معها" يكشف تناقضاً بين الخطاب الصيني حول دعم السلام وبين ممارساتها الميدانية، دون أن توضح تفاصيل الدعم الذي يُعتقد أن "تشانج جوانج" قدّمته للحوثيين أو طبيعة التواصل مع الجانب الصيني بهذا الشأن.
الشركة تنفي الاتهامات
لكن الخارجية الأميركية، اتهمت الشركة، الأسبوع الماضي، بتقديم "دعم مباشر" لهجمات الحوثيين، ورغم أن الشركة لم ترد على طلبات التعليق من الصحيفة، فإنها نفت، عبر وسائل إعلام صينية، أن تكون لها أي علاقات تجارية مع الحوثيين أو الداعمين الإيرانيين لهم، ووصفت اتهامات وزارة الخارجية الأميركية بأنها "ملفقة".
ورفض الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية الأسبوع الماضي التعليق المباشر على الاتهامات، مؤكداً في المقابل أن بكين "تبذل جهوداً للتهدئة في البحر الأحمر"، في إشارة إلى التوترات المتصاعدة وهجمات الحوثيين على السفن الأميركية هناك، والتي قابلتها واشنطن بحملة من الغارات الجوية الشهر الماضي.
وحذّر تقرير أعدته لجنة المراجعة الأمنية والاقتصادية الأميركية-الصينية، من أن هذه الحوادث قد لا تكون فردية، بل قد تتوسع لتشمل دعم أطراف معادية أخرى عبر الشركات الصينية.
ورغم أن جزءاً كبيراً من نشاط الشركة يتعلق باستخدام الأقمار الاصطناعية لأغراض مدنية كمتابعة المحاصيل الزراعية أو الكوارث الطبيعية، فإن ملفاتها المالية تكشف عن علاقات وثيقة مع الجيش الصيني، حيث شكّلت العقود العسكرية نحو 75% من إيراداتها التشغيلية في 2021، أي ما يعادل أكثر من 31 مليون دولار.
ويُنظر إلى نمو الشركة كجزء من استراتيجية "الاندماج العسكري-المدني" في الصين، إذ تسعى بكين لدمج القطاع التكنولوجي المدني مع جهود تطوير الصناعات الدفاعية، في نموذج يُشبه ما تتبعه الولايات المتحدة، من حيث التعاون بين الشركات الناشئة والمؤسسات العسكرية.
وفي تقريرها لعام 2022، قالت الشركة: "توفر الأقمار الاصطناعية للاستشعار عن بعد، خدمات دعم القرار للمستخدمين العسكريين، من الرصد الروتيني إلى الإنذار المبكر وإدارة الأزمات، من خلال مراقبة دقيقة وفي الوقت المناسب".
ونشرت الشركة العام الماضي عبر موقعها الإلكتروني، منشوراً يُظهر صورة لطائرة الشبح الأميركية B-21 Raider، التقطها أحد أقمار "جيلين-1" وهي متوقفة أمام أحد الحظائر في قاعدة "إدواردز" الجوية بولاية كاليفورنيا.
عقوبات أميركية
وكانت إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن فرضت عقوبات على الشركة في عام 2023، بعد الاشتباه باستخدام أقمارها من قبل مجموعة "فاجنر" الروسية خلال الحرب في أوكرانيا.
ورغم الضغوط، قال رئيس الشركة في أبريل الماضي، إن العقوبات شكّلت تحدياً حقيقياً، لكنه تعهّد بـ"مواصلة التقدم بكل طموح"، بحسب بيان نشر على موقع الشركة.
وتأسست "تشانج جوانج" عام 2014 في إقليم جيلين شمال شرقي الصين، بدعم من الأكاديمية الصينية للعلوم، وتبنّى رئيسها التنفيذي شوان مينج منذ البداية طموحات عالمية، قائلاً في تصريح عام 2015: "عملائي أكثر من رجل الأعمال الصيني جاك ما، إنهم سكان العالم البالغ عددهم 7 مليارات نسمة".
وبحلول نهاية 2023، كانت الشركة قد أطلقت 117 قمراً اصطناعياً ضمن شبكتها المعروفة باسم "جيلين-1"، القادرة على مراقبة أي نقطة على الأرض بما يصل إلى 40 مرة يومياً، وتخطط للوصول إلى 300 قمر بحلول 2026، لتتجاوز بذلك منافستها الأميركية "بلانيت لابز" التي تملك نحو 200 قمر اصطناعي.
وتشير الصحيفة، إلى أن قدرة "تشانج جوانج" لا تختلف كثيراً عن نظيراتها الأميركية، لكن غياب التعاون من جانب الحكومة الصينية يجعل من الصعب على واشنطن التأثير على نشاطها، خاصة مع سجل بكين في السماح بصفقات مع أطراف غير مرغوب بها أميركياً، مثل مبيعات طائرات مسيّرة لروسيا.
وبلغت إيرادات "تشانج جوانج" نحو 80 مليون دولار في 2023، أي ما يقارب ضعف مستوى عام 2021، لكنها لا تزال تُعاني من خسائر تجاوزت 100 مليون دولار خلال الفترة بين 2019 و2021، ما اضطرها إلى إلغاء خطط طرح أسهمها للاكتتاب العام في بورصة شنغهاي بعد فرض عقوبات أميركية.
كما تأخر تنفيذ مشروعها لتوسيع شبكة "جيلين-1"، إذ كانت الشركة تهدف للوصول إلى 300 قمر بحلول 2025، لكن تلفزيون الصين المركزي قال في أغسطس الماضي، إن هذا الرقم "لن يتحقق قبل نهاية 2026".