حذر وزير خارجية الأفغاني محمد حنيف أتمر من أن البلاد قد تدخل في "حرب أبدية"، على خلفية سيطرة حركة طالبان على معظم مناطق أفغانستان، مشيراً إلى أن الحكومة الأفغانية، حصلت على ضمانات أميركية بدعمها لتجنب الانهيار.
وقال وزير الخارجية الأفغاني في مقابلة مع مجلة "فورين بوليسي"، إن الوضع الأمني في أفغانستان "صعب"، وأرجع ذلك إلى "فشل طالبان في الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاق الدوحة للسلام".
وأضاف، "لقد تصرفنا جميعا بحسن نية"، "لكن ومنذ إعلان رحيل القوات الدولية عن أفغانستان، أطلقت طالبان العنان لحملة إرهابية واسعة النطاق شملت جميع أنحاء البلاد، وأسفرت عن مقتل أكثر من 3500 شخص، 30% منهم من المدنيين، كما اضطر أكثر من 200 ألف مدني للنزوح بسبب موجة العنف الأخيرة التي أطلقتها الحركة".
وأعلنت حركة طالبان، الجمعة، سيطرتها على 85% من أراضي أفغانستان، وهو ما تعتبره الحكومة الأفغانية انتهاكاً لاتفاق الدوحة، الذي وقعته طالبان والولايات المتحدة العام الماضي، والذي ينص على انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان مقابل وقف طالبان العنف والانخراط في مفاوضات سلام مع الحكومة الأفغانية.
سيناريو الحرب والسلام
وحذر أتمر، في حواره مع "فورين بوليسي"، من أن أفغانستان ستصبح أمام "سيناريوهين اثنين" عقب استكمال انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان في أغسطس المقبل، مشيراً إلى أن السيناريو الأول يكمن في "الوصول إلى اتفاق سلام يراعي مصالح الشعب الأفغاني، بينما السيناريو الثاني يتمثل في حرب أبدية".
واعتبر وزير الخارجية الأفغاني، أن السياناريو الثاني "لن يتوقف عند حدود الحرب الأهلية"، وإنما "ستكون له تداعياته العميقة، وسيسمح لشبكات الإرهاب الدولي ولجماعات الجريمة المنظمة العابرة للحدود بالعمل معاً بطريقة تضامنية، بغرض تهديد مصالح جميع دول المنطقة والعالم".
ولفت وزير الخارجية إلى أن الأمر يتوقف على طالبان، قائلاً "إن طالبان لم تلتزم باتفاق الدوحة للسلام، وهدفها من الاتفاق لم يكن رحيل القوات الأجنبية، وإنما إعادة بناء إمارتها في أفغانستان".
ودعا أتمر حركة طالبان إلى "التوقف عن قتل الشعب الأفغاني، والموافقة على وقف إطلاق النار ووقف العنف، والوفاء بالالتزامات التي قطعتها على نفسها في مؤتمر السلام في الدوحة"، وتابع "نمد لهم أيدينا بالسلام، وبالمشاركة في الحكومة".
ضمانات أميركية
وأثارت المكاسب الكبرى التي حققتها حركة طالبان في الآونة الأخيرة مخاوف من انزلاق أفغانستان إلى حرب أهلية، وهو ما تحدثت عنه العديد من التقارير الأمنية في الولايات المتحدة.
لكن الرئيس الأميركي جو بايدن أكد أنه لا يتفق مع تقييم الاستخبارات الأميركية بشأن "انهيار الحكومة الأفغانية خلال 6 أشهر" بعد انسحاب القوات الأميركية، مؤكداً أن "الحكومة الأفغانية قادرة على أن تحافظ على حكمها". وتابع: "لا نعتقد أن طالبان ستستولي على أفغانستان، ونعول على الحكومة في كابول لمنع حدوث ذلك".
وفي السياق، قال وزير الخارجية الأفغاني إن الولايات المتحدة تعهدت بتقديم حزمة من المساعدات إلى الحكومة الأفغانية، "تضمنت في مجال الأمن، بقاء قوات ودعم وتدريب قوات الأمن الوطني الأفغاني".
وتابع أن واشنطن تعهدت أيضاً "بمساعدات اقتصادية وإنسانية وبتقديم الدعم السياسي والدبلوماسي إلى الحكومة الأفغانية".
وأضاف: "إن الإدارة الأميركية أكدت لنا أنها ستسحب القوات تدريجياً، أما بقية العناصر فستبقى على وضعها وستزداد في بعض المجالات".
وعمّا إذا كانت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قدمت ضمانات بدعم الحكومة الأفغانية لتجنب انهيارها، قال أتمر: "إننا لم نحصل على تطمينات من الإدارة فقط، وإنما من الكونغرس الأميركي أيضاً".
وبسؤاله عن رؤيته للمصالح الصينية في أفغانستان، أشار أتمر إلى أن "الصين تضطلع بدور محوري في بناء التوافق الإقليمي، والعمل مع باكستان، ودعم عملية السلام، وفرض الضغوط اللازمة على طالبان".
وأضاف أن بكين أوضحت للولايات المتحدة والقوى الفاعلة الأخرى في المنطقة أن أفغانستان تمثل مكاناً للتعاون من أجل "مصالحنا المشتركة"، وأن "علينا أن نستفيد من ذلك".
تقاسم السلطة
وبشأن خطة السلام التي اقترحها الرئيس الأفغاني أشرف غني، قال وزير الخارجية إن حكومة بلاده "تتطلع إلى تشكيل حكومة شاملة، وتقاسم السلطة، وتحديد فترة انتقالية، وإجراء انتخابات".
وأوضح أن "القضية الأهم بالنسبة إلينا هي أن يحدد الشعب الأفغاني مستقبل بلاده بإرادته الحرة"، مضيفاً أن "أي اقتراح نطرحه على الطاولة يجب أن يتسق مع هذا المبدأ الأساسي".
وعن إجراء انتخابات، قال أتمر إن الانتخابات لا تشكل "هدفاً في ذاتها"، لكنها "تبقى آلية أساسية لرسم ملامح مستقبل أفغانستان، والوضع النهائي لعملية السلام الذي يجب أن يكون مقبولاً لدى كل من الشعب الأفغاني والمجتمع الدولي".
وأوضح أن الشعب الأفغاني والمجتمع الدولي اتفقا على "الوضع النهائي، الذي يخلق أفغانستان مستقلة وموحدة وسلمية وذات سيادة، لا تأوي أي شكل من أشكال الإرهاب أو المخدرات أو الجريمة المنظمة، وتبقى مركزاً للتعاون الإقليمي والدولي، وليس للتنافس والتناحر".
ودعا وزير الخارجية الأفغاني إلى الضغط على حركة طالبان للتخلي عن أنشطتها غير القانونية المتعلقة بتجارة المخدرات والتعدين، والتي تكلف خزينة البلاد مليارات الدولارات، خاصة بعد أن صار تتمتع بالشرعية السياسية التي منحها إياها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.
وقال أتمر إن الشعب الأفغاني يرغب في أن "تتحرر بلاده من الإرهاب والمخدرات واقتصاد الحرب والجريمة المنظمة، بما في ذلك الإتجار بالبشر والسلاح، والابتزاز، ونهب الموارد العامة".
وأوضح أتمر أن اقتصاد المخدرات يشكل جزءاً مركزياً من اقتصاد التمرد في أفغانستان، مشيراً إلى "أنك أحيانا تصيبك الحيرة حول ما إذا كانت هذه الحرب تتعلق بأفغانستان أم تتعلق بالمخدرات واقتصاد الحرب".
وشدد وزير الخارجية الأفغاني على أن "هناك من يريد ألا تكون أفغانستان للشعب الأفغاني، وإنما لتجارة المخدرات والإرهاب الدولي".
وتابع: ""لهذه الأسباب، نحن نقاتل، لأن هذه العناصر تشكل خطرا على السلام والاستقرار والرفاهية في المنطقة وفي العالم بوجه عام".
اقرأ أيضاً: