إجراءات إدارة ترمب تثير تساؤلات حول حقوق المقيمين الدائمين

هل يتمتع حاملو "البطاقة الخضراء" الأميركية بالحق في حرية التعبير؟

متظاهرون في نيويورك يطالبون بالإفراج عن محسن مهداوي وهو فلسطيني يحمل إقامة دائمة قانونية في الولايات المتحدة. 15 أبريل 2025 - REUTERS
متظاهرون في نيويورك يطالبون بالإفراج عن محسن مهداوي وهو فلسطيني يحمل إقامة دائمة قانونية في الولايات المتحدة. 15 أبريل 2025 - REUTERS
واشنطن -رشا جدة

منذ بداية عام 2025، ألغت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تأشيرات مئات الطلاب، وفتحت ملفات ترحيل بحق عدد من المقيمين الدائمين، بعضهم لم يرتكب مخالفة سوى مشاركته في مظاهرة جامعية أو نشره مقال رأي.

إجراءات الإدارة الأميركية أشعلت جدلاً بين من يعتبرون ذلك خرقاً لحق يكفله الدستورية للمواطنين والمقيمين الدائمين الحاصلين على "البطاقة الخضراء"، وبين من يستندون إلى الثغرة التي تستغلها الإدارة الأميركية في موجة الترحيل، والموجودة في قانون الهجرة، والتي تعتبر أن حمَلة هذه البطاقة، يبقون، بخلاف المواطنين الأميركيين، خاضعين لقوانين الهجرة التي "تتيح للحكومة سحب إقامتهم الدائمة وترحيلهم إذا رأت أنهم ارتكبوا مخالفات".

من جامعة كولومبيا إلى تافتس، أُلقي القبض على طلاب وناشطين وأُلغيت تأشيرات البعض بعد تعبيرهم عن مواقفهم السياسية، أحدهم محمود خليل، المقيم الدائم، المولود في سوريا لأبوين فلسطينيين، الذي وُصف بقضيته بأنها "تهديد لبيئة الطلاب اليهود"، وفق مذكرة لوزير الخارجية ماركو روبيو، وفي حالات مشابهة، يتم احتجاز طلاب تحت ذرائع مرتبطة بـ"الأمن القومي"، أو "التهديد للنظام العام".

أثارت هذه الإجراءات تساؤلات مُلحة بشأن حدود حرية التعبير للمقيمين الدائمين القانونيين في الولايات المتحدة، وإلى أي مدى يمكن استخدام قانون الهجرة لمعاقبة أصوات معينة.

حقوق حاملي البطاقة الخضراء

في محاولة استهداف المظاهرات المؤيدة لفلسطين، قامت إدارة ترمب بتوسيع استخدام قوانين الهجرة كأداة لملاحقة ناشطين ومقيمين قانونيين على خلفية مواقفهم السياسية، فقد اعتقلت سلطات الهجرة ورحّلت عدداً من حاملي التأشيرات والبطاقات الخضراء، على خلفية مشاركتهم في احتجاجات مؤيدة للحقوق الفلسطينية أو لكتابة مقالات رأي.

في واحدة من الحالات البارزة في هذا السياق، ألقت سلطات الهجرة الأميركية، في 25 أبريل، القبض على محسن مهداوي، وهو فلسطيني يحمل إقامة دائمة قانونية في الولايات المتحدة ويواصل دراسته في جامعة كولومبيا، بسبب نشاطه في الاحتجاجات الداعمة للحقوق الفلسطينية، قبل إطلاق سراحه في 30 أبريل الماضي بكفالة، مع استمرار قضيته.

يتفق على حد سواء مؤيدي ومعارضي الهجرة، أن المقيمين الدائمين الشرعيين يتمتعون بالحق في حرية التعبير، ومع ذلك، يشير كل منهم إلى قيود متعددة لتنظيم ذلك الحق.

تود بنسمان، الزميل الأول في الأمن القومي في مركز دراسات الهجرة، ومؤلف كتاب: "الغزو: كيف أطلق جو بايدن أعظم أزمة حدودية في تاريخ الولايات المتحدة"، قال لـ"الشرق" إن حاملي البطاقة الخضراء في الولايات المتحدة يتمتعون، من حيث المبدأ، بالحق في حرية التعبير، تماماً كغيرهم من الأشخاص على الأراضي الأميركية، بحسب التعديل الأول للدستور، "الذي يضمن للجميع الحق في حرية التعبير". 

لكن يبدو أن هذه الحماية تدخل منطقة أكثر غموضاً عندما يتعارض قانون الهجرة الأميركي مع الدستور. 

أوضح بيسمان، أن المقيمين الدائمين في الولايات المتحدة، بخلاف المواطنين الأميركيين، يبقون خاضعين لقوانين الهجرة التي "تتيح للحكومة سحب إقامتهم الدائمة وترحيلهم إذا رأت أنهم ارتكبوا مخالفات، أو إذا استخدموا حرية التعبير بطرق تُعتبر مضرّة بالمصالح الدبلوماسية الأميركية أو تخلق حساسيات مع بلدانهم الأصلية".

ويرى بيسمان أن هذا لا يعني أنهم سيتعرضون للسجن بسبب ما يقولونه أو يكتبونه، "لأن سجنهم لمجرد التعبير عن الرأي سيكون خرقاً للدستور الأميركي"، مضيفاً أن "العقوبة" الأخرى التي تبقى قائمة هي "الترحيل"، وهو ما قد يُقدَّم على أنه "إجراء إداري لا يرقى إلى مستوى العقوبة الجنائية".

وأضاف بيسمان، بلهجة ساخرة، أن "الترحيل إلى بلدانهم الأصلية قد لا يبدو خطيراً من الناحية القانونية، لكنه قد يكون مأساوياً على الصعيد الشخصي مثل العودة إلى زوجة فظيعة".

حرية التعبير لغير المواطنين الأميركيين

دعمت المحكمة العليا في عدة أحكاماً تاريخية الحق في حرية التعبير لغير المواطنين، ومن بين تلك الأحكام في القضية المعروفة باسم "بريدجز ضد ويكسون" عام 1945، وقضت المحكمة العليا بأنه لا يجوز ترحيل هاري بريدجز، وهو أسترالي عاش في الولايات المتحدة منذ عام 1920، بسبب دعمه للحزب الشيوعي.

ففي تلك القضية، عرّف القاضي فرانك مورفي الحقوق الدستورية الأساسية للمقيمين الدائمين القانونيين: "بمجرد دخول أي أجنبي إلى هذا البلد وإقامته فيه بشكل قانوني، يُمنح الحقوق التي يكفلها الدستور لجميع الأشخاص داخل حدودنا، وتشمل هذه الحقوق تلك التي يحميها التعديلان الأول والخامس، وبند الإجراءات القانونية الواجبة في التعديل الرابع عشر".

كما أوضح مورفي: "لا يُقر أيٌّ من هذه الأحكام بأي تمييز بين المواطنين والأجانب المقيمين، وتحمي من أي انتهاك لهذه الحقوق من قبل السلطات الفيدرالية أو سلطات الولايات".

وقالت جيسيكا فوجان، مديرة دراسات السياسات في مركز دراسات الهجرة، وهو مركز قانوني مناهض للهجرة، إن غير المواطنين الذين يُعتبرون "أشخاصاً أميركيين"، أي الذين تم قبولهم للإقامة الدائمة "حاملي البطاقة الخضراء"، يتمتعون عموماً بالحماية الدستورية نفسها، والتي يتمتع بها المواطنون الأميركيون، مع استثناءات قليلة.

وأشارت فوجان في حديثها مع "الشرق" إلى أن "الأجانب الذين تم قبولهم بشكل قانوني ثم انتهكوا شروط دخولهم، وأظهروا عداءً للولايات المتحدة وشكلوا تهديد للأمن القومي أو تبين عدم صدقهم في المعلومات التي أدلوا بها في أوراقهم قد يتعرضون لإلغاء أوراقهم أو ترحيلهم".

وتابعت: "في السنوات الماضية، تم رفض دخول أشخاص كانوا نازيين، أو منخرطين في أنشطة عدائية أو استفزازية، أو يدعمون جماعات يعتبرها القانون الأميركي (إرهابية) مثل (القاعدة) أو (داعش) أو (حماس)، أو تم ترحيلهم إذا تبيّن وجودهم داخل البلاد".

وذكرت فوجان، أن غير المواطنين الآخرين، لا يتمتعون بالضرورة بنفس الحريات أو الحقوق التي يتمتع بها حامل البطاقة الخضراء.

وأضافت فوجان أن غير المواطن الذي يُمنح تأشيرة دخول يجب أن يلتزم بشروط التأشيرة وبقوانين الهجرة، لافتة إلى نص قانون الهجرة والجنسية (INA).

وينص القانون على أن الأفراد الذين يعبّرون عن آراء معادية للولايات المتحدة أو لحكومتها، أو الذين يعتنقون أيديولوجيات معيّنة، أو يشكلون تهديداً للعلاقات الخارجية أو للمصلحة الوطنية، يمكن أن يُرفض دخولهم أو يُرحّلوا إذا كانوا داخل البلاد بالفعل.

وكذلك، فإن من يرتكب جرائم خطيرة معينة يمكن أن يكون عرضة للترحيل، حتى لو تم قبوله قانونياً، وقد تم تحديد هذه الأسس في المادة 212 من قانون الهجرة والجنسية INA، بحسب فوجان.

حُجة إدارة ترمب

وفي 18 مارس الماضي، وصف محمود خليل طالب الدراسات العليا في جامعة كولومبيا، نفسه، في رسالة، بأنه "سجين سياسي"، بعدما كانت سلطات الهجرة الأميركية اعتقلت الشاب، الفلسطيني الأصل، والذي يحمل البطاقة الخضراء، في نيويورك ورحّلته إلى سجن فيدرالي في ولاية لويزيانا.

وقالت السلطات الأمنية، إنها كانت تنفذ سياسة ترمب في التصدي لمعاداة السامية في الجامعات الأميركية، وتسعى لترحيله.

وكان خليل قد قاد التظاهرات في جامعة كولومبيا، الربيع الماضي، مندداً بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وأبلغه عناصر إدارة الهجرة والجمارك، أن وزارة الخارجية قد ألغت إقامته الدائمة القانونية، وفق ما قالته محاميته آمي جرير لوسائل إعلام أميركية.

وترى ميشيل ميتلشتات مديرة الاتصالات، معهد سياسات الهجرة، مؤيد للهجرة، أن "إدارة ترمب تستند في سعيها لترحيل غير المواطنين الذين شاركوا في الاحتجاجات، إلى نص قانوني يعود لقانون الهجرة والجنسية لعام 1952، وهو أحد أقدم القوانين التي تنظم دخول الأجانب وإقامتهم في الولايات المتحدة".

وأردفت: "هذا القانون يتضمن بنداً غامضاً وواسع الصلاحيات، يمنح وزير الخارجية سلطة تقديرية كبيرة في قضايا الترحيل، حتى دون وجود انتهاك صريح للقانون".

وذكرت ميتلشتات لـ"الشرق" أن إدارة ترمب تستخدم سلطةً تُخول وزير الخارجية السعي لإلغاء البطاقة الخضراء أو التأشيرة في الحالات التي ترى فيها أن تصرفات الفرد تتعارض مع المصالح الأميركية.

وأوضحت أن القانون ينص على أن "أي أجنبي لديه أسباب معقولة للاعتقاد بأن وجوده أو أنشطته في الولايات المتحدة قد تترتب عليها عواقب وخيمة محتملة على السياسة الخارجية للولايات المتحدة، يُرحّل".

ولفتت إلى أنه باستخدام هذه السلطة، سعى وزير الخارجية ماركو روبيو إلى إلغاء وضع الإقامة الدائمة وترحيل الطلاب الدوليين وحاملي البطاقة الخضراء الذين شاركوا في أنشطة مؤيدة للفلسطينيين.

لكن بنسمان، من جانبه، يرى أن أنشطة المحتجين شجّعت حركة "حماس"، وأعطتها دفعة للاستمرار لفترة أطول خلال المفاوضات التي كانت تجريها الولايات المتحدة للإفراج عن المحتجزين والتوصل إلى وقف لإطلاق النار، أو للقتال بشراسة ولفترة أطول "مما لو لم تكن هناك مظاهرات طلابية في الجامعات". 

واعتبر أن هذه المظاهرات دفعت الولايات المتحدة، إلى حد ما، إلى تقييد مبيعات الأسلحة لإسرائيل، وهو "ما يُقال أنه أطال أمد الحرب.. وبينما لا يمكن اتخاذ إجراء بحق المواطنين الأميركيين الذين يتدخلون بهذه الطريقة في جهود الدبلوماسية، فإن الوضع مختلف تماماً بالنسبة للأجانب الموجودين في البلاد بتأشيرات قابلة للإلغاء أو وضع إقامة". 

ورغم زعم بنسمان بـ"تورط الطلاب بتهم تضر بمصالح الولايات المتحدة وتستوجب ترحيلهم"، فإن إدارة ترمب، نفسها، لم تقدم أي تفاصيل محددة بشأن الكيفية التي تؤدي بها آراء وأفعال خليل وغيره من الطلاب الأجانب المحتجزين إلى عواقب وخيمة على السياسة الخارجية للولايات المتحدة، ولم تزعم الحكومة أن خليل وغيره من الطلاب غير المواطنين ارتكبوا جرائم أو خالفوا القانون.

وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، في مذكرة موجهة لقاضي الهجرة في ولاية لويزيانا لتبرير محاولة ترحيل خليل، إن "المعتقدات"، أو "التصريحات"، أو "الارتباطات السابقة أو الحالية أو المتوقعة لخليل"، والتي قد تكون "قانونية" من حيث المبدأ، لا تمنع تطبيق بند قانون الهجرة والجنسية لعام 1952، إذ يمنح هذا النص وزير الخارجية وحده سلطة "اتخاذ قرار شخصي" بشأن ما إذا كان يجب أن يبقى في البلاد.

وذكر روبيو، أن السماح لخليل بالبقاء في الولايات المتحدة من شأنه أن يخلق "بيئة عدائية للطلاب اليهود في الولايات المتحدة".

وكتب روبيو في المذكرة إن "السياسة الخارجية للولايات المتحدة تدافع عن المصالح الأساسية لأميركا ولمواطنيها، وإن التغاضي عن سلوك معادٍ للسامية واحتجاجات مُعطّلة داخل الولايات المتحدة من شأنه أن يُقوّض بشدة هذا الهدف الحيوي من أهداف السياسة الخارجية".

ولفتت فوجان، من مركز دراسات الهجرة المناهض للهجرة، إلى أن إدارة ترمب تجادل بأن الأفراد الذين استهدفتهم متورطون في أنشطة تشكل مشكلة للشؤون الخارجية الأميركية، مؤكدة أنهم "رفضوا تقديم تفاصيل حول هذه الأنشطة"، ويعتقدون أن لديهم الصلاحية لإبعاد الأفراد على هذه الأسس دون الحاجة إلى الكشف عن كافة المعلومات التي بحوزتهم، وذلك بسبب حساسية المسائل المتعلقة بالدول الأخرى.

من جانبه، استنكر أستاذ العلوم السياسية والعضو المنتسب لمركز الهجرة العالمية في جامعة "كاليفورنيا ديفيس" براد جونز، كل تلك التبريرات التي تستند إلى إشارات "غامضة" للغاية مثل "مخاطر أمنية"، و"تهديد الإرهاب" من قبل هؤلاء الأفراد على حد قوله، معتبرها "ادعاءات عارية عن الصحة".

وقال جونز لـ "الشرق"، إن "الاستنتاج الأبسط، وربما الوحيد، هو أنك إذا عبّرت عن معارضة صريحة لإدارة ترمب أو لسياساتها، فأنت معرض للخطر".

وأضاف أن "الحواجز التي كنا نظن أنها ستحمينا دائماً، مثل حرية التعبير، وحق التجمع التي يكفلها التعديل الأول للدستور، تنهار أمام أعيننا"، لافتاً إلى أنه إذا كان بالإمكان احتجاز شخص وربما ترحيله لمجرد كتابته مقالاً نقدياً، أو لمجرد مشاركته في تظاهرة، فإن هذه الحواجز قد "سقطت بالفعل، ولم يتبقَ سوى اللجوء إلى القضاء، لكن حتى هناك، فإن التزام إدارة ترمب بأحكام المحاكم ليس مضموناً، بل يبدو وكأنه مسألة حظ".

وحذر جونز من أن المقيمين الدائمين أصبحوا في "خطر"، قائلاً إن "للولايات المتحدة تاريخ طويل في ترحيل المهاجرين من جميع الفئات، سواء كان لديهم وضعاً قانونياً أو يقيمون بشكل غير نظامي".

ورجح جونز، أن إدارة ترمب تعتزم رفع هذا النهج إلى مستوى غير مسبوق، "فغياب أي قدر من القلق أو التعاطف أو الحكمة في تعامل ترمب ومستشاروه مع ملف الهجرة، يشجع مسؤولي الهجرة مثل إدارة الهجرة والجمارك ICE، وحرس الحدود USBP، والجمارك وحماية الحدود CBP على اتخاذ إجراءات وقحة وعلنية تهدف إلى ترهيب مجتمعات المهاجرين".

عودة "المكارثية" واتجاه جديد للمحاكم

في 30 أبريل الماضي، أُطلق سراح محسن مهداوي، الطالب الفلسطيني في جامعة كولومبيا والذي يحمل البطاقة الخضراء، واحتجزته سلطات الهجرة عندما ذهب إلى مقابلة للحصول على الجنسية الأميركية، في 16 أبريل، ولا تزال قضيته المتعلقة بالهجرة مفتوحة، وسيكون هناك جلسة استماع أخرى.

ساعد مهداوي في قيادة الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في حرم جامعة كولومبيا في الأشهر الأولى من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، واعتبر محاموه، أن محاولة ترحيله بسبب التعبير عن آرائه يعد انتهاكا للتعديل الأول للدستور.

وجادلت الحكومة، بأنه يمكن احتجاز مهداوي بموجب قانون الهجرة والجنسية، وأنه قابل للترحيل لأن "وزير الخارجية قرر أن وجوده وأنشطته في الولايات المتحدة قد تُحدث عواقب وخيمة على السياسة الخارجية، وقد تُعرض مصالح السياسة الخارجية الأميركية الحيوية للخطر".

وفي قراره، أشار القاضي جيفري كروفورد، من المحكمة الفيدرالية الجزئية في ولاية فيرمونت، إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تشهد فيها الولايات المتحدة محاولات مثيرة للقلق من قبل الحكومة "تهدف إلى إسكات النقاش"، مشبهاً ذلك بفترة "الخوف الأحمر" و"المكارثية" في خمسينيات القرن الماضي، إذ تم استخدام قوانين الهجرة آنذاك لقمع حرية التعبير.

ونددت تريشيا ماكلولين، المتحدثة باسم وزارة الأمن الداخلي، بقرار القاضي كروفورد في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي. قائلةً: "عندما تدافع عن العنف، وتمجد وتدعم الإرهابيين الذين يستمتعون بقتل الأميركيين ومضايقة اليهود، فيجب إلغاء هذا الامتياز ويجب ألا تكون في هذا البلد".

وقال وزير الخارجية الأميركي إن "المتظاهرين مثل مهداوي نشروا معاداة السامية"، لكن القاضي كروفرد عند حكمه الإفراج عن مهداوي أشار إلى صلاته الوثيقة بمجتمعه، وقال إنه "لا يشكل خطراً على العامة".

ولفت إلى أن المحكمة تلقت أكثر من 90 مذكرة من أفراد المجتمع وخبراء أكاديميين وأساتذة يعرفون مهداوي، "كثير منهم يهود"، تشهد على شخصيته وتصفه باستمرار بأنه "مسالم". 

أستاذ التاريخ السياسي في جامعة بينجهامتون في نيويورك، والخبير في السياسة الأميركية الحديثة، دونالد نيمان، اعتبر الحكم في قضية مهداوي بأنه يُظهر اتجاهاً جديداً لدى المحاكم الفيدرالية للوقوف بوجه ما يوصف بـ"انتهاكات صريحة للقانون" التي ترتكبها الإدارة.

وبينما أشار نيمان إلى أنه لا يمكن لأحد أن يتنبأ بالتأثير الأوسع لحكم المحكمة في قضية مهداوي، فإنه اعتبره مؤشر "إيجابي جداً"، وقال: "مهداوي مقيم دائم في الولايات المتحدة، وسابقة المحكمة العليا في قضية بريدجز ضد ويكسون عام 1945 تُقرّ بوضوح بحقه في حرية التعبير".

لذلك، رجّح نيمان أن يدفع حكم المحكمة بهذه القضية نحو مزيد من التصعيد، وقد تصل في النهاية إلى المحكمة العليا، "ويمكن أن يُنتج ذلك تأكيداً واضحاً على حق حرية التعبير لأشخاص مثل مهداوي".

من جانبه، اعتبر جونز، أن الحكم يمنح بصيص أمل في أن النظام القضائي الذي قد يشكل حاجزاً أمام التراجع الحاصل في الضمانات القانونية.

ومع ذلك، لفت جونز إلى أن إدارة ترمب الحالية، بخلاف إدارته الأولى، تتحرك بسرعة وفي اتجاهات متعددة، ما يخلق بيئة مرتبكة وغير مستقرة للمهاجرين، موضحاً أنه "عندما يُنظر إلى القسوة على أنها جزء مقصود من سياسة تنفيذ قوانين الهجرة وليست خللاً فيها، فإن الإدارة ستواصل تجربة طرق مختلفة لتحقيق النتائج التي تسعى إليها".

تصنيفات

قصص قد تهمك