أكد وزير الخارجية المصرية سامح شكري، الاثنين، أن الاتحاد الأوروبي أبدى استعداده لتكثيف التعاون وتقديم خبراته في المقترحات اللازمة لحل أزمة السد الإثيوبي، مشدداً على أن مسؤولي الاتحاد أكدوا أن الموقف المصري "عادل".
جاءت تصريحات شكري خلال مداخلة هاتفية على قناة "صدى البلد" المصرية، في أعقاب زيارته إلى بروكسل، التي التقى خلالها عدداً من وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي إلى جانب رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميتشيل.
وقال شكري إن عدداً من وزراء خارجية أوروبا الذين التقاهم في بروكسل عبروا عن تقديرهم لما وصفه بـ"الطريقة المرنة"، التي تتعامل بها القاهرة في أزمة سد النهضة.
وأوضح شكري أن "الاتحاد الأوروبي أبدى استعداده من أجل تكثيف التعاون، وتقديم خبراته فى المقترحات اللازمة لحل أزمة سد النهضة".
استئناف المفاوضات
ولفت شكري إلى أن مفوضي الاتحاد الأوروبي "أكدوا حق مصر في مياه نهر النيل وعدالة موقفها"، مضيفاً أن "دول الاتحاد الأوروبي غير مرتاحه للقرارات الأحادية من الجانب الإثيوبي فى ملف سد النهضة".
وأوضح شكري أن مسؤولي الاتحاد الأوروبي جددوا الموقف الذي أعلنوا عنه في البيان الأخير، الذي دعا إثيوبيا لعودة المفاوضات مرة أخرى والتوصل إلى حل لهذه الأزمة.
وكان الاتحاد الأوروبي أعرب الخميس الماضي في بيان عن أسفه لإعلان إثيوبيا بدء الملء الثاني لسد النهضة" من دون اتفاق مع "شريكي المصب" في هذه القضية، في إشارة لمصر والسودان، مؤكداً أنه "مستعد للعب دور أكثر نشاطاً، إذا كان مفيداً ومرغوباً فيه لدى جميع الأطراف".
وأكد شكري استمرار التنسيق مع الجانب السوداني لاتخاذ القرار المناسب للعودة إلى المفاوضات، مضيفاً أنه طلب من وزراء الخارجية الأوروبيين، تفهم طبيعة القضية بالنسبة لمصر، والعمل على إقناع الجانب الإثيوبي بالتحلي بالمرونة.
وأشار شكري إلى أن مبعوث الاتحاد الأفريقي تعهد في الجلسة الأخيرة لمجلس الأمن بتقديم أفكار جديدة بشأن الملف، مضيفاً أن بلاده تنتظر المقترحات التى سيقدمها الاتحاد الأفريقي لحل الأزمة.
مباحثات في بروكسل
تأتي تصريحات شكري، في أعقاب مباحثات مباشرة مكثفة أجراها الاثنين، في بروكسل مع وزراء خارجية دول أوروبية ومسؤولين في الاتحاد الأوروبي.
والتقى سامح شكري، الاثنين، مع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في إفطار عمل، شهد مناقشات "معمقة" بشأن عدد من القضايا، على رأسها سد النهضة.
وقال المُتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، السفير أحمد حافظ، إن اللقاء شهد "تشاوراً حول عدد من القضايا الإقليمية المهمة، وعلى رأسها ملف سد النهضة، حيث عرض الوزير شكري نتائج جلسة مجلس الأمن الأخيرة".
وأوضح أن شكري أعرب عن "تقدير مصر للبيان الذي أصدره الاتحاد الأوروبي مؤخراً والذي انتقد إعلان إثيوبيا بدء الملء الثاني للسد من دون التوصل إلى اتفاق مع دولتي المصب؛ مع تأكيد مطالبته بأهمية وضع خارطة طريق للتوصل إلى اتفاق عادل وملزم في إطار زمني محدد".
وفي اليوم ذاته، التقى رئيس الدبلوماسية المصرية برئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، وسلمه رسالة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية في بيان إن شكري استعرض خلال لقاءه مع ميشيل الموقف المصري إزاء قضية سد النهضة والوضع الراهن في هذا الصدد.
وفي السياق ذاته، قال شكري لقناة "صدى البلد" إن "رسالة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لرئيس المجلس الأوروبي، تؤكد عمق العلاقات بين مصر ودول أوروبا".
قرار مجلس الأمن
تحركات وزير الخارجية المصري المكثفة، تأتي بعد أيام من الجلسة الأخيرة التي عقدها مجلس الأمن والتي بحثت أزمة سد النهضة، القائمة بين إثيوبيا ومصر والسودان، بناء على طلب القاهرة والخرطوم، بعدما بدأت إثيوبيا الملء الثاني لخزان السد.
وجددت إثيوبيا تأكيدها على أن قضية السد لا تهدد السلم والأمن الدوليين، ولذلك لا تتطلب انعقاد مجلس الأمن، فيما اعتبرت مصر والسودان تشغيل السد بلا اتفاق، يشكل تهديداً للبلدين. ودعا مجلس الأمن الدول الثلاث إلى تخطي خلافاتها والتوصل لاتفاق برعاية الاتحاد الإفريقي.
في غضون ذلك، ستواصل الدول الأعضاء بمجلس الأمن المشاورات بشأن مشروع القرار الذي قدمته تونس في وقت سابق، إذ انتهت جلسة الخميس من دون أن يصوّت المجلس على مشروع القانون.
وقال مصدر دبلوماسي بمجلس الأمن الدولي لـ"الشرق"، إن عدم تصويت المجلس على القرار واستمرار المشاورات راجع إلى "كون عدد من الدول الأعضاء بالمجلس أطراف في قضايا أخرى متعلقة بالمياه، ويخشون تأثير القرار في قضاياهم، ولهذا يحرصون على صياغة مشروع القرار واختيار مفرداته بعناية بالغة".
تفاصيل مشروع القرار
وينصّ مشروع القرار على أنّ يطلب مجلس الأمن من "مصر وإثيوبيا والسودان استئناف مفاوضاتهم بناء على طلب من رئيس الاتحاد الإفريقي والأمين العام للأمم المتّحدة، ليتوصّلوا، في غضون 6 أشهر، إلى نصّ اتفاقية ملزمة لملء السدّ وإدارته".
ووفقاً لمشروع القرار، فإنّ هذه الاتفاقية الملزمة، يجب أن "تضمن قدرة إثيوبيا على إنتاج الطاقة الكهرمائية من سدّ النهضة، وفي الوقت نفسه تحول دون إلحاق أضرار كبيرة بالأمن المائي لدولتي المصبّ".
ولا يود كثير من الدبلوماسيين في المجلس تدخل الأخير بشكل أكبر في النزاع، خشية أن يشكل ذلك سابقة قد تسمح لدول أخرى بطلب مساعدة المجلس في نزاعات مائية، بحسب وكالة رويترز.