أفادت "بلومبرغ"، نقلاً عن مصادر مطلعة، الجمعة، بأن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تتجه إلى بدء محادثات تجارية مع عدة دول بينها كبار المصدرين إلى الولايات المتحدة، وذلك في إطار مساعٍ للتوصل إلى اتفاقيات يمكن استخدامها كـ"نماذج" في مفاوضات لاحقة.
ولاحقاً قال ترمب إن الكثير من الاتفاقات التجارية ستوقع قريباً وأنه يوشك على توقيع 4 أو 5 منها، مشيراً إلى أنه يتوقع صفقة عادلة مع الصين، و"يكن احتراماً كبيراً لرئيسها". كما لفت الرئيس الأميركي إلى أنه من الممكن أن "تكون هناك استثناءات للحد الأدني للرسوم الجمركية المحددة بـ10%".
وقالت المصادر التي تحدثت بشرط عدم الكشف عن هويتها، إن فريق ترمب حدد قائمة تضم 20 شريكاً تجارياً كأولوية للمفاوضات التجارية، لافتة إلى أن مكتب الممثل التجاري الأميركي قد أطلع مشرّعين في الكونجرس على هذه القائمة.
وتضم القائمة اليابان وكوريا الجنوبية وفيتنام، وهي من أكبر مصادر الواردات الأميركية، وتسعى إدارة ترمب إلى تقليص العجز التجاري معها، إلى جانب دول أصغر مثل فيجي وليسوتو وموريشيوس.
وقال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، إن واشنطن تركز على التفاوض مع 18 دولة، دون الكشف عن القائمة الكاملة. وتشمل المحادثات أيضاً الصين، التي يُتوقع أن تبدأ مفاوضاتها هذا الأسبوع.
وأوضح وزير التجارة هوارد لوتنيك، أن الهدف هو "وضع نماذج" تتيح إبرام اتفاقات مماثلة بسرعة مع دول أخرى، مضيفاً: "نحاول أن نُظهر للآخرين إطاراً لكيفية إبرام الاتفاقات، حتى نتمكن من التقدم بوتيرة أسرع بكثير".
ورغم أن القائمة ليست شاملة، إلا أن مسؤولين في إدارة ترمب أجروا محادثات مع دول أخرى مثل البرازيل والفلبين، فيما تستمر المفاوضات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
واشتكى بعض شركاء الولايات المتحدة من غياب المطالب الواضحة، إلا أن المحادثات الأولية تشير إلى أن إدارة ترمب قد تمنح الأولوية لدول أصغر لصياغة نماذج يمكن تكرارها لاحقاً.
وفي أحد الاجتماعات، قال الممثل التجاري الأميركي جيميسون جرير، إن الاتحاد الأوروبي ينبغي أن يفهم ما تسعى إليه إدارة ترمب، خاصة أن دولاً مثل كمبوديا ومدغشقر وفيتنام تقدمت بعروض للاستجابة لمطالب واشنطن، بحسب ما ذكره عضو مجلس الشيوخ الأميركي الجمهوري ماركواين مولين.
نتائج ملموسة
من جانبهم، أعرب الجمهوريون في الكونجرس عن رغبتهم في رؤية نتائج ملموسة قريباً. وقال عضو مجلس الشيوخ كيفن كرامر، إن "بعض الأعضاء نصحوا بعدم تأجيل الإعلانات إلى ما بعد يوليو"، إذ تنتهي فترة التعليق المؤقت للرسوم التي أعلن عنها ترمب في 2 أبريل الماضي.
وتابع كرامر: "يبدو أن هناك تحركات كثيرة، وسنسمع عنها قريباً. الناس متحمّسون جداً".
وتشمل القائمة الأميركية أيضاً بريطانيا، حيث أُعلن، الخميس، عن اتفاق مبدئي معها، وصف بأنه محدود النطاق. كما بدأت الهند مفاوضات مع إدارة ترمب، في حين تشمل القائمة كوريا الجنوبية واليابان، وهما، بحسب لوتنيك، "لن تكونا من الصفقات السريعة".
ومن بين الدول التي تحظى بالأولوية كذلك: أستراليا، الأرجنتين، كمبوديا، الإكوادور، إندونيسيا، إسرائيل، مدغشقر، ماليزيا، سويسرا وتايوان.
ويتفاوت الحجم الاقتصادي للدول المشمولة في القائمة بشكل كبير، فعلى سبيل المثال، تستورد الولايات المتحدة من اليابان في يوم واحد ما يعادل وارداتها السنوية من ليسوتو.
ومع ذلك، فإن إدراج دول أصغر يشير إلى أن البيت الأبيض يسعى لإبرام "اتفاقيات سريعة وغير معقدة"، حتى وإن كانت ذات أثر محدود على التجارة الأميركية. وقد تستفيد الدول المجاورة من هذه النماذج.
وهناك دول مثل ليختنشتاين، تسعى للتوصل إلى اتفاق لتجنب رسوم "متبادلة" مرتفعة. وقال كبير مستشاري ترمب للشؤون الاقتصادية، كيفن هاسيت، لشبكة CNBC، إن "نحو 24 دولة تقترب من إبرام اتفاقات مشابهة لاتفاق بريطانيا".
المفاوضات مع الصين
ومن المقرر أن تبدأ المحادثات مع الصين في سويسرا هذا الأسبوع، إذ ألمح ترمب إلى إمكانية خفض الرسوم الجمركية من 145% إلى 80%. وأبلغ ممثلو مكتب الممثل التجاري الأميركي المشرعين بأن محادثات بكين تُدار بمسار منفصل عن باقي المفاوضات.
وأعلنت سويسرا أنها واحدة من 15 دولة ستحصل على "معاملة تفضيلية نوعاً ما"، وقد يُمدّد لها تعليق الرسوم الأميركية لما بعد الموعد النهائي في يوليو إذا لزم الأمر.
أما الحكومة الأرجنتينية، برئاسة حليف ترمب خافيير ميلي، أجرت سلسلة من المحادثات التجارية مع كبار مسؤولي الإدارة، فيما أكد بيسنت، أن الأرجنتين ستكون "في مقدمة الصف".
واعتبر جرير، دول جنوب شرق آسيا "أولوية"، قائلاً: "لدينا هناك أكبر عجز تجاري، ونخوض محادثات مثمرة مع فيتنام ودول أخرى. وهم يفهمون ما نحاول تحقيقه".
ومن المقرر عقد جولة مفاوضات جديدة مع كمبوديا، الأسبوع المقبل، بينما بدأت ماليزيا محادثاتها الشهر الماضي، كما جرت اتصالات مع إندونيسيا وتايوان.
تعقيدات في الملفات الكبرى
لوتنيك حذر من أن الاتفاق مع الهند "لا يزال معقداً"، وأن الاتفاق مع بريطانيا "أُعلن مع كثير من التحفظات"، وأضاف: "الأمر يحتاج إلى وقت وجهد. امنحونا فرصة، لا تضغطوا كثيراً".
ولا تزال ملامح اتفاقات دول أخرى غير واضحة مثل أستراليا التي لديها عجز تجاري في السلع مع الولايات المتحدة، ما يجعلها مرشحة لاتفاق إطاري، لكن رسوم ترمب الأساسية البالغة 10% تُعد الحد الأدنى.
وتبقى هناك تساؤلات بشأن ما يمكن أن تقدمه بعض الدول الصغيرة للولايات المتحدة مقابل معاملة تفضيلية. فعلى سبيل المثال، ليسوتو، المملكة الجبلية الصغيرة في إفريقيا، تُصدّر إلى الولايات المتحدة الألماس والمنسوجات، لكنها تُواجه احتمال فرض رسوم متبادلة بنسبة 50% إن لم يتم التوصل إلى اتفاق.
وقد منحت مؤخراً شركة "ستارلينك" المملوكة للملياردير إيلون ماسك ترخيصاً مدته 10 سنوات للعمل على أراضيها، وأعلنت نيتها إزالة العقبات أمام الاستثمار الأميركي.