انتقد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، توم فليتشر، الثلاثاء، خطة توزيع المساعدات في قطاع غزة التي وضعتها إسرائيل، وتدعمها الولايات المتحدة، ووصفها بأنها "غطاء لمزيد من العنف والنزوح" للفلسطينيين في القطاع الذي عصفت به الحرب.
وقال فليتشر لمجلس الأمن: "إنها مجرد مسرحية هزلية وتشتيت متعمد".
ولم تدخل أي مساعدات غزة منذ 2 مارس الماضي، وحذر مرصد عالمي لمراقبة الجوع، من أن نصف مليون شخص، أي ربع سكان القطاع، يواجهون خطر المجاعة.
واقترحت إسرائيل، الأسبوع الماضي، أن تتولى شركات خاصة توزيع المساعدات في جنوب غزة مع بدء هجوم إسرائيلي موسع في الحرب المستمرة على القطاع والتي بدأت في 7 أكتوبر 2023، والتي أودت بحياة أكثر من 52 ألف فلسطيني، وأصابت نحو 120 ألف آخرين.
وتتعارض الخطة الإسرائيلية المدعومة من الولايات المتحدة، مع المتبع في القطاع بشأن تولي منظمات الإغاثة الدولية، ومنظمات تابعة للأمم المتحدة، تسليم المساعدات.
إخلاء غزة من سكانها
وأضاف فليتشر: "بإمكاننا إنقاذ مئات الآلاف من الناجين، لدينا آليات صارمة لضمان وصول مساعداتنا إلى المدنيين وليس إلى حركة (حماس)، لكن إسرائيل تمنعنا من الوصول، وتضع إخلاء غزة من سكانها هدفاً مقدماً على حماية أرواح المدنيين".
وتتهم إسرائيل، "حماس" بسرقة المساعدات، وهو ما تنفيه الحركة، وأعلنت إسرائيل أنها لن تسمح بدخول البضائع والإمدادات إلى غزة، حتى تفرج الحركة عن جميع الرهائن المتبقين لديها.
وسبق أن رفض الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، المقترح الإسرائيلي، وقال في أبريل الماضية، إن المقترح يفرض "مزيداً من السيطرة على المساعدات وتقييدها بصورة قاسية حتى آخر سعرة حرارية وحبة دقيق".
وتقول الأمم المتحدة إن أي توزيع للمساعدات يجب أن يكون مستقلاً ونزيهاً ومحايداً بما يتماشى مع المبادئ الإنسانية.
وذكر فليتشر، أن الأمم المتحدة اجتمعت أكثر من 10 مرات مع السلطات الإسرائيلية لمناقشة نموذج توزيع المساعدات الإسرائيلي المقترح لإيجاد حل، لكن دون جدوى، وإن الشروط الأساسية تشمل القدرة على إيصال المساعدات إلى جميع المحتاجين أينما كانوا في غزة.
ووسط هذا الجمود، أعلنت الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، دعم آلية تسند مهمة توصيل المساعدات إلى شركات خاصة، وهو نهج بدا مشابهاً لمقترح إسرائيل، لكنها لم تقدم تفاصيل تذكر عن الخطة.
وقال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، داني دانون، أمام مجلس الأمن الدولي: "لن نسمح للنظام القديم البالي بأن يظل على حاله... نثمن الجهود المبذولة لبناء آلية جديدة قائمة على المساءلة".
الولايات المتحدة تؤيد خطة إسرائيل
وقالت القائمة بأعمال المندوب الأميركي لدى الأمم المتحدة، دوروثي شيا، لمجلس الأمن، الثلاثاء، إن مسؤولين أميركيين كباراً يعملون مع إسرائيل لتمكين مؤسسة غزة الإنسانية المنشأة حديثاً من "تقديم آلية آمنة قادرة على إيصال المساعدات مباشرة إلى المحتاجين، دون أن تسرق (حماس) أو تنهب أو تستغل هذه المساعدات لأغراضها الخاصة".
وحثت شيا، الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية على التعاون، قائلة إن المؤسسة ستقدم المساعدات بما يتوافق مع المبادئ الإنسانية، وإنها "ستضمن أمنها حتى تصل السلع إلى المدنيين المحتاجين".
وأضافت: "بينما يمكن أن تختار بعض المنظمات الإنسانية في نهاية المطاف عدم المشاركة في هذه المناقشات، فإن منظمات أخرى اختارت مساراً بناءً بشكل أكبر، وستكون قادرة على تقديم المساعدات بطريقة مناسبة، ونأمل أن يتم ذلك في القريب العاجل".
فليتشر اعتبر أن "أسلوب التوزيع الذي وضعته إسرائيل ليس هو الحل"، ويعود ذلك لأسباب عدة، منها أن إسرائيل أعلنت أنها ستحد من توزيع المساعدات في جنوب غزة خلال الهجوم الذي تخطط له، ما يجبر السكان على الانتقال إلى أماكن أخرى للحصول على المساعدات.
وقال أمام مجلس الأمن الدولي: "سيؤدي لمزيد من عمليات النزوح، ويُعرض آلاف الأشخاص للأذى... ويحصر المساعدات في جزء واحد فقط من غزة، بينما لا يلبي الاحتياجات الماسة الأخرى، ويجعل المساعدات مشروطة بأهداف سياسية وعسكرية، ويجعل من المجاعة ورقة مساومة".
وأعرب معظم أعضاء مجلس الأمن البالغ عددهم 15 عن قلقهم إزاء خطط توزيع المساعدات المقترحة.
وقالت بريطانيا وفرنسا وسلوفينيا واليونان والدنمارك، في بيان مشترك، قبل اجتماع المجلس: "لا يمكننا دعم أي نموذج يضع الأهداف السياسية أو العسكرية فوق احتياجات المدنيين أو يقوض قدرة الأمم المتحدة والشركاء الآخرين على العمل بشكل مستقل".