انتهت في العاصمة الإيطالية روما، الجمعة، الجولة الخامسة من المحادثات الأميركية الإيرانية لحل نزاع مستمر منذ عقود بشأن طموحات طهران النووية، وسط تضارب الخطوط الحمراء التي يضعها كل منهما.
وقال وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي على منصة "إكس"، إن الجولة الخامسة من المحادثات "حققت بعض التقدم، وإن لم يكن حاسماً"، معرباً عن أمله "في توضيح القضايا المتبقية خلال الأيام المقبلة بما يسمح لنا بالمضي قدماً نحو الهدف المشترك المتمثل في التوصل إلى اتفاق مستدام".
وذكر مسؤول كبير في الإدارة الاميركية أن المبعوث الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، ومدير تخطيط السياسات في وزارة الخارجية مايكل أنطون، شاركا في الجولة الخامسة، وأن المباحثات استمرت لأكثر من ساعتين.
وأضاف المسؤول الأميركي أن "المحادثات لا تزال بناءة، وأحرزنا مزيداً من التقدم، ولكن لا يزال هناك عمل يتعين القيام به.. اتفق الجانبان على الاجتماع مرة أخرى قريباً.. ونحن ممتنون لشركائنا العمانيين على تسهيلهم المستمر لهذه المفاوضات".
"محادثات معقدة"
من جهته، وصف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، المحادثات مع أميركا بـ"المعقدة ونحتاج للمزيد منها"، مشيراً إلى أن "هناك إمكانية للتقدم في المحادثات النووية مع المقترحات العمانية. سلطنة عمان لديها أفكار مختلفة للتغلب على نقاط الخلاف".
واعتبر عراقجي في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام الإيرانية، أن هذه الجولة من المفاوضات "من أكثر جولات التفاوض مهنية منذ انطلاق المحادثات"، مضيفاً: "في هذه الجولة، جددنا طرح مواقف ومبادئ إيران بشأن مسار المفاوضات بكل شفافية. مواقفنا واضحة تماماً، ونحن ملتزمون بها بشكل ثابت".
وأشار إلى أن الجانب الأميركي "بات يمتلك فهماً أوضح وأكثر دقة لهذه المواقف"، مشيداً بمساعي وزير الخارجية العُماني "الذي قدّم في هذه الجولة مجموعة من المقترحات الهادفة إلى تجاوز العقبات الحالية، بما يتيح إحراز تقدم في مسار التفاوض".
وأكد الوزير الإيراني أن "نقاشات أولية جرت بشأن هذه المقترحات، واتُفق على إجراء مزيد من الدراسات الفنية حولها من قبل الطرفين"، موضحاً أن "هذه الأفكار ستُنقل إلى العواصم المعنية لمزيد من التقييم، دون أن تشكّل في هذه المرحلة أي التزام لأي طرف".
ونقلت وكالة "رويترز" عن مصدر إيراني مقرب من فريق التفاوض قوله، إنه "من المتوقع أن تستمر المحادثات النووية بين إيران وأميركا، فيما ستحدد عُمان الموعد والمكان".
وذكر مصدر مطلع لوكالة "تسنيم" الإيرانية، أنه "لم يُتخذ بعد قرار بشأن موعد الجولة القادمة من المفاوضات، ومن المقرر أن يحدد وزير الخارجية العُماني توقيت الجولة المقبلة".
من جهتها، ذكرت وكالة "مهر" الإيرانية، أن وزير الخارجية الإيراني أجرى مشاورات مع نظيره العماني في ختام الجولة الخامسة من المحادثات بين الوفدين الإيراني والأميركي، موضحةً أن اللقاء استعرض آخر مستجدات المحادثات، وبحثا كيفية مواصلة العمل.
وفي المقابل، قال مصدر أميركي لموقع "أكسيوس"، إن ويتكوف التقى قبل بدء المفاوضات مع إيران في روما، وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، ومدير وكالة الاستخبارات الإسرائيلية "الموساد" دافيد بارنيع.
وتهدف زيارة المسؤولان الإسرائيليان إلى "تنسيق المواقف" بين أميركا وإسرائيل، والحصول على "إحاطة مباشرة".
وبينما تستعد إسرائيل لشن هجوم على مواقع نووية إيرانية في حال انهيار المحادثات النووية، قال مصدر، إن "إسرائيل تعتقد أن فرصة شن هجوم ناجح على إيران قد تتلاشى قريباً".
وقبل انتهاء المفاوضات، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، إن إيران "ستطرح مواقفها المشروعة بشأن الاستفادة من الطاقة النووية السلمية ورفع العقوبات بجدية وحزم".
وأشار بقائي لدى وصوله إلى سفارة عمان في روما، إلى أن "الجولة الخامسة تأتي استمراراً للعملية التي انطلقت في 13 أبريل الماضي بمسقط"، لافتاً إلى أنه "من الطبيعي أن يكون لكل جولة حساسيتها الخاصة. ونظراً للجولة الجديدة من العقوبات الأميركية الجديدة، فسوف يتم إثارة هذه القضايا بشكل صريح مع الجانب الآخر".
ولا يزال الرهان كبير لكلا البلدين، إذ يريد الرئيس الأميركي دونالد ترمب الحد من قدرة طهران على إنتاج سلاح نووي، ومنعها من تخصيب اليورانيوم. ومن ناحية أخرى، تريد إيران التخلص من العقوبات المدمرة المفروضة على اقتصادها المعتمد على النفط.
وعقد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ومبعوث ترمب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف جولة خامسة من المحادثات، عبر وسطاء عُمانيين.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي للتلفزيون الرسمي في روما: "الجولة الحالية من المحادثات حساسة بشكل خاص... علينا أن ننتظر الموضوعات التي سيطرحها الطرف الآخر... وسنحدد مواقفنا بناء على ذلك".
واتخذت كل من واشنطن وطهران موقفاً متشدداً في التصريحات بشأن برنامج إيران المكثف لتخصيب اليورانيوم، والذي قد يساعدها على تطوير سلاح نووي، وهو أمر تنفيه طهران وتقول إن برنامجها مخصص للأغراض المدنية فقط.
وعلى الرغم من إصرار إيران على أن المحادثات غير مباشرة، فإن مسؤولين أميركيين ذكروا أن المناقشات، بما في ذلك الجولة الأحدث في 11 مايو الجاري في عُمان، كانت "مباشرة وغير مباشرة".
وكتب عراقجي على منصة إكس قبل المحادثات: "صفر أسلحة نووية = إبرام اتفاق. صفر تخصيب (لليورانيوم) = لا اتفاق. حان وقت اتخاذ القرار".
وقالت كارولين ليفيت المتحدثة باسم البيت الأبيض للصحافيين، الخميس، إن ترمب يعتقد أن المفاوضات مع إيران "تسير في الاتجاه الصحيح".
وذكر وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الثلاثاء، أن واشنطن تعمل على التوصل إلى اتفاق يسمح لإيران ببرنامج نووي مدني دون تخصيب اليورانيوم، مع اعترافه بأن تحقيق مثل هذا الاتفاق "لن يكون سهلاً".
ورفض المرشد الإيراني علي خامنئي، صاحب القول الفصل في شؤون الدولة، مطالب واشنطن بوقف طهران تخصيب اليورانيوم، ووصفها بأنها "مبالغ فيها وفظيعة"، منوهاً إلى أنه يستبعد أن تسفر المحادثات عن نتائج.
ومن العقبات التي لا تزال قائمة رفض طهران شحن جميع مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب إلى الخارج أو الدخول في مناقشات بشأن برنامجها للصواريخ الباليستية.
وتقول إيران إنها مستعدة لقبول بعض القيود على تخصيب اليورانيوم، لكنها تحتاج إلى ضمانات لا لبس فيها لعدم تراجع واشنطن عن أي اتفاق نووي مستقبلي.